الموضوع: صورتها
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-09-2012, 12:23 AM
الصورة الرمزية محمد عباس على
محمد عباس على محمد عباس على غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الأسكندرية -مصر
المشاركات: 407
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى محمد عباس على
افتراضي صورتها

صورتها

قصة قصيرة

فتح عينيه ..بحر من ظلمة وسكون يجتاحان الغرفة ..ارتجف .. يعلم أنه وحده .الحجرة خالية الا منه ..عيناه عبر النافذة فى الخارج كالمعتاد ..أفكاره تعيش هناك حيث لايدرى ..تدوى دقات قلبه فى أرجاء المكان ..رجع صداها يتغلغل فى أذنيه ، بينما زفير الظلمة يشيع فى روحه إرتعادات تزيد من إنكماشه وانطوائه أكثر تحت غطاء لا يقى من برد .. الحجرة حوله غافية ، مغلقة المنافذ الا من تلك النافذة فى مواجهة عينيه يرى منها الضوء بعيداً .. نقاط متناثرة فى فضاء لاإنتهاء له من الظلمة ..اجتاح طوفان الغضب صدره كالمعتاد..هز أعماقه دون أن يجرؤ على الحراك من مكانه ..صرخ بلا وعى كما طالما صرخ ..لا .. وأراد أن يغوص بوجهه تحت الغطاء ..لمح وجه من يهوى عبر النافذة هناك تقف بين السماء والأرض.. باسمة العينين كانت ..وسط هالة من نور..تمد يديها مفتوحتين اليه ..تهتف باسمه ..اتسعت عيناه وهو يراها تتألق وسط الظلمة ..تملأ بسمتها الفضاء ويسع صدرها الكون..نسى فوراً أنه بسببها هنا ، رأوه يصر عليها ، يقدم نفسه فداء لها ، يفضلها على ماعداها ، القوه فى غيابات السجن لعله يرضى بما قسموه له ، دون جدوى ..رأى نفسه يهرول نحوها..غير أنها أخذت تتباعد ..شيطان مارد يتدثر بالظلمة يسحبها من ظهرها الى الخلف ، وهى تقاوم ، تحاول التحرك للأمام محتفظة ببسمتها ويديها المفتوحتين ، هو يقترب منادياً إياها ، هى تردد حروف إسمه مغسولة بالحنين ، الفضاء يردد صدى صوتهما ، والهوة بينهما تتسع ، هو يجرى متجاوزاً الألم وانقطاع الأنفاس ، يمد يديه لعلهما يصلان اليها ، وهى بعد أن أجهدتها المقاومة تبكى ، تمد يديها والأرض تتمدد ، تستطيل .. فجأة يتعثر ..تتساقط حبات عرقه غزيرة ..تورق فوراً أشجار خضراء فروعها نامية وثمرها ناضج ، تعتلى فروعها طيور بيضاء يفرد أحدها جناحيه على الكون ، تمتد الأجنحة ، تكبر ، يصير ملاكاً هائل الحجم ، رغم ضخامته لايخشى منه ، يجتاح صدره هدوء لايعرف كيف أتاه ، يقترب الملاك ، يحمله على جناحيه مخترقا ً الفضاء نحوها ، تتقارب المسافة من جديد ..تجف الدموع وتشرق البسمات ، يمد يديه من جديد اليها ..تمد يديها بذات إبتسامتها الحنون ..تشق الأرض قهقات الشيطان المارد عالية تهز الشجر وتجتاح الجبال وتفزع السحاب والطير ويعاود إبعادها من جديد ، تعاود الهوة بينهما الاتساع ..يبكى السحاب ، تغضب الجبال ، ينتحب الشجر ويحزن الطير ..يتحرك الملاك مواجهاً الشيطان المارد ، يقهقه الشيطان وهو يواجه الملاك ، يرميه بالصواعق العاتية التى تزلزل الظلام حولها ، وتدك الأرض دكاً ، يقابلها الملاك فوراً بريح تبددها وتنثر نارها رماداً فى أعماق البحار ، يرمى الشيطان المارد الملاك بالحمم والبراكين التى تتفجر مزمجرة ، تكتسح ماحولهامن شجر وزرع وأبنية ، وتذيب الجبال والأوتاد ، يرسل الملاك بالأمطار سيولاً تبتلعها فوراً ، تتبدد ضحكات الشيطان ويزمجر غضباً ، يضرب الأرض بقدميه فتثور الزلازل ويرتجف الكون هلعاً ، يضع الملاك جناحيه على الجبال الراسيات فتعاود الأرض ثباتها ، يزمجر الشيطان أكثر، يستنصر إخوته الشياطين التى تطوى القفار خارجة من كهوفها وسراديبها ودهاليزها متجهة اليه ، تهبط الملائكة فوراً الى السماء الدنيا لمجابهة المعتدين ، يطارد النور النار ..تدخل الأشجار المعركة فتضرب وجوه الشياطين بأغصانها ، يصيح الطير فى وجوههم ، تطردهم الجبال من كهوفها وسراديبها رافضة أن يعودوا اليها ، والريح تصفع وجوههم الفارة وهم يغورون فى بحر الظلمة مندحرين ، يعود الى السماء صفاؤها ، وتصبح الظلمة نهراً من نور -رغم خفوته - بهياً ساحراً ، تعود الملائكة طيوراً بيضاء يملأ صياحها الفضاء ويشرق القمر ويراقص النسيم أوراق الأشجار وفروعها
يبتسم راضياً..يعاود فرد ذراعيه منادياً إياها ..تبتسم له ، تشرق إبتسامتها على روحه ، ورغم المسافات البعيدة بينهما يشعر بها قريبة تعانق وجهه نسمات أنفاسها ، يغمض عينيه على صورتها .
__________________
محمد عباس على
عضو اتحاد كتاب مصر
عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
عضو رابطة الأدب الإسلامى
عضو نادى القصة بمصر
my blog : mabassaly.blogspot.com
mohamedabassaly.blogspot.com
رد مع اقتباس