المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة جديدة لرجل قديم


مختار أحمد سعيدي
28-01-2011, 02:13 AM
قراءة جديدة لرجل قديم

رجل مركب مثلي يحتاج السائل عنه الى صبر كبير ،هذا الفوضاوي حد الجنون يعيش هدوء عواصفه كما هي ، لا يرتب مبنى و لا معني ....


تسألني ، تريد أن تعرف عني كل صغيرة و كبيرة ،نظراتي ، نبراتي ،حركاتي ، سكناتي ،...حتى تمهد من الآن ممرات لها في أدغال نفس ،حتى لا تضيع رسالة الحب التي تحملها ، و هي عازمة على تبليغها و بلوغها حد الرضى ، بل حد اللاجوع..تريد قراءة جديدة لهذه الذات بمعرفتها الخاصة ...سيمائي لا تتحمل الاخفاق...

فماذا أقول لها ، و من أين أبدأ ، و كيف أحاكيها بصدق لا يخذل أمالها و أنا الحامل على عاتقي انهزامات ، و اخفاقات ، و زلات ستر الله منها ما شاء ..فاذا قلت لها كل شيء ربما أفسد عليها حلمها و ظنها الجميل ،و اذا أخفيت عنها أشياء أفسد عليها متعة اللقاء...
أسألة طرحت على قلم لا يحسن التمثيل ، و الكلام عن النفس شيء ثقيل...ليتني أكون كما تتصورني .. آآآه يا مختار ..و أنت تنظر اليها كأنها قطعة موسيقية تسكن اضطرابات هذه النفس الأمارة بالسوء ، تنظر اليها و كأنها الراوي لحكايا الأنس ، كأنها شهرزاد و أنت شهريار ....لأنك فقط مكتو بسلاطة الاجحاف التي كانت تدعي في يوم ما فن الرفق و الوفاء ، طعنتك حتى كتبت بدم البغض عن حواء...أكرهك يا أنت...و قيدت الوالدة يرحمها الله العمر الى جدع شجرة صفصاف امتد خريفها...
...يتبع...

مختار أحمد سعيدي
28-01-2011, 02:18 AM
أنت الذي ما عرفت الصحبة في طفولتك ، و لا تذوقت حنان الأخت ، و العمة ، و الخالة...وحيد أبويك ، ترعرعت بين خشونة و غلظة أب عربي يحتفظ ببعض أعرابيته ، خشن لا يؤمن الا بالقوة ، صهرته طفولة البادية ، و رشد المدينة بكل اجحافها ،بنى كيانه بالشدة و الصراع المتواصل..لا يأكل الا من رحيق مناتحه...يرحمك الله يا أبي ...و أم لطيفة كنسمة الصباح الجميل ، رقيقة المشاعر ، حنون ، تزرع ببسمتها البهجة في النفس ، أتصورها في كل جميل، في كل رحمة ...تلك المرأة السمراء تتحدى بصبرها امتداد الصراء القاحلة التي نشأت فيها ، كانت تحتوينا ..كانت يرحمها الله الأرض في فصل الربيع، تحتوي أبي بكل رفق ، فيها راحته ، سكونه ، واستراحته ، كانت تعشقه فقط لأنه كالرعد ، هكذا قالت ..أشعر بسكون عاصفته في حضنها من بعيد،و هو يضحك كالطفل الصغير ...لا زلت أذكر بريق عينيها عندما تبتسم له في غضبه ، أراه يرفع يده ليضربها و يتراجع وهو يخفي ابتسامته وراء زمجرة مفتعلة...
ما أعظمك يا أبي و أنت تمارس رجولة الخبير بنفسية المرأة ....عفوا سيمائي ..انه تدفق الذاكرة يسوق القلم الى هناك ، الى دفء البراءة ، الى عالم الطفولة..هذه العيون التي كنت أنظر بها الى أبي و أمي هي التي تصنع شقائي و اخفاقاتي و تدفع كلماتي الى الانتحار بعيدا عن أعين التجرد ...
...يتبع..

