الموضوع: فَلتةُ يَد
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 20-04-2012, 08:33 PM
الدكتور طاهر سماق الدكتور طاهر سماق غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: syria
المشاركات: 45
إرسال رسالة عبر MSN إلى الدكتور طاهر سماق إرسال رسالة عبر Yahoo إلى الدكتور طاهر سماق
افتراضي فَلتةُ يَد



توقَّفْنا للتوِّ أمامَ سيّارةٍ سدَّتْ علينا الطريقَ من الحوبانِ إلى الكدَرَة، بوضعيةٍ اعتيادية.
كان كلُّ شيءٍ يوحي بحصولِ كارثة .. رغمَ الهدوء المُطبقِ والصمتِ المُلتَف.
أناسٌ ترجَّلوا من تلك السيارة وكأنَّ الطيرَ على رؤوسِهم .. يبدو في نظراتِهِمٌ الذُّعرُ وعلى ملامحِهِمُ الحيرةُ وفي حركاتِهِمُ الريبةُ والتَّطير.

طريقُ الحوبانِ – الكدرةِ لا تُتيحُ لأيةِ مركبةٍ أن تسيرَ فيها بأسرعِ من سَيرِ الدَّواب.

طريقٌ تملؤها سَلَخاتُ الصخورِ وحدباتُها كأنها قِطعةٌ من حَرَّة، تنشقُّ على خاصرة الجبلِ متلوِّيةً دونَ لينٍ ودونَ رحمةٍ بإطاراتِ السّيارات، ولا حتى بأقدامِ المُشاة إن سلكوها، حتى ليكادُ المرء يَجزمُ باستحالةِ حصولِ حادث سيرٍ عليها.


في اليوم السابق تماماً كنتُ أشربُ الشاي مع العمِّ سالمٍ وابنهِ على ناصية الجبل المطلَّةِ على هذه الطريق.
كانَ رجُلاً ودوداً ترتسمُ البسمةُ على محيَّاهُ السَّمْحِ مطلِقةً لنديمِه رحابَ الارتياحِ والطمأنينة.
إنه يقطَعُ الحجارةَ الصَّلْدَةَ عن سفحِ الجبل بإزميلٍ ودُبُّورة .. حجارةٌ يُنسِّقُها في كُوَمٍ مُعَدَّةٍ للبيع للبنَّائين.


اليوم ..
انفلتتْ إحداها من بينِ يديه لتهوي متدحرجةً على سفح الجبلِ، لا تستهدِفُ أي شيءٍ سوى رأسَ سائقِ تلكَ السَّيارةِ لتُدميهِ فتصرعُهُ، وتترُكُه مستلقياً على المِقْوَدِ كأنه يأخذ قسطاً من الراحة.


كان يضعُ ذراعَهُ اليسرى على حافة النافذة، تارِكاً المجالَ لدمائهِ كي تسيلَ على الصخورِ الناتئة في أرضية الطريق.
توقَّفتْ حينَها سَيَّارتُهُ دونَ حِراك .. وفي ذاتِ اللحظة .. توقَّفَ النَّبضُ في جَنَباتِ صدرِه.

15/4/2012
__________________
قلتُ يوماً:
شِعْري .. نافِذَةُ النَّاسِ إلى ضَعْفي
وَيحي ..ما أقبحَهُ شِعري
ما أذيعَهُ سِرِّي
وقلتُ آخر:
شعري أتفَهُ مكنونٍ يصدُرُ عن نفسي
إني أتبرأ من شعري
إني أتبرأ من نفسي
وقُلتُ بعد ذلك:
سوف أشدو ألحُناً .. للحبِّ دوماً، للفرح
وأفــلُ القـيدَ .. قد أدمى فـؤاداً فانقــرح
سوف أشـدو أغنياتي دون لأيٍ أو ترح
لغصــونٍ وأريــجٍ وابتســــــــامٍ ومرح
وأقولُ اليوم:
يُغرِقُني هَمُّكَ يا وطني .. فتفيض الأوجاعُ سطورا
وإليكَ سأكتُبُ محترقاً .. وإليكَ أُغَرِّدُ شـــــحرورا

التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور طاهر سماق ; 20-04-2012 الساعة 08:54 PM
رد مع اقتباس