المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحذاء


محمد عباس على
28-05-2011, 07:20 AM
الحذاء

قصة قصيرة




تعملقت جذور الحيرة فى صدرى وانا أحدق فى الشاشة الفضية ، الرجل يبدو وقوراً جاد الملامح ، يتكلم بتؤدة مفكر وبعلم خبير ، حروفه مرتبه ولغته سليمة، يوظف ملامح وجهه بإتقان وهو يتحدث عن الحذاء العجيب الذى هو ثورة ستزيل الغباء من الكون ، والذى تم تصميمه ليمنح الإنسان من خلال دائرة الكترونية فيه الذكاء ، الشاشة الفضية كبيرة تعلو مدخل حانوت لبيع الأحذية ،المحل صارخ الألوان ، ذو واجهات زجاجية مضيئة بأضواء ملونة بالوان مبهرة ، تحيط بالأحذية الجديدة ذات الألوان والمقاسات المختلفة ،أحدق فيها لعلى أصل الى جديد فى شكلها أو إضافة الى تركيبها ،لاشىء ،أرى وجهاً يحمل سمات الجد تغطى عينيه نظارة طبية ، تعلوها رأس ملساء يحيط بجوانبها شعر خفيف ، ويحمل بين يديه حذاءّا جديداً ويخرج من الحانوت فى كبرياء قاصداً الطريق ، اتصدى له بسؤال غبى لامفرمنه :-
 مارأيك فيه ؟ مشيراً الى الحذاء
ينظر الىً من خلف نظارته الطبية مباغتاً ، يحدق منقباً فى وجهى قبل أن يلفظ حروفه بجفاف :-
- معجزة
- جربته ؟
- سأجربه
مضيت مع إنحناءة الطريق لأجد الشارع الكبير أمامى حيث الحوانيت أكبر واللافتات تشد العين وتسلب النظر بحروف النور المنبعثة منها بشتى الألوان ، و التى تروح وتجىء وتصعد وتهبط وتدور فى حلقات لاتهدأ ..تنبهت لأحدهم يقف وسط الشارع داعياً الى أوكازيون وتخفيض هائل فى سعر الحذاء الجديد ، الذى يحمل مميزات ستقلب الموازين وتغير الأفكار وتبدل القيم ، فهو الحذاء الذكى المناسب لكل المهن والأعمال، والذى سيمحو الفوارق تماما ً بين الأذكياء والأغبياء ، وسيجعل من الكرة الأرضية شعلة ذكاء تتأجج فى سماء الكون ، اندفعت الى الحانوت ، صفاً طويلا وقفت فى آخره على مضض خشية أن ينتهى العرض قبل أن أفوز بما أريد ، وصلت الى الأمام ، وجدتنى أمام حاسب آلى سألنى عن إسمى وعن عملى ، قلت انا الدكتور يوسف مكتشف الإنزيم المسئول عن درجة الذكاء فى جسد الإنسان ، نظر الىّ الرجل الجالس خلف الحاسب متسائلاً :-
- هل لهذا الإكتشاف فائدة الان ؟
لم أفهم مايعنى ،أوضح :-
- فى وجود الحذاء المعجزة لن تحتاج لهذا الإنزيم
لم أرد ، جربت الحذاء فى البيت ، لم الحظ جديداً ، حدقت فى ملامحى عبر المرآة ، كل شىء عادى ،اختبرت مستوى ذكائى بالحذاء وبدونه ، لم يتغير ، هرولت الى الطريق والحذاء فى يدى وعلامة إستفهام كبرى تتراقص أمام عينىّ ، دخلت الشارع الكبير ، كان مزدحماً ، حادثت نفسى أن الخديعة تسرى فى النفوس الساذجة وتعبرها الى العقول المغوية و القلوب الواهنةالتى تلغى كل مساحات التفكير لتضع مكانها مساحات أكبر للغفلة ، اقتربت أكثر ، سمعت عبارات التذمر تسرى عبر الأفواه ، نتيجة عدم ورود شحنة جديدة من الأحذية بدل التى نفذت ، قلت لأحدهم أننى أريد إرجاع الحذاء واسترداد نقودى ، تطايرت العبارات مطالبة بالشراء فوراً وبالسعر الذى أحدده .. وسط الحوانيت ذات الواجهات الزجاجية بالوانها الصارخة وشاشتها العملاقة التى ماتزال تتحدث عن المعجزة التى ستحيل ظلام الغباء الى نور كان الأمن ينتشر ، اتجهت اليهم طالباً إعدام الحذاء فوراً وأمام الجميع !!

سالم الوشاحي
29-05-2011, 12:40 AM
أخي العزيز محمد عباس علي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة جميله وتحكي واقع ملموس

من العقول التي غسلت بماء

الوهم والأ معقول ....

شكراً لك أيها الكاتب الرائع

وننتظر جديدك بكل شوق

ضي
29-05-2011, 08:39 AM
اخي الكاتب المبدع محمد عباس سرد قصصي مبدع ..
جاء دال ع واقع نجد في الحياة هذه الايام ...
دمت ودام قلمك القصصي المبدع ..
لك التحية ...

محمد عباس على
29-05-2011, 09:40 PM
أخي العزيز محمد عباس علي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة جميله وتحكي واقع ملموس

من العقول التي غسلت بماء

الوهم والأ معقول ....

شكراً لك أيها الكاتب الرائع

وننتظر جديدك بكل شوق



أخى سالم ..دمت رائعاً ..شكرا لك وتقدير من القلب

محمد عباس على
29-05-2011, 09:42 PM
اخي الكاتب المبدع محمد عباس سرد قصصي مبدع ..
جاء دال ع واقع نجد في الحياة هذه الايام ...
دمت ودام قلمك القصصي المبدع ..
لك التحية ...

شكرا لك أسيرة البدر ..تقبلى تحياتى وتقديرى لمرورك الكريم

محمد عباس على
29-05-2011, 09:43 PM
محمد عباس على

شكرا لك ولقلمك المبدع
http://esyria.sy/sites/images/idleb/088407_2009_03_10_12_22_38.jpg

شكرا ً لك استاذه حياه ..تقبلى عميق شكرى وعظيم تقديرى

نبيلة مهدي
14-06-2011, 11:13 PM
قصة تحكي عن واقع فعلا للآسف موجود.. عقول فارغة تنتظر أن تأتيها معجزه لتحررها من غبائها
مع أنها هي من تمتلك تلك المعجزه...

أعجبتني القصة كثيرا.. سلمت يمناك أخي العزيزمحمد عباس علي..
زاد الله في هذا العطاء و هذا الفكر...

تقبل مروري من هنا

كل الاحترام و التقدير

محمد عباس على
14-06-2011, 11:40 PM
قصة تحكي عن واقع فعلا للآسف موجود.. عقول فارغة تنتظر أن تأتيها معجزه لتحررها من غبائها
مع أنها هي من تمتلك تلك المعجزه...

أعجبتني القصة كثيرا.. سلمت يمناك أخي العزيزمحمد عباس علي..
زاد الله في هذا العطاء و هذا الفكر...

تقبل مروري من هنا
كل الاحترام و التقدير

ريحانة
المنتدى ..دمت بارعة القلم ..راقية الحروف وشكرا لك على مرورك البديع ..تحياتى