المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شاكر


فيصل مفتاح الحداد
24-08-2010, 02:41 AM
:d

روى فيصل الحداد هذه القصة الواقعية فقال :

كان صغيراً نحيفاً يتبع جدته أينما ذهبت ، فقد تركه والده وتزوج ، فما كان من والدته إلا أن تركته وتزوجت هي الأخرى ، نكاية في والده ، ولم يبق له سوى هذه العجوز ، التي تنطلق به هنا وهناك جيئة وذهوباً ، وتعطيه حفنة من الحلواء ، يلعقها بلذة عجيبة ،ويجلس في حجرها هادئاً .
مر بعض الوقت وكبر شاكر قليلاً ، ولما اتصل بوالده أخذ يعذبه ، ويربطه بسلاسل من حديد ، فطلب منه ورقة تثبت هويته ، فحرمه منها ، ثم نفاه إلى سجن الأحداث ، وظل المسكين في سجنه دون جريرة ، وكان يستغرق فيما حوله ، وكأنه يستعيد ماضيه صفحة صفحة ، ويرى الأطفال يلعبون ، يتعالى صياحهم ويتواثبون ، فلا يكثرت لهذا الضجيج ، ويظل قابعاً كأنما يشاهد شريطاً خفيا يمر أمام عينيه. .
مر وقت طويل وشاكر يكبر كل يوم ، ويزداد طولاً وضخامة ،إلى أن صار شاباً وسيماً ، يجدب انتباه الناس ،وتلتهمه الأنظار شرقاً وغرباً ، وظهرت له عضلات قوية ، زادته وسامة إلى وسامته ، ومع ذلك لم يؤخذ عليه أنه يعتدي على مرافقيه ، وأخذت سيرته الطيبة تنتشر بين أهل السجن ، وعجبوا كيف يتركه والداه وهو على هذه الدرجة من الأخلاق ، وطيب الأحدوثة ، إضافة إلى أنه رسام بارع ،يرسم لوحاته فتأخذ بألباب السجناء ، وكل ما فيه ينطق بالرجولة والإباء ، ولما بلغ الثامنة عشر من عمره ، اتصل أهل السجن بوالده ، وقالوا :إن ابنك بلغ مبلغ الرجال ولا يمكن تركه مع الأحداث ، فقال لهم إنني لا أريده . فانطلقوا به إلى السجن الكبير ، وهناك رأى المجرمين العتاة ،وقد رسم الشر على جباههم ما يحاكي بواطنهم ، وأذرعتهم موشاة بالوشم ، وكأنها تحاكي ماضيهم الغابر الأليم ، غير أنهم لما رأوا هيأته هابوه ، ولم يعرفوا ما الذي يدور في رأسه ، وهو مستغرق في تأملاته الحالمة .
ولما خرج بعض السجناء استحلفه شاكر أن يمر على خاله ، ووصفه له وسماه اسمه ، فبر السجين بوعده ،وانطلق إلى خاله ، وحدثه بجلية الأمر ، وأن ابن أخته قابع في السجن يرجوه أن يأتي لاستخراجه ، فأخذ خالَه الرحمةُ وانطلق إلى السجن وكفله وخرج به ،وجاء به إلى بيته ، وفرحت به الأسرة فرحاً شديداً ، واستضافوه وأكرموا وفادته ،غير أنه ـ وهو العاقل الحصيف ـ رأى بثاقب نظره أنه إن مكث معهم فإنه سيجلب لهم شراً من قريب أو بعيد ، وبخاصة أن لديهم فتيات شابات ، وهو مظنة للشبهات ؛ لخروجه من السجن .
وهكذا آثر شاكر أن ينسحب هادئاً كما جاء هادئاً ، ونظر لأخواله نظرة تفيض من الدمع ، وظلوا أياماً يسألون عنه ، حتى أتاهم آت ، وقال: إن شاكراً قد فرش لحافاً في المقبرة المجاورة ، ونام عليه ولم يستيقظ . .. لقد مات شاكر .

عبدالله العمري
24-08-2010, 03:03 AM
قصة جميلة

شكرا لقلبك

غربة أسير
24-08-2010, 09:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذ الدكتور ..
قصة مؤلمة ..لا ادري ما ذنب البراءة فيما يحدث بين الكبار ..
وكيف يتخلى والدٌ عن فلذة كبده ..
لقلبك باقات من الفرح يا أخي ..

سالم الوشاحي
25-08-2010, 05:56 PM
الأستاذ الكبير

شكرا لك سييدي

الفاضل ... قصه


جميله .. أتمنى

لك التوفيق

لك مكان
27-08-2010, 02:29 PM
اشكرك جزيل الشكر في غاية الروعه