عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 10-09-2013, 02:15 PM
الصورة الرمزية الملتقى الأدبي
الملتقى الأدبي الملتقى الأدبي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 46
افتراضي

نوبه !
لـ : نوف السعيدي

بالأمس كتبت قصة عن شاعر صغير، ينتبه لفتاة ليست صغيرة جدا، تضع خلخالا لا يفارق كعبها. جاء صديقه متوسلا يطلب منه كتابة قصيدة لا يعيبها أن تكون صغيرة عن فتاة بخلخال لا يفارق كعبها، كانت قد لفتت انتباهه. فقرر الشاعر الصغير أن يكتبها على طريقة التعيس "سيرانو دي برجراك" الذي كان يكتب باسم صديقه رسائل للتي يحبها قلبه، لكن شاعرنا الصغير على خلاف سيرانو انتظر طويلا أن يطلب منه كتابة قصيدة أخرى، للفتاة نفسها. وحين ظهر الصديق مجددا طلب بالفعل قصيدة أخرى لكن لفتاة أخرى، لا ترتدي خلخالا هذه المرة!
×××
لابد أن أتوقف عن كتابة هذه القصص اللعينة، كل مشهد فيها يظل يدور ساعات في خاطري، لا يزول إلا بعد أن أحاكيه. لقد فقدت القدرة على التركيز في أي شيء ، بل وفقدت الاهتمام بأي شيء سوى كتابتها ومن ثم إعادة قرائتها مرارا ومرارا. أتعرف أنني لم أذهب إلى الجامعة طوال هذا الأسبوع؟ أصبحت أفوت محاضراتي، وأنسى مواعيد الأكل والنوم! حتى برامج الحيوانات التي كنت أفضلها على أي شيء، ما إن أبدأ في متابعتها حتى تتسلل إلي أحداث قصة جديدة من خلال العشب والأشجار والأنهار، فلا انتبه لما تحكيه الشاشة إلا في المشهد الذي يأكل فيه الأسد غزالا، أو يغرق جاموس في البحيرة.
لم أتمم قصتي الأخيرة بعد، وها أنا اليوم أرتدي خلخالا سخيفا في قدمي، أدق الأرض فيصدر صوتا، يذكرني بالحية ذات الأجراس. هل سمعت من قبل الصوت الصادر عن ذيل الحية ذات الأجراس؟ لا أعتقد.. فأنت لا تحب برامج الحيوانات، ولكني أحبها كثيرا، وسأترك كتابة القصص وأتفرغ لمتابعتها بعد أن أتخلص من هذه السلسلة النحاسية الغبية.
×××
معقدة! أنا! .. أتذكر ذلك اليوم، حين اتفقنا أن نلتقي في حفل توقيع كتاب "ما بقي في الإنسان من أسلافه" كان كتابا جيدا ولا شك، يتحدث عنا، نحن القرود التي شائت المصادفة البيولوجية أن ننطق، ونفكر، ونرتدي ملابس وخلاخل، ونكتب قصصا نتقمصها. فكرتُ بأنه من السخيف أن أقف في الطابور لآخذ توقيع كاتبه الأشقر، ماذا إذا ابتسم برضًا معبرا عن سعادته بالإنجاز. أقسم أني سأقتله، لا مشكلة لي مع سعادته، مشكلتي بأن يشعر أنه مركز الإهتمام، هذا شعور يقتل الإنسان، ولو تقمصه للحظة واحدة. لابد أن تكون غير راض عن نفسك، بل يجب أن تحتقرها إذا أردت تقبل هذا العالم. يجب أن تكون قمامة لتشعر أن وجودك في هذا المكب الممتد من البحر إلى البحر هو أمر طبيعي وعادل. أردتُ أن توقعه أنت لي لكن شجاعتي خذلتني. وضعت الكتاب في الحقيبة، وإذا بك تمد يدك بالكتاب وتقول: "هلا وقعتِ لي، طابوره أطول من طابورك". سألتك :"لماذا ؟". لم أكن أريد أن أعرف دوافعك، كنت راغبة بمعرفة دوافعي حين فكرت بذات الأمر، أردتك أن تساعدني على فهم ما أريد، ظننتك أبسط مني، وأن بإمكانك أن تجيب عن سؤال أعجز عن إجابته. كنت مظللة، سألتك "لماذا؟" أنت الذي اخترت أن تفهم سؤالي على أنه رفض. كنتَ أجبن مني، كان بامكانك أن تقول شيئا، أي شيء. كأن تقول ما قالته البطلة في قصة الأسبوع الماضي "لو مات الكاتب غدا وأنا أشرب قهوتي، سأستمر في شربها، وسأذهب لعملي، وأمارس الرياضة، وأفعل ما أفعله كل يوم، وحين ألتقي بك مساءً سأخبرك وأقول رحمه الله، وستهزين رأسك ثم ينتهي الأمر. لكن لو فقدتكِ يومًا سأحب أن أحتفظ بشيء يخصك". يا أخي قل "لأن هذا ما أشعر أني أريده ببساطة" ثم تنام الليل وأنت مرتاح، لكنك لم تفعل. ألا تعلم أننا لا نسأل الآخرين إلا لنجيب أنفسنا؟! "نوبه؟"، نعم نوبه اقترحت على نفسك شعورا واهما بأنك غير مرغوب، وانتظرت اعتذاري. كل ذلك وتقول أنني أنا المعقدة، معقدة بسبب أفعالك، التي أجاهد لوحدي في تحليلها .
هل أخبرك بما خطر في بالك حينها؟ الخيانة، هكذا أنتم دائما أيها الذكور، مع أي سوء فهم تظنون أن هناك ذكرا آخر ينافسكم. وإذا كان هذا الذكر متكبرا تماما كحالتك، فسينسحب مدعيا أنه لا يبالي. نعم أيها المغرور المهزوم، انسحبت حتى عدتُ إليك، أو بمعنى آخر أعطيتك إشارة التقدم، لكنك أبدا لم تسألني عن ما كنت تؤمن به من وجود رجل آخر. إما لأنك تعتقد بوجوده فتكون مناقشة الأمر شيء محرج لكلينا، أو أنك تظن أنك الوحيد الذي يعجبني!
إذا دعني أخبرك أن إناث العديد من الحيوانات – وهذا بالطبع ذُكر في الفلم الوثائقي بعد أن أكل الأسد غزاله وإلا لما انتبهتُ للمعلومة؛ لاني كنت أفكر في قصة عن فتاة بخلخال – اقول أن الكثير من الإناث تتزاوج مع أكثر من ذكر، هذا يمنح فرصة لصغارها أن يكونوا متنوعين جينيا. وهل انثى الإنسان إلا حيوان يريد أن يمنح حضوره وأفكاره تنوعا. دعني أشرح الأمر أكثر. بالنسبة لك مثلا، أنا المعقدة الثائرة وجاذبيتني – واسمح لي أن اتحدث عن شيء يخصني بهذه الحيادية – أقول أن جاذبيتي تنبع من مزاجي المتقلب، الذي يملأ حياة قاضٍ – حكيم، خبير بالناس، كثير التأمل، وهادئ المزاج مثلك – بالحياة. فارق العمر بيننا يمنح هذا الإطار – إطار الصغيرة الممتلئة المرحة، والزوج الدافئ العجوز – يمنحه الصلابة. اممم يبدو هذا موضوع صالح ليكون في قصة!
لكن ألا تعتقد أنني بحاجة إلى تغذية الشعور بالندية، أي أن أكون في علاقة أشعر فيها بأني أكثر من تابع. أشعر أني ند، والمسير في كثير من الأحيان، مع شخص أقل حكمة، يسمح لي بالتشاجر معه، ومخاصمته، وكل ما في العلاقات العادية من تهور وقلة نضج. ولا يستخدم كلمة "نوبه" أبدا أبدا، ربما لا يكون عمانيا حتى، أخبرني الآن أليست هذه مقدمة جيدة للاعتراف بأني أخونك!
حان دورك عليك أن تفعل ما يفعله الأسد حين يقتل الأشبال التي يشك بأنها ليست منه. أطلق الحيوان الذي بداخلك. قلب الفساتين التي ألبسها، واقتل أي شيء لا ألبسه لك، لأني قد ألبسه لغيرك.
إلى أين تذهب؟ أنا أحدثك! دعني أكمل حديثي، ستذهب إذا؟ حسنا إذهب أيها الجبان وأنا سأكمل كتابة قصتي عن المرأة التي تخون زوجها العجوز مع رجل لا يقول "نوبه"!
رد مع اقتباس