المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لحظة: كلنا نعمــــــل


أمل فكر
22-05-2011, 02:32 PM
لحظة: كلنا نعمل

أستمتاع وهدف طيب بإذن الله.

لطالما شعر الشاب "عيسى" سائق الأجرة أن "زينة" فتاة تفوق الجمال رغم شحوب وجهها والسمرة التي اكتسبتها من عملها بالسوق، كان إعجابه يهذبه بأنه ليس حباً، لم يحن بعد الوقت للحب؛ فحياته مليئة جداً من أولها لآخرها بهموم لا تتسع للحب وإلا كانت القطرة التي ستفيض الكأس، كان يعمل سائق أجرة مع وظيفة أخرى إضافية، لطالما زينة عرفت ذلك من خلال انشغاله المتواصل ما أن تتطلبه في أوقات أخرى غير المواعيد المحددة التي يأتي فيها ليقلها إلى البيت ومن البيت إلى العمل، لم تغيب عنها نظراته المختلسة عبر مرآة السيارة، تحاشتها لترى نفسها يوماً تشيعه سرحه دون أن تشعر، لتغض بصرها في إحراج وإن لم ينتبه لها أثناء قيادته لسيارة الأجرة.
اتصلت فيه يوماً منهارة – أريدك الآن أن تأخذني من العمل.
أجابها مباشرة في عجل بالرفض دون تفكير وتردد،
انهارت تبكي- أرجوك الوضع لا يحتمل التأجيل، لا أحتمل هذا المكان
رفض رفضاً باتاً، فصمتت تتنفس في ضيق، فبادلها الصمت، و بالمقابل لم ينطق بضيقه عليها، واستيائه. فعادت مصرة على قدومه.
رأت سيارة أجرته أمامها فجأة، ابتسمت تلملم ضيقها وتلاشيه حسبته قد أرسل عامله الآسيوي ليقلها بدلاً عنه؛ لطالما رأت فيه شخصية غامضة، ليس مجرد سائق أجرة، بل رجل لديه أشياء أخرى وتوظيفه لعامل آسيوي إحداها.
فتحت الباب ودلفت تلقي تحية مهذبة، قطبت حاجبيها في وجهه الذي التفت ناحيتها ليطمئن، ولم تُطمئِن –هي- نظرته البائسة.. رأته برداء أصفر يخص عمال النظافة مع أن رائحة عطره هي مثلما عهدتها من قبل.. هو ذاته من كانت ترى في شخصيته القوية والغامضة ومضة الكفاح التي تضيء عادات تصرفاته معها، سائق لا يحب أن يتأخر أو يتقدم عن وقت عمل أي شيء ولو لثانية، رجل غامض لديه الكثير ليقوم به، كان في مخيلتها إنه يوماً سيظهر لها بزي رجل مخابرات من أجل فضح المخربين الأجانب! يظهر بثوب عماني مميز مع مصر أنيق وعصا سوداء يخبرها إنه متنكر في زي مدني، لأنه يحب الوطن تعمد التنكر بسائق أجرة ويتناول أجرةٌ ما آخر كل شهر من قِبل أمثال زينة و فاطمة وغيرهما من الناس، يحب الوطن رغم هفوات بعض سياسته وخاصة التي تخصها كامرأة حيث تنظر إلى عملها وإن كان بالسوق مؤشراً إيجابياً للتطور العقلي والعلمي لدى بشر هذا البلد، ومعه أنخفض معدل الخصوبة لدى النساء برقم كبير منذ عام ألفين وثلاثة حتى هذا العام ألفين وعشرة، لكنه سيبذل نفسه من أجل العجلة، وسيظهر لها كالفارس الذي يحمل عصاه ويشير إليها انتهى وقت العمل، لننجب مثلنا مكافحون الكثير... كان صمتها وسرحانها يزيدان من ارتباكه ويقتلانه، سمَّر عينيه بقوة في عينيها من خلال مرآة السيارة، فذرفت دمعة، فسألها بلطف، فشرعت تشكي الموقف الذي أساء إليها جداً مع أحد زبائن المحل الذي تعمل فيه. وألتهى عيسى عن زيه الذي تمنى ألا تراه زينة فيه يوماً، وأزداد غيضاً من شكاتها التي ما بيده حيلة حيالها، وانشغل مع صوتها الذي بات يذبل إن تمنى لو تكون زينة فتاة رغم عملها بالسوق لا يجرأ أحداً أن يتمادى معها، قوية رغم رقتها وغموضها، وهو كم سعيد بأن لزينة عائلة طيبة ومنزل أزهاره من الخارج جميلة...
توقف عيسى أمام منزل زينة، ونزل معها من مركبته، وسألها عن والدها، فأجابته إنه متوفٍ؛ لم تحب أن تقرباهما من بعضهما في هذه اللحظة خاصة بعدما حكت له عن موقفها مع الزبون الوقح، انصرف موارياً غضبه فهو يعلم أن أباها يتنفس الحياة في مكان ما بالبيت.. لم تشأ زينة أن يرى عيسى أبيها وهو في قمة سكره.
أشار عيسى لزينة قبل أن يرحل بأن تدخل إلى المنزل وبسرعة. وأنشغل باله في كذبتها، وأحب مجازاتها بأن لن ينقلها هو بعد اليوم، قليله تكون له ردة فعل إن لن يستطع مقابلة أباها أن يكون هو من يشير إليها بغرور الذكر "انتهى وقت العمل"، وتمنى لو من يكمل ويقول "ولننشئ عائلتنا".. كم لعن نفسه بأن رضخ لتوسلاتها في مجيئه ليقلها من العمل في الوقت الذي يرتدي فيه الرداء الأصفر.

بعد أسبوع: فُنشت زينة بكل سهولة من عملها بسبب رفضها الذهاب للعمل مع أية مركبة أخرى صاحبها أو صاحبتها في غير محل ثقة.. انتظرت غروره أن يزول ويأتي يطرق الباب يوماً ليقول: "أعتذر... لننشئ عائلتنا" كم اقتنعت بأن مثل عيسى مهما عمل وارتدى فهو الحكاية الأسطورية من الغموض والكفاح معاً الذي تحب، ولا تدري إن كان يحب هو بالمقابل كفاح فتاة تلاقي إهانات وتصرخ في وجه أي وقح لتعود بعد الهدوء تمارس الحياة بكل أصناف كؤوسها.. في ذات ساحة الرد والأخذ.. ساحة العمل بالسوق.
بعدها بأسبوعين كانت زينة مضطرة بأن تذهب مشياً على الأقدام إلى مكتب للأعمال التجارية الذي يبعد عن منزلها بشارعين من أجل مقابلة عمل... شربت آخر قطرة من قنينة الماء، ورمتها ناحية سلة المهملات المثبتة في أطراف سور الشارع، ولكنها لم تصب الهدف.. انتبه عامل النظافة لوقع سقوط قنينة فارغة وراءه ستظل تنتظره، شهقت زينة واندفعت هي لتلتقطها من جديد، أمسكت بها قبله... أُرتجف، وتسمر ينظر إليها كم لتزال جميلة رغم شحوبها الزائد، ناولته، وأخذها من يدها بهدوء يحكي المزيد من الغموض في داخلها، وأودع القنينة كيسه، تحرك يشيح وجهه من عينيها، وتشيح هي وجهها من عينيه، وليزال هو ينصرف وهي تمضي في عكس طريقه.
ولكن ظلاً رائحته مألوفة ظل يرافق زينة إلى أن دخلت المبنى الذي يقبع في أحد غرفه مكتب الأعمال التجارية.


الثلاثاء
2:03 صباحاً
28/12/2010م

سالم الوشاحي
23-05-2011, 04:30 PM
الأخت الفاضله أمل فكر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة وسرد رائع

يبين أن العمل ليس عيباً مهما كان

فهو يصب في خدمة الوطن ..

شكراً أخيّه على هذه القصه

وبإنتظار قصص آخرى فلاتحرمينا

talatsoltan
23-05-2011, 10:46 PM
اختى الفاضله
السلام عليكم ورحمه الله
بارك الله فى ايد تعمل خير من ايد لاتعمل
سلم قلمك

أمل فكر
24-05-2011, 03:53 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخت حياة، والأخ سالم الوشاحي، والأخ talasoltan
لكم كبير الشكر على مروركم الطيب وإطرائكم...

وحياة أفضل في كل نواحيها بإذن الله

تقديري،؛،

ضي
29-05-2011, 08:35 AM
الاخت الفاضلة امل فكر ...سرد جميل وتسلسل متقن فالقصة ...
اعجبني تسلسل الافكار ...
قلم قصصي مبدع ....
تحية معطرة لك

أمل فكر
08-06-2011, 08:43 AM
الاخت الفاضلة امل فكر ...سرد جميل وتسلسل متقن فالقصة ...
اعجبني تسلسل الافكار ...
قلم قصصي مبدع ....
تحية معطرة لك



صباح الجمال..

شكراً أختي أسيرة البدر..

تحية أعطر في صباحات رائعة عزيزتي.:)

عبدالله العمري
09-06-2011, 02:02 PM
هذا ما نحتاج إليه أختي الفاضلة

الأستمتاع بالعمل

الإستفادة منه

وانتي جمعتي هذه الأسباب

بارك الله فيكِ

أمل فكر
12-06-2011, 12:39 AM
هذا ما نحتاج إليه أختي الفاضلة

الأستمتاع بالعمل

الإستفادة منه

وانتي جمعتي هذه الأسباب

بارك الله فيكِ




السلام عليكم

الاستمتاع في العمل>> طيب<< وجهات نظر

بس من ظروف عمل لعمل يفرق
بالتالي من استمتاع لاستمتاع

ماظن كانوا مستمتعين>>> واللي في مكانهم يحاولوا يخلقوا جو استمتاع

فعمل من عمل وحب من حب يفرق

وسياسة دول وقوانين فهالمجال من بلد لبلد
وقانون من قانون = رواتب مثلا


وفي النهاية الاقدار بيد الله سبحانه
شكرا لك اخوي لك كل التقدير

حمادي بلخشين
14-08-2011, 07:07 PM
الأخت الفاضلة أمل جميل و ممتع و هادف ما كتبت
لك كل المودة و خالص التقدير و كل عام و انت بخير