[ريانة الغصن]

/حين يراودني الحنين إليك/..

أجلس صباح كل يوم بمحاذاة أرصفة الميناء أقلب كتبك التي أعرتني إياها على طاولتي المستديره ومزهرية الكرستال وورودها الحمراء الذابله..أوراق دفاتري تتناثر هنا وهناك..أسراب من الطيور تحلق عاليا بانتظام..وجوه تضحك ..أفواه مبتسمة..اليوم حتى البحر بزرقته يضحك.. وعلى مشارف غروب الشمس بقليل أسمع خرير الماء ، تكاد الأرصفة تمتلئ بالمياه ..اليوم كل شي غريب ..كل شي يضحك .....أرقب من مكان غير بعيد عجوزا كهلة في أواخر السبعينات بيدها عصا وبيدها الأخرى تمسك طفلا صغيرا ..تنتظر عودة القوافل البحريه لعل إحداها تحمل خبرا يسيرا عن فلذة كبدها.. الذي طال غيابه وطال انتظارها.....


بجوار تلك الطاوله الحزينه تجلس فتاة وحيدة ذات شعرأشقر وملامح تفيض ألما من طول الانتظار..دموعها تنهمر رويدا رويدا على ضفة خدها البارد..بيدها حزمة رسائل تارة تقرأ سطرا وتارة أخرى تنظر صوب البحر لعل المنتظر يحن فيرجع لها..ويدها الأخرى تضعها على بطنها تمسح على طفلها القادم....


هناك أطفال يجرون وراء المستديرة فرحا..هناك أم وأب أرهقما طول الوقوف على حافة السياج....
..أصوات تعلو..إنها الباخرة..إنها الباخره.. لقد جاءت الباخرة..أرى المئات يندفعون صوب البحر ..إندفعت معهم ..أهالني منظر المسافرين وهم يعانقون أهاليهم..الجو جميل..كلهم يضحكون ..فاليوم كلهم انتظروا ففرحوا..إلا أنا انتظرت فلم يأت..رجعت من حيث أتيت ..فموعدي غدا مع البحر مثل كل يوم......