الموضوع: مجرد صورة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-02-2013, 10:16 PM
الصورة الرمزية محمد الفاضل
محمد الفاضل محمد الفاضل غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 222

اوسمتي

افتراضي مجرد صورة

مجرد صورة – محمد الفاضل

تكاد الشوارع تخلو من المارة ، سكون مطبق لايعكر صفوه سوى مرور بعض المركبات بين الفينة والأخرى ، بدأت ندف الثلج تتساقط من السماء تباعاً فاكتست الأرض بحلة بيضاء ، الكون يلفه ضباب كثيف يحجب الرؤية ، في مشهد يشي بالوحدة والكاَبة . تهب ريح باردة فتشعر بلسعات البرد وهي تخترق المفاصل عميقاً ، الجو شديد البرودة في الخارج ، اشتد به السهاد ليلة أمس ولعج الهم بصدره .
دس يده في جيب معطفه في محاولة مضنية للحصول على شئ من الدفء ولكن دون طائل ، وبينما كان يهم بالصعود إلى الباص استوقفه مشهد امرأه في عقدها السادس كانت تقف خلفه ، شعر نحوها بعاطفة غريبة !
ياألهي ! كم يشبه وجهها وجه أمي ، كان يتمتم مع نفسه بصوت منخفض ، أراد أن يبوح لها بما يعتمل في صدره من مشاعر وأحاسيس ولكنه لم يجرؤ . رمقها بنظرة حانية محبة وكان قلبه يخفق بشدة ، حانت منها التفاتة ، فعلت الحمرة وجنتيه وأطرق برأسه حياءاً .
بعد دقائق قليلة ترجل من الباص وهو مازال يجول ببصره بحثاً عن وجه تلك المرأة ، دلف إلى المقهى وطلب فنجاناً من القهوة ، وجلس يتأمل البخار المتصاعد من القهوة . أشعل سيجارة وبدأ ينفث الدخان في الهواء وهو يسرح بخياله بعيداً حيث دفء الشرق.

على مقربة منه كان يجلس شاب ذو ملامح شرقية وهو يحتسي الشاي ، بدأت تتراقص أمام ناظريه أجمل الذكريات وكانت ترتسم على محياه ابتسامة ولكن يشوبها حزن عميق لاتخطئه العين .أشعل سيجارة ثانية ، وثالثة وبدأ ينفث الدخان مجدداً بلذة ونشوة غريبة.
بعد لحظات أخرج من جيب سترته شئ ما وبدأ يتأمله بصمت وخشوع ، كان يقبض عليه بكلتا يديه مخافة أن يضيع ، ثم أخرج ورقة وبدا أنه يكتب شئ .وفي تلك الأثناء كان الشاب الاَخر يرقب المشهد عن بعد .

فجأة خر مغشياً عليه فوق الطاولة وظلت يده اليمنى ممسكة بذلك الشئ. هرع النادل إلى الطاولة وتحلق حوله بعض زبائن المقهى الذين اعتراهم الفضول ومنهم الشاب الذي كان يجلس بجانبه ، وهم في حيرة . حاولوا اسعافه ولكن دون جدوى . دنا منه الشاب الاَخر ولشدة دهشته وجد فوق الطاولة صورة مهترأة لامرأة ، وبجانبها ورقة كتب عليها عبارة ... سامحيني ياأمي !
__________________


روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟
رد مع اقتباس