منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   النثر والخواطر (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=12)
-   -   بكاء الفجر (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=21407)

محمد العربي 04-05-2015 04:36 AM

بكاء الفجر
 
الفجر عندليب ٌ يعزف ُ بمزمار , والطير ُ جمهور ٌ يـُصفق ..
النسيم ُ حينها كواليـسا ً للطبيعه , والأرض ُ تتنفس ُ الندى..
في لحظة ٍ كهذه ..
كـُنا نـُحدق ُ بالأفق ِ البعيد كلوحة ٍ لريشة ٍ عابثه ,
نرمق ُ الخيط الرفيع الذي يفصلُ ما بين اليقظة والنوم..
ساعتهـــا..
كانت بين أحضاني تضيع ,
تلملم ُ الدفئ من فوق جسدي , وتتركني للعراء.
سحابة ٌ بلون الأمل تــُغطي أجسادنا حد ُّ الأرجل ,
وصوت ُ الريح معزوفة ٌ شرقيه..
قالت ْ وعينيها تتلألأ ُ كنبع الماء وهي تنظرني :
(أهذه آخر ليله ؟)
أحرقني صوتها الدافئ ُ في الشتاء ,
وأشعلني البرق ُ في عينيها
قلت ُ وقد أشرت ُ الى البعيد :
(هناك يجب ُ أن أكون حبيبتي ,
أرتدي لون الشقاء فخرا ً وكبرياء
أ ُمسـك ُ الحجر بيميني , ويساري يحمل ُ علما ً..
هناك حبيبتي أصنع ُ التاريخ ,
وبداخلي شمعة ٌ لا تنطفئ ُ لفراقك)
قالت : (رحيلك لن يزيد التاريخ سطرا ً ,
فهناك إمتلئت الأرضُ بالأجساد حد الإكتفاء ,
فلما العناء ؟!
والأرضُ تلفظ ُ أحشاءها من كثرة التواجد والحضور..
حبيبي لا مرقد لك فيها هناك من الزحام )
قلت ُ : (الأرضُ هي أ ُمي..
ومن ذا الذي لا يدفع ُ حياته ليعود إلى أحشائها من جديد
ليعود كطفل ٍ وليد ؟!!)
قالت ْ : (تقتلني بعنادك , وصلابة أفكارك..
لن أودعك فأنا أكره ُ الوداع ,
رحيلك كشمس ٍ معصوبة ُ العينين بداخلي ,
وأنا ساموت ُ إن غادر ظلك وجنتاي)
قلت ُ : (إنما أغادرك ِ حبيبتي لأعود إليك ِ ,
فأ ُعيد ُ تواجدي بداخلك كما لقاءنا الأول ,
فالحياة ُ دونك ضيقة ٌ كشرنقة ٍ صغيره ,
قابعة ٌ فوق غــُصن ٍ يكاد أن يتكسر)
الوقت ُ طلقات ُ رصاص ٍ لا تنفذ..
جآء الصباح..
وإستيقذ اللون فينا..
كانت تبكي بلون البنفسج والندى..
ضمتني إلى صدرها , عصرتني بين أوجاعها ,
حاولت أن تغرسني تحت جلدها , تــُذيبــُني في دمائها..
إلا أن أشفق الطقس عليها ,
فجاءت ْ سحابة ترفعها أجنحة ُ سرب ٍ من الطيور
وألقتها فوق رأسينا كالقبعه..
اللون أصبح غائما ً كالظل ِ والإنعطاف..
نظرت ُ إلى عينيها , ومسحت ُ بيدي بعض أدمــُعها , إلى أن إبتسمتْ
قلت ُ لها : (أحبك)
قالت : (أتعــِدُنـــي بأن تعود إلي ّ من جديد؟)
قلت ُ : (لن أ ُبارحك حتى وإن كنت ُ عنك بعيد )
نظرت ْ إلى الشرود من خلالــي ,
وهمست ْ بصوت الرجاء في أذن العراء :
(سأ ُحبــــك مواسم تحمل ُ ألوان عمري كلها )
إحتضنتــُها.. وإعتصرت ُ منها الحنين وأورثـتــُها الأمل..
قالتْ :(قبــِلنـي الآن .. قبل أن أفقد معناي وأتبخر)
قلتُ :(للحياة طعم ٌ قاس ٍ إذا لم تستـطعمك ِ بين طياتها وأشكالها..
فأنت ِ تحملين كل ألوانها ومعانيها)
لمستها حتى إرتعشــتْ , وأسلمتْ عيناها لعيناي..
أمسكتها حتى أفرغتْ حواسي ودمائي من عروق ٍ شارده في يداي..
لمستها حتى تاهتْ في أروقتــي وأرجفتْ كياني حد الإنهيار..
وقبلتــُها حتى إنتزع الإشتهاءُ روحي وأمسكني الإحتضار..
لحظة ٌ أشبه ُ بقرون ٍ مضت ْ..
عجزت ُ عن الوقوف , تخلل الضعف ُ أنسجتي ,
وسكن بداخلي كل الخيام والكهوف..
سقطت ُ بين يديها , حملتني كريشة ٍ ضائعه , إرتمتْ عليّ كوساده
دثــرتني بلهفتها ولهيبهــا..
الوقت ُ إتخذ لونا ً قــُرمـُزيا ً ,
والشجر بدأ يــُمشط شعر المطر المتسارع ,
ليسبق الأقدام الى الصفوف الأولى ,
فيشهد الحدث من قريب..
قالتْ والفزع ُ يــُربكـُها :
(ماذا أصابك حبيبي ؟!!! أخبرني , تحدث إليّ , كلمني..
لم يحن وقت ُ نومك بعد , إسيقظ , أفق..
فأنا لن أقوى على أن أرثـــيك مرتين)
كنت ُ حينها ملقــى على الأرض , أستند ُ برأسي على حجرها
أ ُصارع ُ أنفاسي الأخيرة بعنادٍ ويقين , وعيناها هالتي الى الخلاص.
قالتْ : (أكــُنت ُ أبكيك لأنك سترحل ُ بعيدا ً عني , لتموت قربي الآن؟)
قلتُ بصوت مودع :
(حبيبتي..هناك لحظات إذا ما لم نمتْ أثناءها ,
فنحن لسنا أهلا ً للعيش بعدها)..
وإنطفئ النور..
واللون الأسود أخذ شكل الماء في إعتياده على الأماكن..
فنظرتْ إليّ , وقلبها يتفتت ُ كحبات رمل ٍ عطشـــى الى الشطآن.
حدّثتْ نفسها – بل حدّثتْ تراجيدية الحياة كلها - :
(لن أودعك حبيبــي..فأنا أكره الوداع)
أسندتْ برأسها على صدري – علها تسمعُ نبضي ذات يوم –
وأخذتْ الذكرى في رأسها تقرأ ُ كل لحظات العمر ..
إلا أن غلبها النعاس فماتت كلون الخمول على صدري..

ضي 04-05-2015 07:48 PM

ما أروع هذا العزف هنا اخوي محمد العربي ...
قرأت بين السطور روعه الاسلوب
جمال الحرف
حب واشتياق وحنين
وجمال لا تصفه الحروف ...
متألق
متميز
مبدع
دُمت ودام هذا النبض ...
تقبل مروري ايها المبدع...

نبيل محمد 04-05-2015 09:15 PM


نثر أدبي صيغت فيه الكلمات ببلاغة وحالة شعورية خاصة في قالب أدبي بليغ
المحسنات بديعية والتصوير ساحر والكلمات قوية بما فيه الكفاية
انفعال وجداني وتدفق عاطفي ولا تحتاج لأدلة او براهين وقد تتعدد اشكالها ما بين قصر وطول
رمقت بناظري هدية نثريه حتى طفقت أمواج الحزن عيني
وتمتمات الوجود تنعي وأصوات الكروان سكتت ولم تصدح بعد هذا اليوم
فقد انحنى سقف الأفق ليلامس الأرض من شدة معانيها وروعة مبانيها
اخي محمد العربي متألق دوما
لله درك ما أجملها من تحفة ادبية

ناجى جوهر 05-05-2015 12:34 AM




السلام
عليكم أستاذ / محمد العربي
أشكرك كل الشكر على هذا البوح المغلّف
بطبقة من الغموض تحتاج إلى تحليل أدبي
وفني ليتم تبسيط معاني هذه الفلسفة المتدفقة لأمثالي
إن قدراتكم على صياغة القصص واضحة جليّة هنا
فلم لا نسعد بقرأة قصة رائعة لكم في ركن القصة ؟
تقبل تحيّاتي



وهج الروح 05-05-2015 02:10 AM

عنوان يحمل الكثير بين بكاء والفجر



الجميل أن تعيش النص حرف حرف وكأنك تقرأ
تفاصيلك التي كانت يوما ما حلم يقظة على اريكة
الشوق والحنين وكأنك تستمع للحن لم يخرج من
الشفاة بل خرج مع كل نبضة قلب ليتجاوز حدود
السمع والنظر والقراءة فقط، ،، حين يمتزج الحب
والحنين والأرض والمنشأ والحضن والمرسى
والشعور لابد أن يكون اسمك خوي محمد العربي
اسم لا يمكن تجاهله في رد بسيط ،،، لا أعتقد بأنك
هنا وجدت في رحلة فكر وخيال فالتفاصيل الصغيرة
لا يكتبها عابر قلم ببل هو موقف وقع على القلب
وفاض إبداع واحساس وحنين وروعة في كل سطر
قد نثر هنا ،،،، بعض المواقف تنحت في ذاكرتنا
ولا نستطيع أن نمحوها وحتى إن تلفظت أنفاسها
الأخيرة على صدورنا ،،،، قلم يجبرني أن اسابق
الحرف لأكون هنا.



تحياتي

محمد العربي 05-05-2015 10:36 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضي (المشاركة 250308)
ما أروع هذا العزف هنا اخوي محمد العربي ...
قرأت بين السطور روعه الاسلوب
جمال الحرف
حب واشتياق وحنين
وجمال لا تصفه الحروف ...
متألق
متميز
مبدع
دُمت ودام هذا النبض ...
تقبل مروري ايها المبدع...

اختي الكريمة "ضي"
بحجم إسمك أقدم شكري فبمجرد أن يسقط توقيعك على صفحتي
تصبح الصفحة جاهزة ً للمشاهده..
تحياتي الى نجمك الشارد المضيء في أحداق السماء..

محمد العربي 05-05-2015 10:45 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نبيل محمد (المشاركة 250320)

نثر أدبي صيغت فيه الكلمات ببلاغة وحالة شعورية خاصة في قالب أدبي بليغ
المحسنات بديعية والتصوير ساحر والكلمات قوية بما فيه الكفاية
انفعال وجداني وتدفق عاطفي ولا تحتاج لأدلة او براهين وقد تتعدد اشكالها ما بين قصر وطول
رمقت بناظري هدية نثريه حتى طفقت أمواج الحزن عيني
وتمتمات الوجود تنعي وأصوات الكروان سكتت ولم تصدح بعد هذا اليوم
فقد انحنى سقف الأفق ليلامس الأرض من شدة معانيها وروعة مبانيها
اخي محمد العربي متألق دوما
لله درك ما أجملها من تحفة ادبية

المبدع "نبيل محمد"
كم أفتقدتُ سلطانك فوق ورقي وأضلعي سيدي!
وحدك من يملك أن يضع الابتسام عريضا فوق شفاة الروح
فيخلد الارتياح الى مابعد مائة عام واكثر..
حفرتكَ عميقا في ذاكرتي ،
علني استشف منك الروعة ذات يوم فألبسها من سمرتي القليل
لـ أبدو وحُلتي أنيقا.. مُلائما لحفل استقبالك و نقشك فوق الورق
جاري العزيز جدا
شكرا لمرور سحابك في المكان
خالص التقدير والامتنان

محمد العربي 05-05-2015 11:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجى جوهر (المشاركة 250332)



السلام
عليكم أستاذ / محمد العربي
أشكرك كل الشكر على هذا البوح المغلّف
بطبقة من الغموض تحتاج إلى تحليل أدبي
وفني ليتم تبسيط معاني هذه الفلسفة المتدفقة لأمثالي
إن قدراتكم على صياغة القصص واضحة جليّة هنا
فلم لا نسعد بقرأة قصة رائعة لكم في ركن القصة ؟
تقبل تحيّاتي



المبدع "ناجي الجوهر"
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أمثالك أخي هم ملوك القلم وفرسان الكلمة .
........ قد ...........
أصبح ربيعنا بلا تغريد يُطرب القلب .
وأصبح منا من يريد أن يهاجر محلقاً بنصف جناح ثم يسقط غريق في بركة ماء ،
وفي صدره رصاصة غدر .
أصبحنا نرى الغادرين بقناع وجه ولثام مرقع .
كل شيء أصبح يتيم ،
الكلمات والحروف في حداد .
كل شيء بلا حياة ، أحلامنا لاتتحقق ، أعيادنا بلا طعم ، حقولنا بلا رائحة .
من أجل ذلك ، أراد هناك أن يثور ... وكانت الثورة هنا على امتداد السطور .
شرفت بمرورك اخي الكريم ووجودك هنا له نكهة خاصة .
وباذن الله قريبا أشارك في ركن القصة .
كل التحية والتقدير .


محمد العربي 05-05-2015 11:34 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وهج الروح (المشاركة 250336)
عنوان يحمل الكثير بين بكاء والفجر



الجميل أن تعيش النص حرف حرف وكأنك تقرأ
تفاصيلك التي كانت يوما ما حلم يقظة على اريكة
الشوق والحنين وكأنك تستمع للحن لم يخرج من
الشفاة بل خرج مع كل نبضة قلب ليتجاوز حدود
السمع والنظر والقراءة فقط، ،، حين يمتزج الحب
والحنين والأرض والمنشأ والحضن والمرسى
والشعور لابد أن يكون اسمك خوي محمد العربي
اسم لا يمكن تجاهله في رد بسيط ،،، لا أعتقد بأنك
هنا وجدت في رحلة فكر وخيال فالتفاصيل الصغيرة
لا يكتبها عابر قلم ببل هو موقف وقع على القلب
وفاض إبداع واحساس وحنين وروعة في كل سطر
قد نثر هنا ،،،، بعض المواقف تنحت في ذاكرتنا
ولا نستطيع أن نمحوها وحتى إن تلفظت أنفاسها
الأخيرة على صدورنا ،،،، قلم يجبرني أن اسابق
الحرف لأكون هنا.



تحياتي

المبدعة "وهج الروح"
عصورٌ من الإنقراض مرّت فوق موتتي الأولى
فلم تحفر عزيمة القلم عمقا يريحُ أنفاسي مثلمــا فعل حبرك..
شعرتِ بي
وشعرتُ بأن أعود من جديد
متشبثاً بعلو بذرة ألقيتِها هنا زميلتي
أحوجني الى أن أقرأ ذاكرتي بالمقلوب
من أقصى اليسار عندي أنحرف بدرجة التقوص صعوداً الى الأعلى
فيا عجبي !!
فما امتلأت ذاكرتي قط
إلا في عهد إلتصاق بوحك بروحي ..
أسعدني مرورك وثنائك
ارجوك لا تحرمينـا قلمك الرائع

تحياتي

عبدالله الراسبي 05-05-2015 05:34 PM


اخي العزيز والقدير الرائع محمد العربي نص في غاية الابداع والجمال
حروف ومعاني كتبت بماء الذهب
تسلم على هذا البوح الراقي والجميل
وننتظر جديد ابداعك هنا دائما
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم


الساعة الآن 08:58 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية