منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   عقوق الجزء الثاني (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=20473)

ناجى جوهر 20-11-2014 12:42 AM

عقوق الجزء الثاني
 




عقــــــــــــوق

قصة إجتماعية



الجزء الثاني

القرار الخطير




فأقبلت مترددة خافضة رأسها

فقال لها: إقتربي مني أريد أن تعلّميني كيف أفعِّل البلوتوث

فأذهلتها المفاجأة وركضت نحوه في حماس منقطع النظير وبدأت تشرح له

وفجأة طلب منها فتح الرسائل الصادرة منها والواردة اليها

وقال: إنكِ ترغميني على هذا فلست أرغب في معرفة أسرارك

ولكنكِ أجبرتيني على فعل هذا عندما سلكتي سبلا غير سوِيّة

وبما أنكِ قد بلغتي هذه الدرجة من الإنحطاط في مخاطبة الرجال

فلا بد أنكِ تخفين الأدهى والأمرّ

عندئذ تمنّت أملُ أن تنشقّ الأرض وأنْ تبتلعها

فنظرت إليه في هلع ورعب, فقال لها: لماذا أراكِ مترددة؟

أهناك ماتخشين كشفه أمامنا؟

فأنا أعدكِ أن لا أقرأ رسائل البناتِ إليكِ, ولا رسائلك إليهن

وإن كانت رسائل من نوعٍ آخر فمن حقي أن أطلِّع عليها لكوني والدك

ووليُّ أمرك والمسؤل عنكِ أمام الله ثُمَّ أمام المجتمع حتى الآن

ففتحت الرسائل بيد مرتجفة قد بللها العرق

وفعلا تأكدت ظنونه, إذ عثر على عشرات الرسائل المرسلة والواردة

أغلبها من وإلى شباب وحتى رجال متزوجين

فأختار رسالة كتبتها هي إلى أحدهم وطلب منها أن تقرأها بصوت مسموع

ترددت, أنتهرها, بكت فقال: لماذا تبكين؟ لست أفهم

هل أجبرك هذا الإنسان على محادثته ومراسلته؟

أم تودّين إيهامنا بتقواكِ حتى تفاجئينا بفضيحة مدوّية؟ هزّت رأسها نافية

قال: إذن إقرأي ودعي أمَّك تسمع الفاظك التي سمعتها ليلة أمس, بكت, فقال: إقرأي

فتدخّلت الأم قائلة وقد غلبتها عاطفتها: دعها ترتاح قليلا ثم يمكنك مناقشتها

قال: لم أطلب منها غير قرأة رسالة, فهل يشقّ عليها هذا؟

فقرأت: حبيبي فُلان .. لو تعلم حجم عذابي لكنت إختطفتني وأنقذتني ...

فقال لها والدها: توقّفي عندك, فتوقّفت, قال: عن أي عذاب تتحدّثين؟ صمتت

قال: أظنّه عذاب رغباتك.فكلنا نمتلك رغبات لكننا نسيطر عليها ولا تحكمنا مثلك

ثم اختار رسالة أخرى فقرأت: حبيب فلتان لا طعم للحياة ولا لون لها بدونك

إنني أتحسّر على سنوات عمري التي ضاعت وأنت بعيد عنّي ...

قال الوالد معقّبا: إذا فنحن جميعا لا نعني لكِ شيئا, ولا تذكرين لنا يوما سعيد؟ إقرأي

فقرأت: حياتي علاّن يا أغلى الناس متى تنوّر دنيتي وتمسح دمعتي؟

وقرأت: روحي فلان يا ريت لي جناحين كنت أهرب من سجني لتسجنني في قلبك

قرأت وقرأت رسائلا إلى عشاق ومعشوقين لا يخرج مضمونها عن الشكوى

من الحزن والضيق والوحدة, والرغبة في مغادرة البيت الذي يؤويها

وكأنها ستدخل الجنة فور زواجها من أيٍ كان

فقال والدها: هنيئا لكِ كل هولاء الأحباب, فهلا رسى قلبك على حبيبٍ واحد فقط؟

لا أراكِ إلا سلعة رخيصة تعرضينها بثمن بخس, واظنُّك لم تعودي ترغبين بإكمال دراساتك العليا؟

سكتت, فقال: أجيبيني, أمعنت في السكوت, فإنتهرها وقد بدأ يغضب

قالت مرتجفة: كلا يا أبي بل أريد أن أدرس, قال: أتقسمين على هذا؟ سكتت

قال: لا يحقُّ لي إجبارك على فعل ما لا ترغبين بفعله

ولكن يحقُّ لي المحافظة على شرفي وسمعتي, ولن أسمح لك ببيع نفسك إلى الرجال

قالت: لم أفعل, قال: بل فعلت, قالت: كيف؟

قال: أنت تعلمين ما تفعلين من مراسلات ومحادثات

قالت: لم أفعل شيئا غير الدردشة

قال: فهل حديث النساء مع الرجال لغير ضرورة أمر مباح؟

الا تعلمين أنكِ تضعين نفسك في موضع الريبة؟ سكتت

قال: ولماذا تدردشين مع الرجال الأجانب أصلا؟ قالت: أتسلى

قال: أبفساد القيم والأخلاق وتعريض نفسك للريبة تتسلين؟

قالت: لم أفعل شيئا غير الكلام والرسائل

قال: الا تعلمين أن تحدّثك معهم ومراسلتك لهم في غير ضرورة يعتبر خلوّة محرّمة؟

وهل تضمنين أن أحدا لم يسجّل حديثك معه أو لم ينشر رسائلك؟

فأرتجفت وبلعت ريقها, وسمعا أحدا يدخل الدار, فأمرها بالإنصراف

وأحتفظ بالهاتف الذي وجد فيه صورا لها وهي متبرّجة

وصورا أخرى لشبابٍ ورجال من أعمارٍ مختلفة

فأصيب بحيرة شديدة أنسته المحافظة على الهاتف مفتوحا

وعندما أراد إعادة تشغيله وجده قد إنغلق تلقائيا

وحينما أعادته إليه بعد أن فكّت الشيفرة وجدها قد محت جميع

الرسائل والصور, فسكت وقد توقّع أن تؤثر فيها الحقائق التي ذكر

كانت أختها بثينة أقرب الناس إليها, ولكنّها لا تعرف الكثير

عن أسرار أمل مع إنهما تنامان في غرفة واحدة

ذلك لتكتمّ أملٍ الشديد, وحرصها على أن لا يعلم أفراد أسرتها بما تفكّر فيه وتخطط له وتفعله

فأستغلّت أمُّها ميزة بثينة وشرحت لها المأساة المقبلة عليها أختها, وطلبت منها مناقشتها

في هدوء, وأن تبيّن لها موقف الشرع من هذا التصرف الذي يؤدي إلى نتائج وخيمة

وأفهمتها أن من قواعد الإسلام سدّ الذرائع, أي منع أسباب الفتن

فأجتهدت بثينة في تحويل فكر أمل إلى ما هو أفضل لها, غير أن أمل كانت قد حسمت أمرها

وقررت التعرّف على رجل ترتبط به عن طريق الزواج المقّدس, فتعيش في هناء وسعادة

وتنجب صبيان وبنات, وهذا مطلب شرعي لكل أنثى ولكن هناك محاذير وقيود ومتغيرات

وأوّل هذه المحاذير أن تقع الفتاة ضحية نصب وإحتيال

وأشدّ القيود هو منع الخلوة المحرّمة مهما كانت مبرراتها, حتى وإن كانت عن طريق الرسائل

النصيّة أو المحادثات الهاتفية وخلافها, أمّا المتغيرات فأشدها قسوة الحياة في العصر الراهن

الأمر الذي يستدعي تظافر جهود الذكور والإناث في العمل لكسب لقمة العيش الحلال

فمتى ما تعاون الزوجان في النفقة ضمنا بعد توفيق الله الحياة الكريمة لنفسيهما ولمن يعولان

وبناء على مستوى الفرد العلمي تتوفّر فرص العمل الأمثل

وهذه الأسباب وغيرها توجب على الفتاة الإجتهاد في طلب العلم مثلها مثل أخيها

غير أن خطّة أمل تختزل كل هذا الجهاد, فهي ترغب في الزواج من رجل مقتدر يسعى عليها

وعلى عيالها, بينما تقوم هي بدور ربة البيت, ولا شكّ في أنها تؤدي دورا عظيما في بيتها

ولكن الأعظم منها من تقوم بدور في البيت ودور آخر في المكتب أو في المعمل

فالمعلمة أفضل منها والممرضة ومديرة المعهد والسكرتيرة وغيرهن من المناضلات

كل هولاء يقدّمن خدمات عامة للمجتمع وخدمات خاصة لبيوتهن

فماذا يمنع أمل من تحقيق هذا الهدف السامي غير عجلتها وطغيان شهوتها, وإنعدام طموحها

وإنكسار همتها؟ ماذا ستفعل إذا طلّقت وقد أنجبت طفلين أو ثلاثة؟

هل ستكفي النفقة الملزم بها الزوج لتحقيق العيش الكريم لها ولإبنائها؟

هل ستتمكّن من معاونة وصلة أرحامها من ذلك المبلغ المتواضع الذي يمنّ به زوجها عليها؟

طرحت بثينة كل هذه الأسئلة وغيرها على أمل, غير أن أمل كانت لها وجهة نظر أخرى

فهي تؤمن بقدرتها على تجنيب بيتها عوامل الإنهيار, وإضفاء البهجة والسعادة الدائمة

وذلك بإرضا الزوج, وعدم إزعاجه أو إغضابه, وسوف تتحمّل

هفواته وأخطائه وتقصيره لتضمن عدم تطليقها, وستغدق عليه من حبها

ما يمنع قلبه من التفكير في غيرها, وستخدم والديه بعينيها

ليرضوا عنها فيرضى عنها, وستقوم بكل ما تستطيع لخدمة أخوات الزوج وإخوته

وستتهتم بابنائها وبناتها وستساعدهم على بلوغ أقصى مراتب العلم

فسخرت منها بثينة قائلة: فاقد الشىء لا يعطيه

إنّك لا تملكين عزيمة فكيف ستساعدين بناتك؟

ظلّت أمل تظهر السمع والطاعة لوالديها, وتخفي نيّتها في إصطياد زوجا عن طريق الشات

أو المسنجر أو عن أية طريقة المهم أن تتزوج في أسرع وقت ممكن

لتهنأ بالسعادة الأبدية كما تعتقد

وفي نهاية العام الدراسي أحرزت معدّلا جيدا يضمن لها مقعدا في إحدى الكليّات

لكنّها تباطأت في تسجيل بياناتها, وتأخرت عمدا عن موعد القيد

ففقدت فرصة التعليم المجانية

يتبع إن شاء الله




نبيل محمد 20-11-2014 01:30 AM

الاستاذ ناجي جوهر

قصة تدفقت شاعريتها من الانهمار اللغوي
واستمدت عذوبتها من فصاحة الكلمات،
ومن صليل الإيقاع اللغوي الجهير؛
ومن موسيقى الحياة الأسرية،
لتغمر القارئ بضباب حلو
من تفصيلات حية تتفتح عنها الذاكرة،
وتمتزج بها،
لتحقيق الدرجة العالية من (التماهي)
اخي الغالي ناجي
لقد عبرت بكل ما يوصف من مواقف وشخوص بصدق بالغ


سالم الوشاحي 20-11-2014 06:11 AM

الأستاذ النبيل ناجي جوهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

القصة الرائعة هي التي تكون ذات مغزا ودلائل واهداف ...وهنا

سرد أنيق واحداث تربوية متصاعدة ...والأجمل اللغة والإبداع المتجدد

سننتظر إطلالتك وفيض ما لديك...متابعين لك أيها الأصيل ..

تحياتي وجل تقديري

ناجى جوهر 20-11-2014 07:30 PM



أهلا وسهلا بك أستاذ / نبيل محمد
فإن ما نسمع ونقرا عنه من مشلات إجتماعية معاصرة
تفرض على المرء المنتمى حقا إلى مجتمع مسلم
ان يساهم في تبديد الظلمات
وتنوير ما يمكنه من عقول وأفئدة
بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة
التي امرنا رب العزة بقولها
أدام الله عليك نعمه من صحة وعافية
وعلم وثقافة
وخلق رفيع
وذوق سامي
وتقبّل إمتناني العميق
وشكري الجزيل
وإحترامي البليغ



ناجى جوهر 20-11-2014 07:41 PM





حيّا الله الشهم النبيل
الطيّب الأصيل
أخي الأثير / سالم الوشاحي
كم تسرّني هذه الإطلالة السعيدة!
أسعدك القدير, وأبعد عنك كل سوء ومكروه
وأتّفق معك أخي الوشاحي في أهمية تضمين المقاصد السامية
في كل عمل أدبي منظوم أو منثور
ومثل هذه المشكلات المعاصرة يتوجب
التطرّق إليها وبحثها علنا, وليس تجاهلها أو تناسيها
وقد ورد في الحديث الصحيح:( الدين النصيحة ..)
فهذا العمل أرجو من الله أن يتقبله منا جميعا:
ناشرون ومعقبّون وكاتبون وقرّاء
كعمل ضمن النصيحة لله ولرسوله ولأمة الإسلام
تفضل با أبا ســـــامي
بقبول فائق الإحترام والتقدير لشخصكم النبيل
ولكلماتكم التى تغني عن الكثير
أثابكم الله
وحفظكم ورعاكم




أمواج 21-11-2014 10:02 PM

الفاضل ناجي جوهر

للقصة مضمون وهدف

معاني وتسلسل في الأفكار

دائماً قلمك يجذب القارئ

دمت بخير أخي الفاضل

ناجى جوهر 23-11-2014 02:01 PM



أهلا بكِ أستاذة / أمـــــــواج
بصراحة أجد معارضة شديدة من بعض القرّأ حول النقاط التالية:

ـ تحجيم حرّية الأبناء
ـ حق الوالدين في معرفة أسرارهم
ـ جواز تفتيش هواتفهم من عدمه
ـ تدخلهما في إختيارات الابناء

فهناك من يحدد مرحلة عمرية لا يجوز عند بلوغها
ان يتدخّل الوالدين في أي شأن من شؤون أبنائهم
وكذلك هناك من يعارض وبشدة التجسس على الأبناء أو مراقبتهم
وهناك من يجرّم تفتيش امتعتهم وهواتفهم أو غيرها من الأجهزة
وحقيقة لا أعرف كيف سيتمكّن الوالدان من توجيه الأبناء
بدون أن يعرفا شيئا عن حسن أو سوء سلوكهم
وبخاصة عندما يقعون في المتاعب.



[/center]

كاملة البلوشي 26-11-2014 12:06 AM

ماشاءالله يا استاذنا قصه جمييله ولها اهداف
تسلم اناملك يا راقي

ناجى جوهر 26-11-2014 12:10 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كاملة البلوشي (المشاركة 239575)
ماشاءالله يا استاذنا قصه جمييله ولها اهداف
تسلم اناملك يا راقي



الله يسلّمك أستاذة / كاملة البلوشــي
سرّني مرورك أيتها الشاعرة المجيدة
وتقبلي تحياتي





الساعة الآن 06:23 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية