منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   الشعر الشعبي (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   كيف تنظم القصيدة الشعبية (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=5643)

ابومعاوية 04-12-2010 03:56 AM

كيف تنظم القصيدة الشعبية
 

كيف تُنظَم القصيدة الشعبية
خواطر تأمّلية بالعامية (2)



تمهيد:
بعد متابعتي لمشاركات بعض الأخوة والأخوات من أصحاب الخواطر والتعابير الشاعرية الصادقة، وتكرر إشارتهم إلى عدم وضوح شئ من المنهاج الأساسي لضبط ميزان القصيدة الشعبية، أحببت أن أساهم بترجمة شئ مما تعلّمته على مر السنين في هذه السطور المختصرة، لأستفيد من أي تعليق أو توجيه، ولقد إخترت أن أطرح الموضوع من زاوية عامة وغير تفصيلية لعدم الإطالة، مكتفياً لما أشعر أنه سيفيد في توضيح الزاوية التي أريد النظر من خلالها، ذاكراً المشهور من القول بلغة شعبية بسيطة قدر المستطاع، واشرح خلاصة ما يحتاجه الموضوع لأي مبتدئ من وجه نظري، راجياً أن تكون المادة المطروحة وطريقة عرضها واضحة ومفيدة، والهدف تسهيل التأسيس لنظم القصيدة الشعبية للمبتدئ، وليكون الموضوع بوابة سهلة للولوج إلى دار هذا الفن البديع.

المشهور هو أن القصيدة تتكوّن من 7 ابيات على الأقل، (البيت الواحد يسمى يتيماً، بيتين إلى ثلاثة نتفة، وأربعة ابيات إلى ستة قطعة)، والنظم هو إلتزام وزن معيّن وقافية معينة ثابتة في كل أبيات القصيدة، ولذلك فإن المشهور والصحيح هو أن قصيدة الشعر الشعبي وخاصة شعر الجزيرة العربية هو شعر عمودي من الناحية العروضية حاله حال القصيدة الفصحى ولكن بدون إلتزام بالنحو والصرف، لكن لا بدّ من التنبيه من أن الكلمة الشعبية لا تلتزم بالتركيب الصحيح للكلمة العربية الاصلية أحياناً، بسبب دخول العجمة عليها من جرّاء تلاقح الحضارات، لذلك نجد الكلمة الشعبية تفتقد الفصاحة وقد يشوبها لحنٌ جلي يُفقدها معناها العربي الصحيح أحيانناً، لكن ذلك لا ينزع دلالتها في المعنى إذا كانت دارجة ومستخدمة، والناس إنما تتخاطب بما يفهم من القول .

يُفهم مما سبق أن ناظم القصيدة الشعبية له مجال فسيح في تطويع الكلمة والمفردة وخاصة في يومنا هذا، ذلك أننا اصبحنا أكثر إطلاعاً على اللهجات العربية بإختلافها، لذلك نسمع أن كثير ممن تكلم وبحث في فن الشعر الشعبي او النبطي سابقاً (ولا يزال البعض ليومنا هذا) قد حصر بحوره بأربعة بحور فقط، والسبب أن تراكيب مفردات الكلمة العربية الشعبية او العامية في القرن السبع أو الثامن للهجرة كانت محدودة حسب بيئة الباحث، ولكن عندما توسعت المفردات المستخدمة بسبب تطوّر التواصل تفرعت من البحور النبطية وأتى ما يُعرف بالطاروق على كل بحر بناء على ما توسع فيه الشعراء ( البحر الهلالي في النبط هو البحر الطويل في الفصيح ومنه تفرعات كثيرة أو طواريق)، وهنا لابد من بيان أمر وهو أن الطاروق في منبعه إنما هو إما زحافات أو علل على البحور الشعرية المشهورة (وقد ثبت في يومنا أن هناك الكثير من الشعراء ممن قال شعراً شعبياً مستخدماً البحور الأخرى غير البحور الأربعة النبطية والتي أصلاً من بحور الشعر الفصيح الستة عشر المعروفة). ولكن الشاعر الشعبي في الجزيرة العربية (خاصةً) ألزم نفسه بالمحافظة على وزن البحر المستخدم أو وزن الطاروق (الزحاف والعلة الثابت) من أول بيت في قصيدته إلى نهايتها، مختلقاً لنفسه تفريع من البحر الأساس أطلق عليه مسمى الطاروق كما أسلفنا، ولكونه يعلم أن التركيب الشعبي للكلمة ليس أصيلاً، فضّل أن لا يدّعي أنه إستحدث أو إكتشف بحراً جديداً للشعر في علم العروض تأدباً وإحتراماً للّغة العربية الفصحى وعلم العروض.

لذلك نرى أن نقّاد الشعر الشعبي لا يحبذون الزحافات (ما يطلق عليه الكسر عموماً)، وذلك لوجود المجال الفسيح أمام الشاعر الشعبي في تطويع المفردة بدون قيد النحو والصرف، علماً أن الشعر الفصيح لا يجد في الزحافات حرجاً، على اساس أن الزحافات موقعها هو الحشو في الصدر أو العَجُز ولا يحتاج للإلتزام بها على طول القصيدة، على عكس العلل إن وُجدت فإن الشاعر مُلزم بما وقع من تغيير على تفعيلة العروض أو الضرب من أول القصيدة إلى نهايتها، وعليه يتشارك في هذا مع النظم في القصيدة الشعبية، ولا يوجد فيما اعلم شاعر جاهلي أو من صدر العهد الإسلامي الأول إلا وترى الزحافات موجودة في أحد قصائده على الاقل، وإنما رُصدت هذه الإختلافات والتغيرات في الوزن وأطلق عليها هذه المسميات بانواعها لوجودها في قصائد الشعراء، ولكن الفرق كما أسلفنا أن الشاعر الشعبي إن أدخل الزحافات على بحر قصيدته إلتزم بوزن التفعيلة (المعدّلة)، وإن حدث وكسر الشاعر الشعبي الوزن في البحر الذي يستخدمه أو طاروقه (البحر المعدّل بزحافات) لغاية في نفسه أو لأهمية إداراج مفردة يراها مهمة للمعني او القصد يكون ذلك نادراً جداً لأن ذلك يعتبر ضعفاً في النظم، والمفضل هو الإستعانة بمفردة تُعطي المعنى المطلوب من لهجة عربية لقبيلة مجاورة أو بلد عربي يعرف لهجة أهله ليحفظ الوزن، أو حتى إعادة تطويع المفردة ولو بتركيب جديد ومستحدث للكلمة (من باب يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره أو من باب التحديث في المفردة الشعبية).

وينطبق على العلل (في العروض والضرب) ما ينطبق على الزحافات بشكل عام بالنسبة لطاروق أو نظم الشعر الشعبي، بمعنى أن إذا وقعت العلة في البحر المستخدم للقصيدة فإن الشاعر الشعبي يلتزم بتفعيلة (العروض أو الضرب) من اول بيت في القصيدة إلى آخر بيت (العلل مكانها العروض والضرب آخر تفعيلة في الشطر الأول من البيت وآخر تفعيلة في الشطر الثاني من البيت).

خلاصة التمهيد هي أن النظم في الشعر الشعبي يصعب أن نقيّده بالبحور الشعرية المعروفة، وكل متابع يعلم أن اساتذة الشعر قد حاروا في كيفية حصر بحور الشعر الشعبي خاصة في عصرنا هذا، والسبب هو صعوبة حصر مفردات وتراكيب اللهجات العربية كلها، ولكن يُقيّد الشاعر الشعبي على المشهور وخاصةً في المسابقات بإلتزام ما يختاره من الوزن وعدم الكسر فيه، (وقد تشترط بعض المسابقات الشعرية في أحد مراحلها، أو بعض المسابقات المغلقة بإلتزام بحور أو بحر معيّن أو طاروق معروف مشهور).

