منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   مساحة بيضاء (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=32)
-   -   لماذا شبّه اللهُ الدنيا بالماءِ في القرآن الكريم..؟!! (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=18808)

وهج الروح 26-11-2013 12:09 PM

لماذا شبّه اللهُ الدنيا بالماءِ في القرآن الكريم..؟!!
 
..لماذا شبّهَ اللهُ الدنيا بالماءِ في القرآن الكريم..؟!!


(( إِنَّمَا مَثَل الْحَيَاة الْدُّنْيَا كَمَاء أَنْزَلْنَاه مِن الْسَّمَاء فَاخْتَلَط بِه نَبَات الْأَرْض مِمَّا يَأْكُل الْنَّاس وَالْأَنْعَام حَتَّى إِذَا أَخَذَت الْأَرْض زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَت وَظَن أَهْلُهَا أَنَّهُم قَادِرُوُن عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلَا أَو نَهَارا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيْدا كَأَن لَم تَغْن بِالْأَمْس كَذَلِك نُفَصِّل الْآَيَات لِقَوْم يَتَفَكَّرُوْن )) [يُوْنُس:24 ]

وَقَال تَعَالَى أَيْضا :

(( وَاضْرِب لَهُم مَّثَل الْحَيَاة الْدُّنْيَا كَمَاء أَنْزَلْنَاه مِن الْسَّمَاء فَاخْتَلَط بِه نَبَات الْأَرْض فَأَصْبَح هَشِيَما تَذْرُوْه الْرِّيَاح )) [ الْكَهْف: مِن الآيَة 45 ]

إِخْوَتِي فِي الْلَّه..

فِي الْآَيَات الْسَّابِقَة شَبَّه الْلَّه تَعَالَى الْدُّنْيَا بِالْمَاء..فَلِمَاذَا هَذَا التَّشْبِيه..؟!

فَلْنَقْرَأ مُتَأَمِّلِين فِيمَا قِيَل :

قِيَل لِأَن الْمَاء لَيْس لَه قَرَار وَكَذَلِك الْدُّنْيَا..

وَقِيْل لِأَن الْمَاء إِن أَمْسَكْتَه تَغَيَّر وَنَتْن وَكَذَلِك الْدُّنْيَا لِمَن أَمْسَكَهَا بَلِيَّة..

وَقِيْل لِأَن الْمَاء يَأْتِى قَطْرَة قَطْرَة وَيُذْهِب دُفْعَة وَاحِدَة وَكَذَلِك الْدُّنْيَا..

وَأَيْضا الْمَاء يَسْتُر الْأَرْض وَكَذَلِك الْمَال-وَهُو رَمْز لِلدُّنْيَا-يُغَطَّى عَيْب الْرَّجُل..

وَأَيْضا الْمَاء طَبْعُه الْنُّقْصَان كَذَلِك الْدُّنْيَا..

وَأَيْضا الْمَاء يَكُوْن فِى مَوْضِع كَثِيْر وَفِى مَوْضِع قَلِيْل كَذَلِك الْدُّنْيَا..

وَأَيْضا لَا يَقْدِر أَحَد أَن يَرُد الْمَطَر كَذَلِك لَا يَقْدِر أَحَد أَن يَرُد الْرِّزْق..

وَقِيْل الْمَاء قَلِيْلُه رَى لِلْعَطْشَان وَكَثِيْرِه دَاء كَذَلِك الْدُّنْيَا..

وَقِيْل الزَّرْع يُفْسِد بِالْمَاء الْكَثِيْر كَذَلِك الْقَلْب يُفْسِد بِالْمَال الْكَثِير..

وَأَيْضا الْمَاء كُلَّه لَا يَكُوْن صَافِيا كَذَلِك الْمَال فِيْه الْحَلَال وَالْحَرَام وَالْشُّبْهَة..

وَأَيْضا الْمَاء يُطَهِّر الْنَّجَاسَات كَذَلِك الْمَال الْطَّيِّب الْحَلَال يُطَهِّر دَنَس الْآَثَام،قَال الْلَّه تَعَالَى : (( خُذ مِن أَمْوَالِهِم صَدَقَة تُطَهِّرُهُم وَتُزَكِّيْهِم بِهَا )) [ الْتَّوْبَة: مِن الْآَيَة 103 ]

وَعَلَى الْجُمْلَة فَإِن هَذَا التَّشْبِيه يُفِيْد أَن:

كُلَّا مِن الْمُشَبَّه وَالْمُشَبَّه بِه ( الْدُّنْيَا وَالْمَاء ) إِذَا نَزَل وَأَثْمَر ثَمَرَتُه،يَمْكُث مَا شَاء الْلَّه وَهُو فِى إِقْبَال
وَبَرَكَة ثُم عَمَّا قَلِيْل يَضْمَحِل وَيَزُوْل وَالْعِلْم عِنْد الْلَّه تَعَالَى..

