الموضوع: رسائل قلب 5
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 30-04-2012, 12:30 AM
الصورة الرمزية صمت الهنائي
صمت الهنائي صمت الهنائي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 951

اوسمتي

Wink رسائل قلب 5

بكاء ونحيب امرأة ،دماء ملأت المكان ، قيود مكبلة في تلك الأيدي التي بدأت ترتجف بالخوف ولأول مرة ترى هذا الخوف ...
أسرعت بها الخطوات لترى والدها المكبل بتلك القيود وأمها بين بكاء ونحيب وشخص آخر لا ترى منه إلا قدميه أخذ في سيارة الإسعاف من هو المصاب بل من هو القتيل وأي ذنب أرتكب؟؟
وقفت تنظر إلى أمها تارة والى والدها تارة أخرى وإلى القتيل المضرج بالدماء ...
خنق صوتها الخوف والعبرة حتى بدأت تنادي "ما الذي يحدث هنا ؟لم القيود والبكاء ومن القتيل؟"
نظر إليها ضابط الشرطة "أأنت وسن؟"
والدموع تسيل على وجنتيها "أنا هي ولكن ماذا يحدث هنا"
بدأ الضابط يحكي لها كل ما حدث بالتفصيل الممل....
"اتصل أحد الجيران بنا في مركز الشرطة أخبرونا بأن ثمة أصواتا مرتفعة من بيتكم ولم تكن أصوات عادية بل إنه صراخ مستمر ،وكان مصدر الصوت هي أمك وصلنا إلى هنا وكان كل شيء قد فات ،وصلنا متأخرين ومن خلال أمك عرفنا ما حدث قالت بأن هذا الشاب دخل البيت غاضبا ، وبدأ يصرخ بوجه والدك ازداد الغضب بينهما حتى حدث ما لم يكن بالحسبان فمن شدة غضب والدك رفع السكين عليه والشاب غادر الحياة"
من هو الشاب ؟هي لم تفكر بل بصوت واحد أخي قتلت أخي أي ذنب أرتكب؟؟
أنه الأمل الوحيد لتلك الفتاة ، فارق الحياة فارقها وهو كان يدافع عنها عن طفلة صغيرة كبرت وكبرت معها أحزانها ...
"توقفي أيتها الأحلام ، توقفي هنا أرى أخي مضرجا بدمائه والعين تبكي لفراق أحبتي كنت أرى فيه الحنان يتدفق ولكنهم سلبوا ما كان في الفؤاد باقيا ...
نوحي واذرفي الدمع ،فقد ضيعت من حملت في أحشائك وبطعنة السكين فارقته أمي نوحي ،وأخبري الجميع أني أنا من قتلته قولي لهم عني وعن أخي كيف قتلتموه.."

ما تحملت تلك الصدمة ، أصابها مرض نفسي رفضت الكلام مع الجميع حتى أمها رفضت الأكل وفضلت البقاء في غرفة مظلمة لا يدخل النور إليها أبدأ...
نقلت إلى المستشفى بعد ذلك حيث كان للحكاية مجرى آخر وطريق غير الطريق الذي كانت به تسير ...
"أيه الحلم البعيد إني لا زلت أنادي بك لا زلت أنتظر فأنت وعدتني بأن هذا الظلام سينتهي ولن يحل محله إلا النور فلا تحزني أبدأ فأين وعدك لي وأنا تلك الطفلة لا زلت أنتظر لا زلت أنتظر فمتى يصبح الحلم واقعا؟؟"
في المستشفى الساعة الخامسة عصرا الناس في حركة فمنهم من يزور قريبا له في المستشفى ومنهم من بدأ دوامه هناك...
خطوات أقدام تمشي بوقار تام تمشي بهدوء وسكينة تقترب وقع تلك الخطوات من غرفتها ثم يطرق الباب ويفتح بهدوء حتى وصل إليها ونظر إليها نظرة المشفق لحالتها ثم بدأ يخاطبها..
"وسن التي أضاءت هذه الدنيا ما لي أراها حبيسة غرفة والنور عنها محجوب"؟
أنتظر منها الرد ، ولكن لا صوت يذكر لتلك الفتاة فماذا ستقول لا ترى إلا الدموع في عينيها حتى أظن أنها قد جفت من كثر البكاء ...
وهو لا زال مخاطبا لها "إلى متى ستظلين على هذا الحال هيا أفيقي فهناك حلم لا زال ينتظر من يأتي لتحقيقه"
ولكن لا جدوى ، فالصمت يقتلها بل إنه يخنقها يعذبها ، ويزيد من حالها سوءا...
"أي حلم هذا الذي ينتظر ؟لم يبق للحكاية إلا جسد منهك واهن ضعيف ..
لم يبق للرواية إلا قصة إنسان بعثر هناك وبطعنة السكين فارقته
لم يبق لأشعاري إلا بقايا إنسان على هذا السرير ملقى فيه...
فأي حلم هذا الذي ينتظر؟"

الدكتور فيصل أخصائي أمراض نفسية وصاحب مركز علاج الحالات النفسية ورده اتصال من المستشفى لعله يأتي لعلاجها وإخراجها مما آلت إليه...
توالت الزيارات لتلك الفتاة وفي كل مرة يذكرها بأسعد لحظاتها وبأجمل رسائلها التي كانت تكتبها كل مساء ومنها من ترسلها لكندا حيث كان أخوها ومنها من تكتبها لنفسها وفي آخر زيارة لها بدأ يقرأ شيئا من تلك الرسائل لها لعلها تعود إلى ما كانت عليه...
"من أنت أيها الكائن الماثل أمامي لماذا لا أستطيع رؤية ملامح وجهك ؟ تأتيني كطيف يخفف ما بي من ألم ثم تغادرني سريعا ..!!
هل أنت حكايات تنتظر من يكتبها أم أشعار كتبت وعلقت على جدار غرفتي أم أغنيات عربية تنتظر من يغنيها ؟؟
من تكون أم أنك ذاك الحلم الذي وعد بالنور مكان الظلام ولكنه لم يتحقق بل ازداد الظلام وخيم على قلبي الحزن"
سالت تلك الدموع من عينها لأنها أحدى رسائلها كتبتها لنفسها بل لحلم لا زالت تنتظره فمتى يصبح الحلم واقعا وينقشع الظلام من حولها ...
أكمل القراءة لتلك الرسائل واحدة تلو الأخرى وهي لا ترى إلا الدموع على وجنتيها...
"لا زال الحنين يخنقني مشتتا لأفكاري مبعثرا أحلام طفلة ما تجاوزت الخامسة عشرة من عمرها..
في آخر الليل أبقى ساهرة أحاور النجوم والقمر أسأله عن الحنين بداخلي لوطن لا زلت أحلم به...
لوطن لا أرى فيه إلا فرحا بالقلوب ،وابتسامة على الشفاه لا زلت أحلم بك ،لازلت أريد العيش فيك بعيدا عن الألم عن الدموع"
توقف هنا ،ونظر إليها أي هذا الصمت بداخلك أي هذا الألم الذي لم أفهمه بعد هكذا ؟ كان يحدث نفسه ما الذي سيفعله لها وهي تصر على نفسها بالبقاء بعيدا عن الجميع ،حتى عن أم جفت دموعها على طفلتها وهي التي عادت في ريعان الشباب...
جفت دموعها تلك التي تسمى دموع الندم فهي كانت تساعد ذاك الوالد الظالم في تعذيب ابنته فلما الندم الآن فالزجاج إذا انكسر لا يمكن إعادة إصلاحه وما الجدوى من البكاء على اللبن المسكوب ؟؟
هكذا توالت الزيارات لدكتور فيصل لتلك الشابة وسن ،يزورها بين فينة وأخرى وفي كل يوم يحدثها عما في الدنيا من أمل يثمر ،وزهور تتفتح لتنشر عبيرها في أرجاء الدنيا...
الساعة التاسعة صباحا ، موعد زيارة الدكتور فيصل لوسن ولكن أين هي ؟ ليست بغرفتها ..
ولا زال هناك بقية
__________________



يحدثوني عن الأمل وما أدركوا
"بأني على وشك الرحيل طريقي"

التعديل الأخير تم بواسطة صمت الهنائي ; 03-05-2012 الساعة 10:20 PM
رد مع اقتباس