عروس الأشخرة
(1)
قليل في حقها أن أحكي عنها بحروف وكلمات، ليتني كنت موسيقياً موهوباً، كنت سأكتبها سيمفونية رائعة، كنت سأقضي سنوات طويلة أصور في مقاطع موسيقية خصلة الشعر المتدلية عند جبينها، وأحكي عن حاجبين ساحرين ينتثر الذهب من أطرافهما.........آهـ ثم آهـ منها، وآهـ من لوعتي التي تعصف بي، تضم لوعتي أضلاعي على بعضها حتى تكاد تتكسر، وتتقد كبدي فينتشر شررها يحرق أحشائي، وتخنقني العبرات حتى تنقطع أنفاسي. هي خيط بخور مترف تسلل من بين أثواب الحوريات، هي ميل الكحل في عين متغنّجة، طعم قبلة عشق ملتهبة على شفاه معطّرة...... أزهرت قبالتي فجأة، فتحول الهواء لعطر........وصار البحر شهداً، وغنّى موجه شعراً، ونما على قلبي زغب أخضر....سقطت الشمس على عبائتها وتقاطرت ظلال الأشياء تقبل قدميها..... إعصار من جمال يأكل بعضه بعضاً.......جيش من حوريات ...........لكن...لكن أعذروني أحبتي، سأقف لأروي هذه القصة بصيغة الغائب لا بصيغة المتكلم، ذلك فقط لأخفف عن نفسي خلال الكتابة، لا أريد أن أنساق بشدة مع نفسي التواقة فتجعلني أبوح بكل خوالجها الحرّى، سأنظر للمشهد وأصفه لكم من أعلى، وأتوهم أن ما حدث ليس سوى قصة حدثت...... إن شئتم النظر له الآن فها هو يقود سيارته الجيب البيضاء على طريق أصيلة الأشخرة، لم يتبقى له إلا القليل ليصل لوجهته، ولو اقتربنا من نافذته لرأينا كيف يقلب موجات الإف إم باحثاً عن موجة إذاعة القرآن الكريم ولرأينا كيف يعيد ضبط نظارته الطبية فوق أنفه بإصبعه الأوسط كل بضع ثوان.......هي عادة أكثر منها حاجة. لكن لنتركه الآن يقود سيارته وندعو له بسلامة الوصول، وحتى ذلك الحين دعوني أخبركم عنه بعض الأشياء. يتبع بإذن الله |
2
(2) حميد.....هذا هو اسمه، ولا يفوتني هنا أن أخبركم أنه في كثير من الأحيان يقدم نفسه بأسماء أخرى مشتقة من نفس الإسم، فقد تناديه إحداهن باسم حمد، وتعرفه أخرى باسم عبد الحميد، وثالثة سجلته في هاتفها باسم حمودي.........حمودي أو حميد قد صار الآن على أعتاب الثلاثين من العمر، وقبل ليلتين سيطرت عليه فكرة ما......لقد كان كعادته يتابع المسلسل الكرتوني "المحقق كونان"، وأعجبته كلمة قالها البطل كونان عن ازدواج الشخصية، تلك الكلمة ذكرته بما سمعه في الراديو قبل ذلك بعدة أيام عن التصالح مع الذات وعن ضرورة أن يكون الإنسان واحداً من الداخل والخارج........أعجبته تلك الفكرة كثيراً لدرجة أنه قرر أن يأخذ إجازة ويذهب لمكان بعيد لينفرد بذاته ويتصالح معها.......ذلك هو ما دفعه للقدوم للأشخرة. أراه الآن يقترب من الأشخرة.......أف....لم ينتبه للمطب في الطريق.......سمع صوتاً في مؤخرة السيارة، أوقف سيارته ليتأكد أن كل شيء على ما يرام .......فتح الباب الخلفي للسيارة حيث معدات التخييم........لا شيء مهم سوى سقوط إبريق إعداد القهوة من مكانه. |
(3) دقائق قليلة بقيت له ليدخل بلدة الأشخرة، وبحسب نصيحة أحدهم له فعليه اختراق البلدة ليصل للشاطئ حيث سيجد مظلات يمكن أن يخيم فيها..........نسيت أن أخبكم شيئاً مهماً تذكرته الآن وأنا أراه يوقف السيارة عند بدايات البيوت ويسجل شيئاً في مفكرته، في الآونة الآخيرة استهوته فكرة "المثقف"، لا أنكر أنه يتمتع بشيء من الحس المرهف، لكن بالنسبة للثقافه فصدقوني أنه بعيد عنها......المهم أن مظاهر المثقفين عنده أن يكون معه دفتر ملاحظات يدون فيه.....لكن أغناكم الله عمّا يدون. يبدو لي أنه انتهى من تسجيل ملاحظته الآن.......سأقرأ لكم ما كتب..... (اليوم 1-9-2012 أنا في بلدة الأشخرة وما أراه مذهل للغاية، البيوت صغيرة ومتواضعة تعبر عن فقر مادي، ومع ذلك ترى فيها كلها حرصاً على مظاهر الجمال والذوق......الأبواب تزينها الأعمدة وتعلوها القبب الجميلة، وفي الأعلى هناك العقود....هناك محل للتصميم الداخلي......عمودان رومانيان يزينان أحد المداخل. رقي روحي وإحساس بالجمال يتجاوز الواقع المادي بمراحل.......) لا أدري مدى دقة ملاحظته تلك ....... الآن من الأفضل أن نلحق به على الشاطئ. |
يعطيك العآفيه على الطرح الرائع..
لاحرمنا منك ..آبدآ..ولآمن تميزك.. بآنتظار جديدك المتميز |
اقتباس:
|
بيت حميد تمتلك فن غريب فالكتابة ما شاء الله ..
تكتب بلغة مميزة .. وتسرد بأسلوب قصصي مشوق... راق لي ما قرأت هنا .. كل التحية لقلمك وفكرك.. |
أخي العزيز بيت حميد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقد أشتقنا لقصصك ورواياتك الرائعه عموماً عوداً أحمد إن شاء الله قصة نتابع من خلالها مسيرة رحلة جميله وحورية يسطرها قلمك المتميز ... سنكون من المتابعين الجيدين هنا إن شاء الله فقط لاتبتعد عن هنا سجل إعجابي وتقديري |
(4)
كم هو مثير للشفقة، لقد أنهكته رحلة السبع ساعات من البريمي حتى هنا ومع ذلك اضطر لتنظيف المظلة التي اختارها وما حولها من مخلفات الآخرين.......قد شارفت الشمس على المغيب، وانتهى هو من ترتيب معظم أشياءه ولم يبقى له سوى إشعال النار لإعداد القهوة، كان يشعر بجوع شديد، وقد جعله هذا متوتراً وهو يحاول إشعال النار، الريح ورطوبة الحطب أفسدت محاولاته....... ما أغباه وما أقل حرصه......لقد ترك باب السيارة الخلفي مفتوحاً وأرى قطيعاً من الأغنام يتزاحم ليصعد، ها هي تأكل التمر والخبز الذي أعطته إياه أمه ....... "طار عشائك يا حميد وأنت لا تدري"........ليته يسمعني....... أخيراً انتبه للأمر، لكن مالفائدة الآن!!!.....طار التمر والخبز وبقي البعر. خرج راكضاً من المظلة للسيارة وهو يصرخ "ششششش.....شششششش" هربت الأغنام ووقف هو عند باب السيارة ينظر لمصيبته، من شدّة غيظه التقط قطعة خشب صغيرة كانت عند قدميه ورماها في اتجاه قطيع الأغنام الذي ولّى شطر شارع الإسفلت، التفتت إحدى العنزات للوراء تنظر لقطعة الخشب التي سقطت وقالت -ماااءءءء أحس أن تلك العنزة تتعمد إغاظته، قطب حاجبيه ودلع لسانه لها وهو يقول -ماااءءء.....ماااءءءء......ماااءءء إنه يضيع وقتنا بتصرفاته البلهاء، أرجو أن يستعيد هدوءه ويعود لإشعال النار لأن قرص الشمس قد بدأ فعلاً ملامسة الأفق. |
اقتباس:
شكرا لك أيتها الفاضلة |
اقتباس:
|
اقتباس:
وعليكمالسلام ورحمة الله وبركاته تبعكم الخير أين ما كنتم أخي الوشاحي ولا أبعد عنكم من تحبون. شكرا لك |
(5)
نجح أخيراً في إشعال النار، ولو أني أعتقد أن نار غضبه من الأغنام التي أكلت طعامه أشد استعاراً منها.......كانت الدموع تنهمر من عينيه وهو يحاول تفادي خيوط الدخان المنبعثة بكثافة...... من بين قطع الضباب المتطاير من البحر أقبلت نحوه، نسي حرقة عينيه وفتحهما على آخرهما.....كانت تمشي وتذيب كل شيء بعذوبة وليونة، عندما اقتربت منه وهو مأخوذ مهبول تبسمت........تبسمت وكأن ضياء الكون سكن ثغرها، وحتى مع ما تبقى من نور الأفق الرقيق كاد تموج أهدابها على عينيها الواسعتين أن يطيح به......حسن وبهاء أجلّ من أن يستوعبه أي لبّ، لا يستوعب البصر جمالها دفعة واحدة، وكأن الحسن كلّه كان يبحث عمّن يتجلّى فيه فوجدها. سلّمت فتحشرج ردّه في حلقه، تبسّمت وأغضت بعينيها وكأنها أدركت ماذا فعلت بالمسكين........قالت -هل رأيت عنزة هنا؟.......لمّا تأخر ردّه أردفت -لم تعد مع القطيع وهي على وشك أن تضع وليدها، أخشى أن تلد على الشاطئ فتهاجمها الثعالب. لكنه لم يردّ أيضاً، لقد زادت من سكرته تموجات صوتها التي تقطر رقّة وعذوبه.....مسكين.....وهي أدركت بفطنتها أنه مسكين للغاية. أحبّت أن تسري عنه وتهوّن عليه، قطّبت حاجبيها وضيّقت عينيها في تعبير طفولي لتظهر ضيقها من خيوط الدخان المنتشرة......لكنها إزدادت جمالاً وحسناً، ولم تفلح محاولتها لإفاقته من سكرته.......واصلت وقالت -الحطب الذي أوقدت به النار فيه رطوبة، لذلك يصدر هذا الدخان. في تلك اللحظة أدرك أنه أمام إمرأة من خلق جديد، مستوىً آخر من إبداع الخلق، طفرة جينية نحو قمّة الجمال. |
مساء الخير أخ بيت حميد..
ياسلااااام ^^ قصة بأسلوب تقني جديد واعتبره عبقري، هكذا ننشد لقراءة باقي الأجزاء بشكل متسلسل حتى دون الحاجة لتقطيعها لأجزاء وفي فترات؛ لأن القصة والأسلوب جداً رائع، ومرح.. مما يشد القارئ أكثر لئن يقرأ دون ملل وإن كانت لها أجزاء كثيرة.. بوركت لهذه القصة، جزاك الله خير في إنتظار التكملة في أقرب، تقديري وشكري، أحسنت^^ |
(6) في حركة سريعة ارتج لها قلبه وكاد ينخلع لولا أن تعلق بخصلة شعرها المتدلية من جانب جبينها الأيمن،حولت الحسناء نظرها عنه نحو شجيرات وراء سيارته، وبخطى بدأت حذرة ثم متسارعة تبعت بصرها لهناك، أما هو فأصابه هلع شديد من أن تختفي عنه، ومن عجلته للحاق بها قفز من الجدار الجانبي للمظلة........ كان يركض على غير هدى حتى سمعها تناديه من بين الشجيرات، وعندما اقترب وجدها تبكي وقد وضعت رأس عنزة بين رجليها، حاول أن يتظاهر بالهدوء والاتزان فأبطأ من خطواته نحوها......لكنها صرخت عليه -أسرع.....أسرع.....ألا ترى هذه المسكينة. لقد كانت العنزة تضع وليدها، ويبدو أنها تواجه مشكلة......لم يخرج إلا رأس الجنين فقط......جثا على ركبتيه بقربها وهو لا يدري ما يفعل وتحرق على الدمعات المنسابة من عيني الحسناء، التفتت نحوه في ضيق واضح وقالت وهي تجهش بالبكاء -لا تجلس هكذا، هيا ساعدها على إخراج الجنين. -ماذا أفعل؟ -أدخل يدك بلطف وتحسس يديه داخل بطنها، لابد أنهما مشتبكتان.....لذلك لم يستطع الخروج. -هل تقصدين أن أدخل يدي في..... -نعم.....هيا بسرعة.......المسكينة، كنت أعتقد أنه بقي لها يومين قبل أن تلد، لابد أن شيئاً حصل لها، ربما أخافها أحدهم.... هوت على الحسناء على رأس العنزة تقبله وتبكي وتدعو بالويل والثبور على من تسبب بتقديم ولادتها، ولابد أنكم عرفتم المجرم الذي رماها بقطعة الخشب وصرخ في وجهها......ليته يكفر عن ذنبه الآن ويخرج الجنين بسلام. لم يستطع تخيل أنه قد يفعل شيئاً كهذا في حياته، لكنه أقدم عليه مدفوعاً بإحساسه بالألم على حبات اللؤلؤ التي تتساقط من أجمل عينين، دفع يده برفق في رحم العنز، وتحسس حتى أمسك بيدي الجنين، وفي لحظة أحس أنه لم يعد يستطيع تحمل ملمس السائل اللزج في الداخل، قرر اتخاذ قرار حاسم.......تمسك بيدي الجنين بما أوتي من قوة وسحبه للخارج سحبة واحدة.......صرخت العنز في حضن الحسناء وانسكبت المشيمة على ركبتيه.......وساد صمت رهيب لعدة ثوان. |
القصة وايد روعة
نتظر التكملة بفارغ الصبر اسلوبك مميز |
بيت حميد
لماذا لا نقول بيت الإبداع القصة أكثر من رائعة وجميلة تلك اللحظات المرحة بين الحين والآخر فد أعطت للقصة رونق جميل يستمتع به القارئ كذلك فإن اسلوب الراوي هو اسلوب مماز يعطي مساحة أكبر للتعبير خصوصا لمن يمتلك القدرة على الإبحار فيه ننتظر اكمالك القصة بشوق تحيتي لك |
اقتباس:
|
اقتباس:
ليست القصة جاهزة، إنما أنا أكتبها مباشرة ولهذا تجدينها مقطعة. آسف على التقصير شكرا لكِ |
اقتباس:
|
اقتباس:
لك كل المودة والتبجيل |
7
(7) آخر شيء سمعه هو شهقة الحسناء عندما رأته ينتزع الجنين، وشهق هو أيضاً من المفاجأة......كانت عيونهما على الجنين المنطرح، ولمّا رفع رأسه وحرّك قائمتيه انفرجت أساريرها وقالت وهي تنثر القبل على رأس العنزة ووجهها.. -هيا بسرعة إحمله للمظلة بسرعة وقربه من النار.......الجو بارد عليه هنا. أحس أنه بطل، كيف لا وقد استطاع توليد العنز وإعادة البسمة لأجمل وجه. حمل الجنين دون أن يأبه للدماء وسائل المشيمة على ثيابه، سعادته بسعادتها لم يكن لها حدود، وضع الوليد على الأرض بقرب النار، وجاءت هي تقود عنزتها وهي تغني لها، لكنها تجهمت عندما وقع بصرها على الوليد وقالت -ما هذا؟......كيف تضعه على الإسمنت الصلب؟ ستتأثر قوائمه الرقيقة. ثم أغضت بعينيها، وقالت -حتى أنك لم تمسح سائل الولادة عن عينيه ووجهه......ما هذه القسوة؟! انتفض وحمل الوليد ووضعه على رجليه ثم بدأ يمسح وجهه بكم ثوبه وهو يقول -أنا آسف......إنها المرّة الأولى التي........ لكنها لم تمهله ليتكلم وقاطعته قائلة -هكذا أنتم يا أهل المدن، لا تفقهون من أمور الحياة شيئاً.......ماذا لو وضعت زوجتك في البيت؟!......ماذا ستفعل؟.....هل ستدعها تموت؟ -أنا لست متزوجاً. -حقاً أنت لست متزوج؟! في تلك اللحظة تذكر أنه له هو أيضاً سحره الخاص على النساء، استعاد شيئاً من توازنه ورفع نظارته على أنفه وقال ليؤكد لها الأمر -بالتأكيد أنا لست متزوجاً. قال جملته تلك وأضاءت في آخر الشاطئ مصابيح سيارة، انتبهت الحسناء وقالت والقلق في صوتها -أسرع أعطني الصغير.......ربما هذا أبي يبحث عنّي، سيغضب لو رآك. وبسرعة البرق انتزعت الحمل من أحضانه، وهو كأن روحه توشك أن تفارقه.....حملت حملها وتبعتها العنز، وقف ينظر لها على باب المظلة ......التفتت له بنظرة مشفقة وقالت -لا تتبعني....... |
اقتباس:
في انتظار باقي القصة مبدعنا |
في انتظار تكملة القصة
|
أختاي رحيق وعاشقة
شكرا لكما |
(8)
قد تتسائلون عمّا سيفعله الآن بعد أن ولّت عنه وسلبته فؤاده، هو في الحقيقة فهم كلمة "لا تتبعني" التي ألقتها له ممزوجة بالدلال أنها دعوة ليتبعها، وفي ذات الوقت استشعر أن قلبه اتسع كثيراً بحبها، وأن كل مآسي الدنيا تهون وهو يحمل هذا القلب الكبير بالحب......كم هو محظوظ بلقياها، كيف اختصه الزمان بهذه النعمة العزيزة، الآن وهو يسترجع الأحداث تأكد أنه لم يأتي هنا عبثاً، بل جاء على قدر، على موعد........ولم تكن تعليقات كونان وما سمعه قبلها من التصالح مع الذات إلا دعوة له ليأتي. استبشر بحياة جديدة، كالتي ساعد في حصولها مع وليد العنز، لا شك أن ذلك كان إشارة له أنها حياة جديدة سعيدة.......أراه يركض للسيارة ويفتش عن شيء......آهـ إنه يبحث عن دفتر ملاحظاته، لنرى ماذا سيسجل فيه.....سأقترب منه أكثر لأتمكن من القراءة على ضوء القمر.....