منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   همسات لها في عامها الجديد،، (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=18129)

رمزي 31-08-2013 12:28 PM

همسات لها في عامها الجديد،،
 
في ليلة من الليال،،

وبعد أن استعد الجميع لبداية عام دراسي جديد،،

وقارب منتصف الليل على الدخول،،

دخلت فاطمة على أبيها،،

وقد كانت علامات القلق بادية عليها،،

بادرها الأب بالتحية،،

وقبل رأسها،،

وقال،،

ما بال فاطمة لم يغمض لها جفن؟؟

فقالت،،

أبتاه،،

إنني مقبلة على عام دراسي جديد،،

وتعلم يا أبي أنني في آخر مرحلة دراسية،،

وأن مصير الدراسة الأكاديمية في هذا العام سيتحدد،،

وإني خائفة يا أبي من مستقبلي المجهول،،

أخاف أن لا أوفق لنيل الدرجات العالية التي تؤهلني،،

لتحقيق أمنيتي في الحصول على منحة دراسية في علوم الطب،،


فتبسم الأب وأمر ابنته بالجلوس بجانبه،،

ثم قال،،

اعلمي يا بنيتي أن الله عزوجل،،

جعل طلب العلم والتعلم من أفضل الأعمال،،

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

من سلك طريقا يلتمس فيه علما،،
سهل الله له به طريقا إلى الجنة،،

فتأملي يا بنيتي في قول النبي صلى الله عليه وسلم،،

إن كان طريق الجنة وهي سلعة الله الغالية سهل بسلوك طريق العلم،،

فتيقني أن طريق أمنياتك سيسهل أكثر،،

واعلمي يا بنيتي أن الإنسان العاقل لا يجعل تحصيل الدرجات هو أول أولوياته،،

بل يجعل طاعة الله عزوجل وطلب رضاه هما أول أولوياته،،

فيوفق بين متطلبات دراسته ومتطلبات دينه،،

فلا يقدم أمور الدنيا على أمور آخرته،،

بل يدمجها معا فلا يكون عمل من أعمال دراستك إلا قربة لله عزوجل،،

وقد قال عليه الصلاة والسلام:
من يرد الله به خيرا،،
يفقه في الدين،،


وقد قيل يا بنيتي الغالية،،

شرف العلم بشرف المعلوم،،

فكان العلم بالله عزوجل هو أشرف العلوم،،

كذلك يا بنيتي حتى يشرف العلم الذي ستدرسينه في هذه السنة،،

اجعليه مسلكا يعزز إيمانك بالله عزوجل،،

فمثلا،،

من يتعلم اللغة العربية،،

يتأمل في قدرة الله عزوجل،،

وكيف جعل لهذه اللغة القوامة على باقي اللغات،،

وكيف شرفها بأن تكون رسالته الأخيرة للبشرية قائمة على هذه اللغة،،

فيتعلمها ويجد في تعلمها حتى يفقه كلام الله عزوجل وكلام رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم،،

فتكون دراسته لمعرفة حق الله عزوجل ولاجتياز المرحلة الدراسية التي يخوضها الآن،،

واعلمي يا بنيتي أن الله عزوجل يعين طالب العلم ويثبته في طلبه إن صدق،،

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم،،
رضا بما يطلب،،


والعاقل يا بنيتي عند طلب العلم،،

يستحضر الأسباب التي تعينه على طلب لعلم،،

فيبدأ أعماله دائما بذكر الله عزوجل،،

ويسأل الله عزوجل أن ييسر عليه طلبه للعلم،،

وأن يأخذ بمنهج من سلف من علماء هذه الأمة وأئمتها في طلبهم للعلم،،

فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يقول:

إن المسألة لتغلق علي،،
فأستغفر الله ألف مرة أو أكثر،،
فيفتحها الله علي،،


وذكر عنه تلميذه ابن القيم رحمه الله:
صليت مرة الفجر،،
خلف شيخ الاسلام بن تيمية،،
فظل يذكر الله حتى انتصف النهار،،
ثم التفت إلي،،
وقال،،
هذه غدوتي لو لم أتغدى غدوتي سقطت قوتي،،


فالحاصل يا بنيتي،،
أن لطلب العلم أسلحة،،
يتسلح بها حتى يحصل على مراده،،


فقالت البنت،،
جزاك الله خيرا يا أبي فقد أثلجت صدري بنصيحتك،،
إلا أن ذهني ما زالت فيه عواصف الخوف من المستقبل،،
وكلما حاولت أن أشغل نفسي عنها عادت تجول بخاطري تلك المخاوف،،


