المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في قصة ( اي العوالم أصدق ..؟) للقاصة العمانية طفول زهران


فهد مبارك
04-09-2011, 03:15 AM
قراءة في قصة ( اي العوالم أصدق..؟ ) للقاصة العمانية طفول زهران

اي العوالم أصدق ؟؟..
قصّة قصيرة ناقدة لبعض العادات في تربية الأبناء والتي كانت متوارثة عبر أجيال راكمت فيهم ، ثقافة الخوف ، من بعض المعتقدات التي غرسها هؤلاء الآباء كانت قادمة من جيل عاش جهلا متعمدا من قبل الإستعمار والذي ظهر فيه فئة قليلا متعلمة حوالت فئة بسيطة منهم السيطرة على هؤلاء الناس من خلال ايهامهم ببعض الخرافات التي حدد ملامح التربية فيما بعد .. وبالتالي فإن الفنيات التي استعانت بها القاصة بكل عناصرها خدمة القضية المقصودة بكل تجلياتها ..
القاصّة طفول زهران طرحت إشكالية جدليّة اجتماعية مهمة جدا يجب الإلتفات لها وتصويب تلك الأخطاء المتعمدة أحيانا والعفوية أحيانا أخرى من قبل المجتمع .. وهنا يجب أن تمارس المؤسسات التعليمية الدور التصحيحي لبعض المفاهيم والمعتقدات التي زرعها بعض الآباء بشكل عفوي ولا يعرفون خطورتها على تربية أبنائهم ..

العنوان :
القصة حملت العنوان : اي العوالم أصدق ؟؟ . هذا العنوان الذي يمكن اعتباره جدلية بين عالمين عاشهما ولد صغير السن تلقى تعليمه من أهله الذين رسّخوا في ذهنه معتقدات ومشاهد لم يكن يراه حقيقة ، ولكنها كانت تمثل لديه ذلك الهاجس والخوف والرعب .. القاصة هنا وفقت في اختيارها لهذا العنوان والذي يمكن ان نقول عنه أنه رسم الملامح والطريق للقارىء واعطى انطباعا جيدا .. من خلال ارتباطه بالقصة ارتباطا عضويا ، حيث يوحي العنوان إلى تصّور تطلب فيه القاصّة من خلال الإستفهام من القارىء أن يطرح وجهة نظرة ، وهي ربما تعرف مسبقا الإجابة أو ردة فعله - القارىء- حول القضية المطروحة ، ولذلك يمكن أن نقول أنها استطاعت أن تؤكد رؤيتها للقضية التي كتبت من أجلها القصة فجاء العنوان بهذا الشكل وفي صيغة استفهام لم يقصد منه الإستفهام بقدر ما يطرح قوة الرفض لبعض العادات التي يمارسها الآباء في تربية الأبناء .



-تأثير الزمن على رسم المتوالية السردية للقصة :
الزمن يعتبر من أهم العوامل التي أثرت بشكل أساسي على بنية القصة من البداية إلى النهاية ولذلك وجب أن وضح ذلك من خلال تبنينا لمصطلح يجمع زمنين : الزمن الذهني والزمن الآني ، هذا المصطلح هو الومضة الزمنية : وهي الزمن الكلي الذي تشكّلت خلاله الصورة الذهنية المرتبطة بالزمن الذهني .. والهدف من هذا الطرح هو توضيح الرؤية حول تأثير تشكل الزمن الذهني في أحداث القصة ..

1-الزمن الآني ( اللحظة والليل ) : وهنا تكون اللحظة التي عاشها الولد الصغير في القصّة وحدثت خلالها تلك المتوالية السردية التي اشتغلت عليها القاصّة بكل حرفية ..
إذن الليل هو العنصر المهم الذي تولى كل الأحداث تمخضت عنه شخصيات ليلية اعطت السرد قوة فنية .. وبالتالي يمكن القول أن الليل احتوى أحداث القصة كلها اعتمادا على أن الليل هو رمز لحياة أخرى ثقيلة على البشر ، وعوالم تحدث فيها قطيعة معهم ويكرهونها لأنها تؤثر سلبا على حياتهم .. حيث أن كل عناصره مشؤومة ..
القاصّة بدأت قصتها بالليل وبوصفه بحكم أن مسرح الأحداث سوف يحدث فيه ، حيث برعت القاصّة في وصفه .. وفيه اشتركت اللحظة التي بدأت فيها تتشكل الصور الذهنية والتي مرت في ذهن الطفل لترسم الأحداث بكل تفاصيلها ليستغرق الصغير ذلك الزمن الذهني الذي عالجت فيه أحداث القصة القضية المطروحة ..

2-الزمن الذهني : وهو الزمن الذي تشكّل في ذهن الولد الصغير والذي ضمّ الأحداث الماضية المرتبطة بلحظته الآنية ضمن زمنها الآني ..

http://www2.0zz0.com/2011/09/03/22/848057261.png

من خلال الشكل الذي يوضح الصور الذهنية التي مرت على الولد الصغير نجد أنها ارتبطت بشكل كبير بأفراد عائلته وكيفية تأثيرهم في خلق صورة مرعبة عن الليل وعناصره وما يحدث فيه .. ويوجد لدينا في هنا ست صور ذهنية حدثت في زمن ذهني ضمن زمن آني مثلته لحظة وقوف الصغير وهو ملاصق لباب المنزل وما حوله والذي حدثت فيه أحداث القصة ، إذن لدينا الليل ثم السفر إلى الماضي ذهنيا وتبنّي عدة صور ذهنية أثرت على المشهد القصصي وأدت إلى توالي السرد بشكل جيد ومشوق ورسم الصورة العامة للمشهد القصصي السردي ..
إذا ما تطرقنا للصورة الذهنية الأولى التي وفي موقف الولد الصغير الذي كان فيه وهو يشعر بالخوف لحظة وقوفه بين باب المنزل والفضاء المظلم ومن شدة خوفه كان يهمّ بالبكاء لولا تذكر عيني أبيه الناريتين وصوته القوي الجهوري بأن البكاء للحريم ، ثم يترجم الصغير تلك الصورة الذهنية بأن خنق صوته ولكن الدموع نزلت رغما عنه .. في هذا الموقف تتضح رؤية المجتمع للصبي والبنت من النشأة الأولى والتربية التي تختلف بين البنت والولد ، ولكن القاصّة هنا توضح أن الموقف هنا لا يحتمل ذلك ، تلك الخشونة المجحفة في حق صغير لم يبلغ الرشد حتى ، وتنتقد المعايير التي تقاس بها الرجولة منذ الصغر للصبية ، نهايك عن النظرة القاصرة للمرأة ( الحرمة ) والتي تمارس بطريقة تختلط فيها القيم بالعادات التي تنتقص من حق المرأة وقدرها ..
وهنا في هذه الصورة الذهنية التي ترجمها الصغير عندما أوقف نفسها عن البكاء عند تذكره لأبيه فإنه استوعب الدرس جيدا ولذلك سوف ينتقل لأبنائه من بعده مستقبلا ضمن نوع من التربية التي تتطلب قسوة في تربية الصبية حتى بلوغ الرشد ..
أما بالنسبة للصورة الذهنية الثانية فقد تشكلت عند سماعه لذلك ( الصوت الليلي الأجش) حيث تذكر في تلك اللحظة الزمنية صوت أمه كل ليلة تقوم بتخويفه من ذلك الليل الذي يلتهم ، وهذا يعكس صورة للتربية الخاطئة التي تنتقدها القاصّة ، كل هذا جرّه إلى تذكر كلام جدته عن الساحر والسلاسل والليل الذي يلتهم ..
نصل إلى قوة مساهمة تلك الصور الذهنية التي ساهمت في نمو الحدث بشكل متسارع ومشوق أدى إلى نجاح لهذا الجانب في القصة ، وبالتالي فإن الزمن الذهني عند الصغير وكما رسمته القاصّة كان مناسبا جدا مع تلك الصور الذهنية التي تشكّلت ضمن إطار هذا الزمن ..

-المكان :

أحداث القصّة حدثت عند مدخل الباب عندما تقدم الصبي وهبت تلك الريح التي أغلقت الباب كعامل فاعل ضمن تلك العملية .. وهنا يمكن القول أن باب المنزل هو العمل الرئيسي الثاني بعد الليل في أحداث القصة .. ولذلك كسب أهمية في الحركة ضمن القصة ..


-توظيف التراث :
استطاعت القاصّة أن توظف التراث بطريقة جيدة كان الهدف منها توضيح تلك العادات والمعتقدات المتوارثة في التربية ولذلك اكتسب هذا الجانب أهمية في أحداث القصة من خلال تحليل الأحداث وتتبع جذورها للوصل إلى جذور وعمق القضية التي تم طرحها في القصة .
وهذا نلاحظه في وصفها لباب المنزل الذي حدثت الأحداث حوله : (أصابع قدم صغيرة تتسلل بحذر خارجة بتزامن مع صرير المزلاج الصدئ ... وتقدم خطوتين مرتبكتين متجاوزا العتبة الخشبية التي نخرت أطرافها الرمة ، ونحتت عليها سواقيها ومغاراتها المتشعبة.. التصق بالباب وحاول جاهدا الوصول إلى مقبضه النحاسي الخشن )

-سوسيولوجية القصة :

القضية الإجتماعية التي طرحتها القاصّة تمثل إشكالية لا زال جزء مهم من المجتمع يمارسها ، ولذلك فإن التناول الناقد الذي تناولته القصة لهذا الموضوع لهو أمر مهم ، فالجدلية هذه لا زالت تلقي بظلالها على جزء مهم من تربية الأبناء ، فهذه الجدلية مع المجتمع تكون حاضرة من قبل الأدب وذلك لطرح ومعالجة قضايا تربوية مهمة ، تؤثر على الجانب المهم من الإنسان في جزءه النفسي والثقافي والفكري تحمله خلفية تاريخية تربوية تمّ تلقيناه الطفل منذ نشأته وهو بدوره بعد ذلك نقلها لأبنائه لتظل تدور ضمن منظومة المجتمع وتمارس عن جهل .. وهنا القاصّة تحاول أن تعالج تلك القضية الإجتماعية من خلال القصة وصراعها الجدلي الذي بالتأكيد يسمع آذان صاغية ومتفقة معها في طرحا لهذا الموضوع في إطار أدبي مستساغ وجذّاب ، حيث أن القاصّة ترفض تلك المارسات وتنتقدها ، بداية من الصرامة في تربية الصبية والقسوة المتعمدة بحكم أنهم سوف يمثلون رجال الغد ، إلى بعض الخرافات التي تمارسها الأمهات والجدات بحكم قربهن أكثر للأبناء من الآباء ، وهنا تترسخ تلك المعتقدات والأساطير والخرافات التي تصاحب ذلك الصغير في كبره وتؤثر في طريقة تفكيره وتعامله مع بعض القضايا مستقبليا ..

-رؤية في القفلة :

(أشاح بوجهه صوب العتمة اللامتناهية ... سار بصمت بعيدا حتى ابتلعته الظلمة ، وتلاشى .. )
هذه القفلة التي أنتهت بها القصة تشكلّ تمردا على تلك المعتقدات التي تربى عليها الولد الصغير ، حيث توضح أنه لم يعد لمثل هذا الأسلوب في التربية مكان ، بالإضافة إلى تشكل رؤية خاصة وحرّة للصغار من خلال تأثرهم بما حولهم خاصة في العصر التقني الذي تأثر به الكثير من الصغار في ممارساتهم اليومية وبحكم قربهم من تلك التكنولوجيا ..
ويمكن أن يحدث ذلك التأثر في تلك الأسر التي تمارس نظاما صارما على تربية الأبناء وتؤثر فيهم بالقوة ، ومثل تلك الحلات كثيرة

-المستوى الفني للقصة :

وفي هذا الجانب سوف نتناول أحداث القصة من خلال تقسيمها إلى ثلاث مستويات كما في الجدول التالي :


http://www2.0zz0.com/2011/09/03/22/131159571.png

حيث قسمنا الأحداث إلى أربعة عناصر :

1-الموقف : وكانت أربع مواقف .
2-المستوى الأول : والذي تطرق إلى تصرفات الولد الصغير وهو في أزمة الأحداث والمواقف التي تعرض لها .
3-المستوى الثاني : حيث تطرق إلى الشخصيات التي مارست ضغطا على الصغير وكيف كانت ردات فعلها على تصرفات الصغير .
4-المستوى الثالث : وهوعبارة عن استنتاجات الولد الصغير النهائية لكل المواقف والتصرفات من أهله والعناصر المتفاعلة في القصة . حيث أنني حاولت في هذا الجدول أن أوضح باختصار ذلك التفاعل بين معظم العناصر في القصة للوصول إلى النتيجة التي انتهى إليها الولد الصغير والتي كانت بفعل التأثير المباشر لأهله على تصرفه في تلك المواقف حتى اكتشف أوهام تلك الأقوال التي كان يتلقاها من أهله الذين يحاولون بتلك التصرفات والأفعال السيطرة على الحركة الزائدة للولد الصغير بحكم سنّه وصغره ..
يتبع ..