لم أره من قبل بهذه السعادة المفرطة........لقد انتهى، إليكم ما كتب "أمي.....أنا أحبها....أتخيلك يا أمي الآن تقفين قبالتي هنا وأني أنا صغير في عمر السابعة، أركض وألقي نفسي بين يديك وأنا أصرخ بأعلى صوتي "أحبها يا أمي" لا ينبغي أن أتكلم عنها أو أقترب منها إلا ببراءة طفل وفي حضن أم......أشعر بالبراءة يا أمي، غسلتني عينيها بالنور والطهر....." لن أبدي رأيي في ملاحظاته فأنتم تعرفون رأيي مسبقاً. |
يشرفني أن أخط أول حروفي هنـآ
في هذه القصة التي نسجت بخيوط من الإبـدآع تفـآعلت ُ كثيرا مع هذه القصة والتي بدت لي كأنها قصة مرئية ارآهـآ وكأنني بالقرب من بطل القصه أبدعت أخي |
اقتباس:
بل هو شرف كبير لي أن تفضلتم علي بحروفكم الأولى شكرا لكم |
اقتباس:
|
اقتباس:
كتاباتك تنم عن ابداع حقيقي وجود المذكرة في القصة اعطاها طابعاخاصا تقبل مروري وانتظر البقية بترقب........... |
اقتباس:
كلماتكِ زادتني شرفا |
(9) ما أعجب حال العاشق!، لقي نسي تعبه وجوعه وها هو يمشي على الشاطئ في الإتجاه الذي ذهبت فيه معشوقته، أي ابتسامة حالمة تعلو شفتيه، ينعكس ضوء القمر في عينيه البراقتين بسعادة تكفيه لو عاش ألف عمر ......... مشى لمسافة طويلة، كان يحس بالريح الباردة نسيماً عليلاً......كان يتخيل أن نسيم الريح مرّ بها وتعطّر من رائحتها، كان يعبّ منه قدر ما تتسع رئتيه. دعوني أقول كلمة حق هنا، بقدر ما قرأت من كلام العشاق إلا أني كنت أعتقد أنهم يبالغون، لكن ما أراه أمامي يثبت لي أن العشق يفعل الكثير الكثير. إنها الساعة الثامنة والنصف ليلاً، وهو مازال يمشي على إثرها، كان يقف كلمّا تخيل أنه سمع ثغاء عنز، مرّ بكل قوارب الصيادين المقلوبة على الشاطئ يفتش بينها لعله يجدها، لم يتحرج أن يتجه لإحدى العائلات التي كانت تتناول العشاء عند إحدى المظلات.......في البداية ارتاعوا من منظر الدماء على ثيابه، ثم لمّا تكلم ليسألهم عن فتاة جميلة تحمل جدياً صغيراً وتتبعها عنز ظنّوا أنه مجنون وطلبوا منه الذهاب.......لم يأبه لهم على الإطلاق وواصل السير. بعد السير لأكثر من ساعتين انقطع الشاطئ الرملي ووصل لجرف صخري، لكن أي جرف صخري هذا الذي سيصدّ عاشقاً عن معشوقته.....هكذا قال لنفسه وهو ينظر للجرف المرتفع.......وبدأ بتسلق الجرف، كان ينزلق أحياناً على الصخور الملساء، أصيب ببعض الخدوش في ساقيه.....لكنه واصل الصعود. عند منتصف ارتفاع الجرف بدأت ساقيه تتهاوى من الجوع ومن التعب الذي لم يكن يشعر به قبل الآن. عند محاولته القفز من على أحد الصخور سقط ، حاول النهوض لكن قدماه لم تطاوعاه......قرر إراحتهما لوقت قصير والتأمل في القمر أثناء ذلك لعله يرقّ له ويخبر الحسناء عن حاله. جلس واستند لصخرة ووجه وجهه للقمر، أغمض عينيه مستشعراً خيوط الضوء على وجهه.......وهو مغمض العينين أحس بخفوت ضوء القمر، فتح عينيه ليرى تصاعد سحب الضباب من البحر، بعضها كثيف يحجب الضوء، وبعضها شفاف يسمح بمرور الضوء الذي يتراقص على الأمواج، وأحياناً تنقشع السحب فتمتلئ الدنيا بالنور.........القمر والأمواج والسحب والريح أحس أنهم علموا بعشقه، وأنهم يحيون حفلاً خاصاً له بتلك المناسبة. ما أثار استغرابه واندهاشه هو نقطة محددة في البحر، لم تكن تلك النقطة تبعد كثيراً عن الشاطئ، العجيب فيها أنها كانت مضيئة دائماً حتى عندما يحتجب القمر وراء سحابة داكنة. قليلاً قليلاً بدأ يتضح له صوت سيارة تتقدم نحو حافة الجرف من الأعلى، اقتربت السيارة من الحافة حتى تمكن من سماع صوت دوران الإطارات على الأرض الصخرية، للحظة خشي أن السائق غير منتبه وأنه قد يهوي بسيارته فوقه. توقفت السيارة ونزلت منها أقدام تخيل أنها تقترب من بعضها.......كانا رجل وامرأة، بالطبع لم يتعمد هو استراق السمع ولم يشأ كذلك أن يزعجهما.....وقفا للحظة في صمت ثم قالت المرأة تخاطب الرجل -قل لي كلاماً جميلاً، أريد أن أحس أني مميزة. كانت تقول ذلك في دلال وهي تعبث بقطعة حلي تزيّن جيدها، هكذا تخيل ........أجابها الرجل -أمهليني قليلاً حتى......... لم يستطع الرجل إكمال جملته، فقد انهارت به الصخرة التي كان يقف عليها ومرّت به الصخرة منزلقة بالقرب من حميد متجهة لأسفل الجرف.......دوّت صرخات المرأة من الأعلى وهي تستغيث، ويبدو أنه كان هناك غيرهم فوق الجرف فهبّ بعض الرجال بسرعة للنزول بحثاً زوج المرأة المسكينة، أخذت حميد المفاجأة ولم يعرف ما يفعل سوى محاولة إخفاء نفسه عن الرجال مخافة أن يتهمه أحدهم بالتلصص .......لكن أحدهم لمحه وصاح بالآخرين -تعلوا.....هنا.....لقد وجدته. وأسرع الجميع ناحيته وهم يحسبونه زوج المرأة الذي سقط من الجرف، أمسكه كل واحد من طرف وهم يحاولن سحبه للأعلى، كان يتأتأ بالكلمات وهو يحاول أن يشرح لهم أنه ليس من يبحثون عنه........لكن من سيستمع له حينها؟!.....صاح أحد الرجال برجل آخر في الأعلى -إنه مصاب.....ثيابه كلها دماء....لابد من نقله للمركز الصحي. كانوا عنيفين جداً وهم يسحبونه فوق الصخور للأعلى، تمنى أن ينتهي هذا الموقف بأي شكل فلزم الصمت وهو متأكد أنهم سيكتشفون خطأهم عندما يصلون للأعلى، لكنهم لم يمهلوه......بمجرد صعودهم وضعوه في سيارة الرجل المسكين وركبت الزوجة بجانبه على الكرسي الخلفي وهي تبكي، قاد أحدهم السيارة وأسرع باتجاه المركز الصحي. الزوجة المسكينة كانت تضع رأسه في حجرها، وهو قد أخذ منه التعب كل مأخذ، استشعر الدفء في السيارة وليونة حضن المرأة......شعر بالنعاس يداهمه، آخر شيء يذكره هو أن المرأة أضاءت مصباح السيارة الداخلي ونظرت لوجهه، ويا للعجب فقد توقف عن البكاء وتبسمت وعينيها تمتلئ بالسعادة. أفاق ليجد نفسه على سرير طبي وإبرة محلول التغذية مغروسة في يده، أدرك أنه في مستشفى، من وراء الستار الفاصل سمع أصوات مختلطة، تذكر ما مرّ به البارحة فلم يستطع استيعابه ....... لابدّ أنه حلم، لابد أني من التعب سقطت من على الجرف وأنقذني أحدهم وأما باقي الأحداث فلا شك أنها حلم.....هكذا كان يخاطب نفسه. لكن يا للعجب، فقد دخلت تلك الزوجة عليه وهي شديدة السعادة، تفرسّ في المرأة.....كانت تبدو في الخمسين من عمرها ومع ذلك كانت ماتزال نضرة وجميلة، لم تقل شيئاً وكأن الخجل كان يغلبها حين تريد الكلام. ثوان ودخل الطبيب، أفسحت المرأة المجال له وهي لا تزال تأكل حميد بعيونها المتسعة......قال الطبيب -كيف حالك الآن يا سعيد؟ -أنا بخير أيها الطبيب......لكن اسمي هو حميد وليس سعيد. -حميد!!!....زوجتك تقول أن إسمك سعيد!.....قال الطبيب ذلك وهو يلتفت للمرأة. -زوجتي!!! من زوجتي؟ أنا لست متزوجاً أيها الطبيب. -ماذا!!! أليست هذه زوجتك؟!؟!؟. -لا أيها الطبيب.....قلت لك أني لست متزوجاً. تغيّر شكل المرأة وبدا عليها الحزن وبدأت الدمعات تتقاطر من عينيها......قالت وهي تجهش بالبكاء -الآن تنكرني......الآن تتنكر لي يا سعيد... وانهارت المسكينة على كرسي في الزاوية تغطي وجهها بعبائتها وهي تبكي بشدة. كان الطبيب يقلب نظره بين حميد والمرأة، ثم قال معاتباً حميد -كيف تنكر أنها زوجتك وهي التي جاءت بك للمستشفى وكانت تجلس بجانبك طوال الليل؟!؟!. ثم توجه للمرأة واقترب منها وكأنه يسر لها بالقول -هل صحته النفسية على ما يرام؟ -أخجل أن أتحدث بكل شيء أيها الطبيب، لكني سأخبرك.......كانت إحدى صديقاتي قد نصحتني بأن أذهب بزوجي لشاطئ البحر، وقالت إن الهواء المنعش سيعيده مثل شاب في العشرين، لكن كما ترى.....فعندما عاد شاباً ها هو ينكرني......ما أتعس حظي حين أخذت بنصيحتها، لو كنت أعلم لرضيت به على حاله. |
اقتباس:
|
الصراحة لابد ان تكملها لنا اليوم
فأنا متشوقة جدا لمعرفة نهاية هذا المسكين هههه من ناحية ادبية لازال اسلوبك منفرد في سهولة الكلمات ومناسبتها للموقف كل التحايا العطرة لك |
اقتباس:
|
10
(10) ثم انخرطت الزوجة المسكينة في نحيب وبكاء عميق جعلت كلاً من الطبيب وحميد يشفقان عليها، إلتفت الطبيب لحميد بنظرة وكأنه يستعطفه بشأنها......في الحقيقة لقد بدأ هو أيضاً بالتعاطف معها، إنه الآن يفكر كالآتي....مسكينة، هل يجب علي مسايرتها لبعض الوقت......فقط حتى تتقبل الواقع، لا شك أني سأحضى بليلة دافئة وعشاء دسم......وفي الصباح سأعود للبحث عن تلك الجميلة. مالذي دهاه ياترى، بالتأكيد هذا جنون، اللهم إلا إذا كانت الأنوثة المتوقدة لهذه المرأة ولمحات الجمال المتبقية على وجهها أغرته، ومن معرفتي به أستطيع القول أنه شديد الضعف أمام النساء.......بالطبع سيبرر الأمر لنفسه وسيقول لها أنه إنما يسدي خدمة إنسانية .......هذا وهو الذي جاء في الأصل ليتصالح مع نفسه وها هو يمعن في خداعها في أول فرصة. حدثت جلبة بالخارج، علم الطبيب أن حالة طارئة جديدة وصلت فاندفع تاركاً حميد لوحده مع الزوجة المنتحبة، كانت تبكي وتذكّره بالأيام الخالية التي قضتها معه، بالطبع هي مازالت تظنّ أنه زوجها الهرم الذي أعاده هواء البحر شاباً.....كان يستمع لها وينظر دون أن يتفوه بكلمة، وقفت المرأة وهي تمسح الدموع عن وجنتيها الحمراوين وكأنها تهمّ بالخروج، كاد قلبه يتقطع عليها......استمهلها قبل أن تزيح الستارة وتخرج -انتظري، إلى أين ستذهبين؟! -ماذا يهمّك من أمري الآن بعد أن عدت شاباً ونسيت أني أنا كنت السبب في ذلك، أخبرني ......هل ستتزوج غيري الآن؟.....كيف نسيت عشرتي معك؟!......أقسم أني سأذهب لنفس المكان الذي كنّا فيه وسألقي بنفسي كما حدث لك، سأعود شابة صغيرة وسأطلب الطلاق وأبحث لي عن زوج آخر، وسأحرص أن يكون أكثر وسامة منك. -لا .....أرجوك لا تفعلين......هيّا خذيني معك للبيت، ما هو اسمكِ؟......يبدو أن الأمر أثر على ذاكرتي فلم أعد أذكر.....سامحيني يا عمري. انفرجت أسارير المرأة بشدة وأسرعت لتجلس على الكرسي بجانب السرير وتحتضن يديه بيديها.......قالت بعد تنهيدة وصلت لأعماق أعماق صدرها -عرفت أنك تتدلل عليّ، ويمكنك أن تتدلل كما تشاء.......سنجدد حبّنا يا حياتي. ألم تلاحظوا شيئاً؟!......هو حتى لم يخبرها عن زوجها المسكين الذي مرّ بجانبه على الصخرة المنزلقة من أعلى الجرف، ولم يهتم لما قد يكون حصل له، ومع هذا يدعي الشفقة بالمرأة من أن تلقي بنفسها....... بعد أن ضمت يديه لصدرها وطبعت عليها وبلاً من القبل الحرّى قالت -لا داعي لبقائنا هنا الآن، لقد أعددت العشاء قبل أن نخرج وأشعلت البخور في غرفتنا......كنت أعرف أننا سنقضي ليلة مميزة. ما أسرع ما اعتدل في جلسته ونزع الإبرة من يده، ثم تصنع قليلاً ليلقي برأسه على كتفها وهو ينزل من على السرير، ويداً بيد خرجا بعد أن أزاحا الستار ........ سارا باتجاه إحدى الغرف التي كان ينبعث منها صوت الطبيب مختلطاً بأنات مصاب ليخبراه بخروجهما، وقبل أن يصلا للباب خرجت منه فتاة كأنها الشمس أو القمر، وما كادت عيناها تقع في عيني حميد حتى تسمّرت وذبلت رموشها خجلاً، وأزهرت في ثغرها نجوم متلألأة.........لقد كانت فتاته التي يبحث عنها..... أصابته المفاجأة بعطل في كهرباء جسمه، تجمد ....ثم أصيب برجفة مزلزلة، كانت ركبتاه تصدر صوتاً غريباً .....تك تك تك..... قالت الفتاة بأدب وعفّة -سلامات......مالخطب....أرجو أن يكون الأمر بسيطاً!!! ولمّا لم يجب عليها إلتفتت للمرأة التي كانت تمسك بيده وقالت لها -أنتِ أمه يا خالتي؟! -أمه!!! هل ترينني عجوزاً منعكفة الظهر؟!.....أنا زوجته ......يا....يا خالتكِ. تغيرت ملامح الفتاة واصفرّ لونها، وكادت شرارة عينها أن تحرق عينيه وهو لا يعرف ماذا يقول........اقتربت الفتاة من المرأة وكأنها تريد إغاظتها وقالت -اعلمي يا خالتي أن زوجك تحدث لي وقال أنه غير متزوج.......احفظي زوجك عن بنات النـ........ لم تستطع تلك الحسناء حتى أن تكمل كلمتها الأخيرة، واغرورقت عيناها الجميلتان بالدمع، استدارت للخارج بخطاً واسعة ورأسها للأسفل........كان حميد قد أقدم على اللحاق بها لولا أن المرأة التي بجانبه شدّته إليها بقوة جبل، ثم أمسكت بصدر ثوبه وهي تصرخ بغضب -قل لي أين التقيت تلك الفتاة ومتى التقيتها......؟!؟! في تلك اللحظة بالضبط خرج الطبيب من الغرفة وهو يساعد رجلاً على المشي، لم يكن الرجل سوى زوج المرأة المسكين الذي انزلق من على الجرف الصخري ووجدته الفتاة الحسناء وأتت به للمركز الصحي، كان مصاباً بالخدوش في كل أنحاء جسده. عندما وقع بصر الزوجة على زوجها الحقيقي أصابها الإرتباك للحظة ثم تداركت الأمر بسرعة..... أطلقت حميد من يدها وهي تقول له -يا خسيس............أنا في مثل عمر أمك......هل ترضى أن يعاكس أحد أمك؟! وأسرعت لتمسك بيد زوجها وهي تبكي وتخبره عن قلقها الشديد عليه وتحمد الله على سلامته |
اقتباس:
|
ههههه ^^
مواقف جد رائعة.. ننتظر الأجزاء التالية بشوق، أسلوب ممتع ومبدع. تقديري^^ |
اقتباس:
|
اقتباس:
|
اقتباس:
|
الساعة الآن 03:44 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir