بلا رأس
حِينَ خَيّمَ الشّقاءُ عَلَى شُعَيْراتِ رَأسِهِ ..
وَابْيَضّتْ عَيْناهُ مِنْ شِدّةِ تَفَكّرِهِ ..
هُنَا ..
تَمَنّى لَوْ يَعِيشَ بِلا رَأسٍ ..
يُقرّرُ الخُروجَ مِنْ مَصائِدِ الهِذْياَنِ ..
يَخْلَعُ رَأسَهُ ..
وَيَمْضِي مُتَسَكّعاً فِي الشّوَارِعِ ..
اخْتَارَ ألاّ يَنْتَظِرَ شَيْئَاً .. وَلَا يَهَابَ شَيْئَاً ..
وَلَا يَنْظرُ لِشَيءٍ .. وَلَا يَحْفَلُ لِأَمْرِ شَيْءٍ ..
خَشِيَ قَبْلَهَا أَنّ خَلْعَ الرّأْسِ سَيُؤدّي بِهِ نَحْوَ ضَجِيجٍ أَكْثَرْ ..
رُغْمَ ذَلِكَ .. خَلَعَهُ ..
مَا زَالَ يَتَسَكّعُ فِي الشّوَارِعِ ..
سَقَطَ ..
اصْطَدَمَ بِقَلْبِهِ ..
خَلَعَهُ ..
واصَلَ التّسَكّعُ ..
قَرّرَ الخَلْعَ .. وَمَضَى حُرّاً طَلِيقاً ..
تَبِعَهُ أَبُوهُ .. تَبِعَتْهُ الْمَدِينَةُ .. تَبِعَتْهُ الأَرْضُ ..
تَرَكَ وَرَاءَهُ عَوَاصِفُ الجُنُونِ ..
وَالاحْتِرَاقِ .. وَالحَرْقِ .. وَالضّجِيجِ ..
وَمَضَى بِمِعْطَفِهِ الأَسْوَدْ ..
وَكَتْفَيْهِ الْعَرِيضَتَيْنِ ..
نَحْوَ دَرْبٍ يُشَكّلُ فِيهَا تَفَاصِيلٍ أُخْرَى ..
كَانَ يَسْعَى إلَى تَعْلِيبِ سَعَادَتِهِ ..
سَنَحْتُ لَهُ بِعُلْبَتَيْنِ زُجَاجِيّتَيْنِ ..
اكْتَفَى ..
مَضَى إلَى الدّاخِلِ ..
اصْطَدَمَ بِحَائِطِ الْحُزْنِ الْمَنِيعْ ..
تَكَسّرَ الزّجَاجُ ..
انْكَسَرَ هُوَ ..
وَانْتَهَى ..!
|