فَاجْعَل-أَخِي أُخْتِي فِي الْلَّه-نَفْسَك فِي الْدُّنْيَا كَمَا دَلَّنَا رَسُوْلُنَا الْكَرِيم عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام فِي قَوْلِه :

(( مَالِي وَلِلْدُّنْيَا..؟!! مَا أَنَا فِي الْدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَل تَحْت شَجَرَةٍ،ثُم رَاح وَتَرَكَهَا )) [ صَحِيح الْأَلْبَانِي ]

وَلَقَد جَاء فِي الْأَثَر مِن وَصَايَا عِيْسَى عَلَيْه الْسَّلَام : (( الْدُّنْيَا قِنْطَرَة فَاعْبُرُوْهَا وَلَا تَعْمُرُوهَا ))..وَقَوْلُه أَيْضا : (( مَن ذَا الَّذِي يَبْنِي فَوْق مَوْج الْبَحْر دَارَا..؟! تِلْكُم الْدُّنْيَا فَلَا تَتَّخِذُوْهَا قَرَارَا ))..

وَقِيْل لِنُوْح عَلَيْه الْسَّلَام: يَا أَطْوَل الْأَنْبِيَاء عُمْرَا كَيْف رَأَيْت الْدُّنْيَا..؟!! قَال : (( كَدَّار لَهَا بَابَان دَخَلْتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَخَرَجْت مِن الْآَخَر ))..!!

فَطُوْبَى لِمَن كَان صَمْتُه فِكْرَا وَنَظَرِه عِبْرَة..

جَعَلَنِي الْلَّه وَإِيَّاكُم مِنْهُم ..

خليل عفيفي 28-11-2013 08:34 PM

الأخت الفاضلة وهج الروح
موضوع يستحق أن يقرأ فعلا
فهناك من يحتاج لقراءته والاستفادة منه
بارك الله لك وعليك أختي
يرفع للنقاش والفائدة

يزيد فاضلي 28-11-2013 11:24 PM

.../...
 
...أستميحُكِ العذرَ-أختي الكريمة وهج الروح-بادئ ذي بدءٍ أنِ امتدتْ أناملي لموضوعِكِ المفيدِ الهادف وراحتْ تعيدُ إنتاجَهُ-شكلاً-بالتنضيد والتنسيق،وما كنتُ لأفعلَ لولاَ حِرْصي-علِمَ اللهُ-على أنْ تكونَ صورتـُهُ الشكلية الجميلة امتداداً لصورةِ المحتوَى الأجمل...

عشتُ-أختي-معَ هذه الخواطر الإيمانية الرفيعة التي نقلتِها لنا،وقد راقتني وأثرَّتْ في خبيئتي هذه الأصداءُ القرآنية التي ربطتْ فيها القرائنُ بالمشابهةِ بين الدنيا وأغيَارها وحادثاتِها وبين الماءِ وأحوالهِ الشتَّى...

فكانَ أنْ ظهرَ لنا جانبٌ إعجازيٌّ بليغٌ في نسيج النصِّ القرآنيِّ بما لا يَخفى جمالـُهُ الفنيُّ البديعُ على أربابِ البلاغةِ وأهلِ الذائقةِ ممن يعرفون لغة الضادِ وأسرار البيان العربي الفصيح....

ونحن نعرفُ-أختي-كما تعلمنا في دراساتِنا الأدبيةِ البلاغيةِ-أن ( التشبيهَ ) أقوى الصور البيانيةِ المجازيةِ على الإطلاق في كلام العرب الأقحاح..لذا نجدُ علماءَ البلاغةِ حينما يرتبونَ مباحِثَ البيان وصوره يُصَدِّرونَ بـ ( التشبيهِ وأركانِه الأربعةِ وأنواعِهِ الثلاثةِ وأقسامِهِ الخمسةِ ) قبل الاستعارةِ والكنايةِ والمجازيْن ؛ العقلي واللغوي المُرسَل...

لذا قالَ العلاَّمة المُبَرِّدُ في ( الكامل ) : (( التشبيهُ جَارٍ في كلام العرب حتى لو قالَ قائلٌ : هوَ أكثرُ كلامِهِمْ لمْ يَبْعُدْ ))...

وقال العَلاَّمة أبو الهلال العسكري في ( الصناعتيْن ) : (( التشبيه يَزيدُ المعنى وضوحاً ويكسبُه تأكيداً،ولهذا أطبقَ جميعُ المتكلمينَ من العرب والعجَم عليه ولم يستغنِ أحدٌ عنه ))...

لذا..لاَعجَبَ أبداً إذا جاءتْ آياتُ القرآن الكريم-وهي المظهرُ الأعلى والأرقى لجمال البلاغة في اللغة العربيةِ-تتفجَّرُ إعجازاً بالسَّبْكِ البياني والإحكام البلاغي الأجود...

وها نحنُ أولاءِ-أختي الكريمة-نرَى من قرائن المشابهةِ في آياتِ الكتاب المجيد بين متاع الحياةِ الدنيا القصيرة القليلة الفانية والماء في كل أحوالهِ وعوارضهِ جريَاناً وركوداً وتأسيناً وتكديراً واختلاطاً بشوائب الغثاء التي تنتهي هشيماً تذروهُ زوْبَعَاتُ الرياح..نرَى من تلك القرائن-بالتشبيه التمثيلي تارة وبالتشبيه الضمني تارة أخرى-ما يُوعِزُ للعقل والقلب أن يتمثلاَ وَجْهَ الشبهِ القائم بين طرفيْ التشبيه ( الدنيا والماء ) وهي الهيئة الحاصلة من وجود الفوْتِ والمضاءِ والنضوب والنقصان بعدَ كَمال..!!

وكذلكَ هو حالُ دنيانا التي تخدَعُ العابرينَ على رحْلِها وتوهمُهُمْ بـ ( سَرَاب الخلود )..!!

وما أروعَهُما بيْتيْن قالهُمَا الحسَنُ بنُ هانئ ( أبو نواس ) وهوَ على فراش مرضه الأخير..قالهما بعْدما استعرَضَ زهرة شبابِهِ،حيثُ قضاهُ واستهلكهُ خليعاً ماجناً،مخدوعاً بلذائذِ الفانيةِ..غفرَ اللهُ لنا وله..فقال :

وهَلْ نحنُ إلا هالكٌ وابنُ هالكٍ ** وذو نسَبٍ في الهالكينَ عريقِ..!!
إذا عرفَ الدنيا لبيبٌ تكشَّفَـــتْ ** له عنْ عَدُوٍّ في ثيابِ صديـــقِ..!!!


بوركتِ-أختي-وجوزيتِ خيراً على هذا ( التوهج ) المتألق..يا ( روحاً ) طيبة ًبيننا....

وهج الروح 28-11-2013 11:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خليل عفيفي (المشاركة 215207)
الأخت الفاضلة وهج الروح
موضوع يستحق أن يقرأ فعلا
فهناك من يحتاج لقراءته والاستفادة منه
بارك الله لك وعليك أختي
يرفع للنقاش والفائدة



خوي خليل




بالفعل موضوع جميل وراق لي وحبيت انقله لكم

تسلم خوي الكريم ..... اعجاز القران الكريم من

اروع ما نمتلكه نحن المسلمين. تسلم ع مرورك




تحياتي لك

وهج الروح 28-11-2013 11:46 PM

خوي يزيد ما اروعك اينما تواجدك باحرفك تكتمل اللوحة


خوي العزيز ..... قبل ان يكون موضوعي فهو لكم وما قمت


بيه من ترتيب وجمال وروعة وصياغة الطرح .... اشكرك من


الاعماق وهو موضوعك لك الحرية في كل شيء وحتى وان قمت


في اعادة صيغته بالشكل الذي تريده ....لاني ولامانة ادخل المنتدى


من التلفون ويمعني اقوم باي جمال للطرح وترتيبه واي موضوع


اطرحه لكم الحرية الكاملة في صياغته ...........




بالفعل التشبيه من روائع اللغة العربية الذي


يجعلنا نحيا بين جماليات اللغة والموضوع وتشبيه


القران الدنيا بالماء لاهو من اروع الصور البلاغية


لروعة وجمال كتاب الله عزوجل ...... جاء الموضوع


جميل حين تناول الصور البلاغية والتشبيه الكبير بين الماء


والدنيا ..... شكرا بحجم السماء ع مرورك النقي والمفيد الشامل


تحياتي لك

ريم الحربي 29-11-2013 11:20 PM

موضوع مميز فعلاً عزيزتي وهج

ويستحق المتابعة وللحقيقة قرأته أكثر من مرة

جزاك الله كل خير وجعله في موازين حسناتك

وهج الروح 30-11-2013 02:35 AM

تسلمين ياريم


على المرور والحمدلله انه الموضوع نال ع رضاكم



كوني بالف خير تحياتي لج .

رحيق الكلمات 01-12-2013 10:03 AM

مساء الطاعة والمحبة
وهج جميل تحتاجه أرواحنا أخية
وهل هناك أجمل وأعمق من لغة القرآن الكريم ان المتأمل في الآيات هو كل يوم أمام إعجاز لا ينتهي
تحيتي اخيتي

وهج الروح 01-12-2013 01:06 PM

رحيق يسعد مساج بطاعة الرحمن



بالفعل لغة غاية بالجمال بكل ما تحتويه ويكفينا انها لغة القران


شكرا بحجم السماء على مرورج كوني بخير

مملكة الطموح 09-12-2013 12:22 AM

وهج الروح...


روائع التقدير لك على ما جدت به هنا فهكذا الدنيا ليس لها قرار ونحن البشر كأننا ننسى تلك الحقيقة التي توقظنا للدار الآخرة ..


الساعة الآن 08:22 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية