عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 22-09-2012, 10:29 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...بضعَة عشرَ سطراً هي هذه المأساة ( الدرامية ) التي تثيرُ في القلب مواجعَ تجمعُ بين غصة الألم وحرقة الأسف العميق..!!

بضعة عشر سطراً-أختي البديعة الكريمة الوافدة منى...-يَطويها القارئ على عَجَل في مبناها،بَيْدَ أنها في الفحوى-وهذا هو الأهم-تحملُ من العِبَر والعِظاتِ والمغازي ما يستوقفُ الحليمَ والعاقلَ والفيلسوفَ زمَناً ودَهْراً كيْما يتعلمُ ويستوعبُ الدرسَ جيِّداً...!!!

أقصوصة قصيرة..هي هذه التي احتوَتْ لقطة ًمستوحاة ًمن صميم واقعنا الاجتماعي والأخلاقي والسلوكي والحضاري...وقبل هذا وذاك ؛ مستوحاة من صميم الأزمة الراهنة التي تكادُ تعصِفُ بحبل الوصل المقدس بين ( الأبوة ) و ( البنوة ) وما ينبغي للأولى من تبـِعَاتٍ عُظمَى تجاه الثانية في زمَنٍ تهاوتْ فيه القِيَمُ وانهارتِ المبادئُ-أو تكادُ-وانفلتَ العِيَارُ الطائشُ يُصيبُ هذه الوشائجَ العظيمة في مَقتلٍ..وراحَ الحنانُ الأبوي..وراحتِ المرحمة الأبوية تشكو إلى بارئها وتجأرُ لهُ ظلـْمَ ذلك الأب-إنْ ساغَ لنا وسميناهُ أباً-وتشكو له سخرية العالم التي آلَتْ إليها الأحوالُ حينَ غدتِ الأبوة رهينة َالطيْش..والهذيَان..والتهستر..والنرفانا..والجنون..!! وإلا فما معنى أن يَقصِلَ أبٌ زهرة أبوَّتِه-هكذا ببساطةٍ وبرودةٍ-لأنه فاتَ عليه في لحظةِ سَفـَهٍ و ( لعِبٍ ) أن يَرَى جلداً منفوخاً،يستقرُّ في شبكةِ المرمى التليدة...!!!!!

وسَواءٌ-أختي الكريمة-أكانتْ قصة هذا الأب البائس مع فلذةِ كبدهِ حقيقة ًوواقِعاً أو أنها من بناتِ أفكاركِ النيِّرَةِ لم تبارح الخيَالَ والافتراضَ،فإن ذلكَ لن يَنفي أبداً-وما يجرؤ أحدٌ أن ينفي-أنها لقطة تراجيدية تحْكي للأسف الشديد واقعاً مزريًّا،يُعبِّرُ عن وجود تلك اللوثاتِ الفكرية والعاطفية والسلوكية التي تغطي عِلاقاتِ كثير من الآباء بأبنائهم..وتكشفُ عن مَدَى التيه الشرعي والأخلاقي الذي نعاني منه بسبب الضغط الحضاري الوافد وبسبب الجفاف والعَوَز العاطفي الرهيب اللذيْن سَحَقـَا فينا أرَجَ الرقةِ والمرحمة العائلية وقتلاَ في أعماقنا تلكَ الأنوار التي ورثناها عن نبينا وسلفِنا الصالح...

نعَمْ واللهِ...(( ندِمَ البُغاة ولاَتَ ساعة مَندَم.... )) كما قالَ شاعرُنا الحكيمُ...وخيْرٌ من ذلكَ قولُ اللهِ عز وجَلَّ (( ولاَتَ حينَ مَناص ))...

ما أضعَفَ الإنسانَ وأسخفـَه حينما تنهزمُ أساريرُهُ-بما تحملُ من فِطرةٍ وجـِبـِلـَّةٍ قويمة-أمامَ ترَّهَاتِ الحياةِ ومَساخِرها الهَزلـَــى لمجردِ أن يستجيبَ لرغبةِ الإثارة في لحظةِ طيْش..!!!

هلْ هو الاستخفاف والاستتفاه في كل شيءٍ..ولكل شيءٍ..؟؟!!!

أمْ هو الزمنُ الأغبرُ الذي تعقلنَ فيه الجنونُ والانفلاتُ،فصارَا هما العَزاءَ والسلوى الطبيعية عن اختفاء الحكمة الجميلة من جواهر الحقائق والأشياء..؟؟!!!

أم هو العَوَجُ في ذواتِنا،وإنما فقط هو الهروب دائماً للأمام بإلقاء اللائمة على الزمن،والزمنُ منها بريئٌ على النحو الذي عَناهُ الشاعرُ :

يقولون : الزمانُ به فسَـــادٌ ** وهم فسَدوا وما فسَدَ الزمَانُ..!!!

أم إنه هذه التساؤلاتِ جميعاً..؟؟؟!!!!!!!!!!!!!

في كل الأحوال-سيدتي الكريمة الأصيلة-لقد كتبتِ..وعبَّرْتِ..فكان المشهدُ الدراماتيكي تراجيديَا،حُقَّ علينا جميعاً أن نقفَ عندها بالقراءة..والتأمل..والتمعن...والاستعبار والاتعاظ...

(( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ))..صدقَ اللهُ العظيم...

راقني-أختي الكريمة-أسلوبُكِ القصصي المسترسل العذب الهادئ الجميل،الواضح في حيْثياته،البديع في عناصره الفنية والعَرضية والسردية والوصفية...

مرحباً بكِ بيننا..ودمتِ لنا قلمَاً أصيلاً هادفاً...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس