منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   ليتني أعلم (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=22392)

زهرة السوسن 08-06-2016 10:54 AM

ليتني أعلم
 
وقفت في أحد المستشفيات المرجعية في طابور المنتظرين للمصعد؛ حتى تصل إلى الطابق الثالث، وبعد حين نزل المصعد، فدخلت مسرعة، وإذا بأحد المنتظرين ينطلق كالسهم من بين الناس، ليستقر معها في المصعد، ومن شدة الدهشة، وهول المفاجئة، لم تستطع الكلام ضغضت على زر الطابق الثالث متجاهلة ذلك المتطفل السمج، فعلق بكلمتين فيهما من الاستفزاز ما فيهما، ولكنها فضلت الصمت المطبق، فالصمت إن ضاق الكلام أوسع، كان الوضع مخيفا بالنسبة لها، ومقرفا في ذات الوقت، كتمت أنفاسها، ولكنها لم تستطع كتم ضربات قلبها المتسارعة، فزاد وجهها الشاحب شحوبا، وبدأت الدماء تتدفق باتجاه أطرافها السفلى، لتستطيع الهروب من أمام هذا الخطر المحدق بها، ولكن لا مجال للهروب ، من هذا التابوت الفولاذي، فانتظرت بشغف عظيم توقف المصعد، وكان الزمان يمر بطيئا جدا، وكأنما قد قبض، وكأن المصعد واقف في مكانه لا يتزعزع.
في هذه اللحظات، كادت عينه أن تلتهمها التهاما، مع تلك الابتسامة المبهمة المعاني ، ولكنها شدت من عزمها، وانزوت جانبا، في حنق شديد، فتمنت حينها أن تمتلك سلاحا، أوأن تؤاوي إلى ركن شديد، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، وفجأة توقف المصعد وفتح الباب، فأطلقت ساقيها للريح، على الرغم مما كانت تشعر به من الوهن والألم القاسي، الأمر الذي استدعى أن تكون نزيلة المستشفى؛ لتخضع لعملية جراحية.
وصلت إلى الغرفة التي ترقد فيها في المستشفى، فوجدت زوجها يحاول جاهدا اسكات طفلتها التي لم تبلغ الأربعين يوما بعد، انتزعتها من بين يديه، وضمتها إلى صدرها؛ مهدئة من خوفها، وهي تحاول في ذات الوقت التقاط أنفاسها، وبقيت صامتة مسترجعة ما حدث لها قبل قليل في ذلك المصعد، فبدأت تستجمع تلك الملامح، لذلك الرجل الذي بدا كأنما هو من سراة القوم، في ملابسه المنظمة البيضاء، ووجهه المدور الممتلئ حيوية ونشاطا، وهنا فز قلبها، فقد تذكرت أين التقت ِبهذا الرجل، إنه ذات الرجل التي كانت تجده، كلما خرجت في رحلة مع صديقاتها، في السنوات الخالية، إنه هو ذلك الشبح الذي كان يخيفها، كلما وقع نظرها عليه في المتنزهات، والحدائق العامة، ذات الملامح، وذات الابتسامة الغريبة، والأغرب من ذلك، ملامحه التي بقيت كما هي، دون أن يطرأ عليها أي تغيير يذكر. من يكون؟ لماذا يطاردها؟ أين اختفى في تلك السنوات الماضية؟ لماذا عاد من جديد؟ أهو إنسي أم جني ؟ مجموعة من الأسئلة المحيرة، التي تبحث لها عن جواب، ومن يومها وحتى الآن لم تلتقي به، ولم يقع بصرها عليه في أي مكان، مع مضي ثلاثة عشر عاما، على هذا الموقف الذي ظل وسيظل أبد الدهر ماثلا في ذهنها. استعاذت بالله من شر الشيطان، وأودعت سر هذا الرجل في صندوق الأسرار الخاصة، ورددت بينها وبين نفسها، قائلة: ليتني أعلم من يكون؟

ناجى جوهر 09-06-2016 01:08 AM




السلام عليكم أستاذة عائشة الفزار يّة
مبارك عليكم شهر رمضان بما يحمل من فيض الإيمان
قصة محيّرة فعلا. لقد كتمت على أنفاسنا وقاحة ذلك الرجل
وعدم إلتزامه بأخلاق وآداب مجتمعنا الذي يعتبر الحياء فضيلة
فبمجرد دخوله المصعد مع إمرأة ليست من محارمه فإنّه قد إرتكب
جرما إجتماعيا مرفوض في أعرافنا، إذ يتوجّب عليه الإنتظار قليلا إلى أن يعود
المصعد، وليس أن يزاحم إمرأة منفردة محدثا الهلع والخوف والإرتباك في نفسها
قد يقول قائل: إنّ المصعد في مكان عامٍّ ومن حقّه إستخدامه
أقول: هذا صحيح ولكن قيمنا وأعرافنا تحتّم علينا آدابا وسولوكيات رفيعة راقية
ليس منها إحراج الناس أو تخويفهم، فكان عليه أن يتمتّع بالرقي العماني
وأن لا يحرج إمرأة مريضة بمزاحتمها وبثّ الذعر والقلق والخوف في وجدانها
ولن يخسر عمره إذا أنتظر لدقائق معدودةحتى يعود إليه المصعد مجددا
أمّا كنه الرجل فلغز محيّر. لا أستطيع التكهّن بحقيقة شخصه
فقد يكون من عالم الجن مثلا، أو ربّما هو من وحي الخيال.
تمتّعت بقراءة قصة مخيفة غامضة في نفس الوقت
فشكرا لأديبتنا الشاعرة أم عمر
وأرجو أن تتقبّل تحيّاتي
صوم مقبول وسحور شهي
إن شاء الله




زهرة السوسن 10-06-2016 02:51 PM

أكرم الله هذه الطلة المباركة، أخي ناجي، وأضم صوتي إلى صوتك العالي بالحق، والذوق الرفيع، وللأسف الشديد بتنا نجد مثل هذه الأنموذجات السمجة في مجتمعنا الراقي بنسيجه القيمي والاخلاقي، المستمد من الدين الإسلامي، وأصبح الامان عملة نادرة، أعان الله كلا على كل، وجزيت خير الجزاء على حسن التعاطف، ورزقنا وإياك خير الدارين، وتقبل الله تعالى طاعتنا، وكل عام وأنتم بخير.

سالم سعيد المحيجري 10-06-2016 10:41 PM

أختي عائشة الفزارية
بارك الله فيك نص مثري جدا

بارك الله فيك

ونتمنى لك التوفيق
دمتي بود.

زهرة السوسن 11-06-2016 02:21 PM

أخي سالم المحيجري، تقبل فائق التقدير والاحترام، مع وافر الشكر، ودمت في نعمة الله تعالى.


الساعة الآن 04:51 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية