المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابتسامة سرمدية على وجه قديم


محمد عباس على
06-07-2010, 04:34 PM
ابتسامة سرمدية على وجه قديم





قصة قصيرة





محمد عباس على








فتنة
اللحظة تأخذها ، تنسى هرولتها الى الحجرة ، اٍغلاقها الباب خلفها ، ارتمائها على السرير باكية ، دافنة رأسها فى الفرش حتى لايسمع مخلوق بكاءها ..تنسى كل هذا ولا تتذكر الا وجهه، وبسمته الحانية وهو بين يديها . تحدق فى عينيه ، تبتسم له ، تتمدد ابتسامتها بطول اللحظات ، تحادثه ، تسأله لماذا لايتكلم ، لايناغشها كما كثيرا فعل . تنتبه له يمد يسراه الى يمينها التى تهنأ بالرقاد على راحة يده مطمئنة، يمد اليسرى واحة حنان على بساط خصرها ، يشدها للوقوف ، تلين معه كعادتها ، تدور والحجرة والكون بين ذراعيه ، وابتسامتها تواصل التمدد ، وقلبها الطفل يرقص على خيوط وحبال نظراته الحانية فرحا ، يبحرا معا عبر اللحظات الى أماكن لم ترها عين من قبل ، فوق مياه حانية تهدهدهما مترفقة ، تمضى بهما وسط ريح رخاء ، من ميناء الى ميناء وهى بين دفتى ذراعيه ، مجدافهما أحاسيس عذراء تتدفق حولهما ، تتقدمهما من مكان الى آخر، وابتسامتها تواصل الاتساع . فجأة يخترق أذنيها زمجرة ريح عاصفة تحطم قاربهما ، غمام كاسح يغطى وجه السماء دونها ، وصوت راعد يأتيها من كل الجهات :-
هناء .عريسك حضر
ترتعد ، يفلت من بين يديها المتعلقتين به ، يمد يديه مستصرخا ، تهوى كلها اليه ..تنتبه لنفسها مكومة على أرض الحجرة ، محيطة صورته التى وقعت منها بكلتا يديها .. وتواصل البكاء!
...........................
فى ذلك الصباح هطلت أمطار صمتها فأغرقت المكان ،حاصرتها كلمات أبيها ، ذات الكلمات التى طالما احرقت أذنيها ..حاولت الهرب من صوته ، من كلماته ، ومن وجهه . ادارت رأسها ناحية النافذة ، رأته هناك ، ملامحه تتمدد مخترقة المكان كله الى الأفق .. نظراته بأذرعها الأخطبوطية تقيدها ،وفمه بأجراسه الرعدية يدق جدران رأسها :-
- المرأة للزواج .. أم تريدين ....؟
وهى من خلف أمطار صمتها الهاطلة تنظر اليه ..ترى الريح تعبث بوجهه المدود هناك على صفحة الأفق ، تدفعه يمينا فلا يبدو منه الا عين يسرى ترمى بالشرر ، وترده يسارا فتقابلها عينه اليمنى بشرر أشد . بينما وجه أمها روضة يانعة الزهر ينبع منها أريج يملأ النفس سكينة ..ترمى نفسها بين ذراعيها تتفتح الأزهار وتشرق الشمس بعد طول كسوف :-
أبوك يريد صالحك
يتدفق سيل من نبعى عينيها يملأ تخوم وسهول خديها وذقنها:-
وفريد ياماما ؟!!
فريد ياحبيبتى راح
ينتفض الجسد صارخا بكل خلاياه و دماؤه الهادرة فيها: لا
وتتحرك لتواجه عينى أمها بعاصفة النظرات ، تلاحقها الأم باعتراض له أريج ناعم :-
فاتت سنة ياعلياء ..مازلت صغيرة ..مرغوبة
تتسع عيناها لدهشة باتساع محيط ..سنة مرت ؟!
تتجه لعينى أبيها .. تتحول نارهما الى نيران حانية اللمسات ،دفئها يحتويها ،يشدها هامسا فى رفق :-
أشعر بمتاهة الأحزان التى تبتلع أيامك..لكن الى
الى أين ؟
تجيبه عيناها :- الى أى مكان مادام معى
تلسعها حرارة النيران :- لكنه راح ..راح
تهوى نظراتها من حالق .. يغادر والدها المكان ، لائذا بفجاج الصمت

....................
باب مغلق على جدران عمياء ..الصمت كونها ..برودة ثلجية تحصرها ..وهى هناك ..على الأرض ماتزال تحنو على صورته ..يبسم لها مهونا ..تبسم له..يطل وجه أمها كالقدر:-
علياء ..الفستان
ترل عيناها اليه ..مفرودا على سريرها كان ..كفنا أبيض له زرقة خفيفة تعطيه رونقا للقاء لحد..زحفت اليه ..اقتربت من السرير ..ضجت نبضاتها بالصراخ ..استدارت عنه ..ارتطمت بوجه أبيها على الجدار .. استغاثت به :( لاأملك الاقتراب منه ) ..عبست ملامحه..صرخت:- ..( ماذا افعل؟).. تحول العبوس الى نفور ..هربت من عينيه الى فريد ..بزغت من وسط الدموع بسمةصغيرة وهى تسحب برفق صورته .. حدقت فى عينيه ..شكت له من أبيها ..من قسوته .. ربت يدها برفق .. رفع ذقنها الى أعلى مدققا فى حبتى عينيها :-
الوحدة ..البكاء ..الذبول ..ثم ماذا ياعلياء ؟
اتسعت حدقتاها لبحار من حيرة هادرة :- ماهذه الكلمات ؟!
رفع يده اليسرى لتتعلق بها يدها اليمنى كما طالما فعل..طاوعته ومدت يدها ..فتح الباب برفق ..تراجعت خطوة ..شدها بحنو ..تقدمت ..رأتها أمها قادمة ..انطلقت من عينيها ابتسامة وهبت اليها .. مدت كفها الى يدها اليسرى وسارتا الى الأمام ..أخفى جسدها وهى تتقدم الى الردهة صورة مؤطرة باطار أسود منذ عام ، تحمل ابتسامة سرمدية ، تشمل الجميع !!

سالم الوشاحي
06-07-2010, 07:49 PM
شكرأ اخي محمد تعايشت مع القصه
وبكل أحداثها

ماشاء الله معك موهبه تضعنا

في ادق الأحداث والتفاصيل

تسلم وربي يعطيك العافيه

الخليل بن أحمد
08-07-2010, 02:28 AM
سرد رائع وبليغ سيدي

بارك الله فيك

Shima AL-Alawi
10-07-2010, 07:47 PM
بورك هذا الجمال في الابداع القصصي ..

عشتها بكل تفاصيلها ..

لــكــــ التحـــــــــية

محمد عباس على
17-07-2010, 05:03 PM
شكرأ اخي محمد تعايشت مع القصه
وبكل أحداثها

ماشاء الله معك موهبه تضعنا

في ادق الأحداث والتفاصيل

تسلم وربي يعطيك العافيه

أخى ابو سامى ..بعد السلام عليك ..لك تحياتى وشكرى على مرورك الذى اسعدنى

محمد عباس على
17-07-2010, 05:04 PM
سرد رائع وبليغ سيدي

بارك الله فيك

بل الرائع هو مرورك الذى أنار صفحتى وحوّل ليلها نهارا ..طابت أيامك

محمد عباس على
17-07-2010, 05:06 PM
بورك هذا الجمال في الابداع القصصي ..

عشتها بكل تفاصيلها ..

لــكــــ التحـــــــــية

مرورك أنار ظلمة كلماتى ..باقة ورد وياسمين أهديك اياها تقديراً لمرور أسعدنى .شكراً

طه حسين
22-07-2010, 04:15 PM
تسلم أخي وبارك الله فيك أبدعت
تقبل مروري ودمت بخير

محمد عباس على
22-07-2010, 04:54 PM
تسلم أخي وبارك الله فيك أبدعت
تقبل مروري ودمت بخير

تحياتى لك أخى وشكراً على مرورك

ريم
03-08-2010, 06:34 PM
يسلموووووووووووووووووو
ماشاء الله معك موهبه تضعنا

في ادق الأحداث والتفاصيلِ

تسلم وربي يعطيك العافيه

محمد عباس على
04-08-2010, 06:33 AM
يسلموووووووووووووووووو
ماشاء الله معك موهبه تضعنا

في ادق الأحداث والتفاصيلِ

تسلم وربي يعطيك العافيه

شكراًلك مرورك الذى بالتأكيد أسعدنى ..طبت وطابت أيامك