لقاء على ضوء القمر

[فيصل مفتاح الحداد]

{ لقاء على ضوء القمر }

في عام 1991ف كان الشاعر فيصل مفتاح الحداد يستعدّ لبعثة علميّة إلى مصر ، وكان من بين مظاهر هذا الاستعداد رحلة إلى جنزور ، ليمضي أسبوعاً حافلاً في أحد مصايفها الجميلة مع إخوانه أعضاء هيأة التدريس ، ويُلْقي بعض الأساتذة على بعضهم الآخر محاضرات ثقافية مختلفة ، كلٌّ بحسب تخصصه ، ولما آذنت الشّمس بالغروب ، خلا الشّاطئ من الماكثين فيه،وصعد شاعرنا إلى غرفته ، وهناك وقف قرب الشباك يتأمّل الغروب , فوقعت عيناه على فتاة كانت تناجي رفيقاً لها على ضوء القمر , ولها رفيقة أخرى تراقب لهما طريق المارة عن بعد , ثم سارا على الشاطيء وطواهما الّليل تحت جناحه الدافيء , فقال :
وظباء وجــرة (1) بـالمـصيف أخذنـنا ودفـعـنـنـا في هــوّة لا تُـــسْـبَــرُ
لمـا رأيــت الآنــســات تـــجـــرّدت وتـراقـصـت فــوق الـرّمال تبختر
مـن كــلّ جــارحة بـأحـور نــاعـس عـيـنـاء تـقـتـل بـالعـيون وتسحر
تـهـوي إلى شـطّ الـرّمـال غــريـــــرة حـوريـة تـسـبـي الـقـلـوب وأحور
يـتـنـاجـيــان الـلّـيــل إلا بـعــضــه يـرعـاهـمـا بـين الخـميلة جؤذر (2)
ألـفـيـت قـلـبـا كـالـجـماد عهـــدته يـصـبـو إلى ذكـر الـشّـباب ويـنظر
فـمـضـيت أرقـب في الظّلام هواهـمـا حـتـــى إذا الـتـفّ الـذّراع الأيـسر
بـذراعــها الـيـمنـى وسـار كلاهـمــا حـيـث الـــرّمـال الـنّـاعـمات تـغوّر
راحـا إلى جـنـب العـباب تـسانـــدا وطــواهـمـا الـلّـيــل الــنّـدي المـقمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وجرة : موضع بين مكة والبصرة على ثلاث مراحل من مكة ، يشتهر بجودة ظبائه .
(2) الجؤذر : ولد البقرة الوحشية ، تشبه به الحِسَان لجمال عينيه .