المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في قصيدة ".. مداين مظلمة وقبور .." للشاعر / علي الانصاري


فاطمه القمشوعيه
14-04-2011, 06:24 PM
الشاعر علي الانصاري بدأ التشويق من عنوان القصيدة فـــوصف المداين بالمظلمة يستحث فضول القاريء لمعرفته بسبب الظلمة التي لحقت بتلك المدائن وحين اقترنت تلك المدائن بالقبور فقد جذبت القاريء للنبش المكثف عن ماهية هذه القبور .

- يقول الشاعر في القصيدة:


إذا عسعس خفوق الهم ،وصرت العاشق المنداس .......................
....................... أجـــــي يــم الضريح اللي توسد داخلـــه مقهــــور

أنــــادي يــا هلي أنثى تــخـون العهد والاحـــساس .......................
....................... تبــروز صورتي فـــ حيطه نخرهــا هــاجسٍ مبتور

تـــعيش فــ أرض مليانه عـــقارب تلدغ فــ نــداس .......................
....................... تــجسد مهنــة الراعي إذا عاث فـــ مراعي البـــور

بـــلا رحمة و بـــلا علة تجينــي تخنقي الأنفـــاس .......................
....................... تـــقولــي انــتهينــــا روح اللــــه يـرحم المأثــــور

حسافة يــــا علي إيدك بَنَت طينـــة من الألمــــاس .......................
....................... ولما جيـت تسكنـــها هدمــت اللي بنيتــه دهـــــور

يمـــر اليوم في لــحظة ، أخـــاف واكتم الهوجاس .......................
....................... أكــــذّب خاطري لــجلك مثــل طفلٍ رقــد مــجبـــور

تـــخيلتك مدينــة حب ، زيـــون وصفـوة الأجنـاس .......................
....................... أتـــاري حظـــي العاثر خرافـــة من بعـــد دستـــور

أتــــارينـــي سجارة لـــيْ تلاشى تـــبغها تـــنداس ........................
....................... تـــحت أقدام خـــــلانك ضغينــــة مــا لها مأجــــور

مــــن التفعيــــل والنثري كتبتلـــك بــــلا مقيـــاس .......................
....................... أتــاري جملة إحســاسي قصايد من بحر مكســور

رجعتـــي حيـــل ندمانـــه وْ تمنيتي الرجِل تنبـاس .........................
....................... وانـــا ذاك الجريـح اللـــي تلحف فـــ العرى مهجور

أكفكف دمعتي بمنديل أســـود احترق بـــ اليــــاس ........................
....................... أردد كـــلّ مــا اذكـر، بـــ صــوتٍ عـالـــيٍ منثــــور

تعالي قــــولِ غلطانة ، تعالي واضربي الأخمــاس ........................
....................... تـعالي بعد مــــا صرتي مـــداين مـظلمـــة وقبـــور

/

- ومقدمة النص الشرطية المتواصلة الى البيت الثاني بما احتواه اختصار أخر لكامل النص في بيتين. وبناء الصوت العالي أوجد التشويق للقاريء.

- حيث يحكي الشاعر قصة الالم والهموم التي لحقت به من عشيقته.. ويبدأ بـــ


إذا عسعس خفوق الهم ،وصرت العاشق المنداس .......................
....................... أجـــــي يــم الضريح اللي توسد داخلـــه مقهــــور

أنــــادي يــا هلي أنثى تــخـون العهد والاحـــساس .......................
....................... تبــروز صورتي فـــ حيطه نخرهــا هــاجسٍ مبتور

"اذا عسعس" يذكرنا بقسم الله عزوجل بالليل "والليل اذا عسعس" .. اي اظلم الليل واشتد حتى يدبر ويختفي .. لكن هذا الهم يأتي في وقت المساء ويزداد ..وتبقى للهموم اثار لاتنتهي حتى الموت (العاشق المنداس) والمدفون بعد الموت .. واذا الشرط توحي بحصول حدث قادم وهو (اجي يم الضريح) وهو في حالة من القهر والغضب .. والسبب (انثى) بدت تخون الاحساس والمشاعر التي بناها لاجلها .. ويوضح الشاعر شدة ألمه ان صورته وضعت على جدار مثقوب وذلك كناية عن عدم وجود أهداف لدى الشاعر سوى الفراغ لذا كانت الخيانة.

- ثم ينتقل الشاعر من غضب الى حسرة اصابت قلبه.. حيث استخدم اسلوب النداء ليلفت انتباه القاريء الى الوصف الذي بدأه الحوار بذكر الاسباب فيقول واصفا تلك الانثى..


تـــعيش فــ أرض مليانه عـــقارب تلدغ فــ نــداس .......................
....................... تــجسد مهنــة الراعي إذا عاث فـــ مراعي البـــور

بـــلا رحمة و بـــلا علة تجينــي تخنقي الأنفـــاس .......................
........................ تـــقولــي انــتهينــــا روح اللــــه يـرحم المأثــــور


- رغم أن لعالم الحشرات استقلاليتة الا ان الشاعر يدل على عمق معاناته واحتوائها له (تلدغ) بتلك العقارب التي بدت توزع الالم والسم في كامل جسد الــ (نداس) وهو نوع من انواع الحشرات. وثم وصفها بالراعي الذي افسد في المراعي (البور) التي تركت لتزرع. ووصف تلك الخيانه بعدم الرحمة وعدم وجود سبب يجعلها (تخنق الانفاس) وكيف يكون خنق الانفاس .. فالانفاس تخنق هنا لكن بالكلمات.. وبدعاء قد تلته تلك الانثى للشاعر (الله يرحم المأثور) المأثور تعني في ظاهرها كل ما ورثه الخلف عن السلف .. واستخدامها تشير الى ان كل ما قدمه الشاعر لتلك الانثى اصبح مثل الارث الذي استحقته بعد وفاته (انتهينا) .. رغم انه مازال حيا..

- ثم يعود للحوار مجددا قبل ان يمل القاريء وكأنه يأخذه في جولة ليبين الاسباب ويعود به الى النتائج من خلال حوار الشاعر مع نفسه ووصفه لمعاناته.


حسافة يــــا علي إيدك بَنَت طينـــة من الألمــــاس .......................
....................... ولما جيـت تسكنـــها هدمــت اللي بنيتــه دهـــــور

يمـــر اليوم في لــحظة ، أخـــاف واكتم الهوجاس .......................
....................... أكــــذّب خاطري لــجلك مثــل طفلٍ رقــد مــجبـــور


فتكون نهاية كل شيء كان بدلالة (حسافة) وبدلالة (تهدمت) التي ذكرها الشاعر وهو يحاور نفسه بأن الطينة (الحب) تهدمت بعد ان كانت من الالماس .. قوية وغالية الاثمان .. ورغم مدة الزمن الطويلة التي مرت على بنائها (دهور).

- وهنا الشاعر يستثير القاريء مجددا ويستحثه في التخمين والبحث عن النتيجة او الاسباب في قطع ذلك الحوار والشروع في القص والوصف تاركا مساحة كافية للتفكير.


تـــخيلتك مدينــة حب ، زيـــون وصفـوة الأجنـاس .......................
....................... أتـــاري حظـــي العاثر خرافـــة من بعـــد دستـــور

أتــــارينـــي سجارة لـــيْ تلاشى تـــبغها تـــنداس ........................
....................... تـــحت أقدام خـــــلانك ضغينــــة مــا لها مأجــــور

مــــن التفعيــــل والنثري كتبتلـــك بــــلا مقيـــاس .......................
....................... أتــاري جملة إحســاسي قصايد من بحر مكســور

يندب الشاعر حظة ويصفه (بالحظ العاثر) ثم وضع له أصول تعتمد على (الخرافة) وهي الكلام المستملح المكذوب بعد أن كانت (دستور) بقواعد واسس يعمل بمقتضاها ومازال يندب الشاعر حاله وهو في قمة الغضب والحزن ويشبه نفسه (بالسيجار) الذي يحترق على راحة مستخدمها ومن ثم يرمى تحت الاقدام (ويداس) بحقد وضغينة.
ومن المعروف أن الشي ان زاد يصبح عكس ما كان متوقع لذا فاهتمام الشاعر بالكتابة وانتقاء التفعيلات والقصائد .. اصبحت تلك البحور وكأنها مكسورة الوزن ..

- يتوالى جو من الاسى يظهر في النص ويغلب على الغضب في مواضع كثيرة ولحظات ندم وحسرة تستحث الكثير من الالم ليكون حاضرا .. وما زال الشاعر يصف معاناته وحال تلك الانثى التي بدأت الخيانة ..

رجعتـــي حيـــل ندمانـــه وْ تمنيتي الرجِل تنبـاس .........................
....................... وانـــا ذاك الجريـح اللـــي تلحف فـــ العرى مهجور

أكفكف دمعتي بمنديل أســـود احترق بـــ اليــــاس ........................
....................... أردد كـــلّ مــا اذكـر، بـــ صــوتٍ عـالـــيٍ منثــــور

تعالي قــــولِ غلطانة ، تعالي واضربي الأخمــاس ........................
....................... تـعالي بعد مــــا صرتي مـــداين مـظلمـــة وقبـــور


- بدأ النص قويا باستخدام اسلوب الشرط حيث ان بناء الصوت جاء عاليا كما ذكرت في اول بيتين للقصيدة ثم انخفض الصوت في باقي الابيات وبالتالي فــقد احسن الشاعر توزيع الوصف خلال الحوار حيث انتقل الشاعر كثيرا باستخدام المفردات والافعال في توجيه الحديث من الغضب وقمة الاسى لحالة من الضعفو لوجود ما يوحي بالامل بدلالة (صفوة الاجناس) ثم عاد لينقل القاريء الى قمة الحزن والى قمة اليأس والمعاناة.

- انتقل الشاعر عبر حدود المكان بدلالة (الضريح، حيطه، الارض، المراعي) وامتداد الزمان بدلالة (اليوم، دهور) وحرف المد الواو في (مقهور، مبتور، مجبور، دهور، مكسور). وحيث استخدام الفعل المضارع بكثرة يدل على ان الالم مازال خير مؤكد لتلك المعاناة.


- تكرار الشاعر لدلالات الموت (العاشق المنداس، الضريح، تخنقي الانفاس، انتهينا، الله يرحم المأثور،حسافة، تهدمت، سيجارة، مهجور، احترق، قبور) والتي تؤكد قمة الاسى واليأس التي مرت على الشاعر. وتكرار كلمتي (المنداس، تنداس)، (الضريح، قبور)، (هاجس، هوجاس) لتوكيد اعتراف الشاعر بالاسى والغضب. والتكرار بإلحاح (أتاري) تأثير صدمة و(تعالي) في القصيدة دلالة نفسية لحال الشاعر الذي يعانيه من الاسى والحزن.

- التكرار للهمزة في (أجي، أنادي، أخاف، أكتم، أكذّب، أكفكف، أردد) أتى ليكشف ويؤكد لنا الحال الذي يعيشه الشاعر، فمن صفات هذا الحرف الشدة والإصمات، والإصمات في اللغة المنع، كما إن هذا الحرف يصفه بعض العلماء بأنه حين ينطق نطقا سليما يشبه صوت من يختنق، وهو حال الشاعر في الأبيات جميعا يختنق حتى يصل قافية حرف الراء وهو بين الرخاوة والاستعلاء ثم يُترك ليتنفس فيُخنق عندما يصل قافية حرف السين وهو حرف همس حيث يجري النفس مع الصوت فلا يجد الراحة.

- في رأيي يظل الشعر لغة الترميز والتصوير، ففي قصيدة الانصاري تأتي الصور لتجسد ألم الشاعر ومعاناتة فيشبه الشاعر نفسه بالضريح والارض البور والطفل والسيجار ويشبه تلك الانثى بالراعي والموت والمدينة. ويتوالى التناسق والانسجام في الانتقال من موقف شعوري الى أخر تنصهر فيه حال من الاسى لتظهر حال اخرى من الحزن ثم اليأس، باختيار المفردات وتوظيفها على سياق واحد.

فهد مبارك
14-04-2011, 07:13 PM
جميلة هذه القراءة

إلى الأمام

سالم الوشاحي
14-04-2011, 09:26 PM
الأخت الفاضله فاطمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد أستوقفتني قراءتك البهيه

فأبيت إلا أن أشد على يديكِ

متمنين لكِ المزيد من التألق والإبداع

وبإنتظار قراءة أخرى دمتي على خير

فاطمه القمشوعيه
17-04-2011, 02:16 PM
جميلة هذه القراءة

إلى الأمام

شكرا لك اخي فهد ..

فاطــ (محمد) ــمة عبدالله
24-04-2011, 09:39 AM
قراءة ..ممتعه ...سيدتي فاطمة .....

وللمزيد ...من التطلع ...والطموح .....


دمت ِ نقيهـ..

فاطمه القمشوعيه
26-04-2011, 11:48 PM
الأخت الفاضله فاطمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لقد أستوقفتني قراءتك البهيه

فأبيت إلا أن أشد على يديكِ

متمنين لكِ المزيد من التألق والإبداع

وبإنتظار قراءة أخرى دمتي على خير

ابو سامي ..

اهلا بك ...

بكم ان شاء الله نرقى ..


جزيل الشكر

هيثم العيسائي
01-05-2011, 07:37 PM
فاطمه سعيد جدا بهذا العمل الجميل الذي تقومين به هنا


شكرا لك اختي

موفقه

سالم الريسي
01-05-2011, 11:44 PM
فاطمة


اختى


اختيارك لهذا النص الشعري هو دخول الي عالم اخر من حيث المفرده المرمزه تاره والواضحه المليئة بالتلقائية تارة أخرى..

الشاعر على الأنصاري جميل للغاية وهو يعتبر من التجارب الشابة الحديثة المميزه حيث سبق له ونال أكثر من مركز متقدم على مستوى مسابقاتنا المحلية،لكن في هذا النص خصوصا البيت الأول الشطر الأول بالذات اجد عدم وضوح الفكرة حتى المتابع الكريم يرى معى ذلك وبالانتقال للشطر الاخر ترى أن النص وكانة صحوة من حلم ملى بالضباب الذى لا يساعد على عدم الرؤية الجيده

معي لاحظوا الفكرة من البيت الاول اذا عسعس بمعنى حل الظلام واسودت الأمور أمامي (وصرت العاشق المنداس)وهذا التشبية وكانة يعطى فرضية الموت للكاتب لان القبر بعد الدفن يداس فهنا وردت اشارة العاشق المنداس التى من وجهة نظري لم تكن بالمقاربة الأكثر جدية والأعمق من الفكرة وهنا توضع علامة استفاهام كبيره ؟

إذا عسعس خفوق الهم ،وصرت العاشق المنداس .......................
....................... أجـــــي يــم الضريح اللي توسد داخلـــه مقهــــور

لكن الشطر الثاني بدأ الإيضاح أكثر لاحظوا أجي يم الضريح اللي توسد داخلة مقهور وهنا بدأت المفارقة مع الشاعر في كيفية وضع أكثر من صورة أو خبرية في بيت بدون أتمام الفرضية السابقة..

هذا مرورعلى المدخل وهو رأي شخصي اتمني أن أكون مختلف مع رأي أخر لان النقد والقرأة تعتمدت على عدة دلالات ...................


ألف شكر لك يافاطمة على الإبحار في هذا النص وتأملة بخيالك الواسع الذى أثلج صدورنا.

نبيلة مهدي
02-05-2011, 12:36 AM
عزيزتي فاطمة أيتها العطرة..
رائعة أنتِ هنا قراءة جميلة..
وأختيار رائع لنص.. يسعدني أن أكون هنا

مودتي..