منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   حارة الدجاج (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=21518)

فيصل مفتاح الحداد 26-05-2015 03:59 PM

حارة الدجاج
 
حارة الدجاج
لم يكد هذا الديك يمر بإحدى دور الدجاج ، حتى وقعت عيناه على كتكوتة
كالعاج ، جميلة رشيقة ، نظيفة أنيقة ، لم يكن قد رآها من قبل قط ، أو
علم بمثلها في قبائل البط ، قعد في موضع مجاور ، يسأل عنها ويحاور ،
وقد أطلق العنان لعينيه ، ووزنها بمقلتيه ، فرجحت في ميزان عقله الحاد
، وثقلت في كفة فكره الوقاد ، ومازال يجلو بصره منها ، ويستوفي
الحديث عنها ، حتى علق منها بقلبه ما علق وقال سبحان من خلق ،
لا أظنها كسائر الدجاج ،وهي تزهى بهذا الحسن الوهاج ثم عاد إلى
بيته وقد أضناه الجمال ، وأودى بمهجته في الحال، وما إن أشرق صباح
اليوم التالي حتى أسرع بالخروج والسير ، وكاد من لهفته أن يطير ،
ويسلك مسالك الطير ، ولما اقترب من موضعها قعد يترقب خروجها
الموعود ، من قصرها المرصود ، وما لبثت أن خرجت تستنشق أنفاس
الصَّباح ، بعد أن أشرق بضوئه ولاح أما هو فقد مدَّ رأسه ، واستشعر
أنسه ، وكأنما يتأمل شيئاً حادثاً ليس له به عهد ، أو معلماً من معالم
المجد ، وها هي تمشي ..تقترب من أكوام الأمنيات ، إنها على بعد
خطوات...صاح صيحته المألوفة ، ونغمته المعروفة ، محاولاً جذب انتباهها
إليه ، وتحويل قلبها عليه ، ولكنها ولته ظهرها باستعجال ، ومضت في
سبيلها في الحال ، أسرع الديك يسبطرُّ خلفها ، أيتها الكتكوتة الجميلة
اسمعيني ! فالتفتت إليه فجأة :
- من أنت ؟
-أنا جاركم الجديد .
-وماذا بعد ؟
- رأيتك فظننتك من حارة أخرى غير التي أسكنها ...
فابتسمت وأطرقت خجلاً ومضت ، فكأن روحه قد قضت ، فعاد إلى داره ، حتى
استقر في قراره، وفي نفسه منها صدوع ، وفي قلبه شيء مقطوع، ماذا
دهاني ؟ وأصاب كبدي وكواني ..
وفي اليوم التالي ..
-أين أنت يا ولدي ، انقر هذه الحبوب ، فقد أحضرتها إليك ، وجعلتها بين يديك .
-لا أريد يا أمي ، ليس بي شهية للطعام ، أريد أن أنام ..
-لمَ ياولدي ؟ يا قطعة من كبدي ، ثم ما هذا الذبول الذي أراه ؟ ويحك ما لك ؟
أنجح الله أعمالك .
_ ثمة شيء أصاب كبدي ، وأوهن عضدي .
-لا تُخْفِ عني أمرك ، وصارحني بما تجنه في قلبك .
وبعد أن حكى حكايته ضحكت أمه وتهللت، وفرحت وتكلمت :
-لا بأس عليك..سنطلبها من أهلها ..هذا يوم سعيد ..
لم ينم أحد تلك الليلة وقد ضربت الدفوف ، ورقص الدَّجاج والضُّيوف ، وجاءت
الكتكوتة ترفل في زينتها ، وتخطر في مشيتها ، فانبهر الحاضرون ، وزغرد
القاعدون ، وهنأوا الديك بحصول المراد ، من بعد ما غاب وعاد ، وقد لبس
ثيابه الأنيقة ، وارتدى حلته الرشيقة ، فبدا كأنه القمر ، أو البدر في دجى
السحر ، ومازالت الأفراح على قدم وساق حتى آذن الوقت بالفراق ، فأخذ
عروسه وانسحب ، وعلى وجهه علامات الرضا والطرب .

سالم الوشاحي 26-05-2015 06:20 PM

أخي الغالي فيصل مفتاح الحداد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلاً بك من جديد أيها القاص النبيل ...عوداً أحمد إن شاء الله

قصة جميلة وسرد سلس.... توّج بالحصول على المراد

وأثمر بالزفاف ......شكرا لك بحجم السماء ...انتظر تواصلك الراقئ معنا

تحياتي وجل تقديري

سالم سعيد المحيجري 26-05-2015 07:21 PM

أخي الكريم
والكاتب المميز فيصل مفتاح

قصة ونثر راقي جدا فكرا وتنظيما
دمت بكل خير بارك الله فيك
نتمنى لك التوفيق
وغلى الأمام دائما

ناجى جوهر 27-05-2015 12:43 AM



بديع إثراؤك أستاذ / فيصل مفتاح
جميل جدا أن نحظى بهذا الرقي في المبنى والمعنى
والأجمل ان تطوى الأسرار خلف ستارة رمزية
وما أجمل أن تنتهي قصة الحب بإجتماع الشمل!
أشكرك شكرا جزيلا
وتقبّل تحيّاتي


عبدالله الراسبي 27-05-2015 07:38 PM


اخي العزيز والقدير فيصل مفتاح الحداد قصه جميله جدا ورائعه
وسرد رائع وطيب
وننتظر جديدك هنا دائما
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم

محمد العيسى 27-05-2015 09:28 PM

قصه جميله محترمه يعطيك الف عا فيه

ضوء نص القمر 12-06-2015 05:21 PM

قصه جميله ورغم ان الكاتب عمد إلى الترميز
إلا ان الفكره كانت جدا واضحه تصل للمتلقي بسهوله
شكرا لما خطه قلمك هنا كل الشكر
وبانتظار المزيد من الإبداع
كنت هنا..
ضوء نص القمر
ع.ق


الساعة الآن 12:34 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية