الموضوع: بائع كلام
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-06-2013, 10:44 AM
الصورة الرمزية منى سيف
منى سيف منى سيف غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 56
افتراضي بائع كلام


لم يخلُ اجتماع على مائدة أبو سعيد ،أو جلسة سمر من سيرة البقرة..حتى حفظ وعياله الاسطوانة التي تشغلها زوجته.
-"متى تشتري بقرة"؟!
-"سيقبل رمضان علينا ونحتاج للبن"!
-"اعتدت على توزيع اللبن للأهل و"قاطع العادة عداوة"
-"لنا أجر افطار صائم"
كان سبب معارضته تعثر صحة أم سعيد ،فألم المفاصل وأوجاع الظهر لا تفارقها..إلا أن إلحاحها المتكرر أضجره فلم يجد بُدا من الرضوح لطلبها

قصد أبو سعيد سوق المواشي وقبل أن يصل لحلقته أمسك بيده صاحبه رضوان
- أبو سعيد. مر زمن لم أرك، قل ما حاجتك؟!
-عذرا يا رضوان مشاغل الدنيا ، أريد شراء بقرة حلوب.
- وصلت.طلبك عندي،ولن نختلف في السعر..فلدي بقرة تدر يوميا خمس لترات حليب..مطيعة لا تتمنع عند الحلب.صحيحة سمينة..ولولا الحاجة لما فرط فيها.. خذ مني صدق قولي فأنا أبيعك كلام.
- هل يمكن إن أراها؟!
- "أفااا" يا صاحبي..كأنك تشك بقولي..أأبيعك كلام..! عموما أحضرها متى ما أردت.
_ لا أقصد ذلك. كم سعرها؟
- لن نختلف ..خصصت لها مبلغ 300قرش..لن نختلف.. هات ما تجود به نفسك!
أحرج أبو سعيد من رد صاحبه.. كما أنه أراد أن يوفر على نفسه عناء " المفاصلة" بسوق المواشي..أخرج من جيبه المبلغ وسلمه لرضوان.
-ساحضر لك البقرة حالا.. اسبقني لمنزلك..بظرف أقل من ساعة ستكون البقرة تخور بزريبتكم.
لما عاد أبو سعيد لمنزله وقص حكايته لزوجته عتبت عليه استعجاله الشراء قبل معاينة البقرة لكن أبا سعيد حامى عن صاحبه واستبعد غشه أو أن يكون بائع كلام.

صوت خوار البقرة سابق قرع الباب..خرج أبو سعيد مهرولا.. وتلصصت زوجته من النافذة.. جمد الاثنان مكانهما.. وتعقد الكلام بحنجرة أبو سعيد
فقد رأى أمامه بقرة عجوز فارض،نحيلة عظمها بارز وضرعها غائر.. قرأ رضوان ذهول صاحبه وبادره
- ما بكل ؟ عملت البقرة بالأمس كثيرا.. وحرقت شحمها... هههه ألا تحترق دهونك أنت لما تعمل ستعود بمجرد اطعامها.. صدقني وأنا لا أبيعك كلام..
لم يرد عليه أبو سعيد واكتفى بسحب البقرة.
قبل أن يفارق رضوان صاحبه همس له
- فقط من باب العلم هذه البقرة اعتادت أن اقف قبالتها عند الحلب.فهي لا تدر إلا بوقوف رجل أمامها.. بقرة مراهقة هههه لكنها تدر حليبا غزيرا صدقني لا أبيعك كلام!
كادت عروق أبو سعيد تنفجر من الغيظ.. لكنه استعاذ من الشيطان وأوصد الباب بوجه صاحبه
واقتاد البقرة للزريبة،تتبعه زوجته حاملة إناء الحلب وهي تندب وتولول
تسمر أبو سعيد أمام البقرة وباشرت زوجته بالحلب..وكأنها تدعك قطعة جلد وضعت لأشهر تحت الشمس..لم يسفر الدعك إلا عن خروج الدم من أصابع أم سعيد
اشتاط أبو سعيد غضبا وعزم على الانتقام منه..فاشترى كمية حليب من البقالة..ملأ به الزجاجات.. وتعمد اعتراض طريق رضوان يوميا ليشكره على بيعه بقرته الحلوب وهو يحمل زجاجة حليب يتجرعها أمامه.
انطلت الحيلة على رضوان ولم تمر ثلاثة أيام حتى عاد رضوان يطلب بقرته. تمنع أبو سعيد من البيع وتظاهر بالرفض.. فزاد إلحاح رضوان ورمى بحجره مبلغا يفوق سعر البيع
تمت الصفقة وحمل رضوان بقرته يسير مرحا فرحا... يمني نفسه بالحليب المدرار وتجارته.. لكن فرحته لم تكتمل بعد محاولة حلبها..وساءه جدا أن صاحبه باعه كلام!!
__________________
ربيعُ أحْلامِي تَفَتَحَتْ أزْهارُهُ





رد مع اقتباس