ولذلك جاز التنبيه إلى أنه قد يقرأ القصيدة المكتوبة أحدهم وهي صحيحة الوزن ولكن يجد فيها كسر لأن من قرأها أجراها على حسب ما يعرفه من اللهجات بينما صاحب القصيدة قال الكلمة المتهمة بالكسر على نحو ما تنطق به اللهجة المختارة عند الشاعر وتكون الكلمة بناءً على هذا موافقة للوزن المتبع في القصيدة،، فلا عجب أن تجد لجنة الحكم في مسابقةِ ما يطلبون سماع القصيدة من كاتبها ليتحققوا أنه ينطقها بدون كسر إن أشكلت الكتابة عليهم لعدم تقيد القصيدة الشعبية بقواعد النحو والصرف.


كيف تنظم القصيدة الشعبية:

قد سبق وبيّنّا أن النّظم هو إلتزام وزن معين وقافية معيّنة، وللعلم يجوز في الشعر الشعبي أن يخالف الشاعر في القافية بين الشطر الأول من البيت (الصدر)، وبين قافية الشطر الثاني من البيت (العَجُز) ولكن مع الإلتزام بذلك إلى آخر القصيدة (وهذا هو المشهور والغالب في القصيدة الشعبية في شبه الجزيرة العربية).

وكذلك ليُعلَم أنه يجوز (بل هو من الفن والإبداع) أن يخالف الشاعر الشعبي في الوزن بين الصدر والعَجُز ولكن لابد من الإلتزام بذلك من أول بيت إلى آخر بيت طبعاً، (بمعنى أن يكون الوزن في الصدر ثاتب من صدر أول بيت إلى صدر آخر بيت، ويختلف الوزن في العَجُز عن وزن الصدر وعلى أن يظل هذا الإختلاف ثابتاً من عَجُز أول بيت إلى عَجُز آخر بيت).

الإرشاد الأساسي للمبتدئ في نظم القصيدة الشعبية:

الخطوة الأولى: هي إيجاد الفكرة لما ستُعَبر عنه القصيدة.
الخطوة الثانية: إما تحديد البحر أو الوزن أولاً (وهو الأسهل عند البعض) ثم البناء عليه بإختيار المفردات التي سيوافق لفظها حركات أو تقاطيع الوزن المُختار، أو يضع الناظم الشطر الأول من البيت حسب ما تجود به مخيّلته، ثم يستخرج الوزن من خلال التقطيع ويستخدم نفس الوزن للشطر الثاني، ويمكن للناظم أن يضع البيت كاملاً ثم يستخرج الوزن من باب أنه لا يحتاج إلا توافق الوزن بين الشطرين كما أسلفنا، (يحدث ذلك كثيراً إذا كان الناظم متمرساً وجادت قريحته بتركيبة بديعة من المفردات). ومثال ذلك الآتي،،

(م) يرمز إلى حرف متحرك بمعنى أن الحرف غير ساكن وليس حرف مَد
(س) يرمز إلى حرف ساكن أو حرف مَد (حروف المد هي الألف والواو والياء)

مُستَفعِلُن / مستفعلن / مستفعلن
م س مٍ س م م س/ م س م س م م س/ م س م س م م س
يا مَن وفى / قلبي هوى / حببَه أبد
لا ترتِجي / مِننِي وَصِل / وِنتَه غَدِر

يا من وُفَى قَلبي هَوَى حبّه أبَد == لا تِرتِجي منّي وَصِل وانتَه غَدِر


طبعاً المثال مُبَسّط للتوضيح ذلك أن الكلمات والمفردات المستخدمة قد تكون كلمات كبيرة العدد في الحروف فلا يلزم أن تنتهي الكلمة في حدود تفعيلة (مستفعلن) بمعنى ان الناظم له أن يضع ما يشاء من كلام وحروف (طبعا كلام مفيد في المعنى وإلا لن يكون كلاماً،، "كلامنا لفظٌ مفيدٌ كاستقم")، على أن يوافق منطوق حروف كلام النظم حركات الوزن أو التقطيع الناتج عن الوزن المختار ولا يتعداه.
ملاحظة: الوزن والتقطيع إنما يكون بإثبات ما يلفظ من الحروف في الكلمة، بمعنى كل ما تقطّعه من حروف الكلمة هو ما ستلفظه في النظم أو الأبيات، فالحرف المشدود مثلاً يُقَطّع عن حرفين لأنك تلفظه حرفين ساكن ومتحرك (منّي - مِنني)، وكذلك التنوين مثلاً هو نون زائدة تلفظ ولا تكتب في العربية، لذلك تجد ان كثير ممن يكتب القصيدة الشعبية يثبتها كتابةً بين قوسين، على هذا النحو صَادِقِ (ن) في كلمة صادقٍ.

وختاماً لقد اخترت إستخدام مسمى (النّظم) لأن النظم يكون شِعراً متى ما حوى النظم بلاغة وحسن تعبير في وصف المشاعر(على المشهور).

أتمنى أن يكون هذا المختصر طرح مفيد لكل من هو مثلي مبتدئ في كتابة الشعر الشعبي، وكذلك أحببت أن أضع التمهيد والشرح حتى أذكر بكل إجلال أساتذتي الشعراء والنقاد بمسألة المراعاة أثناء تقييم قصيدة الشعر الشعبي، فالقصيدة قد لا تكون وضعت للتحدي أو لإحراز الفوز في مسابقة، وقد يجوز للشاعر ما لايجوز لغيره إن كان ما يقوله شعراً وليس مجرّد نظم، والموضوع مفتوح للتصحيح والتنبيه والإضافة لتعميم الفائدة.

حفظكم المولى أين ما كنتم،، نسال الله العافية والثبات...


أبو مسلم الصلتي 04-12-2010 10:24 AM

شكرا أخي الكريم على هذا الشرح الطيب .
ودمت بخير

ابومعاوية 04-12-2010 08:13 PM

أستاذي المكرّم أبو مسلم الصلتي،،،

الشكر الجزيل على مروركم وتعليقكم القدير،،
يعلم الله كم أسعدني مروركم،، تشريف تشريف يا استاذي الفاضل،،
ممنون ممنون،، نسأل الله العافية والثبات،،،


أخوكم دوم ابومعاوية،،،

نصيب العفاري 04-12-2010 08:37 PM

طــــرح مفيد وجميل

تسلم يدك اخوي على الطررررح

الله يعطيك العافيه

ودي وحترامي

ابومعاوية 05-12-2010 07:13 PM

أستاذي المكرم نصيب العفاري،،،

تسلم أنفاسك أخي العزيز،، وتشكر على مروركم وتعليكقم الصادق في المشاعر،،
ممنون ممنون سيدي الفاضل،،، نسأل الله العافية والثبات...

أخوكم دوم ابومعاوية،،،

خميس المويتي 06-12-2010 07:40 AM

الاخ معاوية
الطرح جميل والمتابعه من أمثالك أجمل والشعر الشعبي كما تفضلت يقرى حسب نطق المفردة المحلية وذلك تجد كثير من المتتبعين لقصائد الشعر الشعبي أثناء القراء للقصيدة يحس أبكسر في البيت والحقيقة جهله بنطق المفرده وجد الكسر ولكن بالمتابعه والتعرف على مفردات لهجاتنا المحلية سيتعرف الراغب للمعرفة ولك خالص الود والاحترام

ابومعاوية 06-12-2010 11:01 PM

استاذي الشاعر والباحث المكرّم خميس المويتي،،

تشريف تشريف تشريف يا سفينة الموروث الشعبي،،
أسعدني تواضعكم الأدبي بمروركم على الموضوع،،
ممنون ممنون على تعليقكم الأخوي النابع عن أستاذية في الأخذ بيدي تلميذكم دوماً إن شاء الله،،
أسأل المولى أن يحفظكم أين ما تكونون،، نسأل الله العافية والثبات،،

أخوكم دوم ابومعاوية،،


الساعة الآن 07:13 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية