المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فلسطين


عبدالله السعدي
11-01-2011, 03:30 PM
فلسطين
كم أنتي يا فلسطين غالية
وفي عين هذه البنت من بنات البادية
وفي كل ليلة تسافر مع الدمعة الهاربة
تذكرها بالحنين الى تلك البقعة العالية
كلما أوت إلى فراشها تحس بأنها منسية
وفي مخيلتها إلف سؤال ومليون وصية
وفي عينها شعلة مضيئة ...
وأملاً يداعب غزلان أفكارها بين ذاك السياج والضفة الغربية
تكون .....
غاضبة ....
محبطة ....
لكن يبقى الأمل يراودها في كل برهة
متى أكون بين حضنك يا قدس العربية
أوت كم كانت بالأمس القريب صبية
واستيقظت وشددت واثقها
وداعت صباها وشمرت عن ساعديها
ومزقت أحلام الأنوثة ورمتها وراء ظهرها
واستبدلت ثوب الزفاف بثواب المنية
وانطلقت ....
وأعلنت .....
وعاهدت ...
وتعهدت مع الحجارة على من قطع غصن الزيتون حي
ورسمت أن ليس معني لحياة دون موطن للحرية
وامتزجت الآهات والحسرات مع اكبر صرخة
بين مجموعة صرخات هي : الله اكبر ستبقي
ستبقي يا فلسطين عربية
ستبقي يا قدس مهبطا للأنبياء والصديقين والشهداء وكل القبيلة
ستبقى يا أقصى عربيا وثلاث القبلتين إلى أقامة أخر صلاة
مهما أرد الغزاة والمحتلين والكفرة محوا أثارك وجعلوها صهيونية
لن يستطاعون ....
لهذا فلن ولن أتقهقر ...
ولن أعود ...
ولن أترجع ...
ولن أخاف ...
في حضن تراب يا قدس لو كانت إقدامي حافية
ولن أيأس لان كأس المنية له وقت لا يعلمه ألا رب البرية
سأتقدم وأوجه واختراق وسط هالات الدخان وصوت البندق
وشظايا المتفجرات لو أكون مغشية أو ملقية أو مقتولة
سأصبح أعظم قصة تروى لامرأة من الأمة العربية
وشهيدة غالية ومناضلة قومية
وأسطورة فريدة لامرأة فلسطينية تعشق معانقة تلك البقعة الزيتونية
والعالم مشغول كيف نضيف سلما لهذه الأغنية
أو نضع أناء لبصمة لعارية مشهورة تدخل أقطارنا العربية
والقصيدة دون ملامح وهواية بل أصبحت تجميدا لبلدان اليهودية
باركت يا أمتي يا من نسل عدنان وقحطان والشفيع خير البرية
هذه حالك وصل بعد ما كان حكمك بالقران من إلى الحجاز إلى صقلية
2
ماذا نقول يا أبنتي الصغيرة ؟
أقلامنا جف حبرها من كثر الرياء
ألسانيتنا عجزت عن النطق من كثر العناء
أعيننا فضت من الدمع من كثر البكاء
أجسادنا تجرحن وتلطخت من كثرة الدماء
وقلوبنا العربية تحجرت وجمعيا الأذان صماء
ماذا نقول ؟
وماذا نكتب ؟
لم يبقى شي غير مجموعة أقوال دون ردة أفعال
لم يبقى فارسا يقود معشر هؤلاء الرجال
لم يبقى لنا ألا أن نستنجد بفارسة من معشر النساء
أذا نفع النداء ؟
يا رجال من تقولون انكم أبناء الأمة العربية
أي صوت سيرتفع بعد ما اختفى النداء بين الرجاء المدنية ؟
وراح زمان السيادة من سادة بنو القبيلة ؟
عندما كان المهر يعدو ويسبق الرياح
والسيف المسلول بأمر الله يهز أطراف الأرض
والرمح يقطع دبر كل الكفرين .....
أما اليوم .... لا تعليق يا أهل الله أكبر
نحونا بالدولار مشغولين والمصنعين
أيدينا كتبوا عليها العنان
وأفكارنا تبخرت وتحلت بالرداء من أهل الصهاينة
وأجسادنا ما عادت أجسادنا من الأوجاع صارت كئيبة ذليلة
وأحشاءنا تمزقت بخناجر بني العروبة من امتنا العربية
إلا تدركون يا سادة القبيلة ؟ ما معني الآن العروبة العربية ؟
العروبة صمت وأنتزع حق الجار ومواله اليهودية بعباءة أمريكا الفتية

3
في هواء الربيع متلقي العشاق والأحباب
وفي فصله تزهو الزهور بشتى الأنواع
وتتغنى جميع الحقول والبوادي والطيور بالأحلام والأشواق
وفي قريتي لا معنى للورود ولا معنى للربيع ولا معنى للسلام
فيها القذيفة وفيها أشواك الموت يدق كل باب بيت
وبين أرجاء كل حارة مليون شظية
وبين الطرقات ألف قنبلة مسيلة لدموع
ونهرا من دماء الشهداء
أين أنتم يا أيها الأصحاب ؟
أين أنتم يا أيها أصحاب الكرامات الدينية
أين أنتم ؟ أين أنتم ؟
أين أتخفيتم ؟
لما صار عالمنا كالبيت المهجور
لما اختفى صوت الكروم والسنونو والعصافير عن الغناء
لما مات الهديل من أعلى مئذنة من مئذنتنا
فجأة بين كل الفجات ...
تكسرت كل سيوفنا
والحلم مات في حضن ليالينا
والأمل غادر كل حارتنا
والنجوم ما عادت تهمس لنا في السماء عن حالتنا
والآفق أخذ يضج بالصرخات
بالنداء تلو النداء
أننا راحلين ....
أننا راحلين .....
أننا راحلين ....
والتاريخ شاهد والسجل الماضي حافل في دفتره الصغير المز تحم
بالأمجاد والأسماء العربية من الإلف إلى الياء
لكن للأسف فعل ماضي بين كل الأشياء
لم يبقى سوى تلك البقعة في قلب الخارطة العربية
وتلك الفتاة الشقراء على عتبة دارها
وبيدها غصن زيتون جاف
والنظرة المستحلية من هذه القضية .
في ظل وضعنا هذا في كل البلدان العربية
عبدالله السعدي – مسقط