شاخَ... حِرَاء
أنَا أرضٌ ، وَأنتِ فَوقِي سَمَاءُ
وَسَرَابٌ أَنَا ، وَأَنتِ المَاءُ
أَنْتِ تُوحِينَ لِي مَا تَشَائِيينَ
فَأُجْرِي المِدَادَ كَيفَ أَشَاءُ
طُوبَةً طُوبَةً ، وَحَرفًا فَحَرْفًا
هَكَذَا بَينَنَا يُقَامُ البِنَاءُ
إِنْ تَكُنْ آيَةُ اللقَاءِ مُحَالاً
فَلَنَا خَلفَ كُلِّ حَرْفٍ لِقَاءُ
وَلَنَا فِي عَوالِمِ الضَبَابِ صَفَاءٌ
وَلَنَا فِي عَوَالِمِ السُّقُوطِ ارْتِقَاءُ
نَحْنُ فِي مَوكِبِ الفَوَانِيسِ كُنَّا
شَمْعَتينِ يَغَارُ مِنَّا الضِّيَاءُ
مِنكِ أَشْعَلتُ فِي مَوَاقِدِ طِينِي
نَارَ رُوحٍ يَسْري إِليْهَا الفَضَاءُ
وَلَوَتْ حِكْمَتِي ذِراعَ جُمُوحِي
حِينَ أَسْرَى بِأصْغَرَيَّ اللوَاءُ
وَانْحِدَارِي إِلَيكِ يَبْدُوا دُنُوًا
وَهوَ إِنْ قِيسَ بِالسَّمَاءِ اعْتِلاءُ
أبذرُ اليأسَ في ضِفَافِ فُؤَادِي
حَيثُ يَنْمُوا عَلَى الضِّفَافِ الرَّجَاءُ
أَدْمُعِي لِلجِيَاعِ خُبْزٌ وَمَاءٌ
وَدَمِي للجِياعِ خُبزٌ وَمَاءُ
كُلَّمَا أَمْسَكَتْ أَنَامِلُ رُوحِي
بِيَرَاعٍ يُصَفِّقُ الشُّعَرَاءُ
رَغْمَ فَقرِي أَنْسَابُ لَحْنًا سَخِيًا
مِلْئَ شِعْرِي ، فَتَرقُصُ الجَوزَاءُ
هَلْ دَرَى الرَّاقِصُونَ أَنَّ فُؤَادِي
عَشَّشَتْ فِي صُخُورِهِ الأَرْزَاءُ
فِي مَوَازينِهِمْ دُمُوعِيَ عَزْفٌ
وَيَا آهَةَ القَلْبِ أَنتِ الغِنَاءُ
كُنْتُ أُخْفِي عَنْهُمْ تَبَارِيحَ رُوحِي
وها باحَ بالخفيِّ الخفاءُ
أسْترُ الدَّمعَ فِي مَنَادِيلِ جَفْنِي
آهِ لَو يَسترُ العَرَاءَ العَرَاءُ
إيهِ! كَمْ نَجْمَةٍ دَعَتنِيَ ، لَكنْ
بَرَكَتْ عِنْدَ بَابِكِ القَصْوَاءُ
إيهِ! والآهُ أَعْظَمُ سِرٍّ
كتمتهُ جراري الخرساءُ
أنا قلبي لم يحنه الدهر يوما
ولمْ تلهُ في رَبعِهِ الأَسماءُ
واعْتَرَاهُ أَمَامَ عَينَيكِ كَسْفٌ
فَانْحِنِاءٌ فَسَجْدَةٌ فانْحِنَاءُ
كُلَّمَا أَغْمَدَ الظَّلامُ بِقَلبِي
سَيْفَ ذِكْرَاكِ قَبَّلَتْهُ الدِّمَاءُ
وَثَوى فِي فِرَاشِ حُبِّكِ طَوعًا
أَمَلًا "أَنْ يَمَلَّ مِنْهُ الثَّوَاءُ"
فَانْزِلِي مِنْ حُصُونِ عَيْنَيكِ وَحْيًا
فَلَقَدْ شَاخَ فِي انْتِظَارٍ حِرَاءُ
هِذِهِ الجَارِيَاتُ بينَ سطوري
هِيَ بَعضٌ مِمَّا حَوَاهُ الإِنَاءُ
طلال النوتكي
13\8\2011