الموضوع: بعثـــــرة..
عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 25-01-2010, 12:30 AM
شاكر العلوي شاكر العلوي غير متواجد حالياً
شاعر
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 229
افتراضي

تحية طيبة للجميع
هذه اضاءة متواضعة رأيت أن هذا النص يستحقها لشاعرة متفردة باسلوب جميل ويختلف طرحها لأفكار غير مستهلكة عن شاعرات كثيرات بالساحة .
نص كتب على مايوازي بحر الكامل في بحور الخليل على ما اعتقد (متفاعلن متفاعلن متفاعلن) بالصدر والعجز ووفقت الشاعرة بقافية الشطرين ب(آن) بالصدر و(ايني) بالعجز.
وكتب النص بلغة السهل الممتنع مع ميل للرمز في مواضع قليلة .لكن بدا ان هناك شيئ من عدم الترابط بالصور الشعرية مع بعضها البعض او تنافر بين مفردة ما ومعناها مع اخرى ملازمة ربما ارادت الشاعرة خلق صورة مبتكرة لها مداها الابعد بوجدانها لكن هذا برايي المتواضع قد يربك النص ويفقد المتلقي التركيز على الفكرة الرئيسية فاتمنى ان كنت مصيبا ان تتلافى الشاعرة ذلك مستقبلا وهي لديها من التجربة والموهبة والادوات ما يمكنها من ذلك وكثير من الشعراء الكبار حتى يقعون بمثل هذا في حال دفعتهم معاناة آنية ما لكتابة نص .
وابتداء من العنوان (بعثرة) فان النص يدور بهذا الفلك وهذا عكس التنظيم لكنها بعثرة شعرية منظمة حسب رايي لكن في فكرتها الوجدانية الذاتية مبعثرة لتحتمل كل عوامل واشكال وحالات الالم والحزن الانساني لدى الشاعرة
(غربة سنيــــن وبعثـرة وقت وأحزان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دارت رحاهـــا تطحن الضـيق فيني

ضميت (قطرة) وسيّل الدمـع طوفان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شبعت جـــــــوع وهز غصنـي أنيني)
هذا استهلال مناسب للنص ليدخل المتلقي في حالة ترامي الجراح والآمال معا فلا اعتقد ان الشاعر لم ينتبه لهذا التناقض بالجملة الشعرية والصور الفنية بل انها اتت عفوية دليل على شاعرية كاتبها فهي جعلت من الغربة والحزن والوقت رحى تطحن ضيقها عوظا ان تطحن حلمها وآلامها وليس هناك تفسير آخر كما يبدو وفي البيت الثاني ورغم سيطرة الشاعر على دمعته لكن هناك طوفان ماء يسيّل الدموع بعدها تلاحق الألم رغم الكفاح ضده فالجوع يصنع الشبع لكن الغصن يعود لهدهدة الأنين وهذه الصورة الاخيره تحتمل كثير من التفسير وبرأيي انه كان من الأفضل استبدالها بصورة أخرى تجعل للبيت ترابطا أكثر أو للجملة الشعرية الا اذا كان للشاعرة تفسير آخر لا يتضح للمتلقي واضن انه من المهم ان يكون ولو خيط بسيط يربط الجمل والصور حتى لا يرتبك كل ذلك.
(مشيت والخطـــوة بهـا وقفت أزمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقفت بس المشي أحـــــــرق سنيني

كل الأمانــي بداخلــــــي غيــث هتّان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بس المزن مـا جـــــــاد في بل طيني)

والآن محاولة للمشي لكن الخطوات تقف بها ازمان كاملة فليس واضحا ماالذي يقف هنا ثم الوقوف والاسترسال مباشرة بمفردة(المشي) الذي احرق السنين وهنا تناقض آخر في الصورة بل بالبيت الا اذا كان هناك ايضا تفسير آخر ولا اريد في الوقوف سوى عند جماليات النص الذي يظهر بعضها في البيت الآخر فهنا اشراقة لأمل أو لبصيص أمل فالأماني متوافرة كالغيث لكن هناك شيء ما يمنعها او يمنعها من الوصول فهذا فالمزن أي السحب لم تبلل طين الشاعرة وتوحي لي مفردة الطين مثل ما توحي او ترمز لكثيرين بمعدن او اصل الشيء او حقيقته .
(إن كان هـــذي البعثـرة تقتــل إنسان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أنا قبـــرت الحلــم فــــي وسـط عيني

وقطعت عـــــذق الليل والنور ما بان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دامــــه همــد بســـــر النهـار بجبيني)
وتعود الشاعرة لتصوير بوادر يأس ما فبنظرها ان تلك البعثرة التي قد تقتل انسان ما فقبل ذلك قد دفنت الحلم الذي ترآى لها مرارا بدل السعي لتحقيقه وفي البيت التالي صوره جميله فالتحام الشاعره الحزينة بالليل والسهر تشير الى قرب الليل اكثر وهو مساحة الحلم والأماني الأكبر فتقطع عذق الليل لان رطب النهار (البسر) وهو الرطب غير المكتمل النضج نضج بجبينها وهنا رؤية تبقى مفتوحة للتفسير فاما ان تكون اشارة للحاضر والمستقبل واما ان تكون نظرة قلقة من القادم.
لكني من المهم ان اشير هنا للاملاء حتى لا يتشتت المتلقي في معنى المفرده مثل (هَمَد) بفتح الهاء والميم (بِسرْ) لتكون بكسر الباء وتسكين الراء
(ونسجت من أبيض مشاويري أكفان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ودفنت مع ســــــود المسافــة حنيني

سافرت لجـــــل الدرب تهديني أوطان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ورجعت وأثـــــر البعثـرة عيب فيني(
وهنا وبهذين البيتين تختم الشاعرة نصها الجميل الحزين في صميمه فالمشاوير البيضاء الدالة على ما يبدو في وصفها على التسامح والسلام والمحبة للغير تنسج منها أكفانا ولم توضح لما ولمن الا اذا كانت للحنين وهي لم تذكر بنصها هذا الحنين او تشير اليه ولمن الذي تدفنه مع المسافة السوداء التي مشتها في حياتها المتوترة لكنها تؤكد في النهاية انها حاولت السفر لاوطان ربما تريدها اكثر جمالا وربما هي اوطان الخير والامل والتسامح والسلام لكنها عادت لتعترف ان هذه البعثرة عيب بها لتجعل النص يستمر في ذهن المتلقي كنهاية مفتوحة كما يسميها البعض فربما هذا الاعتراف هو اعلان بداية التصحيح وتجديد الامل وتنظيم المشاعر .
في النهاية لست ناقدا ولكنها اضاءة متواضعة رايت ان النص يستحقها وكل ما ورد هو رايي وذائقتي واعتذر للقارئ او الشاعرة ان فاتني شيئا هنا او هناك او اخطأت التقدير او التفسير والاهم هو التـأكيد على ان الشاعرة تسير بقوة للامام باسلوب مختلف وطرح متفرد مع تمنياتي لها بالتوفيق.
رد مع اقتباس