المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقامة اليقينية (1) ... جديدي في فن المقامة


المرزوقي 
23-11-2011, 09:55 PM
حدثنا يقين بن مظنون قائلا :

كنت ُمجتمعًا بين أهلي , و بالنصائح الفريدة أدلي , و هم ما بين جدٍ و لهو , و ترويحٍ و زهو ، فإذا بطرق ٍعند بابي , فقلت

لعلّهُم أصحابي , أُسامرُهم ساعةً من الليل ، و أُذيقهم من حِيَلِي الويل , فخرجت ألتمسُ الباب , و إذا بشابّ فارقهُ الشباب ,

فحياني بتحيةِ الإسلام , و ردَدْتُها بالإكرام و الإعلام , فأنزلتهُ مجلسي مكرمًا , و قدمت له الطعام منعمًا , فارتاحَ من و عثاءِ

سفرِهِ , و تناسى خطوبَ الدهرِ و صوره ِ, فنامَ نومة َأهلِ الكهفِ في ساعة , و سمعَ شخيرَه ُالأصحابُ و الجماعة , و ما إن

ودعتُه مؤقتًا , حتى أسرعَ صاحبي مشتتًا , قفلت : يا صاح ما بك ؟ , أَأَمْرٌ جليلُ أتى بك ؟ , قال : أما عرفتَ ضيفك َ؟ ,

و شهرْتَ سيفَكَ ؟ , فاستهجنْت كلامه , و لمْتُهُ أشد ملامة , فقال : ضيفُك مجنون , و بالقتل دون عقلٍ مفتون , فخفتُ بادئَ

الأمرِ , كأني مقادٌ إلى الأسرِ , و هممت بتنفيذ ما أراد , فتذكرت قولَ ربِّ العباد , و استعذتُ باللهِ من الشيطان اللعينِ, و كسرتُ

الشكَّ باليقينِ , و ما إن استفاق الرجل من منامِهِ , حتى ركبَ جملُ السؤال ِعلى سنامِه ِ, فاختبرت عقلَهُ بسؤال , و بعدت عن

القيل و القال , قلت : مازاد الإنسان ؟ , قال : طاعة الرحمن , قلت : أراك تبدو أكبر منكَ , قال : الهم أصعب مني و منك َ,

قصتي يا هذا طويلةٌ , و حمدُ الله على الصبر فضيلةٌ , كنت محبوبًا عند قومي , و المديحُ لا يفارقني حتى في نومي , فكبرتُ و

ترعرعْتُ , و بالعناية ِتمتعتُ , و اشتغلتُ بأعلى المناصبِ , فكرهني كل حاسدٍ و ناصبِ , و أنا بتوفير العيشِ الكريمِ للأهلِ مسؤول

و بالبحث عن زوجٍ صالحٍ مشغولُ , و كان راتبي كبيرا , لكنه لهذا و ذاك ليس يسيرا , فقررت التماس البنكِ , و البعد عن

الحزن و الضنكِ , فاستلفتُ آلافًا عديدة , و قبضتها بأيدٍ سديدة , فأتيت بيتي بنشوة ِالنصر ِ, كأني ملك و لي حرسٌ على القصرِ ,

فخبئتُ أمواليَ في الخزينة , و نظرْتُها بأعينٍ رزينة , فحلمي سيتحققُ لا محال , و كل صعبٍ بدا قريب المنال , فلم أنمْ إلا

بصعوبةٍ ليلتي تلك , و كأني لم أنتهِ من مضغِ العلك , فالأحلام الوردية تغمرني , و غطاءُ الثراءِ يسترني , و ما إن استيقظتُ

حتى هرَعْتُ إلى المال ِ , و رأيت ما يغم عليّ حالي , فصرخت صرخة مدوية , لا يفيد معها إبر مقوية , أين مالي أين مالي ؟ , إن

صندوقي لَخالي ..

فأصابني و سواسٌ و هم , و لم أعد أفرق بين ماءٍ ودم , أمشي كفيفًا رغم عيني تبصرُ , و أرى العصيرَ العذبَ فينا يعسرُ ,

و بعد استماعي لقصتهِ , و معرفة الأمر و شدّته ِ, ترقرقَ الدمعٌ بين محاجرِ مُقْلتيَّ , و ما لَبِثَ أن هَطَلَ على وَجْنتيَّ , و سألتُ

الله َأن يشفيهِ , و من رزقه الوفير يغنيهِ ..

طالب المسلمي
24-11-2011, 08:39 AM
سيدي

صباح الخير.

اللهم اّمين

سيدي
لا اُبالغ حينما أبلغكَ أنني كثيراً ما تستهويني قراءة مِثل هذه المقامات ..
ونحن هنا لسنا بصدد التأفف مما جرى من مشيائة القدر..
بعكس جمال الكلمات ونقاء الحروف بين ألأسطر..!ّ
التي تتجلى بصورة عظيمة بأستفتاء متناظم جليل من رغم أنني أجد تصوير من نوع المداعبة والتصوّر المنبوذ في الوصف ..
تكسير وإستنباط ..
وتمركز وانحيادة واضحة بين الكلمات ..
من رغم انكَ أبدعت برسم جمال ..
بعظمة المعني ووزن بين الحروف ..
دون مبالة ..
مستعيراً بجمالية الكلمات التي ..
ترمز أو تقودنا للماضي السعيد..من رغم حدة الصوف والنماذج التي وصفتها..!
والحلم ما زال مستمراً..
تصوير بالتبصّر والبصيرة ..والمعني ربما كالمشي كفيفاً ...بالفعل أعجبني كثيراً ..!!


لكَ مني كل الود...عاشق الذكريات

سيف بن محمد العبري
26-11-2011, 11:01 AM
أخي العزيز المرزوقي
أحسنت وما قصرت

جميلة تلك النصوص أو ما تسمى بالمقامات
وأنا كذلك تستهويني قراءتها..

ننتظر منك مقامات جديدة وبالتوفيق أخي.

http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13222905351.jpg