مختار أحمد سعيدي
02-02-2011, 10:51 PM
...كنت حينها أعيش على ما أجمعه من ملاحظات ،أعيش تفاصيل المحيط دون تعليق و دون احتجاج، ما كان لي الحق في ذلك ،أعيشها على أنها بديهيات مسلم بها ،أحاول أن أصنع ذاكرة تقاوم كل الهزات التي تتلقاها، هكذا تركبت شخصيتي ، أميل مع ما أراه الحق ، ألين و أتصلب ...يقولون عني ..بقدر ما أنت طيب و حنون ، بقدر ما أنت قاس و عنيف ،أنت لا تعرف الاعتدال و الواسطية ، ويحك لقد جردتك الارقام من

المشاعر الرقيقة و لين الطرف و زينك بالصبر لا تصلح الا في العسكر ..كان هذا الكلام يؤلمني كثيرا ، فأبتسم ..

يمكن أنهم أصابوا لأنني حريص على المنطق و التعامل مع الواقع بجدية ، أقول أن الأمة الجادة لا اعرف المزاح ...هكذا أنظر الى نفسي و الكمال لا يدرك، , أتسائل ..الا يمكن أن تكون هذه التصرفات عبارة عن افرازات الثقافة المزدوجة ؟..عربية فرنسية في نزال ، و يصرخ الرفض داخلي ... الا هذه..فأضع نفسي على

المحك برجوعي الى التراث ...



يتبع...

مختار أحمد سعيدي
03-02-2011, 12:50 AM
...و الرجوع الى الأصل فضيلة ، و هو الحق..فأجد ذاتي لا تزال تعانق التاريخ ، و بقايا الحضارة ، و الأطلال، كأنها طفل في حضن أمه ارتوى و يداعب خصلات شعرها و يتحسس بأصابعه اللطيفة مياسم الجمال في وجهها . يقال أن العرب أمة متمردة لا يقيمها الا الاسلام ، و بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني في علم الاجتماع تراني أعتز و أتعجب .. كل شيء يستطيع الانسان أن يكتسبه بطريقة أو بأخرى ، الا الأصل اذا ضاع و تفرق ، فتراني أحرص كل الحرص للمحافظة على هويتي وانتمائي ..



كنت و أنا صغير عندما آوي الى فراشي ، أنظر الى الدنيا أضيق ، هي وحدها التي لا تريدني أن أكبر بسرعة ، تحاصرني بتثاقل أيامها ، أجتهد في الدراسة بعيدا عن المشاغبة ، بجدية لا يتحملها زملائي ، بجدية الكبار ...أساتذتي يقولون انني سأذهب بعيدا ، و سيكون لي الشأن ... الا أن الظروف حعلتني أتشكل

على ما أنا عليه اليوم ، ماهر في تقنيات المحاسبة و ترويض الأرقام ، هذه الصهوة التي امتطيتها توجت حياتي بعمل أنا فيه المحور الأساسي حيثما كنت ، وازدادت صرامتي في جدية المراقبة و المتابعة ، لا يفلت من قبضتي شيء...حفظت القرءان الكريم بعيدا عن عالم الرومنسيات ، مقيد العاطفة بالشرع ، علمني بفن المحاسبة الصدق و متعة البحث و التحليل بعيدا عن الخيال ،أتصارع من الواقع ، فأثر ذلك على حياتي الخاصة ، و أصبحت مبرمجا كالحسوب....

....يتبع...

مختار أحمد سعيدي
04-02-2011, 01:09 AM
بعد تخرجي ، كان همي الوحيد بلوغ منصب اطار ، واستطعت بعون الله أن أكون كذلك،مكتب فاخر ،و كاتبة و صلاحيات واسعة في المؤسسة التي أعمل فيها ، و بمجرد ما جلست على كرسي المسؤولية، و خرج الجميع ، توقف كل شيء ، حتى الزمن ظهر لي أنه توقف ليسجل هذه اللحظات التي لا تزال راسخة ، أستعيدها من حين الى حين،و خاصة عندما أريد استنطاق الماضي ...و أخيرا أيها المنصب ...في غمرات نشوتي أنظر الى العزة تاتيني مرغمة ذليلة ، مزقت رنة الهانف الصمت الذي صنعه الزهو ، صوت رقيق و جميل..سيدي الرئيس ، أعضاء الفرع النقابي على الباب ..هل تأذن ؟..

ابتسمت ، و التزمت السكوت قليلا ... ثم قلت..لا بأس ..مرحبا .. تهيأت و دخلوا...

كانت معهم فتاة جميلة و جريئة ،ما كان من طبعي أن أنظر الى امرأة أكثر من مرتين أو ثلاث في اطار الحاجة، الا أن في هذه المرة شعرت بجاذبية وانسياق نظراتي اليها بفضول ما حددت دوافعه ...وجدت نفسي أبتسم أكثر ، أثرثر أكثر،واختلط علي الموقف بغرابته ...شيء ما حدث في ذاتي ، حاولت تدارك الامر ..بارك لي الجميع وانصرفوا جميعا الا هي ،أقصد طيفها ، صورتها ،ابتسامتها ، كلماتها ...قمت من مجلسي ، و ذهبت الىحيث كانت تجلس ،وقفت خلف كرسيها ، وضعت يدي على مسنده أنظر اليه فارغا و كأنه بؤر هاوية ترك مفتوحا...ارتعش جسدي و تراجعت، حملت محفظتي ، أغلقت مكتبي و خرجت..

كان السائق امام الباب ، تبعني يجري ، ركبت السيارة ، و قبل أن يستوي قلت له...الى البيت ...بنبرة المسؤول.

...يتبع...

مختار أحمد سعيدي
04-02-2011, 02:02 AM
كانت الوالدة في المطبخ ، قبلت جبينها كالعادة و جلست أنظر اليها كالنحلة ، تتحرك برشاقة الراقصة على خشبة المسرح..

قلت لها..عندي لك خبر حلو كطعامك

قالت..خير ان شاء الله

قلت..لقد أبر الله قسمك ،فأنا اليوم اطار سامي في الادارة

قالت و هي تبتسم..و هل تصلح لغير هذا يا كبدي..

ثم جاءت ، و جلست على كرسي أمامي و قالت..و الآن يا سيدي السلطان، أنت بحاجة الى رئيس ديوان.

فضحكت و قلت ..اتركونا نتنفس يا قوم.. لا شك أن في يدك يد

قالت..على يد الحاج أحمد ... تعني أبي

قلت ..هذا أمر دبر بليله يا أم مختار

قالت و هي تضحك..ليالي ألسيد أحمد ليست خالية ،له ما يشغله ، و لياليك

الخوالي ليست حانية

قلت.. ليتني كنت شاعرا ، أرد عليك بما هو أجمل

قالت..ستكتب ..لا تستعجل ، لكل أجل كتاب

قلت...ما تركت الأرقام للحروف في ولدك نصيب

قالت..رأيتها في المنام ، ستمتطي صهوة الحرف ، و تشرب من نبع العروبة حتى تسكر ..

قلت..هذا حلمك ؟..

قالت ..بل رؤية رأيتها ، الأرقام أنت تأتيها ، أما الحروف فهي التي تأتيك

قلت و أنا أضحك..رسول

قالت..سحر البيان وحي لا غير ...ماذا قلت ؟..

قلت..أفكر

سكتت قليلا ، و هي تنظر الي بعيون المهى ، رسمت ابتسامة رحمة على وجهها السموح ، تنهدت ..كانها تريد أن تقول شيء آخر...هزت رأسها و قالت.....

.....يتبع...[/color]

مختار أحمد سعيدي
04-02-2011, 08:59 PM
قالت..لك ذلك
ما كان يدور في خلدها غير الذي كنت أفكر فيه أنا ، و كأنها ضغطت على زر كاد يلتهمه الصدأ...أيقظت مشاعر من عز نومها ، فما وجدت أمامها الا تلك المرأة النقابية ، واختفى كل طيف ..كان أبي يضحك لما يرى ساذجا ، فيحكي لنا حكاية الرجل الأعمى الذي استعمل دواءا و لما فتح رأى فأرا ، ثم عمي ثانية ، فكان كلما قالوا له أن فلانا اشترى مثلا حصانا ، فيقول ..الحصان يعني مثل الفأر ؟...فاذا قالوا له فلان اقتنى كلبا فيقول ..كلب يعني مثل الفأر ؟...و هكذا... و كأني لم أر في الوجود امرأة الا تلك النقابية ، فأدركت أنها أعراض حب لا يعلم معاناته الا الله ، و أنا الفاقد لأبجاديات الغرام ، رجل خجول حد الارتباك ،حيي ،لا أقاوم نظرة أبسط مرأة ، أجهل عالم النساء ، و أحارب اختراقاتها بافتعالات مختلفة ...كانت الوحيدة التي اخترقت نظرتها نظراتي ، و وشمت بسمتها على الخاطر
، كسرت أبواب حصني ، و حررت الشيء الرهيب الذي كنت أسجنه و أضطهده ، و هكذا أحسب أن الفؤاد وقع بالكل..
...يتبع...

مختار أحمد سعيدي
05-02-2011, 01:01 AM
هكذا ،و بكل بساطة ، لا شك أن الفؤاد كان مسيجا بالتحفظات الواهية...وددت لو أن ساعات العمل تمتد، و تتغير سنن اليل و النهار ، فيختفي الليل و يسود الكون كله النهار ...كأنني قادم على مغامرة يستحيل ادراك الغاية بها ، أبني قصور و جسور الكلام بالليل ، و أمامها تختنق الكلمات و بعقد اللسان و تخونني أبسط العبارات ، أقترب منها بحذر ، في حين كانت هي لينة الطرف ، و خافظة الجناح ، تقيدني بالمجاملات ، حتى أنزلتها منزلة الملائكة ، أكتم حبي لها على مضض و أكظم احتراقات الشوق ... و في يوم من الأيام دخلت الى مكتبي باكرا لتحضير ملف خاص بميزانية المؤسسة ،

ملف يتطلب تركيزا خاصا و عناية كبيرة عملا بمقولة أن الأرقام لا ترحم من يغتالها ، فاذا بجرس الهاتف يرن، و كأني كنت في غيبوبة ، رفعت السماعة بعصبية ، فاذا بها على الخط... جمرة ، و وضعوني في الماء... تترادف الأسئلة في نفسي و تضيع الأجوبة المحتملة ، قلت...نعم ، مرحبا...أنتظرها أن تواصل ...



...يتبع...

مختار أحمد سعيدي
07-02-2011, 12:28 AM
قالت ...صباح الخير
قلت...صباحك جميل
قالت..أريد مقابلتك، اذا ما كان هناك مانع
قلت و دون تردد..أبدا...مرحبا ...مرحبا
و ما هي الا دقائق ،حتى طرقت ،أذنت لها فدخلت ، و دخلت وراءها امرأة ...أذنت لهما بالجلوس و قلت...
وقلت..ما وراءكما الا خير
نظرت الى صديقتها ، ابتسمت الي بعمق كأنها تترجاني ، أو تريد أن تنتزع موافقتي قبل أن أجيب ..
فقلت ...لا عليك في كل ما هو تحت مسؤوليتي
قالت..هذه صديقتي ،ماهرة في المحاسبة ، مختصة في تسيير المخزونات ، تريد العمل معك و تطلب موافقتك ، هل تقبلها في قسمك ؟..
قلت ...التوظيف ليس من صلاحياتي ، فاذا وافقت الادارة ، فلا أمانع، بشرط أن تكون متمرسة و قادرة على ضبط حساباتها ..
ابتسمت و قالت لها ...مبروك
وقفت ، نظرت الي و قالت ..أشكرك ..شهم و كريم...جميل أنا عاجزة عن رده
و لما همت بالخروج ناديتها...آنسة..آنسة..
أخرجت صديقتها ، أغلقت الباب و وقفت .....شعرت أنها فهمت ..
قلت..متى تبدأ صديقتك العمل ؟..
ابتسمت ، و قالت ...عن قريب
ترددت قبل أن تفتح الباب ..نظرت الي ، خرجت و أغلقت الباب برفق و انصرفت...أتابع نقرات كعبها حتى التهمها امتداد الرواق ،تتراجع أعصابي بنفس وتيرة خطاها المتراخية من استنفارها ..رجعت الى أوراقي أرتبها و أطارد التركيز بصعوبة..
حقيقة ، أردت أن أصارحها ، و تراجعت خوفا من الوقوع في شبهة ما ، و فرض علي الموقف انتظار مناسبة أخرى ...لا شك أنها فهمت ، تمنيت ذلك ..
و يرن الهاتف من جديد
قلت...نعم
قالت..فهمتك ..هل تمهلني بعض الوقت ؟..
قلت ...لماذا ؟..
قالت...لترتيب بعض الأمور فقط
قلت...كم ؟
قالت..أسبوع
قلت.. لك ذلك ، أنتظر..
و بعد أسبوع جاءت ، دخلت دون اذن ، جلست أمامي ...
و قالت..الآن أنا لك ، لقد فسخت خطوبتي ..
وقفت و قلت ..لماذا ؟ !!!

...يتبع...[/font][/size][/color]

مختار أحمد سعيدي
23-02-2011, 12:43 AM
وقفت ،نظرت الي و قالت..غبي
سبقتها الى الباب ، حاولت أن تدفعني ، أوقفتها و أنا لا أعرف ماذا أفعل ،أخذتها من كتفيها و أصبحنا وجها لوجه ،أرى في عينيها بريقا ممزوجا بشيء ما عرفته حتى الآن...كأنه سؤال ، كأنه جواب .. و هكذا و بدون أن أشعر ، بدأت أول مصافحتي لجسد امرأة .. طاوعتني ، مستسلمة ، وديعة...تركتني أفعل ..احتواني دفء شفتيها بكل رفق ...و فجأة دفعتني و خرجت تجري .. أغلقت الباب و أنا أشعر و كأن عملاقا ، قوة رهيبة ، وحش كان نائما في ذاتي و أيقظته ، ارتبكت و أنا أتذوق مرارة المعصية الممزوجة بحلاوة اللذة ، نشوة
وانتصار ما عرفته بعد...لأول مرة أكتشف في نقسي ، نقصها و تناقظها ، و أنها شطر يحتاج الى من يكمله ...حقنة لاستنفار جوارحي و مكامن ادراكي ، كأني ما خلقت الا لهذا ، أحسست بجسدي يحترق ...
ذهبت الى البيت ، ارتميت على سريري ،منبطحا ، خبأت
رأسي في وسادتي ، كالذي ينتظر عقابا ، أحاول ان أنام ،و أنا الذي ما كنت أنام الا بعد قراءة فصل أو فصلين من كتاب ، أذكر في تلك الأيام كنت أقرأ كتابا لهانس جورج غادامير تحت عنوان الحقيقة و المنهج...أرهقني هذا الكتاب حتى عدت أفكر فيه و انا في المكتب ، استعصى علي فهمه ، هذا الكتاب كان يسعى فيه الكاتب الى التأكيد على اجرائين ..
ضرورة تخليص عملية الفهم من الطابع النفسي الذي و سمتها به رمانطيقية دلثاي و شلاير ماخر ، و بالتالي ضرورة فصل النص عن ذهنية المؤلف و روح العصر الذي ينتمي اليه ، ثم ضرورة تحويل الاهتمام الى عملية الفهم في حد ذاتها ، في حيثياتها الخفية و في بعدها التاريخي... و الى حد الآن أجد صعوبة كبيرة لاستنطاق نص بعيدا عن هذه المؤثرات..
.....يتبع...]

مختار أحمد سعيدي
23-02-2011, 01:01 AM
لا تزال موشومة تلك الليلة في ذاكرتي ، و لن أنساها أبدا ، صهرني الأرق ، بين ضرتي الخجل و الندم ، و اللذة و الألم ، أراها حينا جرأة الجبناء ، و حينا آخر أراها عزم العظماء ...و طال علي الليل لأعرف ردة فعلها ..كأنني أصبت في كبريائي...
كانت عادية ، ابتسمت و مرت دون أن تحي كعادتها ، أتخبط في قفصي ، دخلت الى مكتبي أحاول أن أضع ابتسامتها في موضعها ، و أتخذ اجراء قاسيا حتى أمتثل لموقف معتدل يعيد لي توازني الذي شعرت حينها بفقدانه ، و أغلق فجوات اختراقاتها لشخصيتي مرة أخرى..
يتبع...

مختار أحمد سعيدي
25-02-2011, 09:03 PM
ولما جلست أفكر في الأمر ، سقط كل شيء و بديت لنفسي ساذجا الى درجة تخجل ،،، و بعد...و ما هي الا امرأة مثل جميع النساء ، لماذا أنت فاعل في نفسك كل هذا يا مختار ؟.. و خرجت من دوامة لأدخل الى دوامة أخرى ، اكتشفت أني أزدري نفسي و أقر بضعفي أمام النساء ...لا شك أن هذه الأشياء تبدأ دائما هكذا ، و لما لا ..لقد مر من الوقت أكثر من ساعة ، و لا زلت أطارد كيف أضع قاطرة تصرفاتي على الخط السوي ...تلك حقيقتك يا مختار ، لماذا تريد أن تكون غير أنت ؟..
رجعت الى أوراقي و وثائقي و حساباتي ، أتمم العمل الذي بدأت في انجازه و خرجت من الدائرة التي كانت تحاصرني فيها ، لأنغمست في العمل حتى العنق ، و ما شعرت الا و كاتبتي تنبهني كعادتها بانتهاء الدوام ...انتهى الوقت يا سيدي !!!
كأنني كنت في غيبوبة ، انتشلتني ، رفعت رأسي ، كانت واقفة أمامي و بيدها طلب غياب ..عفوا سيدي ، هل يمكن أن أتغيب هذا المساء ؟..أمر ضروري .. كنت انظر اليها بعين القلب ، احمر وجهها و أخذت تنظر الى الأرض ، أحرجتها بسكوتي ، لم تجرأ على مواصلة الكلام ، كأنني أنظر الى امرأة لأول مرة و أريد أن أمارس عليها رجولتي حد الانتقام ، كدت أقول لها لا ، ثم تراجعت في آخر لحظة ..ابتسمت ، و قلت لها ...لا باس ، لك ذلك ، و لن نخصمه من راتبك ، قالت شكرا...شكرا ، وانصرفت بسرعة..
...يتبع...

مختار أحمد سعيدي
25-02-2011, 09:40 PM
...نظرة الى المرآة..بعض اللمسات ؟؟؟ غريب ما كانت من عادتي هذه ؟؟؟ و خرجت أحمل صورة الكاتبة ، أرسخها في ذاكرتي ..كانت بيضاء ، الوجه صبوح و العين ثاقبة كنصل السهم تحت قوس هلالي ، و أنف نصب للعبير الحالم ، و خد تزينه شامة بنية ، و شقاه تروي البسمة بخصوبتها ، و عنق الحمامة منتصب على نهد يظهر تحت الخمار محتشم ...فقلت في نفسي
هذه هي زوجتي ..
و عند باب المؤسسة وجدتها تنتظر ، فعزمتها على وجبة خفيفة في مطعم قريب ، و أخذنا نمشي و كأن الطير على رأسينا ..
فقلت ..لماذا لم تسلمي في الصباح
قالت..الابتسامة هي أفضل تحية للحبيب ..أليس كذلك ؟
قلت..بلا ..كانت جميلة و حلوة كلثمة الأمس..
فضحكت و قالت ..لم تضيع الفرصة ، ما ظننت أنك جريء الى هذا الحد ..
ابتسمت بعين الذئب ، كأنها أعادت لي ثقتي بنفسي ..، وهي تشدني من دراعي ، مطمئنة ، تتحدث معي و كأنها تعرفني من سنتن ، ما ارتبكت ، و لا تلعثمت ...حدثني عن قصة خطيبها ، كيف التقت به و كيف عاشرته ،و كيف كنت أنا القطرة التي أفاضت الكأس و فسخت خطوبتها .. فقلت في نفسي ...و ماذا بقي لك يا مختار ..
و قبل أن نصل الى المؤسسة أستوقفتني ، وقفت أمامي و قالت.. أنا لا أعرف عنك الا أنك ماهر في الحسابات ،أعزب ، و حيد أبويك ، تكنوقراطي بامتياز ...جدي و لا تعرف المزاح... فمن أنت ؟ فضحكت و قلت لها .. أنا مختار سعيدي
...يتبع..