ينتابني الحنين إلى السفر .. أرنو بعيدا عن ذاتي .. ذاتي خواء وأحلام لا تستيقظ أو ترى النور .. النور أراه لكنه بعيد والخطوات متعثرة .. الحصى المتناثر على الدرب الطويلة يعيقني .. أتدحرج ككتلة النار وأصل إلى مرادي رماداً في مهب الريح .. الريح تأخذني إلى حيث لا أشتهي .. أنادي بصوت مبحوح .. كفى .. كفى ، لكن الصوت يعود وحيداً يردده المدى في خواء يشبه خواء ذاتي .
أهفو إلى الذكريات .. أجد كثيراً من الآمال المعطلة والأحلام المبعثرة وكثير من الدموع التي ذرفت ذات مساء على خاصرة الزمن .. الزمن .. الزمن سيف قاطع مسجي على الرقاب .. أحاول كثيرا أن أنتصر عليه لكنه لا يمنحني فرصة تحقيق رغباتي فأنزوي خلف الضياع أحمل كثير من صدى صوتي وكثير من أنا التي لا أعرف عنها الكثير .. هكذا كحصان يجر وراءة عربة مثقلة بأحجار ثقيلة وصاحبه ينهره كل حين .. هكذا لا شيء في يدي سوى عرق يتصبب وبقايا شوك تسمر في راحتي الأيدي المبللة بعرق الوقت .
كتب علينا أن لا نرتدي سوى الأمس وكتب على الأمس أن يكسونا بثوب الحداد .. لست أدري أهي الحياة تفرض هكذا علينا ، أم نحن من يجر وراءها ذيول الخيبة والكمد .. لست أدري أهي الحظوظ التي لا تستفيق ، أم أن نصيبنا من الحياة أن نبقى نمارس لعبة المطاردة بين تحقيق الحلم والرغبات .. لست أدري هل كانت البداية خاطئة أم أن النهاية سارت إلى حيث لا نريد .. لست أدري أيعقب هذا الظلام ضياء ، أم النور بات سرمدياً في غيابات الحياة .. لست أدري حتى ما أود أن أدري عنه فكثيرة هي الأسئلة وكثيرة هي الأجوبة المفقودة وكثيرة هي علامات الاستفهام التي تفرض نفسها ونبقى كما يريد لنا القدر على أكف من الانتظار حتى لو لم يأتي ذاك الانتظار بشيء .
ترى هل سيعقب هذا الظلام فجر يبتسم .. سؤال لا أعلم تفاصيل حضوره يدورالآن في رأسي ... لكنني أرى التعب يأخذ مني الكثير ولازلت أحلم أن أراك ..!! .