المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محطة الأراجيح .


مريم
01-08-2010, 09:20 PM
الإنسانُ ... طفولةٌ ورديةٌ لا تعرفُ إلا المرحَ وشبابُ منطلقٌ نحو آمالهِ بشجاعةِ حصانِ أعمى في كثير من الأحيان وكهولةُ صامتة، متأملةٌ في الذي مضى وتركَ لها حفنةُ من الحكمة .
ولكن بين ورودِ الطفولةِ وشجاعةِ الشباب ، مرحلةُ دعونا لنسميها بمرحلةِ الأراجيح ، أو مرحلةُ الخروجِ من عنقِ الزجاجة أو دعونا لنطلق العنان لمسماها العلمي لأنه الأكثر بلاغةَ والأوضح فهماَ ، إنها مرحلةُ المراهقة .
مراهقة الروحِ وفضولها ، عربدةُ الأفكارِ بالرمادي من سطورها والبحث عن ما يملأُ فراغات من المربعاتِ على الطريقِ كان مرحُ الطفولةِ وبراءتها كفيلاَ بصبغها بالسعادة من الألوانِ .
المراهقُ ...كائنٌ مجهولُ الكُنه ، مهمولُ الفكر في كثير من الأوقات، منسيُّ على أرصفةِ الحياة ، لا يملكُ من الزوارقِ ما ينجيهِ من الغرقِ بكوب ماء ، فكيف السبيل إلى نجاتهِ من بحار الحياة التي هو للتو قد قُذف في لجةِ مياهها؟! .
غريبُ عن ذاتهِ ... يسألُ نفسهُ على الدوامِ ، ماذا أريدُ ؟ ومن أنا ؟ ولما لم أعد أنتشي بالحلوى ؟ ولماذا أصبح التفكير في القادم يسكُن فكري لهذا الحد ؟!.
هل أنا ما زلتُ صغيراَ ؟! أم إنني غدوتُ رجلاَ ؟!
ولا يجدُ من الإجابات سوى الصمت يخنقُه بلولباتِ صداه البغيض .
يريدُ أن يصبحَ أكبر ، فيرتدي كما يرتدي الكبار ، يقلدُ حركاتهم ، إيماءاتهم وأقل إشاراتهم ، يتعلقُ بأفكارهِ المغلوطةٌ الحقيقة ، المبتورةٌ الأطراف ويسير في الطريقِ الخاطئ قاصداَ طريقَ الكبار .
وحينا آخر يرجِعُ القهقرى ، فيحنُّ إلى الركضِ عكسَ اتجاه الرياح ، يتسمرُ أمامَ أفلام الكرتون التي لم تعد تبهجهُ ، لأن ثمةَ أمورِ اختلفت ، ثمة ما يجعلهُ يتأرجحُ بين أن يغدو رجلاً أو أن يبقى طفلاً ، حياته أصبحت كجسرِ صعب العبور.
منعطف الطريق أمامه ولا يدري إي الطريقين أسلم له ليسلكه ، أيسلك ذا الطريق أم ذاك ؟!.
تشغلهُ حيناَ قضايا الأمة ، فيسلكُ طريقاَ لإصلاحها وحيناَ آخر ينسى كل شيء ويعودُ سيرتهِ الأولى ، طفلُ لا يفكرُ سوى بلعبةِ جديدة .
يحلقُ بأحلامهِ إلى أبعدُ من حدودِ السماءِ بكثير ، فتُكسِرُ الحياة مجاديفهِ في غالبِ الوقت ، فيعودُ طفلا صغيرا ، يائس من محاولة جديدة ، محطم الآمال ، غارق في لجةِ سواد تشاؤمه الجديد.
وعلى الجسر الموصل من الطفولة إلى الشباب تربة القلوب مهيأة لزراعة الغث والسمين على حد سواء ولوحة الفؤاد جاهزة لاستقبال الأبيض والأسود من الألوان .
ولحسن حظ البعض فبيئتهُ لا تهديه إلا الورود ، فيقضي رحلة سيره عبر الجسر في زراعتها ؛ ليحصد عند وصوله لبوابة الشباب بستان من النور والأمل .
ويا حسرة بوحي على البعض اللذين تتنكر لهم بيئتهم ، فلا يجدون إلا سماسرة الرذيلة يبيعون لهم الأشواك بثمن بخس ويقامرون بلب عقولهم الغضة ، فيصلون إلى نهاية الجسر ، مدميين الجسد ، مشوهين الفكر و مشتتين من الآمال .
صحراء أرواح المراهقين ... تنشد من يهديها بذور الخير ليزرعوا أشجارا يستظلوا بظلها من شمس طريقهم المحرقة ، فأين أنتم عنهم لاهون ؟ ولما تنسون بأنهم ها هنا كالعميان ، يتسوّلون أيديكم الحانية لتقودوهم إلى جادة الصواب .
بالله عليكم عودوا لهم وأعطوهم قبسا من ما وهبكم إياه الله ، ليبصروا سبيلهم .
أرشدوهم إلى موهبةِ يراوغون بها الفراغ ، وينشغلون بها عن الإصغاء إلى قصائد الشيطان التي تنعق بها غربانه على جنبات الطريق .
فعلى أسواق الحياة انتشرت بشراسة البضاعة الفاسدة ، التي غلبت البضاعة الجيدة وطغت عليها ؛ فالقنوات الفضائية ومواقع الإنترنت وغيرها من السُبل التي أتخذها أعداء الخير قد استأسدت على الساحة وأصبح الخير غريب وهزيل لا يملك من يدُل عليه .
طوقوهم بحبكم وأحموهم بعلم وأدب وخُلق حتى لا ينخر السواد على قلوبهم الغضة ، فأيم الله سواد القلوب لا يمّحي منها وإن بلغ أصحابها من العمر عتيّا .
كونوا بجانبهم حتى لا يتعثروا على سلالم الجسر وطريقه الوعر ، كونوا معهم ليستقبلوا شبابهم برحابة صدر وأمل وتفاؤل وثقة ، نريدهم شامخين الطموح لا يائسين ومنكسرين .
كونوا معهم واسمعوا نجواهم وكونوا لهم من الناصحين حتى يردوا لكم الجميلَ ضعفين يوم تنقلبُ الكرّه .
إنها الأراجيح من تكسب البعض نشوة المرح وتُسِقط البعض حتى تدميه .

نبيلة مهدي
02-08-2010, 01:24 AM
عزيزتي مريم
موضوع جميل و أسلوب رائع في الكتابة..
كم أنتِ رائعة واصلي هذا التألق

تقبلي مروري هنا..

مودتي

سالم الوشاحي
02-08-2010, 09:55 AM
أختي الفاضله مريم........

شكراً على الموضوع الجميل محطة الأراجيح أو بالمسمى العلمي (سن المراهقه)

فالنتحدث قليلاً عن هذا الموضوع ...

كلنا يعرف عن هذه المرحله أنها مرحلة غير طبيعية يغلب عليها طابع القلق والإحباط والعديد من المشاكل النفسية الأخرى، وأن المراهق هو شخص ثائر ومتمرد وليس له رأى ثابت وتوجد تناقضات في تصرفاته.

كما أنه لا ينصت إلى آراء من يكبرونه في السن وتوجد فجوة كبيرة بينه وبين الكبار. لكن كل هذه الآراء خاطئة وأسطورة غير ناضجة هى نتاج لعدم قضاء الآباء الوقت الكافي مع أبنائهم لمعرفة بل ولتعلم

التغيرات الطبيعية والمتوقع حدوثها في خلال هذه الفترة. فمن السهل أن نصدر أحكامنا على الأشخاص لكن الأصعب هو فهمهم. فالمراهقة هي مرحلة عمرية تمر بالإنسان مثلها مثل أي مرحلة عمرية أخرى لكن

المختلف فيها هي التغيرات التي تحدث للمراهق والقرارات الصعبة التى ينبغى على الآباء اتخاذها لتنشئة الفتى أو الفتاة إما بطريقة صحيحة أو خاطئة ومنها: اختيار الأصدقاء، اختيار أسلوب الحياة (الجنس،

التدخين، وشرب الكحوليات، إدمان بعض العقاقير ) والاقتناع بالقيم التي يحث عليها الآباء إلى جانب التغيرات الجسمانية والاجتماعية والعاطفية فهي فترة لها متطلبات واحتياجات عديدة ومن أبرز الأسئلة التي

يوجهها المراهق لنفسه بل ولمن حوله: من أنا؟ وكيف يمكنني الاتصال بالعالم الذي يوجد من حولي؟

أبو المؤيد
02-08-2010, 09:43 PM
العزيزة/ مريم:

{الأرجوحة}، كم جميل هذا الوصف الدقيق لتلك المرحلة التي تظهر مكامن الشخصية لدى الأشخاص، فإما تقسو عليهم الحياة فيصبحوا تائهين وإما تحتضنهم بين أكنافها فيكونوا من الرابحين، المراهقة هي مد الحياة وجذرها يتخللها السكون لكنها تبقى عاصفة طوال الوقت تموج بها الزوابع والأعاصير العائلية والمجتمعية ككل ،التي ما تلبث أن تستمر حتى تصقل شخصية المراهق أما سلباً أو إيجاباً، فهو يكون بها بقمة عنفوانه وكأن الدنيا صارت ملك يديه لا يقبل من أحد أي مشورة إلا من رحم ربي.

وأخيرً، كانت هناك أرجوحةً أخرى لم تغفل، أنها أرجوحة "الزمن"، فكلما أحسنت في تربية الأبناء الصالحين كلما أحسنوا عنايتهم بك عند كبرك، وهنا تكتمل فلسفة الحياة والغاية من وجود الأبناء.

مشكورة يا مريم على الموضوع الجميل والهادف.

الرجاء قراءة القوانين الخاصة بالقسم، فهناك بند يحضر كتابة أكثر من موضوع خلال 5 أيام.

دمتِ بخير.

طه حسين
03-08-2010, 04:15 PM
راق لي موضوعك
أجدتي فأبدعتي
دمتي بخير وتقبلي مروري

محمد الطويل
06-09-2010, 01:43 AM
مريم ............. بأمانه أنا معجب كثير بمواضيعك وفكرك النير .

الوصف / الصور الخيالية / النقلة أو الأسلوب الرائع في السرد / طريقة السرد / النقاش الهادئ في طرح المادة / ماهية النص في واقعنا . كل ذلك كانت عوامل مشتركة في هذا الطرح فكان مكمل الملامح حتى الوصف لمعاني المراهقة والتشبيه بالأرجوحة كان نابع من فكر نقي جداً .


أتفق معك كثيراً ومع نصك وبأن هناك دربان ومفترق طرق أمام المراهق والشاطر من يبصر الدرب السوي .


أحييك كثيراً على هكذا مشاركة وأتمنى لك التوفيق .

فاطــ (محمد) ــمة عبدالله
06-09-2010, 02:59 AM
راقيه يا مريم حقا راقيه ..........

اسلوب جميل
..............

احتاج تعمق اكثر في نصك ....ايتها الجميله ........

لي عودة هنا .....بإذن الله

شكرا اختي

الشيبه
06-09-2010, 04:39 AM
ما شاء الله كلام غاية في الروعه وكم هو محظوظ هذا المراهق بهذا المقال الرائع
تحاتي لك ونتمنى المزيد
اخوكم الشيبه

سالم الريسي
07-09-2010, 07:23 AM
مريم العدوي

الاستاذه الفاضله



التميز في الطرح سمه من سماتك المعهوده والتحليق بفضاء الإبدااع لم يكن في يوما ما غريب عليك

لن تفي الحروف هنا في الحديث عن الطفوله والمراحل التي يمر بها الإنسان ، ولسبب اخر بانكي لم

تدعي مجال لكي نظيف أي شي هنا

سوي الحضور وتصفح روائعك التي نجد بها الحياه والعوالم الاخري الجميله الممتده إلي المدن العمانيه

على شتى السواحل وبين الهضاب وفي الارياف وهناك بزحمة العاصمه مسقط إلي بهلاء بلاد العراقه

والتاريخ الذي سوف يظل خالدا مسطرا باحرف من ذهب على مر الاعوااام

إلي الابد

لكي التقدير ايتها الفاضله