منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   الغريب المريب الجزء الخامس (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=19381)

ناجى جوهر 17-04-2014 11:28 PM

الغريب المريب الجزء الخامس
 




الغريب المريب

الجزء الخامس



قالت العجوز: نعم يا بني سوف أجيبك , لكن قم أولا وصلي ركعتين لله تعالى

وأسأله أن يثبت قلبك فقمت وصليت ركعتين خفيفتين , ودعوت الله

أن يثبتني وأن يصبرني , ثمّ عدت إليها بلهفة و شوق لمعرفة الحقيقة

فوجدتها قد ابتعدت بشخصها ولكنني أسمع صوتها وهي تناديني :

انتظرني يا بني سوف أعود إليك بما يسر قلبك ويفرح خاطرك

فلم يكن بوسعي سوى الإنتظار , فانتظرت على أحر من الجمر ولم تطل الغياب

فلقد عادت وبرفقتها ابني الأكبر عبد العزيز , فتجددت حيرتي

ولكن رؤيـة ابني أنستني كل ما مر بي من أحداث جسام , فعانقني طويلا

ثم جلس أمامي منكسا رأسه كاشفا عن حزن عميق و أسى دفين

حينها تدخلت العجوز ورفعت النقاب عن وجهها فإذا هي حماتي أم عابد

ثم إنها أمرت الولد بأن يحضر لي بعض الزاد قاصدة إبعاده قليلا

بينما شرعت هي في الحديث عما أصاب الأهل في غيبتي , فأخبرتني

أن سيل (الحيمر) داهم قريتنا والأحياء المجاورة لها ذات ليلة

ولم يذر منهم أحدا , لا إنسان ولا حيوان ولا حجر ولا مدر

وأن الماء حمل الجثث والأمتعة وألقاها في هوة سحيقة

لا يمكن لإنسان الوصول إلى قرارها مهما أوتي من قوة

وأنـه لم يبقى لي من ذرية أبي غير ابني هذا

والذي كان قد خرج مع أخواله في رحلة صيد أنجاه الله بها من الغرق

فأسترجعت وحوقلت وحمدت الله الحكيم , واستغفرته من كل ذنب عظيم

وبعد ذلك مكثت لدى العجوز وابنائها عدة أيام

كنت وابني خلالها نجوس ديارنا لعلنا نعثر على أى شيء

يمت لعشيرتنا بصلة , لكننا لم نجد إلا ما يثير أشجاننا

فقررنا نسيان الماضي والبدء من جديد

قالت البنت في حزن وأسى : وأين ابنك الآن؟

قال الرجل : إنه لم يلبث بعد ذلك غير أيام قليلة ثم مات أسفا

فلقد حمَّل نفسه المسؤولية عن غرق أمـه وأخواته

ومع محاولاتي التسرية عنه وإقناعه بأن ما حدث

كان قضاء وقدر إلا أنه مات حسرة وغما فرحمه الله

قالت البنت : رحمه الله , لكن ما بال هذه الجروح الغائرة البادية على ظهرك؟

قال الرجل: لا تستبقي الأحداث فإني سأحدثكن عن كل شيء إن شاء الله تعالى

ولكن عصر اليوم , فإني قدمت إلى المدينة لأداء صلاة الجمعة

وسماع الخطبة فأين أجدكنّ؟

قالت كبرى الصديقات : ستجدنا على الفرضة في الجانب الغربي منها

وسنرتدي ثلاثتنا ثيابا خضرا

وعلى ساحل البحر إجتمع الأربعة مجددا وكان الرجل قد أكرم لحيته

وحف شاربه , وأرتدى ملابس الجمعة وتعطّر بالعود الأصلي

وقد أشرق وجهه بنور الصلاة وبسناء الأمل وشعاع الرجاء

فظهرت لهن وسامته

بينما جلبت الصديقات الثلاث أباريق الشاهي والخبز المقبقب وخبز التنور

وما أن إستقر به المقام حتى تبادرن إلى رفع أنقبتهن , وكشفن عن وجوه

بيض حسان , ثم أن أصغرهن وكانت شديدة الشوق لمعرفة تفاصيل القصة

سكبت له كأس شاهي وقدّمت له خبزا ولم يكد يضع الكأس على شفتيه

حتى قالت له : آه وبعدين

فضحك الرجل وقالت لها صديقتها :

دعيه يتذوق الزعتر الذي صنعته له خصيصا

وعندما إرتشف الرجل منه رشفة سألته : ما رأيك؟

قال : إنه لذيذ جدا , سلمت يمينك

حينئذ وثبت الفتاة الثالثة وقدّمت له رغيف خبز في صحن جميل وقالت :

تذوقت هذا الرغيف , فلقد خبزته بالسمن البلدي

فتدخّلت الكبرى قائلة : بل ينهي هذا الخبز الرقاق الذي بين يديه أولا

فضحك الرجل , وأخذ يتناول من هذا قضمة ومن ذاك أخرى وبعد الأكل

قالت صغرى الصديقات : لقد قلت بأنّك ستخبرنا بسر أثار الجراح فما هو؟

قال الغريب : فإني بعد أن فقدت آخر ما يربطني بتلك الديار همت على وجهي

لا الوي على شيء , وقررت العودة إلى البحرين لعلي أتمكن من العيش بسلام هناك

فتوجهت إلى المدينة وبعت راحلتي وجلست أنتظر سفينة تحملني إلى البحرين

وبعد أيام قليلة وصلت سفينة تاجر هندي إلى البندر فعرضت على ربانها بعض المال

على أن يقلني إلى دبج , فأركبني مع ناس كثيرين ثم أبحرت السفينة

وبعد خمسة أيّام بلغت رأس الحد , وهناك هبت علينا رياح عاصفة

تصاحبها أمطار , رعدية غزيرة إستمرت لساعات طويلة متواصلة

فأمتلأت السفينة ماء حتى كادت تغرق

وبدأت تتأرجح ذات اليمين وذات الشمال فأمر الربان بطي الشراع

والتخفيف من الحمولة برمي بعضها في البحر , وظلّت السفينة تقاومُ

الأمواج العالية والرياحَ العاتية وأمسى ماء البحر سميرنا بعد أن تسلل من جوانبها

فطرد الذعر المشاعر الأخرى من قلوبنا , وأخذنا ندعو ونستجير بالله

ويودّع بعضنا بعضا ونكتب وصايانا الأخيرة

وكان الكرب يشتد عوده و الرجاء يسحب بساطه

وقد سقط بعض الناس في البحر ولم يتمكن أحد من إنقاذهم

فغلب هاجس الموت على بصيص النجاة وأطفى شمعته

فأمرنا الربان بربط أنفسنا إلى سواري و دقل السفينة حتى

لا ننزلق فنهلك غرقا في لجة البحر الهائج , في محاولة منه

لحفظ أرواح أكبر عدد ممكن من الركاب

فشهقت الفتاة , ثم قالت : لا إله إلا الله , مساكين الله يعينكم

فتابع الرجل الغريب حديثه قائلا :

إستمرت العاصفة لمدة عشرة أيام بلياليها

ولكن حدتها كانت قد خفت كثيرا , وكذلك توقف المطر صباح اليوم الثاني

غير أن السحب والغيوم ظلّت باسطة سلطتها المظلمة على الفضاء والأفق

وحرّما علينا رؤية السماء والأرض والشمس والقمر , فقط المياه الزرقاء تحيط بنا

من كل حدب وصوب , وقد نفذ كل ما لدينا من طعام , ولم يبقى لنا سوى الماء الكراع

يتبع إن شاء الله






وهج الثريا 18-04-2014 02:24 PM

أحداث متسلسلة ومشوقة ..
الرجل الغريب بدأ يكشف السر الذي أخفاه للفتيات الثﻻث ..

بانتظار بقية الأحداث أ.ناجي بارك الله فيك

زياد الحمداني (( جناح الأسير)) 19-04-2014 12:41 AM


العجوز واسباب إخلاء القرى من السكان والمتاع والسبب (( سيل الأحيمر)) فاجعة حلت على تلك الديار فما ذرت بعد ذلك غيرالإبن الذي ما باتت لحظةِ وجودهِ على قيدِ الحياة إلا أنه وافتهُ المنية تأنيباً لنفسه عما حدث .. وتسلسلت المعطيات في سردِ الغريب المريب الجذاب الذي اسدلت الفتيات خُمرهن عن وجوههن ثقةً به، واقع أشبه بالسحر ...


فريد ، مُجيد ، جميع الجوارح تستقيم مداركها عند العبور المتأني في سطورك المرصعة بالأحداث المتتالية الجذابة ، فهنيئاً لنا بكَ أخي العزيز القاص أ. ناجي جوهر..


وننتظر الجزء التالي بفارغِ الصبر...


الساعة الآن 01:26 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية