منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   سلالاّمة وذيل العجوز 6 (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=21237)

ناجى جوهر 28-03-2015 10:33 PM

سلالاّمة وذيل العجوز 6
 





حكاية شعبيّة



سلّامة وذيل العجوز


(6)




المغامرة القاتلة



وبعد الإستراحة استؤنف اللعب فتقدّم الحكيم بثقة عمياء
وأخذ يهاجم بيادق الأميرة بكل شراسة حتى قضى على معظهما
فشعر المتفرِّجون بالحزن والخشية على الفارس الملثّم
الذي ظل يفشل الهجمات المتتالية, وعندما نفذت حيل الحكيم
شرعت الأميرة في شن الهجمات الصاعقة والماكرة على ملك الرسيل
حتى أوقعته كش مات, فصاح المشاهدون إبتهاجا بذلك الفوز المستحقّ
وقام الحكيم مهنئا الفارس الملثّم وكذلك فعل الأمير والشاب
وبذلك إنتهت الجولة الأولى على أن تقام الجولة الثانية في اليوم التالي.
كانت الجولة الأخيرة بين أربعة لاعبين هم الملك ووزير حربه وابن أحد التجّار
والفارس الملثّم (الأميرة سلاّمة) المتنكّرة
و يقضي قانون اللعب بخروج المهزوم, وبعد إجراء
القرعة كان على الأميرة أن تلاعب الملك دحّام والدها
فجلس كل منهما يقابل الآخر, ووضعت رقعة الشطرنج
بينهما, وأجريت القرعة لبدء اللعب, فكانت الخطوة الأولى من نصيب الأميرة
وقبل أن تحرّك بيدقها صاح الوزير:
أنا أنسحب من المنافسة, فأختلطت الأوراق, وأمر المراقب بإعادة القرعة بين الثلاثة
الملك دحّام والأميرة ميمونة وابن التاجر, فخرج سهم الأميرة, وأصبح على الملك أن
يلاعب ابن التاجر فلعبا لعبا بارعا وقدّما عروضا مبهرة حتى أذن لصلاة الظهر

فأمر المشرفون برفع الرقعة, على أن تستؤنف المباراة في الغد. وعند إنصراف الناس
فوجئت الأميرة بالحكيم يربت على كتفها, قائلا:
إنّك يا بُنيّ لاعب ماهر, لكنّ الملك دحّام أمهر وأدهى
فإن أردت أن تتفوّق عليه, فلا تتعجّل في تنفيذ
خطّتك, وأثقل عليه بالتفكير حتى يضجر, ثم ذهب.
وفي القصر باتت الأميرة ترسم خططها الهجوميّة والدفاعية
وفجأة سمعت من يقرع باب الغرفة
فرفعت رقعة الشطرنج وأخفتها, فإذا بالملك دحّام قد أتى
مسلّما, ثم جلس يتحدّث معها في أمور شتّى, وقبل أن يخرج قال لها:
أدعي لي يا ابنتي
قالت: وماذا هناك يا أبي؟
قال: غذا سأباري الفارس الملثّم في الشطرنج
قالت: وما الشطرنج يا أبي؟
فأبتسم الملك وقال: لا عليكِ, ثم خرج.

وفي اليوم التالي إستأنف الملك اللعب ضدّ ابن التاجر المتحمّس والمندفع
فما لبث أن الحق هزيمة نكراء بالملك دحّام, فنهض الملك مسرورا
وصافح ابن التاجر مهنئا
وبعد إستراحة قصيرة بدأت المباريات الفاصلة والنهائية بين
ابن التاجر والفارس الملثّم والذي كان شديد البطء في نقلاته
فأصيب ابن الوزير بالضجر والضيق
وأوغل الفارس الملثّم في البطء حتى فقد المتفرّجون حماستهم
وكاد ابن التاجر أن يصرخ في وجهه وقد بلغ منه الغيظ كل مبلغ
إذ كان منتشيا بفوزه على الملك, وأراد أن ينهي اللعب مع رسيله
في أسرع وقت ممكن بينما كان هذا يستفزّ أعصابه
ببطء نقلاته وطول تفكيره, وعندما فقد ابن التاجر
صبره قذف بقطع الشطرنج بعيدا وقال مغتاظا:
أنا أستسلم أيها البارد
فهتف الناس بحياة الملك دحّام وحياة الفارس المنتصر
وأعلن الحكام فوز الفارس الملثّم, فنصب الخدم منصّة التتويج
ثم جلس الملك ووزراؤه ووقف الناس ليشهدوا تتويج الفارس الملثّم
أميرا على المقاطعة الغربية
فسلّمه الملك خاتم الأمارة ومفاتيح القصر ومقاليد
حكم تلك المقاطعة.

فصاح قال الفارس الملثّم بأعلى صوته:
ما تقول في شجاعتي وعقلي دهائي أيّها الملك؟
قال الملك دحّام: أشهد أنك فارس شجاع ذكي أريب
وتمنّيت أن تكون ولدا لي
فكشفت الأميرة عن وجهها, فصرع كل من رآها
من سحر عينيها وحمرة شفتيها وورد خدّيها وفتنة جمالها وروعة بهائها
بينما أصيب الملك دحّام بالذهول
لكّنه تدارك نفسه وأقبل على ابنته فقبّلها بين عينيها, وأجلسها إلى جانبه
ثم نهض وقام خطيبا فقال: أيها الشعب الكريم, إن الفارس الملثّم الذي
جندل أبطال المملكة وغلب الملك نفسه وتفوّق على الحكماء, وحيّر الفهماء
هي في الحقيقة ابنتي الأميرة سلاّمة, وكنت قد عزلتها في القصر الزجاجي
الذي تعرفون خوفا عليها, وبما أنّها قد أظهرت شجاعة نادرة وحكمة بالغة
وقوة باطشة فلا يحقّ لي حبسها أو منعها من حياتها الطبيعية
فهتف الناس مسرورين:
يعيش جلالة الملك دحّام, تعيش الأميرة سلاّمة

فقال الملك: وها أنا أعلنها لكم جميعا
فإنّ من يتفوّق على ابنتي ويتغلّب عليها في المكر والدهاء
وفنون الحرب والفروسيّة من أبناء الملوك والوزراء والأعيان والتجّار
فإنّي أزوجه منها وأتنازل لهما عن العرش
فاحمرّت وجنتي الأميرة خجلا
قال الملك دحّام: فعلى من يجد في نفسه القدرة على تحدّيها
ومنازلتها أن يتقدّم, أمّا الشرط الجزائي فهو أن من تغلّبت عليه الأميرة وهزمته
فإنّه يختار بين أن يصبح مملوكا لنا ونستولي على أمواله
أو أن يقتل ونستولي على أمواله أيضا.
ثمّ أمر بتوزيع الهبات والنقود والهدايا على الناس جميعا
وأمضت المملكة شهر من الأفراح والليالي الملاح

وبدأ توافد الأمراء وابناء التجّار والشيوخ والأعيان من مختلف أنحاء المملكة
ومن الممالك والبلدان القريبة والبعيدة, وكلٌ يطمع في التغلّب على الأميرة سلاّمة
والفوز بالجائزة السنية
فكان أول من قرع أبواب القصر معلنا عن رغبته في التحدّي هو الملك غسّان بن يحيى
ملك الجزيرة البيضاء, وكان شابا في ريعان شبابه ورث الملك بعد وفاة ابيه الملك يحي
فأشفق عليه عقلاء مملكته, ونصحوه بعدم التعرض لمغامرة مميتة غير أنّه أصرّ على موقفه
والحّ في المطالبة بنزال الأميرة, وللحقيقة فهو فارس مغمور مشهود له بالبسالة
وسعة الحيلة وجرأة القلب وقوة البدن
فأطلعه الملك دحّام على أبواب التحدّي ووضّح له شروط كل مجال ليختار ما يناسبه منها
فأختار المبارزة بالسيف اذ كان بارعا فيه
فشهد الشهود, ووقعا على التعهدات بحضور وزراء وكبار رجال المملكتين
ثم حددا المشرفون يوم النزال.

وكانت الأميرة سلاّمة تشاهد وتسمع الحوار
من مكانٍ خفي, فأقبل عليها والدها وقال لها:
يا ابنتي إن كنتِ لا تجدين في نفسك المقدرة على منازلة ذلك الرجل فسوف أحتال
لإلغاء هذه الجولة, فإنّه بطل شديد البأس
فقالت له: إطمئن يا أبي, فسوف أهزمه بإذن الله, لأنه إنما أتى طمعا في أموال المملكة
وخيراتها, وليس حبّا فيّ مصاهرتك.

وفي اليوم الموعود حضرت جموع الناس ليشهدوا النزال التاريخي بين ابنة الملك
ومبارزها, وعندما إكتملت الإستعدادات من مُحكمّين ومراقبين ومشرفين
حضر الملك دحّام ووزراؤه وحاشيته, ثم أمر ببدء النزال
فأقبل الملك غسّان بن يحيى وقد إرتدى لأمته راكبا
فرسا حمدانية رمادية اللون, فوقف على الخط المخصص له
ثم برزت الأميرة سلاّمة وقد لبست ملابسها التنكّرية وبيدها دوان مشرفي
وتمتطي صهوة فرس صقلاّوي أدهم, فوقفت في مواجة الملك غسّان
فنهض كبير الحكّام وتلا شروط المبارزة, ثم سأل الفارسين عن استعدادهما
وعاد إلى مكانه فقام مساعده وأعلن بدء المبارزة

فتقدّم الملك غسّان تدفعه أطماعه وجرّد حسامه من غمده
ثم صاح صيحة مهولة ذُعر منها الناس فأستقبلته الأميرة بإيتسامة ساخرة
بينما كان الملك دحّام وزوجته قد صرفا وجهيهما لكي لا
يريا ابنتهما مضرّجة بالدماء
وسكت المتفرّجون مهابة وهم ينظرون بإشفاق إلى الأميرة الشابة
التي تخوض غمار مبارزة خطيرة قاتلة
بينما كان الملك غسّان ينهال على درعها بالضربات القاصمة

يتبع إن شاء الله




وهج الروح 30-03-2015 11:31 AM

ومن يقدر على هزيمة أي موقف إلا روح أبت أن

تهزم خلف جدران العزلة فصل جميل وقوة حضور

وابهار وتميز وإثبات الذات التي أبت سلامة أن ترمى

خلف عالم لا تجيد فيه إلا الصمت /حين يكن الفخر عنوان

اي فرد لا يمكن أن يخفى خلف مدن النسيان / جميل وتصرف

ذكي وثقة حاضرة / في انتظار بقية الأحداث وحتما ستكون

دروس من نوع آخر لذكاء سلامة / سكون بالقرب استاذي


ناجي /تحياتي

ناجى جوهر 30-03-2015 12:25 PM


كم يبهجني تواجدك أستاذة / وهج الـــــروح
إن لحرفك سحرا أدبيا يلهب الحماس
ويشجّع على الإستمرار
وكما ترين فإن الإنسان متى عزم على فعل
لن تحول بينه وبين هدفه إلا قدرة العلي القدير
وهذه الفتاة المعزولة والمسجونة لم تثنها
أسوار السجن عن التطلّع إلى أفاق السماء
ولم تحد جدران القصر من عزماتها
فأنتفضت على المتسلّط ونبغت في إظهار
كيانها وفرض شخصيتها على الجميع
وهكذا كل صاحب مبدأ لا تثنيه المعوقات
عن الكفاح حتى نيل الوطر وتحقيق المنى
ويبقى ذيل العجوز وهو أشد إبتلاءا
وأفلّ مكانة من ابنة الملك
إلاّ أنّه تمكن من إنتزاع الملك وتربّع على عرشه
كيف؟
ذلك ما ستكشف عنه الأجزاء المقبلة بإذن الله
أسعدكِ القدير دائما وأبدا وهـــج الـــروح


سالم الوشاحي 10-04-2015 10:42 AM

الأستاذ الفاضل ناجي جوهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخذني الخيال بعيداًَ وأنا أقراء تلك القصة والشجاعة والبطولة

التي تتحلى بها بنت الملك سلّامة ...والتي أتت بكل من واجهها ...واعني بإن من أرد شئ

وصل إليه بالعزيمة والكفاح وروح التفاؤل ....

بوركت تلك اليد التي كتبت والعقل الذي أرشد وألهم ...

سأكون هنا إن شاء الله فاسمح غيابي الماضي عن هذه الواحة الطيبة

تحياتي وجل تقديري


الساعة الآن 10:30 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية