منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   المهرج الصغير (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=22232)

محمد الفاضل 11-03-2016 01:38 PM

المهرج الصغير
 
1 مرفق
المهرج الصغير – محمد الفاضل

أسند رأسه الصغير المتعب فوق الرصيف البارد وهو يحتضن رفيقه الأثير على قلبه , ينام بقربه ولا يفترقان أبداً, لقد أصبح أنيسه في وحدته القاتلة , حاول أن يخلد إلى النوم ولكنه لم يفلح البتة , بدأ موتور معدته يعزف صوتا نشازا ويصدر قرقعة مثل صرير باب قديم أكل عليه الدهر وشرب , معلناً تمرده ورفضه الانصياع إلى أوامره . ولطالما حاول أن يلقمه بضع كسرات خبز قديمة كان يحتفظ بها في كيس قماش متسخ تكسوه بقع زيت وتتوزع الرقع فيه على كامل مساحته , عله يهدأ ويتوقف عن الشكوى والتذمر المستمر .
حاول أن ينال قسطاً من الراحة بعد ماكابده أناء النهار من مشقة أثقلت كاهله في البحث عن بقايا خبز يسد بها رمقه , يذرع الحي جيئة وذهاباً ويحدوه الأمل أن يؤمن قوت يومه ليبعد عنه شبح الجوع.كان يحرص على انتعال رفيقه المفضل الذي يفوق حجمه جسده النحيل وهو يسير مترنحاً مثل مهرج سيرك مع فارق أن وجهه لاتعلوه المساحيق ويخلو من أية تعابير ضاحكة.

عاد بذاكرته إلى الوراء قليلاً , يوم قرر أحد القناصة أن يمارس هوايته المفضلة ويتسلى باختيار ضحيته ويقرر بدون رحمة أن يرسله إلى العالم الاَخر دون أن يعبأ بما سوف تؤول إليه أمور عائلته عندما يفجعون بخبر موته. في ذلك اليوم المشؤوم كان والده يصرخ ملء حنجرته " حرية " " حرية " مع مجموعة من المتظاهرين ولم يكن يعلم أنها سوف تكون كلماته الأخيرة.
يومها قرر أن يحتفظ بحذاء والده وأصبح ميراثه الوحيد , مرت الأيام ثقيلة وبإيقاع رتيب وبدت على محياه علامات التعب والهزال وهو يتحامل على نفسه ولم يعد يقوى على الحركة كما كان يفعل قبل فقدان والده . الذئاب البشرية تحاصر المدينة حصاراً مطبقاً وتمنع عن الأهالي الطعام والدواء في محاولة مستميتة لقهرهم , في ذلك المساء الرمادي زاره طيف والده في المنام وبدأ يسأله عن أحواله وتلمس وجهه الشاحب وكم هاله ماأصاب ولده من هزال حتى بدا كالأشباح.
" لماذا تركتني وحيداً ياأبي " لماذا "
" خذني معك فقد خارت قواي ولم أعد أطيق العيش وحيداً "
" لن أتركك مرة أخرى ياولدي الحبيب " " ثق بي , أعدك "
أشرقت الشمس في صباح ذلك اليوم وبدأت خيوط الشمس تتسلل على إستحياء , وبدأ الأهالي يتجمعون أمام ذلك الملاك الطاهر وهو ينتعل حذاء والده وعلى مقربة منه بقايا شظايا خبز قليلة وتعلو وجهه ابتسامة لم يفهموا كنهها .

السويد – 10 / 3 / 2016




عبدالله الراسبي 11-03-2016 01:55 PM


اخي العزيز والقدير الرائع محمد الفاضل قصه رائعه جدا
وسرد راقي ومميز
دام قلمك المبدع وننتظر جديدك هنا دائما
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم

ناجى جوهر 15-03-2016 10:14 PM




يا إلهي ما أشد وطأة أحداث هذه القصّة المريرة !!
أبكيت قلوبنا قبل أعيننا أستاذ / محمد الفاضل
سرد نموذجي لمعاناة دامية حارقة مستمّرة دون هوادة
لقد أبدعت ريشتك أستاذ محمد في نقش وتصوير هول
الفواجع التي يعانيها السوريون كبار وصغار بلا رحمة
من نظام فقد الرحمة وعدم الإنسانية، فلا يشعر بأي
الم أو ندم أو أسف على الأرواح المزهقة، والأسر
المشرّدة والأعراض المغتصبة، والحقوق المنتهكة
يشعر فقط بالضيق والإنزعاج من مطالبة الناس بالحريّة
لقد الجمه الخوف من فقد السلطة عن الإحتكام إلى العقل والمنطق
لذلك سلّط عليهم جلاوزته الذين لا يرحمن، يؤيده المنتفعون
الذين عاشوا على دماء وأقوات وأحلام وحقوق الشعب
ينتهكونها ويعيثون في الأرض فسادا بمباركة الظالم
رحم الله شهداء الحريّة في كل مكان
وشفاء الشافي الجرحى والمصابين
وأعاد الأمن والإستقرار إلى بلاد الإسلام
وتقبّل تحيّاتي




محمد الفاضل 15-03-2016 10:19 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الراسبي (المشاركة 258216)

اخي العزيز والقدير الرائع محمد الفاضل قصه رائعه جدا
وسرد راقي ومميز
دام قلمك المبدع وننتظر جديدك هنا دائما
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم


الأستاذ العزيز عبد الله الراسبي
كم هو جميل ومميز حضورك أخي
تقبل خالص شكري وتقديري
دمت بخير وعافية

محمد الفاضل 15-03-2016 10:22 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجى جوهر (المشاركة 258268)



يا إلهي ما أشد وطأة أحداث هذه القصّة المريرة !!
أبكيت قلوبنا قبل أعيننا أستاذ / محمد الفاضل
سرد نموذجي لمعاناة دامية حارقة مستمّرة دون هوادة
لقد أبدعت ريشتك أستاذ محمد في نقش وتصوير هول
الفواجع التي يعانيها السوريون كبار وصغار بلا رحمة
من نظام فقد الرحمة وعدم الإنسانية، فلا يشعر بأي
الم أو ندم أو أسف على الأرواح المزهقة، والأسر
المشرّدة والأعراض المغتصبة، والحقوق المنتهكة
يشعر فقط بالضيق والإنزعاج من مطالبة الناس بالحريّة
لقد الجمه الخوف من فقد السلطة عن الإحتكام إلى العقل والمنطق
لذلك سلّط عليهم جلاوزته الذين لا يرحمن، يؤيده المنتفعون
الذين عاشوا على دماء وأقوات وأحلام وحقوق الشعب
ينتهكونها ويعيثون في الأرض فسادا بمباركة الظالم
رحم الله شهداء الحريّة في كل مكان
وشفاء الشافي الجرحى والمصابين
وأعاد الأمن والإستقرار إلى بلاد الإسلام
وتقبّل تحيّاتي





أخي الأستاذ ناجي جوهر
سعيد بوجودك هنا وألف شكر على مداخلتك القيمة ونبل مشاعرك
حفظك الله ورعاك
ودي

زهرة السوسن 21-03-2016 11:00 PM

قصة رائعة، ولوحة فنية راقية، نقلت إلينا تباريح الألم، وتصدع الأكباد هما وغما، وتوقد الأحشاء نيرانا بسبب الجوع ، بوركت أيها المبدع: محمد الفاضل.

محمد الفاضل 22-03-2016 05:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة الفزارية (المشاركة 258352)
قصة رائعة، ولوحة فنية راقية، نقلت إلينا تباريح الألم، وتصدع الأكباد هما وغما، وتوقد الأحشاء نيرانا بسبب الجوع ، بوركت أيها المبدع: محمد الفاضل.


يامرحبا بشذا حضورك سيدتي
تقبلي خالص شكري
تحيات عطرة

عباس العكري 01-08-2016 05:35 PM


ذكرى 01-08-2016 05:48 PM

روائع لا نملك أمامها إلا الصمت إجلالا
دام نبضك

محمد الفاضل 06-08-2016 10:44 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري (المشاركة 260199)

حضور جميل أخي المبدع الأستاذ عباس
شكرا على التصميم الرائع


الساعة الآن 10:50 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية