[يزيد فاضلي]

...كثيراً-أخي المبدع الجميل خميـــس العلوي-ما يكونُ اللحنُ الأخيرُ حُداءً من تراجيعَ تشبِهُ خواتيمَ الانتحاب الذي عبَّرَ عنه جبرانُ ذاتَ يومٍ في لحظةِ تجلي وشجن..عبَّرَ عنه بـ ( جَوْقةِ العشاءِ الأخير )..!!

فذخيرة اللحن عادة ًتستهلكُها مُعصَراتُ الغمام في شِغافِ صاحبها حتى إذا انتفضَ القلبُ يَجأرُ في معبد ذكرياتهِ جراحاً نازفة ًوأحلاماً من أمَانٍ عِذابٍ تقرَّحَتْ بالبين والبِعادِ،راحَ صاحبُها المكدودُ يَنسِجُ من جراحاته وقروحه ألحاناً أخيرةً يبكي معها العُودُ والرَّبابة والقيثارُ..وباقي الرفاق..!!!

أرخي رهيفَ سمعي لتراجيع قيثارتِكَ-أخي الجميل-فكأنما أسمَعُ من وراء لحونها شيئًا من سرِّ القلب الذي يُراقصُ لحناً خالداً يكادُ-من نجوى أشواقِه-أن تخبُو لهفتـُهُ الظمآى في أنوار مَدامعه..!!

أو ربما أسمعُ شيئًا من ألحان ( طفلتِكَ الصغيرة ) التي توارتْ أوتارُها النجيَّة يوماً في ردهةِ الزمن الواهم فلمْ يَبْقَ من تباليج الألحان القرمزية غيرَ اللحن الصامتِ ينكأ بحرابه أستارَ الحقيقة..!!! فالطفلة الصغيرة لم تعُدْ إلا روْضة ًغنـَّاءَ في ديْجور الذكريات يَرْتدُّ معها القلبُ في سَفرٍ قاصدٍ تحتويه مَساحاتُ الأحلام البريئة ومنتجعاتُ الزمن الفضيــل..!!

لحن القيثارة الأخير-أخي الجميل-ينبوعُ شَهْدٍ صِيغَ في دمعةِ مُقلة..أو هو-في حِسِّنا-خاطرٌ جميلٌ تسَهَّدَتْ ألحانـُهُ من صَدى الضراعات..أو هوَ نـُـوَتٌ بعثرَها الصُّولفاجُ على رصيفِ الأسطر فكانتْ كلوماً مُسْعَراتٍ في مَحارق الشوْق والتوْق لذكرياتٍ مَضتْ..!!

على أي حالٍ أخي البديع..كانتْ قيثارتـُكَ قطعة ثلجٍ مُذابَةٍ في حُشاشةِ جمرةٍ حَــرَّى..!!

ورُبَّ لحنٍ قارسٍ غـَــدَا بالجرح المتوَهِج نغمة ً..وأيَّ نغمة..!!!

جميلٌ أنتَ دائماً في ألحانك..وجميلة هي قيثارتـُكَ حين تعبثُ بأوتارها أناملك..!!

ودمتَ دوماً عازفاً ماهراً للحون أجواقنا الأخيرة..!!!