نبيلة مهدي
05-09-2011, 02:36 AM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صباحك جنّة أستاذي فهد مبارك..

يسعدني أن أكون هنا و أستمتع بهذه القراءة التي دائما ما تشدني لها كتاباتك..
رائع أنت دمت و دام هذا العطاء...

تقبل مروري..

دمت بخير

فاطمه القمشوعيه
05-09-2011, 06:40 AM
استاذ فهد ..
صباح الخير ..
تحليل جميل لتلك القصة ..
من بداية العنوان وتاثير الزمن على متوالية سرد القصة ..
حتى المستويات التي ظهرت على شكل اسباب ونتائج من خلال
المواقف التي تعرض لها الولد ..

ننتظر البقية استاذي ...

بالتوفيق

فهد مبارك
05-09-2011, 08:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

صباحك جنّة أستاذي فهد مبارك..

يسعدني أن أكون هنا و أستمتع بهذه القراءة التي دائما ما تشدني لها كتاباتك..
رائع أنت دمت و دام هذا العطاء...

تقبل مروري..

دمت بخير

هلا نبيلة
وجودك في قراءاتي له لون خاص سيدتي
وشكرا جزيلا لك على المرور

فهد مبارك
05-09-2011, 08:44 PM
استاذ فهد ..
صباح الخير ..
تحليل جميل لتلك القصة ..
من بداية العنوان وتاثير الزمن على متوالية سرد القصة ..
حتى المستويات التي ظهرت على شكل اسباب ونتائج من خلال
المواقف التي تعرض لها الولد ..

ننتظر البقية استاذي ...

بالتوفيق

مرحبا فاطمة

تحياتي لك ولتواجدك المشرف

والبقية تأتي .. ألف شكر

همسة صدق
06-09-2011, 12:58 AM
استاذ فهد مبارك
كل التقدير والاحترام لقلمك المجهري
تحليلات تجعل القارىء ينبهر بتلك الصور الذهنيه..
اسلوبك له جاذبيه يجبرنا ع القراءة
اكاد اجزم ان لديك عدسة كونانيه:)..
كل الود استاذ

سالم الوشاحي
08-09-2011, 08:51 AM
أخي العزيز فهد مبارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحليل جداً عميق وقراءة جداً جميله

لتك الصورة الذهنيه

جزاك الله ألف خير

فهد مبارك
13-09-2011, 10:51 PM
استاذ فهد مبارك
كل التقدير والاحترام لقلمك المجهري
تحليلات تجعل القارىء ينبهر بتلك الصور الذهنيه..
اسلوبك له جاذبيه يجبرنا ع القراءة
اكاد اجزم ان لديك عدسة كونانيه:)..
كل الود استاذ

همسة صدق ..
شكرا لك على كلامك الذي يشعرنا بالثقة
مع التحية

فهد مبارك
18-09-2011, 10:44 PM
أخي العزيز فهد مبارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحليل جداً عميق وقراءة جداً جميله

لتك الصورة الذهنيه

جزاك الله ألف خير

هلا سالم
شكرا لك ايها الكبير
أسعدني تواجدك

سالم الريسي
06-10-2011, 09:40 AM
فهد الحجري



أمثالك قله ولا يصلون عدد الاصابع


مرورك بعمق ووعي فائق على النص له مميزاته التى لا يختلف عليها أثنان

وهذا دليل وعيك

وابصم لك بالعشره أنك فيلسوف

بتعمقك

وألمامك بحيثات وتتبعات الفكره

شكرا لك يافهد

الف شكرا اخي

والشكر ايضا للشاعره والقاصه طفول بنت زهران


الف شكرا يامبدع

فهد مبارك
07-10-2011, 03:11 AM
فهد الحجري



أمثالك قله ولا يصلون عدد الاصابع


مرورك بعمق ووعي فائق على النص له مميزاته التى لا يختلف عليها أثنان

وهذا دليل وعيك

وابصم لك بالعشره أنك فيلسوف

بتعمقك

وألمامك بحيثات وتتبعات الفكره

شكرا لك يافهد

الف شكرا اخي

والشكر ايضا للشاعره والقاصه طفول بنت زهران


الف شكرا يامبدع

سالم حبيبي
شهادة اعتز بها
ولن أنساها
وهذا تواضع منك بتواجدك هنا
مع التحية