منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   الحـــــــوارات والأخبـــار وجديد المــوقع (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   قصيدة بلون الحياة (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=16485)

سالم الوشاحي 20-03-2013 06:17 AM

قصيدة بلون الحياة
 
إبراهيم اليوسف

شغل الحديث عن روح الشعر الكثير من الدراسات والبحوث التي كتبها النقاد، منذ بداية تبلور مفهوم النقد الأدبي، وحتى الآن، إذ إن هذه القراءات الهائلة التي أنتجت بالتوازي مع الإبداع الشعري، وعلى اختلاف مستوياتها، تستطيع أن تشكل مقاربات مهمة من الكثير من أدوات النص الشعري، ولتفلح أكثر في تلك الجوانب المتعلقة بشكل النص ومضمونه، لاسيما على صعيد اللغة والبلاغة والمجاز والإيقاع . . إلخ، حيث ثمة قواعد وأسس تبلورت، انطلاقاً من رؤى كل مدرسة شعرية، سواء أكانت قديمة أو حديثة، وهو ما يعين منتج النص والمتلقي، في آن، حيث يمكن التعامل -مخبرياً- في كل من تلك المجالات المذكورة، وغيرها أيضاً .



وبات في استطاعة الناقد المُجيد، أن يطلق حكم القيمة في النص الشعري، بعد تشريحه، ليضع إصبعه على النقاط المضيئة فيه، إلى جانب المآخذ التي قد تسجل عليه، وهي -في الأغلب- أحكام أقرب إلى الدقة، وذلك تبعاً لدرجة عمق تجربة الدارس، حيث إن مقاربات النص الشعري قد تتعدد باختلاف دارسي النص، وإن كانت هناك نقاط التقاء محددة، لا يختلف في استقرائها الناقد الممتلك لأدواته النقدية .



وإذا كان الأمر، على هذا النحو مع مجموعة المفردات التي تمت الإشارة إليها ضمن النص الشعري، فإن هناك عنصراً يظلُّ عصياً على الناقد، خارج هاتيك المفردات، ولا يمكنه تشخيصه بسهولة، بل تكون درجة التباين في تناوله جد مختلفة، إلى ذلك الحدِّ الذي لا يمكن أن تتمَّ الإحاطة الكاملة به، لأنه فضاء مفتوح على التشخيص والاستقراء .



ومن هنا، فإن هذا الجانب الذي لا يمكن التفاعل معه بسوية واحدة من قبل نقاد الشعر، يظل كذلك بالنسبة إلى المتلقين عامة، حيث يتوقف أمر كنهه على عامل التذوق الشخصي لدى كل منهم، إذ نكون أمام بارومتر يكاد لا يستقر مؤشره على حال، وهو ما يصنف هذا العنصر خارج تلك المخبرية، وهو ما يدفع ببعضهم للتحدث عن ترجرج المعيار، بيد أن الأمر ليس هكذا البتة، لاسيما إذا علمنا أن الناقد الواحد، قد يتغير مستوى تأثره بالنص نفسه، بتعدد قراءاته الشخصية، وفقاً لطبيعة الحالة التي يمر بها، ولعل قصيدة تهزُّ بعضنا في لحظة ما، قد يخفت بريقها في ما بعد، أو العكس، بالرغم من أن القصيدة العظيمة تظل محافظة على توازنها الداخلي، وقدرتها في التأثير، بالدرجة نفسها، وإن ما يتغير هنا وهناك هو حالة القارئ .



وطبيعي، أن مثل هذه القصيدة التي لا تستنفد قدرتها في التأثير، وتظل محافظة على ألقها، وسحرها، من دون أن تستهلك، وهي تُتداوَل جيلاً بعد جيل، قادرة على استيلاد قوة جذبها، وعوامل سطوتها على الجمهور، وهي التي يشحنها مبدعها بكهرباء توتره، وقلقه، وفرحه، وألمه، ورؤاه، وانكساراته، بل ونبضه، لتغدو متجددة، باستمرار، مهما تقادم تاريخ كتابتها، كي تكون بذلك قصيدة الحياة نفسها .

جريدة الخليج


الساعة الآن 08:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية