منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   مجرد حلم ! (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=13261)

طلال النوتكي 09-07-2012 01:48 PM

مجرد حلم !
 
مجرد حلم

جلست وحدها، منفصلة عن الأشياء، متحدةً مع نفسها, وجلسَ هو كما جلستْ تمامًا، الفرقُ بينهما هو أنه يغالبُ حياءَه، وهي يغالبُها حيائُها، المسافةُ بين كرسييهما أمتارٌ قليلةْ، تتلاشى المسافةُ عندما تفاجئُه بيدِها ممدودةً على لوحِ الكتابةِ في كرسيّه، تختفي جميعُ الوجوه حولهما خالقةً جواً من الخُصوصيَّة المربكة، يُنزِلُ بصره ليَدِها، يتأمَّلُها تأمُّلاً مُسكِراً، بيضاءُ مائلةٌ للصُّفرة المشعَّة، عليها دُكنةٌ أنيقةٌ عند مفاصلِ الأصابع، وأصابعُ ممشوقة متباعدةٌ عن بعضها قليلاً، وأظافرُ لم تقلّم لأيام جعلتها أكثر إغراءً، لم يكن يتوقَّع يدها بكل هذه النَّظارة، شيءٌ وحيدٌ أثر على جماليةِ الممدودةِ على الطاولةِ ولمْ يلغها، أظفرُ الأصبعِ الوسطى به ثلمةٌ ملحوظة، ينفقَ لحظةً طويلةً يتأملُ تلكَ الثلمة.. وما زالت اليدُ على اللوح ممدودة إلى أمدٍ لا يعرفُ أجله.. يعمُّ البياضْ.

ثلاثُ ودقائق فقط وستقامُ صلاةُ الفجر، يحثُّ خطاهُ أملاً أن يصل قبل تكبيرةِ الإحرام، يصل لأذنه صوت خفيف كأنه ينادي باسمه، يلتفت، محمد، أحدُ أقرانه.يمد محمد للمصافحة يدَهُ وهو مقبلٌ لصاحبنا بخطًا حثيثة، وكالتماعِ البرقِ يتذكَّر مشهدَ اليد الممدودة.. يضحكُ بوهَنْ.ويمضيانِ معًا بصمتْ.

صوتُ الإمامِ أجبرهَ أن ينسى الدنيا لدقائق، وبعد السَّلام، مدّ محمد يدهُ ليصافحَ صاحبَنا، ومن جديد يتذكرُ المشهدْ، اليدَ المدودة، ولكنّه هذه المرةَ بكاملِ تفاصيله وجزئياته المُغرِقةْ، بدءَ المسجد يفرغُ من المصليّين، وصاحبنا ما زال يتأمل الكفّ الممدودةَ على اللوح،.. حفظهُ لتفاصيلِ المنامِ وتفاصيل اليد لدليلٌ على أن الرؤيا مسكونةٌ بمعنىً لا يعرفه.. سيحاولُ أن يسرق اليومَ نظرةً ليدها ليتأكد إن كانت هيَ كما رآها في المنام، ولنْ ينسى الثُّلمة في الأصبع الوسطى، موعدهمْ الساعة 12.
كعادتِه.. يدخل غرفة الدرس متأخراً بضعَ دقائق، وكعادتهِ يجلس بنفسه نائياً عن العيونِ في الركنِ القصيِّ من الغرفة، يأمرهمْ الأسمرُ الطويلُ الذي يقفُ على رؤوسِ الجميعِ أن يتَحلَّقُوا، يختارُ لنفسهِ في الحلقة مكانًا يقابلها فيه، خبثٌ برِئ، يسترقُ النَّظرْ، يداهَا خارجَ مرمَى بصرِه وكأنها تخفيهما عنه، ينتظرُ بلهفةٍ وأملٍ لعلمهِ أنها ستحتاجُ أن تكتبُ، وعندها سينْقَضُّ بِبَصرهِ على يَدِهَا لينالَ بغيته..
كفُّ الأسمرِ الطويلِ تقعُ على كتفه بلطفٍ، ينظرُ ليراهُ يبتسمُ له معاتباً:
-You have to work with the group!
-Ok. Sorry.
يبتسمُ على سخافةِ الموقف، يلقِي نَظرةً أخيرةَ تِجَاهَهَا، عيناها مصوبتانِ نحوَه ، يراقبُ حركةَ عينَيها، هما غارقتانِ ساهمتان.. يتابعُ خطَّ مَرماهُما.. الخيطُ يُوصِلهُ إلى يدِه.
طلال النوتكي
4\ 7 \ 2012

عبدالله الراسبي 09-07-2012 03:09 PM


اخي العزيز طلال النوتكي قصه جميله جدا ورائعه
تسلم على هذا النص الطيب والجميل
تقبل تحياتي

سالم الوشاحي 09-07-2012 08:12 PM

أخي العزيز طلال النوتكي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سرد رائع ولغة جميله تميزت بها

أبدعت في تفاصيل هذا الحلم

سجل إعجابي وتقديري أيها الأصيل

طلال النوتكي 11-07-2012 09:41 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الراسبي (المشاركة 152469)

اخي العزيز طلال النوتكي قصه جميله جدا ورائعه
تسلم على هذا النص الطيب والجميل
تقبل تحياتي

الأخ عبدالله الراسبي
شكراً لمرورك على قلبي

طلال النوتكي 11-07-2012 09:42 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم الوشاحي (المشاركة 152494)
أخي العزيز طلال النوتكي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سرد رائع ولغة جميله تميزت بها

أبدعت في تفاصيل هذا الحلم

سجل إعجابي وتقديري أيها الأصيل


أستاذي سالم الوشاحي
شهادة منك لها فراغ كبير في قلبي الصغير

نبيلة مهدي 14-07-2012 07:54 AM

أخي العزيز
طلال النوتكي...

بصراحة عشت تفاصيل القصة تماما..لحظة بلحظة..
استمتعت بالقراءة ...سلمت يمناك ايها الراقي

كل الاحترام و التقدير

ضي 14-07-2012 04:17 PM

أخي طلال النوتكي تمتلك سرد جميل لاحداث جميلة
عشنا اجواء حلم هنا ..
قلم مميز ..
كل التحية لك ..

طلال النوتكي 15-07-2012 01:03 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبيلة مهدي (المشاركة 153159)
أخي العزيز
طلال النوتكي...

بصراحة عشت تفاصيل القصة تماما..لحظة بلحظة..
استمتعت بالقراءة ...سلمت يمناك ايها الراقي

كل الاحترام و التقدير

الأخت نبيلة مهدي.. أشكر لك تشجيعك ^_^
تحيتي الصادقة

طلال النوتكي 15-07-2012 01:06 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيرة البدر (المشاركة 153266)
أخي طلال النوتكي تمتلك سرد جميل لاحداث جميلة
عشنا اجواء حلم هنا ..
قلم مميز ..
كل التحية لك ..

أسيرة البدر، شكراً .. من حسن ذائقتك..^_^

رحيق الكلمات 15-07-2012 10:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال النوتكي (المشاركة 152448)
مجرد حلم

جلست وحدها، منفصلة عن الأشياء، متحدةً مع نفسها, وجلسَ هو كما جلستْ تمامًا، الفرقُ بينهما هو أنه يغالبُ حياءَه، وهي يغالبُها حيائُها، المسافةُ بين كرسييهما أمتارٌ قليلةْ، تتلاشى المسافةُ عندما تفاجئُه بيدِها ممدودةً على لوحِ الكتابةِ في كرسيّه، تختفي جميعُ الوجوه حولهما خالقةً جواً من الخُصوصيَّة المربكة، يُنزِلُ بصره ليَدِها، يتأمَّلُها تأمُّلاً مُسكِراً، بيضاءُ مائلةٌ للصُّفرة المشعَّة، عليها دُكنةٌ أنيقةٌ عند مفاصلِ الأصابع، وأصابعُ ممشوقة متباعدةٌ عن بعضها قليلاً، وأظافرُ لم تقلّم لأيام جعلتها أكثر إغراءً، لم يكن يتوقَّع يدها بكل هذه النَّظارة، شيءٌ وحيدٌ أثر على جماليةِ الممدودةِ على الطاولةِ ولمْ يلغها، أظفرُ الأصبعِ الوسطى به ثلمةٌ ملحوظة، ينفقَ لحظةً طويلةً يتأملُ تلكَ الثلمة.. وما زالت اليدُ على اللوح ممدودة إلى أمدٍ لا يعرفُ أجله.. يعمُّ البياضْ.

ثلاثُ ودقائق فقط وستقامُ صلاةُ الفجر، يحثُّ خطاهُ أملاً أن يصل قبل تكبيرةِ الإحرام، يصل لأذنه صوت خفيف كأنه ينادي باسمه، يلتفت، محمد، أحدُ أقرانه.يمد محمد للمصافحة يدَهُ وهو مقبلٌ لصاحبنا بخطًا حثيثة، وكالتماعِ البرقِ يتذكَّر مشهدَ اليد الممدودة.. يضحكُ بوهَنْ.ويمضيانِ معًا بصمتْ.

صوتُ الإمامِ أجبرهَ أن ينسى الدنيا لدقائق، وبعد السَّلام، مدّ محمد يدهُ ليصافحَ صاحبَنا، ومن جديد يتذكرُ المشهدْ، اليدَ المدودة، ولكنّه هذه المرةَ بكاملِ تفاصيله وجزئياته المُغرِقةْ، بدءَ المسجد يفرغُ من المصليّين، وصاحبنا ما زال يتأمل الكفّ الممدودةَ على اللوح،.. حفظهُ لتفاصيلِ المنامِ وتفاصيل اليد لدليلٌ على أن الرؤيا مسكونةٌ بمعنىً لا يعرفه.. سيحاولُ أن يسرق اليومَ نظرةً ليدها ليتأكد إن كانت هيَ كما رآها في المنام، ولنْ ينسى الثُّلمة في الأصبع الوسطى، موعدهمْ الساعة 12.
كعادتِه.. يدخل غرفة الدرس متأخراً بضعَ دقائق، وكعادتهِ يجلس بنفسه نائياً عن العيونِ في الركنِ القصيِّ من الغرفة، يأمرهمْ الأسمرُ الطويلُ الذي يقفُ على رؤوسِ الجميعِ أن يتَحلَّقُوا، يختارُ لنفسهِ في الحلقة مكانًا يقابلها فيه، خبثٌ برِئ، يسترقُ النَّظرْ، يداهَا خارجَ مرمَى بصرِه وكأنها تخفيهما عنه، ينتظرُ بلهفةٍ وأملٍ لعلمهِ أنها ستحتاجُ أن تكتبُ، وعندها سينْقَضُّ بِبَصرهِ على يَدِهَا لينالَ بغيته..
كفُّ الأسمرِ الطويلِ تقعُ على كتفه بلطفٍ، ينظرُ ليراهُ يبتسمُ له معاتباً:
-you have to work with the group!
-ok. Sorry.
يبتسمُ على سخافةِ الموقف، يلقِي نَظرةً أخيرةَ تِجَاهَهَا، عيناها مصوبتانِ نحوَه ، يراقبُ حركةَ عينَيها، هما غارقتانِ ساهمتان.. يتابعُ خطَّ مَرماهُما.. الخيطُ يُوصِلهُ إلى يدِه.
طلال النوتكي
4\ 7 \ 2012


اهلا بك اخي طلال هنا وانت تطرق ابواب القصة القصيرة
طرقا هادئا ورائعا قصة متسلسلة الأحداث ربطت بين الحلم والواقع بطريقة متميزة وأسلوب أخاذ
تحيتي لك

أمل فكر 15-07-2012 01:44 PM

تفاصيل نغفل عنها، لكن ما وراء ستار الفؤاد أسرار كثيرة
ومنها تمثل في اهتمام محمد بمسألة يد أنثوية وحيدة جذبته..

أسلوب شيق بالفعل، وتفاصيل ملفتة..
سلم إبداعك أخي طلال..

خالص تقديري^^

طلال النوتكي 25-07-2012 11:45 PM

الأخت رحيق الكلمات
شكراً ^_^

طلال النوتكي 25-07-2012 11:47 PM

الأخت أمل فكر
مرورك وإطرائك أكثر تشويقاً
شكراً لروحك

نادية السعدي 19-08-2012 06:07 PM

قصة جميلة تسلم اخوي
ف انتظار جديدك

طلال النوتكي 23-08-2012 08:19 PM

شكراً أختي ^_^

علي الكمزاري 25-08-2012 07:29 AM

أشاعرٌ و قاص !!
مدهش ^ ^

قصة جميلة و حُلُمٌ أجمل . .
لديكَ أخطاء بسيطَ جدًا في بعض الهمزات
> لا يهم ؛ ليست قصيدة و هذا الأهم ^.^

سلامي لـ " زياد "
peace

=)

طلال النوتكي 05-09-2012 02:53 PM

عزيزي علي الكمزاري...

روحك الأجمل دائمًا، شكراً على الإطراء الأنيق!
Who is زياد ؟!!

يوسف الكمالي 05-09-2012 05:29 PM

أول مرة أكمل قراءة قصة

(أو المرة الثانية للامانة) . .

يعني . . .

ذكرتني بكل شيء خارج نطاق البوح

> الحمد لله أني لا أجيد القَصَصْ !

غفر الله لك طلال

ما أعذب خبث براءتِك !

يوسف الكمالي 05-09-2012 05:32 PM

نسيت كل شيء اسمه نقد وخطأ وضعف وركاكة

أقعدتني مقام المتذوق المحض !

كالذي يخشى أن يركز مع الإمامِ فيفسد تدبرهُ وخشوعه !

طلال النوتكي 06-09-2012 08:27 PM

يا إلهي يا إلهي!

يوسف أرجوووك خف عليّ، عاد ما كذا!!!!

عموماً أشكر تذوقك الراقي وبرأتك الأنيقة ^_^

لك الود والتقدير

طلال النوتكي 12-09-2012 11:48 AM

وحيدة كالقمر/ شكراً لسطوعك هنا / شكرا

عاشقة كندا 12-09-2012 03:08 PM

مشكور
قصة رائعة

طلال النوتكي 13-09-2012 08:13 PM

عاشقة كندا

من روعتك!


الساعة الآن 12:41 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية