المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تابع سلسلتي علماء السنة في عُمان والشيخ حسن عبدالله حميد تاريخ الإدراج 22/11/2010


جاسم القرطوبي
25-11-2010, 11:36 AM
بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وصلى الله على سيدنا محمد آله وصحبه أجمعين ، وجميعا كل عام وأنتم بخير وصحة وسهالة بمناسبتين عانقتا سماء عماننا الحبيب : العيد الأضحى المبارك ، ومناسبة العيد الوطني الأربعين في مسيرة دولة ازدانت بحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله – أعاده الله على جلالته أعواما بصحة وسلامة وعافية ونحن في ظل قيادته الرشيدة بموفور العلم والتقدم والنجاح وسعة في العيش وقضاء لكل دين آمين .

الأخوة والأخوات :
عودة لسلسلتي التي من تمام المنة أنها مستمرة للآن مع رؤية ٍ جديدة تقوم على الاختصار الشديد اسمحوا لي أن أتكلم عن علم آخر من علماء السنة العمانيين ، وقبلها أحب أن أذكر أنني بهذه السلسلة لم أقصد زرع بذور الفرقة بيننا نحن أبناء وطن واحد ودين واحد ولغة واحدة وإنما ولسنة التنوع في هذا الكون أفردت الحديث عن علماء السلطنة السنيين الذين لم ينشر تلامذتهم سيرتهم كما نشر تلامذة المذاهب الإسلامية الأخرى والجميع ولله الحمد على خير وهذا معتقدي وهذا ديدني الذي أؤكد عليه في كتاباتي وقصائدي الدينية كلها .

وبعد :

فخصوصيات الفضل الرباني متنوعة، يهبها الله لمن يشاء من عباده، فكما أورث سليمان داوود عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام، وعلمهم منطق الطير، وآتاهم من كل شيء، أورث أمة سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلَّم خاتمَ الكتب، واختارها واصطفاها، وصيرها خير أمة أخرجت للناس، وبسط الرزق لمن يشاء من عباده، وجعل لبعضهم التمكين في الأرض، ومنح آخرين العلم ووهبهم الدقةَ في الفهم، وغرس للمؤمنين الصالحين في أفئدة الناس ودّاً، فصارت أفعالهم مرموقة وأقوالهم مسموعة، إن حضروا اشرأبت الأعناق إليهم متطلعة، وإن تكلموا أصغت الأسماع إليهم مستمتعة ، وإن كتبوا انتشر مكتوبهم بين ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

الباطنة تشرفت أن تكون داره وفي منطقة شهيرة منها وهي ودام بالتحديد التي احتضنت مسقط رأس عالم العربية الخليل بن أحمد الفراهيدي عاش الشيخ حسن بن عبدالله بن حميد صاحب ترجمتنا . أما نشاته فقد نشأ في بيت أسس بنيانه الشامخ على صلاح وتقوى ولعل خير ما رُوِىَ لي كشاهد على ما أقول هو ما جرى لبعض أهله من النساء الصالحات اللاتي سكنَّ دبي ، حيثُ كان ديدنها جمعَ الصالحين في مكان الضيوف من خيمتها وإكرامهم وجمع العامة للاستماع والاستفادة من هؤلاء العلماء ، وحدث أن صار حريقا كبيرا بدبي احترقت فيه جميع الخيم في تلك المنطقة إلا خيمتها ، أقول لعل الحريق الذي شب في الخيم – حسبما فهمته والأصلح في حقبة حياة الشيخ – هو الحريق في العام الذي يعرف بسنة الحريجة التي التهمت النيران فيها نصف منطقة ديرة من دبي .
تزامنت حياته مع فترة وجود الشيخ عبدالله المريد في الباطنة الذي هاجر إليها من قرية كوخرد إحدى قرى إقليم (فارس) قرية من قرى الجنوب الفارسي قبل انتقاله إلى دبي وهو والد الشيخ عبدالرحيم المريد الذي ترجمت ترجمة وافية له في القسم الثاني وقد توفى قبل سنوات قلائل تغمده الله بالرحمة والرضوان وأسكنه فسيح الجنان وتم تصوير فلما وثائقيا عن الشيخ ال .
عودة للشيخ صاحب ترجمتي هذه والشيخ عبدالله المريد درسا على يد العالم العلامة الشيخ محمد عمر الأفغاني الذي كان يطلق على االشيخ الأفغاني معنا في الباطنة الشيخ اللوغاني . امتاز الشيخ الأفغاني باهتمامه بالمتون والأصول : إذ أنه كما قال سفيان الثوري لولا الأصول لحرموا الوصول ، وأما المتون فلا يخفى ولهذه المتون (نثرً أو نظمًا) في الفقه وغيره فوائد جمة حيث أنها تساعد الطالب على حفظ العلم وجمع مسائله في عبارات مختصرة فيسهل على الطالب استحضار المسائل الفقهية، حيث أن الطالب إذا تشعب في الفقه تغيب عنه كثير من المسائل فكانت المتون خير جامع لها خاصة وأن أغلبها ذو نثر بسيط أو شعر جميل سهل الحفظ. ولذلك اشتهرت عبارة : من حفظ المتون حاز الفنون . و: من قرأ الحواشي خرج بلا شيء –ويقال إلا حاشية الباجوري .

كما عُرِفَ عن الشيخ محمد عمر الأفغاني تبحره في شتى الفنون والعلوم ، ومريدوه وطلابه يعدون بالمئات .
أثر الشيخ الأفغاني ( اللوغاني ) على تلميذه صاحب ترجمتنا فسار سيرته فكانت طريقة تدريسهم هي الطريقة المعروفة في المدارس الإسلامية السابقة ( الكتاتيب ) حيث كان يدرسون متون العلوم على يد الشيخ ويحصلون على الإجازة فيما درسوه لتتعاقب دورتهم مع تلاميذ لاحقين على نفس المنوال .
درس الشيخ صاحب الترجمة في مدرسة ( كتَّاب) في ودام بالباطنة وكانت هذه المدرسة مختلطة إذ كان الطلبة صغارا ومن ولايات الباطنة المختلفة بما فيها ولاية صحم . وكانت الدراسة موزعة على حسب السنوات قراءة وحفظا تاما ومتقنا تشمل القرآن الكريم للإتقان ثم قراءة وحفظ كتاب البرزنجي للإتقان ثم قراءة وحفظ متن الزبد وهو ألف بيت في العقيدة والفقة والتزكية كما اشملت الدراسة في المواريث وسواها . ويحكي لي أحدهم أن رجلا من صور أتى للمنطقة الموجودة فيها المدرسة ووجد نساء ينقلن الماء في جرات وهن يترنمن بأبيات من الرحبية :

والوارثون من الرجال عشرة
اسماؤهم معروفة مشــتهرة

الابن وابن الابن مهما نـزلا
والأب والجد له وأن عــلا

والأخ من أي الجـهات كانا
قد أنزل الله بـــه القرآنا

وابن الأخ المدلي إليه بالأب
فاسمـع مقالاً ليس بالمكذب

والعم وابن العم من أبيـــه
فأشكر لذي الإيجاز والتنبيه

والزوج والمــعتق ذو الولاء
فجملة الذكور هــــؤلاء

فما كان من هذا الرجل إلا ولى متعجبا من علم هؤلاء إلى درجة أن نسائهم هكذا ترنمهم فما بالنا برجالهم . أقول في الختام وبالفعل التقينا في الواقع ببعض من درسوا في تلك المدرسة وما شاء الله عليهم لاسيما في الاستشهاد بالزبد التي قال فيها العلماء إنها حجر المسافر . وقال فيها ناظمها :


يسهل حفظها على الأطفال = نافعة لمبتدي الرجــــــــــــــال
تكفي مع التوفيق للمشتغل = إن فهمت وأتبعت بالعـــــــمل
فاعمل ولو بالعشر كالزكاة = تخرج بنور العلم من ظلمات



إعداد وقلم : جاسم بن عيسى القرطوبي
دعاوتكم لي بالتيسير من ظرف ٍ عسير
والتوفيق في كل طريق للخير فيه أسير
آمين
يا نعم المولى ونعم النصير
وإنا لله وإنا إليه راجعون

ملحوظة : لم أقتبس حرفا من سلسلتي كلها من كتاب وإنما من أفواه الرجال من تلامذة المشايخ