المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل متبادلة بين أنس الفيلالي و حميد الهجام


فيصل الزوايدي
16-11-2010, 09:55 PM
رسالة الى الصديق القاص و الشاعر حميد الهجام
في غربته بسنغافورة..
بقلم أنس الفيلالي
تحية عطرة معطرة بنسيم وردبنفسجي و آخر أحمر و أخير بعبق الليمون ..
الى مبدعنا و قيس حديقة الغرباء
في هذا الوطن حيث الثلج الكاسح ،كنت ألمح المارة بين خليل الصياح في ذلك الليل القاحل، الموبوء بالكائنات الغريبة عن وطننتا، بعد أن حطتني الحافلةالهاربة من شوارع و دروب مدينة الضباب، و الجمال و الغربة، و ليست أي غربة ،لعلهاالمذاق الذي أشتهيه اليوم في هذا القصر اللا قصر و اللا كبير في اللاساعة، ساعة الاغاثة..
الشارع قاحل من المارة .. الحانات مملوءة عن آخرها بأناس يلهثون ضجرا.. الشعراء استغوتهم المكيدة .. الفقراء حيث نحن يتوسدون وسادة للحب،، و أنا الحالم و الخراب الذي قادني الى ذاك السحاب العارم في شوارع قصرنا الباكي ، صدمتني الشمس بانحناءات الربيع و انبلاج الخريف الى الخضرة و الزرقة و الأمل ، حينما حط كائن غريب على شرفتنا، من شرفة غير شرفة ..صلابة مليئة بالعبق البلوريالجميل ،حيث نحتمي ضباب هذا الضباب ،، من فصائل الغربة المحتمية بنار الحرية أوالحب أو الجمال ،ليس أي جمال. الجمال الذي يلهب الخارجين عن عزف الحرية، قانون الغرباء ..
حميد الهجام ..
أيها العاشق الأزلى ..لعطر المكان
هاأنت هنا ترهب السكينة بالربيع ، تفاوض الحكاية من البداية حتى النهاية، تستجلي أرقة العبور في أزقة القصيدةالجميلة في الساحة القفراء ،حيث لا غير حميد الهجام هناك. حيث لا ملائكة غير ملائكته التي تسكب نبيذ المارة بالأزل.
الصديق الغالي.. حميد
ذاكالفضاء البيضاوي الكبير، سيعلن عطلة، أناملها عشرين سنة لكل ماهو جميل، و تلك المدينة الصغيرة، حيث سنغافورة واقفة لاستقبال البندقية، ستعلن الحداد، أربيعين يوما غرقا في متاهة، لن تخرج منها حتى الانعثاق البلوري ومصائب قوم أزهار رعناء للشعراء ، أنا المتعطش لفوضى الشعر..
الغالي حميد
أتمنى ان أشعر بأيام عطلة الربيع كي أباشرأطياف الأوراق الخالدة حتى يكتمل الربيع. و يزف الرحيل عبقه البلوري ، أيها الخالد هناك،، بين محافل القصيدة الرعناء التي تجري شمالا و جنوبا في مخيلة الغرباء...
مودتي التي لا تبلى أبدا
أنس الفيلالي
القصر الكبير، الاثنين 26 أكتوبر 2010
منشورة في جريدة المنعطف المغربية، السبت – الأحد، 30،31 أكتوبر 2010، العدد 301.
رسالة إلى الصديق الشاعررسالة الى الشاعر أنس الفيلالي في معرته القسرية الكبيرة

هاأنذا أيها الشاب النازف شعراً أحيا صقيع غربتي الآسيوية بعيداً عن الوطن،قريباً من النفس، وكأن للمسافات معلم آخر حين تقاس بمانوميتر البوح. هاأنذا من حين إلى آخر حين تنهمر سهام الشوق إلى الوطن والأحبة شآبيب علىالروح، أقصد منتجع Changi Village. قرية شانغي قرية سياحية متاخمة للبحر،بين أحضان جسورها العائمة ومطاعمها البحرية ذوات السقائف المكسوة بالقرميدالأحمر، أحسني أكثر قرباً من بيضائي العزيزة، أعدم الزمان وأخال نفسي فيكورنيشي المسلوب ذات غدر . السكينة تقبل شفاه الروح وتزرع فيها طاقة سحريةتدغدغني نشوتها ويغمرني رذاذها الهامس بموسيقاه العذبة عذوبة الندى في فجرالربيع . ها أنذا صديقي العزيز أرعى ربرب ذكرى الوطن تحت سماء في لونالبحر ومروج المحيط الهادئ تبسط أمام قدماي روعة عشبها الحريري الزرقةالمنداح إلى ما لا نهاية. إنه المكان الوحيد الذي أحس فيه بالطمأنينة فيهذه البقعة ، رغم أن تمث أماكن عديدة تفوقه جمالاً في الجزيرة. لا أدريسرّ هذا الحب الذي يكنه الإنسان لبعض الأمكنة دون أخرى؟
أعلم أني لا أرغب في أن أعلم جوهر هذا السر لأني حينها سوف أفقد نشوة اللوعة، وسيذوب أثر المكان في محلول تفسير علم الزمان .
البارحة مساء يممت ضجري شطر حي Little India، وكانت الشوارع هناك كلّهامزينة بالأضواء، فالهنود يحتفلون بعيد «ديوالي» أو «ديبافالي» أو «عيدالأنوار». وهذا العيد كما شرحت لي حسنائي الهندية الممكورة نوميتا، تخليدلذكرى انتصار ملك مدينة أيوديا ? ترجمتها الحرفية من السنسكريت تعني «المدينة التي لا يمكن احتلالها- إحدى مدن مقاطعة فيروزآباد، راما علىالوحش رافانا ذو العشرة رؤوس والعشرين دراعاً. كانت الروح غائصة في عينيهاالبنيتين. والأقراط في أنفها العربي كانت تضيف سحراً إلى جمالها الآسيويومن شفتيها الداكنتين اللحيمتين كانت الأسطورة تنثال طازجة كما لو أنهاكانت واقعية. نوميتا فتاة العشرين ربيعاً لا تفارق الابتسامة شفتيها حتىوهي تتكلم، لديها قدرة غريبة على إبقاء البسمة فراشة ملونة ترفرف حولشفتيها، تلهب القلب برقتها ورخامة صوتها، حين تتكلم كأنها تعزف. قتل رامارافانا وحرر زوجته سيتا وعاد إلى أيوديا حيث أستقبله سكان المدينة مزينينواجهات المساكن والشوارع بالأضواء، ومنذ ذلك الحين سمي العيد بعيد الأنوار، وترمز الأسطورة إلى انتصار الخير على الشرّ.
تنبعث البخور فواحة من المعابد البودية و تماثيل الآلهة تزين جدرانالمعابد الهندوسية، أما قطارات الأنفاق فإنها لا تتوقف عن الذهاب والإياب،من باسيريس إلى جو كون ومن جو كون إلى باسيريس، والزمن يسير الهوينى تارةوخبباً تارة أخرى، وأنا محمول على متن تياره أحلم بوطن لا مكان فيهللغرباء -هذه لك أيها العظيم-، وطن كالأوطان، وطن لا يجهض أجنة الإبداعوهي في الأرحام. أقرأ في هذه الأيام رواية لجوزيف كونراد، «اللورد جيم» التي تدور أحداث بعض فصولها في جنوب شرق آسيا. التنانين أصابها مسّ منجنون بريق الحديد غير القابل للصدأ وصار ت تلتهم أخضر الإنسان ويابسه بشرهعاهر لا يلين .نمور المكان المرقطة ضلت الطريق في دغل الزمن الشرقي وها هيذي الآونة تقتفي آثار خيط النسيم الدرائعي الهوى ماضية نحو حتفها الورقيهناك خلف الأفق الغربي. إنه زمن التشرد في أرصفة مرافئ جزر الضياع القصيةفي انتظار سراب غودو . آه، كم تلتهمني رغبة في أن أفقأ عين اللحظة وفي أنأبقر بطن التردد وأفض بكارة الخوف الأزلي .... وأطلق عنان فرس البوحالجموح وأصرخ في وجه الشرط البائر:» كفى بربّك أيها الشرط القاهر، كفاكتمزيقاً لأرواحنا، فقد انهزم الألم أمام أحلامنا وأصبحنا عتاة، قساة. اغتدت قلوبنا شبيهة بقلوب قراصنة العصور البائدة، أيها الشِرْطُالمِشْرَطُ. راهقنا الموت غير ما مرة لكنّا لا زلنا كما عهدنا أنفسنا ذاتربيع زاهر، واقفون كطود نخرته المغائر ولا يزال منتصباً مكابراً.
لكن ماذا عن الوطن؟
صادفت الوطن هذا الصباح هائمة حروفه على وجهها، فأحببت أن أحاوره مثلمافعل أدونيس وقبله ريمبو، لم يمانع فقصدنا أقرب حديقة. آن اقتعدنا كرسياًفي أحد الممرات تراءى الوطن نسراً مهيض الجناحين ثاقب الرؤية يترنحمرفرفاً بعناء مزمن محاولاً الإفلات عبثاً من السلاسل التي تكبله إلى صخرةجبال الأطلس بعد أن أصابته لعنة آلهة يونان المكان. لا تتبرم من هذياني،أحببت فقط أن أعبث بالأسطورة هذا الصباح وبدا لي وطني نسراً وبروميثيوس هوالجلاد. أليس الرمز أسطورة تخاتل الشرط لتتمسك بقش طوف البوح حين تتلاطمهاأمواج البداهة. بروميثيوس سرق النار من الألهة رأفة بالإنسان في ذلك الزمنالأسطوري الخالد. فعاقبته الآلهة العقاب الأبدي بتوثيقه إلى الصخرة وتسليطالنسر عليه، لطالما نهش أحشاء بروميتيوس دونما رحمة. هذي الأيام انقلبتالصورة على ما يبدو وصار بروميثيوس ممتثلاً طائعاً للآلهة بينما النسرأصبح الثوري المنبوذ. الآلهة غيرت رأيها وهي المعروفة بتقلب المزاج كلماعنّ لها خطر فقدان ألوهيتها وامتيازاتها هناك في جبل أوليمب حيث تستعذبحياة الرغد والرفاه. لي عندك طلب يا شيخ الإمارات الأدبية المتحدة، طلبملحاح نحن في مسيس الحاجة إلى . استقل الحافلة الماضية نحو طنجيس القديسمحمد شكري التي تسلك الطريق الثانوية ، ولا تنس أن تأمر السائق بأن يوقفالحافلة في مدينة العرائش لبضع دقائق حتى يتسنى لك القيام بزورة خاطفةلقبر جان جينيه وتبلغه سلامي، وقبل أن تصل الحافلة طنجيس أطلب من سائقهاأن ينزلك في الطريق الفرعي على يسارك، ذلك الطريق المؤدي إلى مغارةهِرَقْلَ. أستطيع أن أكبس على زرّ مركبة الخيال وأدع الروح تسافر إلى هناكوأرافقك أثناء تلك الرحلة وننفذ معاً هذه المهمة الملحة، سوف نقدم ملتمساًإلى هرقل ونطلب منه أن يفك أسر النسر من براثن بروميثيوس الثوري الذي ضلطريق الثورة فارتمى في حضن حلم التروة، وصار إمعة لدى الآلهة المفلسة.
وماذا عن البغاث؟
أنتحدث عن البغاث الأدبي الذي يؤرقك؟ ذاك البغاث الصاغر نفسه الآتي منسراديب الأحزاب الذي ملأ سماء الأدب سرقة ونحلاً وتلاصاً ونضيف تزلفاًأملاً في منصب صغير أو شهرة مبتغاها ومنتهاها موقع في حزب تابع أو جمعيةمائعة أو اتحاد واهن. هذا ديدنه في كل المجتمعات وفي كلّ الحقب. صدقني إنزمنه قصير مثل حبل الأفاك، سيندثر حين تبزغ شمس الأدب في الوطن.
معلوم أن البغاث الأدبي يستنسر في أزمنة الجزر ، ويلفظ أنفاسه أنفاسه مقاوما المدّ، يعود إلى أصله بغاثاً أدبياً بائداً.
حميد الهجام
محبتي الخالصة
سنغافورة
28 أكتوبر 2010
منشورة بجريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية، 10 نونبر 2010.

جاسم القرطوبي
17-11-2010, 06:59 PM
شكرا أستاذي شكرا جزيلا على جهدك وإبداعك

فيصل الزوايدي
18-11-2010, 03:54 PM
شكرا أستاذي شكرا جزيلا على جهدك وإبداعك

اهلا اخي جاسم و شكرا للتفاعل
كل عام و انت بخير

جاسم القرطوبي
18-11-2010, 10:52 PM
اهلا اخي جاسم و شكرا للتفاعل
كل عام و انت بخير

هذا واجبنا وتستحق أستاذي فمواضيعك لها ميزتها

فيصل الزوايدي
23-11-2010, 05:20 PM
هذا واجبنا وتستحق أستاذي فمواضيعك لها ميزتها

بارك الله فيك اخي جاسم
مودتي