عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 05-09-2011, 10:39 PM
الصورة الرمزية فاطمه القمشوعيه
فاطمه القمشوعيه فاطمه القمشوعيه غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: In someone's heart
المشاركات: 2,581

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى فاطمه القمشوعيه
افتراضي

في كتاب جديد يكشف الحقائق .. كاتبة تتهم نزار قباني بالسطحية وعدائيته للمرأة


في كتابها "نزار قباني الحقيقة الكاملة" الصادر العام الماضي عن دار الورّاق، تذهب الباحثة كاتيا شهاب إلى تناول سيرة الشاعر السوريّ الراحل نزار قبّاني، بشكل تفصيليّ ومختلف لإيضاح كلّ جوانب حياته من منطلق عدم قناعتها بما رواه الشاعر عن نفسه، أو ما رواه محبّوه وأصدقاؤه.

ومن خلال تسلسل تصاعديّ لكشف حقائق ترى المؤلّفة أنّها لم تحظَ بتسليط الضوء عليها، بدأت بالسيرة الشخصيّة لقبّاني لتقدّم حقيقة ربّما يعرفها كثيرون، إلاّ أنّ من لا يعرفونها أكثر، على الرغم من أنّ هذه المعلومة ليست ذات تأثير يجذب من قرأ للشاعر أو تابع سيرته، إلاّ أنّها أرادت تقديمها ربّما من مبدأ التزام الأمانة الكاملة في البحث، وهذه الحقيقة هي أنّ اسمه الفعليّ: نزار آقبيق وليس نزار قبّاني، إذ إنّ قبّاني هي الكنية في حين أن آقبيق وهو اسم تركي, هو العائلة، حيث إنّهم في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي حذفوا اسم العائلة من بطاقاتهم الشخصيّة واحتفظوا بالكنية.

وبرغم أنّ المسألة لا تتعدّى كونها تغييراً في الاسم لا شأن له في موهبة أو إبداع، إلاّ أنّ الباحثة شاءت أن تطرح سؤالا حول ما إذا كان نزار سيصل إلى ما وصل إليه لو بقي على اسم عائلته الأصليّ ( آقبيق ) ؟ علما أنّ آقبيق أسرة دمشقية عريقة ولها في مقارعة الانتداب الفرنسي على سوريا تاريخ عريق, ولكنّ هذا هو اسمها الذي تحمله في تذاكر نفوسها ومعناه في التركيّة, الرجل ذو الشوارب البيضاء!

ترصد الكاتبة في بحثها هذا مجموعة المدن التي ساعدت في تكوين ثقافة وتجربة قبّاني، فتبدأ من دمشق وتراثها معرّجة على المجموعة التي أصدرها الدكتور صباح شقيق الشاعر وعنوانها " دمشق نزار قبّاني "، لكنّها تلفت النظر إلى خلوّ هذه المجموعة من قصيدته السياسيّة الأولى عن الزعيم حسني الزعيم الذي كان أوّل من قام بانقلاب عسكريّ في الشام، حيث مدحه نزار بقصيدة ثم طوى القصيدة فيما بعد ولم يعد يشير إليها لا من قريب ولا من بعيد .

وتتحدّث كذلك عن دور القاهرة، في الأربعينات من القرن حيث كانت مدينة ثقافيّة عظيمة نهل الشاعر منها وفيها بدأت شهرته وللناقد أنور المعداوي فضل في هذه الشهرة وكذلك لصاحب "الرسالة" أحمد حسن الزيّات ومن أطرف ما حصل يومها أنّ المعداوي كتب مقالة لينشرها في "الرسالة" عن ديوان نزار "طفولة نهد" إلّا أنّ الزيّات ارتأى حرصا على سمعة مجلّته, أن يغيّر عنوان الديوان من "طفولة نهد" إلى "طفولة نهر" ونشر المقالة تكريماً لصديقه أنور المعداوي ولكنّه عدل عن عنوان الديوان الأصليّ كي لا يخدش حياء قرّائه ما جعل نزار يقول فيما بعد إنّ ما فعله الزيّات كان عبارة عن ذبح للديوان من الوريد إلى الوريد.

ثمّ تنتقل إلى بيروت التي يقول نزار عنها : إنّ ارتباطي بلبنان لم يكن ارتباطا سياحيّا ينتهي عند حدود شواطئ بيبلوس وصالات الكازينو، إنّه أعمق من هذا بكثير، فلبنان كان الإناء الذي احتوى شعري وأعطاه شكله ولونه ورائحته, كنت أقرأ بانبهار أعمال الشعراء اللبنانيّين: الأخطل الصغير وأمين نخلة وإلياس أبوشبكة ويوسف غصوب وصلاح لبكي وسعيد عقل وأجد في حروفهم رائحة طازجة لا عهد لي بها من قبل كان هؤلاء يتكلّمون لغة أخرى, ويكتبون بحبر آخر.

أمّا عن أسرار شعر نزار فترى الباحثة أنّ أهمّ هذه الأسرار مقدرته على محاكاة الشباب بلغتهم وطرقهم في التعبير، وهذه الشريحة العمريّة هي الأكثر تجاوبا مع دواوينه وإقبالا على شرائها وتضيف : "وإذا سلّمنا جدلا أنّ نزار قبّاني ناشر وعاشق للجمهور بمعناه العريض وهو الميّال إلى الثقافة العامّة لا إلى النموذج المعقّد من المعرفة , فأنت تتحدّث مع "التاجر" الذي يدرس السوق وتقلّبات "الزبائن" دون اهتمام كثير بتلك النخبة المثقّفة التي تجلس في المقاهي لتنقد وتفنّد".

وفي لفتة جاءت مفاجئة، ترى شهاب أنّ شعر نزار سطحيّ ويعود قسم أساسيّ من ذلك إلى ثقافته وعدم تعمّقه وإحاطته بجوانب كثيرة فيها وتستشهد بالشاعر الفلسطينيّ محمود درويش الذي قال مرّة إنه تجوّل في منزل نزار قبّاني فلم يعثر فيه على كتاب، بل مجرّد جرائد يوميّة ومجلّات أمّا الكتب على أنواعها, سواء الأجنبيّة أو الوطنيّة, القديمة أو الحديثة فلم يكن لها وجود في المنزل.

وفي لفتة أخرى تتساءل: هل هو شاعر المرأة أم أشرس أعدائها ؟ حيث قيل فيه إنّه يتغنّى بالحبّ ويرسم بالكلمات, كما قيل إنّه رجل حذق وموهوب وشهوانيّ ومندفع وجريء، ولكن خلف شاعريّته, تظهر رغبة في إعادة المرأة إلى زمن سحيق كان فيه دورها مقتصرا على "طارحيني الحب تحت المطر، تحت الرعد والبرق, عانقيني في الميادين, امنحيني روعة الإحساس بالموت، أحبّيني كما كنت بعنف وجنون، واعصري قلبي كالتفّاحة الحمراء حتّى تقتليني وعلى الدنيا السلام.

ورغم خروجه على القانون وجرأته الكبيرة ,إلّا أنّه استخدم المرأة لتكون عبدة له وحده تدخل كنزته وتأكل من عشب صدره. طلب منها رفض السلاطين والتخلّي عن كلّ رادع يعترض الجنس لتستسلم لجسده "أحبّيني بكلّ توحّش التتر بكلّ حرارة الأدغال, خلّي نهدك المعجون بالكبريت والشرر يهاجمني كذئب جائع خطر"!

وتتابع : تميّز الشاعر بأسلوبه الفظّ في التعامل معها "كوني امرأة خطرة كي أتأكّد حين أضمّك أنّك لست بقايا شجرة" يأمرها أن تعطيه كلّ شيء بلا منّة ليس لأنها تحبّه، بل ليتأكّد أنّ فروعها ليست خشبا ولا جذورها حطبا.

وذلك عبر استعماله فعل الأمر في مئات القصائد: كوني، ثوري، خلّي، أحبّي.. ويبرّر أوامره بحجج من نوع: كي لا يُروي عنّي أني كنت أُضاجع شجرة!

وإذا كان المطلوب في الشعر أن يحمل لقارئه تجربة مختلفة تتّصل بالذات والوجود والمصير وتحمل رؤيا جديدة، وهذه هي الأسباب الموجبة للشعر، فإنّ القارئ لن يعثر على مثل هذا الشعر في مجموعات نزار الشعريّة. إنّ نزار لا يكتب مثل هذا الشعر، ولا علاقة له به لا من قريب ولا من بعيد. إنّ الشعر الذي يكتبه، هو على الإجمال عبارة عن لقطات مباشرة تتّصل بالعلاقة الجنسيّة بين الذكر والأنثى. هذه اللقطات لا تلامس سوى السطح في هذه العلاقة. ونزار على العموم ليس له سوى قصيدة غزليّة واحدة ينوّع عليها على الدوام.

يقول نزار :

اجلسي خمس دقائق

لا يريد الشعر كي يسقط كالدرويش

في الغيبوبة الكبرى

سوى خمس دقائق

لا يريد الشعر كي يثقب لحم الورق العاري

سوى خمس دقائق

فاعشقيني لدقائق

واختفي عن ناظري بعد دقائق!

نزار قبّاني في هذه القصيدة، كما في كلّ قصائده، لا يريد من المرأة إلّا خمس دقائق لكي تشعله، لكي يصل إلى حالة إثارة تنتج سلعة للبيع اسمها قصيدة. وعلينا أن نلاحظ أنّه في هذه القصيدة، وبصريح العبارة لا يريد أن يصل مع المرأة إلى نهاية الشوط، إلى مرحلة الإطفاء والانطفاء، بل إلى مجرّد إثارته، إلى خمس دقائق..

بعدها على المرأة، أو على الجارية أن تغادره فورا، من أجل أن يكتب قصيدته. واضح جدا أنّ الشاعر هنا لا يريد التفريط بصحّته، بل المحافظة عليها. ثمّة تنسيق بين علوم مختلفة: بين علم الصحة وعلم التدبير والتخطيط وعلم الحساب، وهي علوم لم يتمكن أيّ شاعر آخر عبر العصور في التوفيق بينها إلّا نزار قبّاني الشاعر والناشر من صاحب دار نشر كان اسمها «منشورات نزار قباني»!.

وترى الباحثة أنّ شعر نزار يقدّم مادة ذهبيّة للناقد والدارس، ولكن المشكلة تتمثّل في أنّ النقّاد والدارسين انصرفوا عن شعر نزار منذ زمن بعيد.

هذه خلاصة موجزة لما ذهبت إليه الباحثة من رؤى كوّنتها من خلال استنادات رأت أنّها منطقيّة وموضوعيّة عبر تعزيزها بشواهد من سير من عاصروه، أو حتّى بالاستناد إلى قصائده التي استشهدت بالكثير منها في كتابها ...
__________________
رد مع اقتباس