عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-01-2012, 08:05 AM
الصورة الرمزية علي الكمزاري
علي الكمزاري علي الكمزاري غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: عُمان
المشاركات: 80
إرسال رسالة عبر MSN إلى علي الكمزاري
افتراضي دهاليز القبور > أو آ آ آ هـ أمي !

مَدخلٌ:
ليْسَ فِيْ الْعَالَمِ وِسَادَةٌ أَنْعَمَ مِنْ حُضْنِ الْأُمِّ !
{ شكسبير}

كَتبتُ هذه القصيدة على لِسانِ أحد الأصحاب (بعد وفاةِ والدته) ,
أنهيتها و أنا أسألُ نفسي :
> هل كتبتها على لسانهِ فعلًا ! أم بلسناي ؟

فأنا لا أنكر إحساسي بأني كنتُ أرثو أمي -أطال بعمرها ربي-
لا أعلم . .
ربما هذه و ربما تلك؛ فالصداقة كالأخوة !

.
.
.

أفلاكُنا الوسنى ببطئٍ تحملُ الليل الثقيلْ !
فكأنما صُلِبَ الشروقُ على الغروبِ فلا رحيلْ

فلا اغترابَ و لا اقترابَ كأنني طفلٌ قصير
يرجو بكلِ براءةٍ أن يبلغَ الحُلمَ الطويلْ . .

و لربَّ يوم صارَ ذكرى .. صورة فوق الجدارْ
لا لم يُطِق كتمانها بالليلِ برواز نحيلْ

كم من براويزٍ بكت في صمتها صورَ الحنينْ
لكنَّنا لم نُصغِ يومًا في أناشيدِ الوعيلْ !

* * *

القَلبُ يبكي من بُكائكَ صاحبي رِفقا بِنا
مَنْ لو بِدمعكَ قد توضأ لَم يطأ أرض الصلاةْ

فَعيونُ ليلكَ لُطِختْ بِكلابِ سجانِ السَهرْ
و أطُنها بِشموسِ وجدٍ سوفَ تغدو كالفلاةْ

و تَساقطتْ أوراقُ وَصلٍ للخَريف و دونها
سِربٌ مِن الغِربانِ غَنوا مَوت غصنٍ لن تراهْ

إنْ يبتسم زورًا فإنَّ الدمعَ يُقرأ بالعيونْ !
و تِلاوةُ الأمطارِ تروي الحُزنَ غيمًا في سماهْ

* * *

مُذ طَلقتْ شمسُ اللقاءِ سماءنا , يبكي الغروبْ
و البحرُ و الشفقُ الجريح و بسمةُ الصبحِ المحالْ

و مَضتْ ثلاثةُ أشهرٍ هِيَ عِدةُ الوعدِ القديمْ
لِيُزوّجَ الضوءُ العتيقُ بقبرِ أمي للظلالْ

اليومَ في رَحِمِ المساءِ تَكّونَ اليومَ الجنينْ
ذاكَ الهلالُ النائم النائي القريبُ كما الخيالْ

لَحنٌ طفوليٌّ إذا أنصتَ .. تَسمعهُ العيونْ
يا ليلُ أبصر / تلكَ أمي في هلالكَ لا تزالْ

* * *

أماهُ لا أقوى على كبتِ الفراشةِ في فمي
ذابت بآهاتي فكانتْ إذ تطير كألفِ آهْ

و الكبتُ سِجنُ الحبِّ .. حَررها بيَ القلبُ الأسيرْ
طَارتْ تُبعثرُ نَبضَ آهاتي على صدر الشِفاهْ

أما أنا قلبي هُنا في زورقِ النور الضئيلْ
و الليلُ يُبحرُ في مجاديفي و يطفئني دُجاهْ

لم تَكفكَ الشمسُ اللتي رَسَمتْ حشاكَ بنورها ؟
أنهكتَ نهدَ النورِ رفقًا؛ كِدتَ أن تُنهي سناهْ !

* * *

الشاعرونَ أحقُ أهلِ الأرضِ -صدقًا- بالأسى
و أحقهم بكفالةِ الدَمعِ اليتيمِ على العُيونْ ؟

فلقد بُعِثتم كي تعيشَ بصدركم كلُ القلوبْ ؟
و لِتُسْكِروا العشاقَ من قرآنكم و لتسكرونْ !

نحنُ الطفولة و العذوبة و العذاب مَعًا بآنْ
نتلوا الخفوقَ سَطورَ آياتٍ يُقدسُها الشُجونْ

من غيركم يصغي إلى لغةِ الفؤاد و وَحيهِ !
يا أنبياء القلبِ هَل أخطَأتُ ؟ هيا أخبرونْ . .

* * *

هل يا تُرى بالموتِ -يا أماهُ- يجمعُنا الثرى ؟
أو هَل سندنوا إن تناءينا لنَقتسمَ الكَفنْ ؟

دومًا على القبر الكئيبِ أظلُ أطرقُ دائمًا
و القبرُ يَصرخُ في ذهولٍ: إن موتكَ لم يَحِنْ !

كم من مُحبٍ في دهاليزِ القبورِ رجا العبورْ
و القلبُ يطرقُ صدرهُ يرجو الحياةَ بلا وَطنْ !!

سأظل أطرق ثمَّ أطرق كي يملَ بيَّ الضجرْ
حتى يُجيبَ القبرُ: حانَ الموتُ طِفلي فاطمَئنْ !


~

التعديل الأخير تم بواسطة يوسف الكمالي ; 23-01-2012 الساعة 02:51 PM
رد مع اقتباس