فقال الأب بعد أن ضم ابنته إلى حضنه،،
اعلمي يا بنيتي،،
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:
اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك،،
وما أخطأك لم يكن ليصيبك،،
واعلم أن النصر مع الصبر،،
وأن الفرج مع الكرب،،
وأن مع العسر يسرا،،


فبين النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه،،
أن الله عزوجل إن كتب لعبده خيرا فسيأتيه وإن كتب له بلاءا فلا مفر منه،،
فحرص الحريص على دفع الضر المقدر عليه لا ينفعه،،
وعلى الإنسان إذا ابتلي ببلاء أن يتحلى بالصبر فهو خير دواء،،

والعاقل يا بنيتي الغالية،،
لا يشتغل بالغد الذي لم يخلق بعد،،
ولا يلتفت له بتاتا،،
بل يشغل نفسه بعمل يومه وليلته،،
ويرصع ساعاته بحسن الظن بالله عزوجل،،

فقد قال الله عزوجل في الحديث القدسي،،
أنا عند ظن عبدي بي،،
إن ظن خيرا فله،،
و إن ظن شرا فله،،


والعاقل يستفيد من هذا الأثر،،
أن حسن الظن مقدم على ترقب الشر،،
فالله عزوجل ينعم علينا ليل نهار ونحن لم نسأله،،
فكيف إذا سألناه يا بنيتي،،

وهو الذي قال:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ،،
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ،،


وهو الذي قال:
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ،،

وقد ورد في الأثار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا يردُّ القضاءَ إِلَّا الدعاءُ،،
ولا يزيدُ في العمرِ إِلَّا البِرُّ،،


فالعاقل يا بنيتي إن علم أن له ربا يكفيه حوائجه،،
اشتغل بالأسباب التي تعينه على بلوغ ذلك،،

وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
أنا لا أحمل هم الإجابة،،
ولكن أحمل هم الدعاء،،


ليقينه رضي الله عنه،،
أن الله عزوجل يجيب دعوة الداع إذا دعاه،،

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يحض أصحابه على الدعاء:
ما على الأرضِ مسلمٌ يدعو اللهَ بدَعوةٍ،،
إلَّا آتاهُ اللهُ تعالى إيَّاها،،
أو صرفَ عنهُ مِن السُّوءِ مثلَها،،
ما لَم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ،،
قال رجلٌ من القَومِ:
إذًا نُكْثِرُ،،
قال عليه الصلاة والسلام:
اللهُ أكثرُ،،


فالحاصل يا بنيتي،،
أن العاقل لا يشتغل بمستقبل لم يخلق بعد،،
بل يشتغل بتحقيق مستقبله على ما يريده هو،،
فهو الربان الذي يقود السفينة،،
وليست السفينة هي التي تقوده،،


فقالت فاطمة،،
أثلجت صدري يا أبي،،
ولكن يا أبي،،
كيف أدفع الخوف من عدم الحصول على المعدل المطلوب؟؟


قبل الأب رأس ابنته وقال:
يا بنيتي اعلمي أن الله عزوجل قال:
هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ،،

وقال الله عزوجل:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ،،
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً،،
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ،،


وإن طلب العلم يا بنيتي من الأعمال الصالحة التي يحبها الله عزوجل ويرضاها،،

فتيقني يا بنيتي الغالية أنك إن أتقنتي عملك واجتهدتي في دراستك،،
فإن الله عزوجل لن يضيع جهدك أبدا،،
وتذكري دائما قول النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الله تعالى،،
يحب إذا عمل أحدكم عملا،،
أن يتقنه،،


فاشتغلي بأعمالك ودراستك واستمتعي بها،،
وعيشي يومك فقط فلعل الغد لا يأتي،،
فجدي واجتهدي وثابري واهتفي في أعماقك،،
رباه سأريك اليوم حسن صنعي في طلب العلم،،
حتى ترضى عني وتوفقني لبلوغ القمة،،
وابعثي اليقين في قلبك،،
أن الله عزوجل،،
لن يجازيك إلا بما هو خير لك في دينك ودنياك وآخرتك،،


فقالت فاطمة،،
جزاك الله عني كل خير يا أبي،،
فقد أذهبت عني كل تلك الأراجيف التي كانت تشغل قلبي،،
سأخلد الآن إلى النوم،،


قبل الأب الحنون ابنته،،
وقال،،

كوني مع الله يا ابنتي وأبشري بالخير الذي يسرك،،

النهاية،،

عرش الخيال الشرقي 31-08-2013 02:44 PM

قصة رائعة لامست واقعي الذي اعيشه ...


لقد جنيت فوائد عظيمة بوركت على طرحك الرائع ...


وفقك الله لكل خير وزادك من فضله العظيم ...

عبدالله الراسبي 31-08-2013 02:48 PM


اخي العزيز المبدع رمزي قصه جميله جدا ورائعه
وفي غاية الجمال والابداع
تسلم على هذا النص الجميل
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

رمزي 31-08-2013 03:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عرش الخيال الشرقي (المشاركة 205372)
قصة رائعة لامست واقعي الذي اعيشه ...


لقد جنيت فوائد عظيمة بوركت على طرحك الرائع ...


وفقك الله لكل خير وزادك من فضله العظيم ...

آمين وإياكم سيدتي المباركة،،
أسأل الله عزوجل أن يوفقكم لكل خير وينفع بكم ويعينكم على طاعته،،

شكرا جزيلا على تشريفي بالمرور،،:)

ناجى جوهر 31-08-2013 11:54 PM


أثلج الله صدرك و نور عليك
فلقد أثلجت صدورا بهذه الرائعة
نشكرك من أعماق قلبي على هذا الإبداع
و على هذا الأسلوب المبتكر لإيصال
الأفكار و المعلومات و المواعظ الحسنة
لقد أبدعت أخي في تضمين أغلى النصائح
و أثمن المواعظ و أبلغ الهدي
في قالب قصصي حواري مثير
أبارك لك هذه الرائعة القصصية الجميلة
و أتمنى لك إطراد و التقدم و المهارة
تقبل تحياتي


محمود المشرفي 01-09-2013 12:09 AM

كاتبنا القدير رمزي
أشكرك على هذا الطرح القيم والأكثر من رائع
لك مني اجمل التحايا واعذبها
دمت في حفظ من الله ورعايته

رمزي 01-09-2013 05:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الراسبي (المشاركة 205374)

اخي العزيز المبدع رمزي قصه جميله جدا ورائعه
وفي غاية الجمال والابداع
تسلم على هذا النص الجميل
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

حياك ربي وبياك أستاذي عبدالله،،
بارك الله فيك وأسأل الله عزوجل أن يسلمك في الدارين ويرزقك صحبة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في أعالي الجنان،،:)

سالم الوشاحي 05-09-2013 09:58 PM

كاتبنا القدير رمزي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً على هذا الإثراء الطيب والنصائح الجميله

نعم أثلجت الصدور وأبهجت الحضور...

قصة متكاملة بالموعظة الحسنة والشرح الوافي

دمت هكذا دوماً ... سجل إعجابي وتقديري العميق

رمزي 08-09-2013 10:07 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجى جوهر (المشاركة 205384)

أثلج الله صدرك و نور عليك
فلقد أثلجت صدورا بهذه الرائعة
نشكرك من أعماق قلبي على هذا الإبداع
و على هذا الأسلوب المبتكر لإيصال
الأفكار و المعلومات و المواعظ الحسنة
لقد أبدعت أخي في تضمين أغلى النصائح
و أثمن المواعظ و أبلغ الهدي
في قالب قصصي حواري مثير
أبارك لك هذه الرائعة القصصية الجميلة
و أتمنى لك إطراد و التقدم و المهارة
تقبل تحياتي


سيدي العزيز ناجي،،
أسأل الله عزوجل أن يبارك فيك ويجعل بردا وسلاما دائما على قلبك،،
وأشكرك من أعماق قلبي على ثنائك وحسن ظنك بي،،:)

رمزي 10-09-2013 07:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود المشرفي (المشاركة 205385)
كاتبنا القدير رمزي
أشكرك على هذا الطرح القيم والأكثر من رائع
لك مني اجمل التحايا واعذبها
دمت في حفظ من الله ورعايته

آمين،،
حياك ربي وبياك أخي الغالي محمود،،
لك مني كل التقدير على تشريفي بالمرور الدائم،،
وفقك ربي لكل خير،،:)


الساعة الآن 08:48 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية