تأملواهذا الظاعن قلبه الشيخ حسن زين الدين الشهيد



فـــــؤادي ظــاعـــن أثـــــر الـنــيــاق ***** وجـسـمـي قــاطــن أرض الــعــراق

ومن عجب الزمان حياة شخص ***** تـرحــل بـعـضــه والـبـعــض بــــاق

وحـلّ السقـم فــي بـدنـي فأمـسـى ***** لـــه لـيــل الـنــوى لـيــل الـمـحــاق

وصــبـــري راحـــــل عـــمـــا قــلــيــل ***** لـشــدة لـوعـتـي ولـظــى اشـتـيـاق

.../...
 

لمن ؟ومن أجل من ؟
وهل لو فعلت أوصلت رسالتي قبل أن يمزقها الطريق ؟
لمن سيدي ؟ لمن ؟
للظاعنين قلوبهم
لمن احترقوا بنيران البين سأواصل
فــــ لمثل هذا يذوب القلب في كمد
تحية لأستاذي واعتذار لتأخري
فالنكمل إذن فليس لنا مسوى إلا هنا بين النيران المقدسة

ولهدبة بن خشرم أبيات تضاهيها بعذوبتها إذ يقول فيها:

باتوا وأتبعهم عيناً ممّلاة ... دمعاً و ما ذاك إلا الشوق و الطربُ
نبكي عليهم و لا يبكون فرقتنا ... أنا و جيراننا من جيرة عجبُ

من أبيات الوداع التي تكاد تذوب رقة وعذوبة وتنضح بمزيد العشق والشوق، قول ابن زيدون في وداع (ولادة):

وَدَّعَ الصَبرَ مُحِبٌّ وَدَّعَـكْ *** ذائِعٌ مِن سِرِّهِ ما اِستَودَعَكْ

يَقرَعُ السِنَّ عَلى أَن لَم يَكُن *** زادَ في تِلكَ الخُطا إِذ شَيَّعَكْ

يا أَخا البَدرِ سَناءً وَسَنــاً *** حَفِظَ اللَهُ زَماناً أَطلَعَــكْ

إِن يَطُل بَعدَكَ لَيلي فَلَكَـم *** بِتُّ أَشكو قِصَرَ اللَيلِ مَعَـكْ

ولابن دراج القسطلي في وداع الزوج والولد أبيات في غاية الحسن والحزن، يقول:

تناشِدُني عَهْدَ المَوَدَّةِ والهَـوى *** وَفِي المَهْدِ مبغومُ النِّداءِ صَغيرُ

عِيِيٌّ بمرجوعِ الخطابِ ولَفْظُهُ *** بمَوْقِعِ أَهواءِ النفـوسِ خَبيـرُ

تبوَّأَ ممنوعَ القلوبِ ومُهِّدَتْ *** لَهُ أَذرُعٌ محفوفَــةٌ ونُحُـورُ

فكلُّ مُفَدَّاةِ الترائِبِ مُرْضِـعٌ *** وكلُّ مُحَيَّـاةِ المحاسِنِ ظِيـرُ

عَصَيْتُ شفيعَ النفس فِيهِ وقادَنِي*** رَوَاحٌ لِتَدْآبَ السُّرى وبُكُورُ

وطارَ جَناحُ الشَّوْقِ بِي وَهَفَتْ بِهَا***جوانِحُ من ذُعْرِ الفِراقِ تطيرُ

وفي وداع الوطن(وهو المحضن الكبير)، يقول محمود سامي البارودي في لحظة وداعه وطنه (مصر)، منفيًا إلى جزيرة (سيلان)، في أبيات تستحلب ماء العين، يقول:

وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ وَأَسْبَلَـتْ *** مَدَامِعُنَا فَوْقَ التَّرَائِبِ كَالْمُـزْنِ

أَهَبْتُ بِصَبْرِي أَنْ يَعُودَ فَعَزَّنِي *** وَنَادَيْتُ حِلْمِي أَنْ يَثُوبَ فَلَمْ يُغْنِ

وَلَمْ تَمْضِ إِلَّا خَطْرَةٌ ثُمَّ أَقْلَعَتْ ***بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَةُ السُّفْنِ

فَكَمْ مُهْجَةٍ مِنْ زَفْرَةِ الْوَجْدِ فِي لَظَىً***وَكَمْ مُقْلَةٍ مِنْ غَزْرَةِ الدَّمْعِ فِي دَجْنِ

وَمَا كُنْتُ جَرَّبْتُ النَّوَى قَبْلَ هذِهِ***فَلَمَّا دَهَتْنِي كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الْحُزْنِ

في قصيدة جميلة يذكر فيها كذلك وداعه لبنياته الصغار، وفيها من الحزن شيء كثير، وفيها كذلك تأسٍ وصبر في أبيات مرصعة بجواهر الحكمة والأدب.

وقال أبو تمام :
البين جرعني نقيع الحنظل ... والبين أثكلني وان لم أثكل
ما حسرتي! ان كنت أقضي إنما ... حسرات نفسي أنني لم أفعل
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى ... وحنينه أبدا لأول منزل


وقال آخر :

غداً أودّعُ قوماً أوْدَعُوا كبدي ... ناراً، وعهدي بهمْ برداً على الكبدِ
أُبْدي التجلُّدَ أحياناً فيبهرني ... ريقٌ يجفُّ وخدٌّ بالدُّموعِ ندي
لا أنسَ يوماً تنازَعنا حديث نَوىً ... وقَوْلَها وهي تبكي: خانني جلدي
فدمعُها بردٌ فوق العقيق جرى ... وريقُها ضربُ قد شيب بالبرد
كُنَّا إلى الوصل قد ملنا فنغَّصَهُ ... هذا الرحيلُ الذي ما دار في خَلدِي

وقال آخر :

قالوا الرحيل وما تملت باللقا ... عيني ولا امتلأت بغير مدامع
فتيقنت روحي بأن مقالهم ... أن يصدق الحادي أشد مصارعي
ووقفت بين تأمل وتململ ... يبدو السرور على فؤادي الجازع
حيران لا أدري بقرب رائق ... أذري المدامع أم لبعد رائع


وقال أبو بكر الزبيدي الأندلسي

ويحك يا سلم لا تراعي ... لا بد للبين من زماع
لا تحسبيني صبرت إلا ... كصبر ميت على النزاع
ما خلق الله من عذاب ... أشد من وقفة الوداع
ما بينها والحمام فرق ... لولا المناحاةُ والنواعي
إن يفترق شملنا وشيكا ... من بعد ما كان ذا اجتماع
فكل شمل إلى افتراق ... وكل شعب إلى انصداع
وكل قرب إلى بعاد ... وكل وصل إلى انقطاع

أبيات لأبي الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدو المغربي عذبة :

شحطنا وما بالدار نأيٌ ولا شحط ... وشط بمن نهوى المزار وما شطوا
أأحبابنا ألوت بحادث عهدها ... حوادث لا عهد عليها ولا شرط
.
كأن فؤادي يوم أهوى مودعاً ... هوى خافقاً منه بحيث هوى القرط
إذا ما كتاب الوجد أشكل سطره ... فمن زفرتي شكل ومن عبرتي نقْط

.../...