الموضوع: نايحة المثل
عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 31-12-2012, 11:56 PM
الصورة الرمزية خليل عفيفي
خليل عفيفي خليل عفيفي غير متواجد حالياً
مستشار وعضو مجلس الاداره
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: في الجزيرة العربية مع شعراء النبط
المشاركات: 5,183

اوسمتي

افتراضي


أيها الإخوة والأحبة
على الرغم من صعوبة الظروف التي أمر بها حاليا إلا أنني عدت لأبدي وجهة نظر متواضعة ، وكما
تفضل قبلي كل من الإخوة : أبو مسلم الصلتي ، وأبو هلال السوطي ، والأخ عامر الناعبي ..

فاسمحوا لي بإبداء وجهة النظر، لعلنا نستشف منها شيئا ، وبعيدا عن الاجتهادات :
متى يلجأ الشاعر لتوظيف كلمة في القافية ، موغلة في الغموض ، بحيث يتشتت انتباه المتلقي لها ؟

قد يبدو الموضوع متناقضا ، لكن قراءة بعمق نعلم من خلالها أن الهدف هو أن يبتعد الشاعر عما يقع
فيه المتلقي من التباس في المعنى ..
إن اضطرار الشاعر لتوظيف كلمة ما ، لمواءمة الوزن والقافية ، بحيث تكون هذه الكلمة غامضة ،
فإن ذلك يؤخذ على الشاعر..فالأفضل اختيار كلمة بديلة ما دام الشاعر يمتلك قاموسا من المفردات ،
فيبتعد عما يثير التساؤل لدى المتلقي ..
وهنا ألتمس العذر منكم جميعا .. وحتى نناقش بأسلوب أدبي ، لا تجريح فيه ، ولا تقليل من ورائه
لجمالية النص ، فقد سقت بعض الأمثلة لتطويع القافية .

متى يطوع الشاعر القافية ؟


يتصرف الشاعر النبطي في القافية ، كأنه مالكها ، وصاحبها ، يطوعها حسب ما يتطلبه شعره ، وذلك
بطرق مختلفة وعديدة ، مثل :
1 ) حرية الصوغ : فالشاعر يصوغ من الكلمات ما يناسب قافيته ، ويحقق غرضه حتى لو كانت هذه
الصيغ مخالفة لمألوف اللهجة الدارجة ، ولا يعترض على الشاعر ذلك ؛ لأن ذلك من حقه دون غيره
، ومن أمثلة هذه الصيغ ، كلمة ( طفايل) جمع (طفل) ، كما في البيت التالي للشاعر: الماجدي بن
ظاهر :
وقولوا لْشوقي صُوبنا وكّد الجفا **دهانا بنيرانٍ تشيب الطفايل
وكلمة (خُبورها) أي : خبيرها ، في قول ابن ظاهر :
ألا يا خليلي أنت دائي ولي معك**دوايه وعلاتي وأنت خُبُورها
وكلمة (النواهيدي) جمع ( نهد) في البيت التالي للشاعر محمد بن حبتور :
الترايب والنواهيــــــدي**والجبين وشــــــــــــــارع الخدّي
لهذه الكلمة عدة جموع مثل "نهود" و"أنهاد" ، بالإضافة إلى الصيغة التي وردت في البيت .

2 ) تطويل الكلمة وتقصيرها ، بزيادة حروف وحذفها
وغالبا ما تكون هذه الحروف المزيدة أو المحذوفة ، حرف مد أو هاء ، ومن أمثلة تطويل الكلمات
بزيادة حروف تتناسب مع القافية ، قول الشاعر : سلطان بن وقيش الظاهري :

حبك سكن يا مْريّش العين وامكن**بالقلب وادعى لي جروحٍ طرايا
ليمن غضيت بنوم ما لذ لي الكرى**والقلب كنه فوق جمر الغضايا

فكلمة (طرايا) صيغة جمع عادية ، أما كلمة (الغضايا) فهي كلمة ( الغضا) وقد زاد عليها الشاعر الياء
لتناسب القافية .
3) التحكم في حركة الحرف الأخير ( الروي) حسب حاجة الشاعر في قافيته ، فمن المعروف أن
أواخر الكلمات العامية ساكنة ، غير أن الشاعر يستطيع تحريكها للوفاء بالوزن والقافية ، ومن ذلك
قول الشاعر الكويتي : زيد عبد الله الحرب :
لكن برق الصيف من مبسمه يلوح**احرق ضميري والصعن للبلادي
انا ان ذكرته زاد جرحي به جروح**وافز لو اني ف لذيــــــذ الرقادي

فقد سكّن الشاعر أواخر الكلمات في ( الناعشة) بينما حركها بكسرة مشبعة في القارعة
كذلك ، وهو ما يعطي القافية انسجاما جميلا .
4) استغلال الحروف المنقلبة في اللهجة العامية ، كقول الشاعر الإماراتي : يعقوب الحاتمي :

ونيت ونة من فوادٍ عويجي**ونة مريضٍ من سنينٍ عوايج
ففي البيت الأول عويجي : عويقي ، أي : مريض
وعتايج : عتيقه
وهكذا كون الشاعر قافية من حرفين ، وليس من حرف واحد ، على الرغم من أنهما يعطيان الصوت
نفسه ، وهذا يمنح الشاعر ميدانا فسيحا ..
5) مطابقة أصوات الحروف المتقاربة :
فقد يولف الشاعر النبطي قافيته من عدة حروف ، وأصوات متشابهة ، يطابقها بعضها على بعض ،
ومن مثل ذلك ، قول الشاعر : عبد الله بن صالح المطوع :

ريض ي الطارش ي لْمعنّى**خط بكتابك بتــــــــرحيبه
لو سرى بك ليلك أو حنا **بالدجى في الليل تسري به
سو يميــــــــــــــــل وبلغه عنا**بالسلام وألف ترحيبه

فالناعشة ( الروي الأول ) التي بنيت عليها القصيدة هي النون المفتوحة فتحة مشبعة إلى درجة الألف
، أما هذه الألف فقد تكونت من مطابقة مجموعة أصوات متقاربة
وتحويلها جميعا إلى صوت الألف ، فكلمة( لِمْعنى) أصلية الألف ، أما كلمة (حنّا) أي (نحن) فهي ألف
ناتجة عن إشباع فتحة النون في (نحن) العامية كما أنها صورة عامية من (نحن ) أما ألف عنا
:فهي أصلية كذلك .
وأتشرف بملاحظاتكم ..
__________________
آنا ابدوي والغرب مني يلتمس**علم وحضاره ومعرفه ونعم النسب
مخاوى البيدا

عذرا إن لم أتـــــــــــابع المنقــــــــــــــول

مدونتي : عروس البحر في قصر التخاطر

التعديل الأخير تم بواسطة خليل عفيفي ; 01-01-2013 الساعة 12:15 AM
رد مع اقتباس