عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22-09-2013, 12:11 AM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...لا يستطيعُ أحدٌ-أختي البديعة الكريمة ريم-أن يتألـَّى على ديننا الإسلاميِّ في كوْنِهِ الدينَ الإنسانيَّ الذي جاءَ برسالةٍ عالميةٍ،تعَبِّدُ البشرَ جميعَهمْ لله تعالى وتسقِط ُكلَّ شِعاراتِ الجاهلياتِ الوثنيةِ القديمة-بما فيها الجاهلية العربية-التي كانتْ تقومُ في تمجيدِ الإنسان وتفضيلِه على التعصبِ المَقيتِ للعرق واللون والنسَب والحسَبِ والنسَب...

كان ميزانُ التفاضل بين الناس لا يكادُ يُبارحُ هذه المقاييس الجائرة..

وتأملي-أختي-معي قولَ الشاعر الجاهلي كيفَ يكشفُ عن ولائهِ لقبيلتهِ غُزيَّة َبالحق أو بالباطل..يقول :

وهلْ أنا إلا مِنْ غزية،فإنْ غوَتْ ** غويْتُ،وإن ترشُدْ غزية أرْشُدِ..؟؟!!

إنه مع قبيلته سواءٌ رشدتْ أو تبِعَتْ طريقَ الغواية..!!

وتأملي معي قولَ الشاعر الجاهلي الآخر وهو يؤكدُ سَمْعَهُ وطاعتـَهُ العمياءَ لشيْخ القبيلة في الحرب والقتال والإغارة دونَ نقاشٍ أو جدالٍ..يقول :

لا يسألونَ أخاهُمْ حين يندُبُهُمْ ** إلى القتال على ما قال برهانَا..!!

بلْ إن التعصبَ الجاهليَّ المَقيتَ،يبلغُ مَدَاهُ في إفراغ رغبةِ القتل والقتال والفتكِ والبطش ولو كانَ المقتولُ شقيقاً بريئًا..فيقولُ قائلهم :

وأحياناً على بَكْرٍ أخينا ** إذا مَا لمْ نجدْ إلا أخانا..!!


ولما جاءَ الإسلامُ العظيمُ أعادَ صياغة هذه النفسيةِ المشحونة بطاقة الاندفاع والتوَثُّبِ وراحَ يَصرفها في مَسارها الصحيح..فإذْ بأولئكَ العرب الأجلاف الذين سَحقتهم الجاهلية تحت سنابكها يخرجون للناس بمبادئ ومُثلٍ أشاعتْ نوراً فريداً في الدنيا وأعادتْ للإنسان كرامتـَهُ الآدمية الحقيقية،وغدَا ميزانُ التفاضل يقومُ على معيارٍ واحدٍ لا غيْرَ هو : التقوَى والعمل الصالح (( إنَّ أكرَمكم عند الله أتقاكم ))..

وبهذا المعيار وحدَهُ تصدَّرَ في الإسلام مَنْ تصدَّرَ وتبوَّأ،وانخفضَ فيه مَنِ انخفضَ وارتكسَ...

رفعَ الإسلامُ قدْرَ العبد الحبشي الأسودِ بِلاَلٍ للأوْج،وقرَّبَ إليه مقامَ صُهيْبٍ الرومي وسلمانَ الفارسي..بل إنه-باسم الإسلام وحدَهُ-جَعَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سلماناً فرداً من آل البيت الأطهار..!!

في حين خفضَ كبرياءَ أبي لهبٍ وأذلـَّهُ وتوعَّدَهُ التصلية َفي نار اللظى معَ كوْنِهِ عربيًّا قرشيًّا حسيباً نسيباً،بلْ رغمَ كونهِ عَمَّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما هو معروفٌ..!!!

إذن لا عصبية في الإسلام أبداً..ولا تقديمَ أو تأخيرَ فيه إلا على أساس كفاءة التقوَى والعمل الصالح..

وإذا ما ظهرَتِ اليومَ نعراتٌ مختلفة،تزعقُ-كالبوم والغربان-من هنا وهناك،تتعصبُ للعِرْق أو الجنس أو القبيلة أو العشيرة-تحتَ راياتِ القومية الرعناء-وتتنادَى في محافلِها بكل الولاءاتِ الأرضيةِ المختلفة،ولا يُسمَعُ في نباحها وعُوائها صوتاً للوحدةِ الإسلاميةِ والأخوَّةِ الإسلاميةِ الجامعة..فهذهِ يَقيناً تريدُ إحياءَ نتانةِ الجاهليةِ الأولى التي أشارَ إليْها المصطفى صلى الله عليه وسلمَ في حديث الإمام البخاري حول اقتتال الرجليْن : (( دعوها فإنها منتِنة ٌ ))...

لا كرامة لشِعارٍ مرفوعٍ..أيًّا كانَ هذا الشعارُ،إذا كانَ القصدُ منه تقديمَ كلِّ الأفكار والمعاني والمقوماتِ..وحدَها راية الدين هي المُستبْعَدَة..!!

إذا كنا نحنُ عَرَباً..وعندنا اعتزازٌ بالعروبة..ونحسُّ أن لدينا شأوًا وشأناً في التاريخ والحاضر..فواللهِ..واللهِ ليسَ غيرَ الإسلام هو مَنْ رفعَ رؤوسَنا وأعلى خسيستـَنا وجعلنا رقماً صعباً بين الناس،وهو وحدَهُ مَنْ أدخلَ العربَ تاريخَ المجدِ الحضاري في كل المجالات ( في المعارف والعلوم والعمران والسيادة وبسْط النفوذ ) وهو وحدَهُ الذي ربَّى بهم الشعوبَ والأممَ الأخرى في القارات الخمسةِ كلها..ولولاَ الإسلامُ ما جاوزَ العربيُّ شِبِراً واحداً من أرض الجزيرة،ولما كان لديه شيءٌ حضاريٌّ يُقدمهُ للناس..وما أروعَ كلمة الفاروق عمر الخالدة : (( لقد كنا أذلاَّءَ فأعزَّنا اللهُ بالإسلام،فإذا ابتغيْنا العِزَّة َفي غيْرهِ أذلنا اللهُ..!! ))..

وهلْ أذلَّ العربَ شيءٌ-أختي الكريمة-في قرونهم الأخيرة غير تنكُّرهمْ للإسلام ومحاولاتهم اليائسةِ إحياءَ نعَراتِ الجاهليةِ بما فيها العصبية الرعناء..؟؟!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الآن لو سمحتِ لي أختي..عندي كلامٌ هادئٌ،أحبُّ من خلالهِ تجلية أمورٍ أثارَها أخونا الكريم بوميْحد في تعليقه،فقد كَبَا به القلمُ في بعض النقاط التي بَدتْ لي-من حيثُ لا يقصِدُ أو يَدري-أنه راحَ يُنزلِهَا في غير سياقِها العلمي والمعرفي الصحيح..!!

والأمانة العلمية تقتضي منا جميعاً أن نكونَ في مستوَى الحفاظ عليها والانتصار لها وحدَها...

أولاً..كانَ مقتضى الطرح يستدعي المُضِيِّ في موضوعِهِ المطروح وهو ( التذكيرُ بخطورةِ إحياءِ العصبيةِ الجاهلية بين المسلمين اليوم )..لكنْ لأمْرٍ مَّا راحَ أخونا الكريم ينحَى بالسياق إلى مسألةٍ أخرى لا علاقة لها بلبِّ الموْضوع،فأثارَ-دون مبرر-فكرةَ ( القيل والقال وكثرة السؤال )،وكيفَ نهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عنها باعتبارها خُلـُقاً ذميماً..

والشيءَ المستغربَ الذي استوقفني أكثر هو إقحامُ ( الصحابة ) رضوان الله عليهم في الاستدلال في ما ذهبَ إليه-عن مثلبةِ القيل والقال وكثرة السؤال-بطريقةٍ في العرض تشي وكأنها أقربُ للهمز واللمز والقدح في عدالتهم-رضوان الله عليهم-أو أنهمْ مُدَانون بطريقةٍ مَّا حينما راحوا يدخلونَ في حوارٍ تساؤلي رفيعٍ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حول مفهوم نصرةِ الأخ ظالماً أو مظلوماً..!!

سريعاً-أخي الكريم عفا اللهُ عنا وغفرَ لنا جميعاً-نحب وضعَ النقاط الصحيحة على الحروف الصحيحة بعيداً عن هذا الوهم العجيب في فهم النصوص الشرعية وإسقاطها بعيداً عن معانيها وأفكارها وسياقاتها ودِلالتها اللفظيةِ والمعنويةِ التي قيلتْ فيها...

تأملْ معي أخي الكريم :

أولاً..أنْ يسألَ الصحابة رضوانُ الله عليهم جميعاً رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في الأمور الشرعية التي ترتبط بعَمَلٍ أو عقيدةٍ،قصْدَ استجلاءِ الفهم الصحيح..هذا ثابتٌ وواردٌ بالأدلةِ القطعيةِ في عشراتِ الأحاديث الحوارية الصحيحة التي تبيِّنُ للمسلمينَ في كل مكانٍ وزمانٍ دقائقَ في دينهم-إنْ في العقائد،إنْ في العبادات،إن في المعاملات-وقد كان يستحيلُ فهمُها والوقوف على أسرارها وحقائقها وتطبيقها لولا تلكَ الأسئلة الضرورية التي أجابَ فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إجاباتٍ حاسمة ً،توضحتْ بها أمورٌ وتبينتْ بها حقائقُ في فتاوَى الإباحة والندْب والاستحباب والكراهةِ والتحريم..وإلا-أخي الكريم بوميحد-لستُ أدري ما علمُكَ مَثلاً بالحديث الصحيح الذي أخرجه الإمامُ أبوداود في سننه عن جابر بن عبد الله في قضيةِ الصحابي الذي اغتسلَ بالماء حين أفتاهُ بعضُ الصحب بضرورة الغسل كوْنَهُ قادراً عليه،والرجلُ كان مجروحاً جرحاً بليغاً،يوجبُ رخصة التيمم،فماتَ..فبلغ ذلكَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الذي غضبَ غضباً شديداً وقال : (( قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ-أَوْ يَعْصِبَ- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِهِ ))..؟؟؟

تأملْ جيداً-أخي بوميحد-قوله : (( فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ ))..وسَلْ أيَّ إنسانٍ يملكُ الحدَّ الأدنى من فهم الألفاظِ ودلالاتِها في اللغة العربية عن معنى هذه العبارةِ النبوية المحمديةِ البليغة الواضحة،فسيقول لكَ : إن معناها أنَّ على الإنسان الذي استشكَلَ عليه شيْءٌ فأعيَاهُ فهمُهُ أن يسألَ به الخبيرَ العليمَ..الإلحاحُ في السؤال هنا هو شفاءُ الجاهل يَقيناً..فكيفَ يكونُ بعدَ ذلكَ تساؤلُ الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدحاً في ذمتهم إذ سألوا...؟؟؟!!!!!

ووالله..أمامي الآن ( شرح الإمام النووي على صحيح مسلم )-المجلد الرابع مثلاً-وفيه ما مجموعُهُ مائتان وثمانون حديثاً-في فقه العبادات والمعاملات والغيْبياتِ والعقائد-كلها..كلها سؤالٌ وجوابٌ بين الصحابة رضوان الله عليهم وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..وكل هذه الأحاديث،تتضمن معلوماتٍ وأحكاماً شرعية ًفي الزواج والطلاق والإيلاء والخلع والبيوع والسَّلم والشفعة وباقي المعاملات لا مناصَ أبداً إلى فهمها إلا بوسيلةِ السؤال والجواب...

ويدخلُ في ما هو ضرورة للسؤال فيه الحديثُ الصحيحُ الذي أوردتـَهُ مثالاً،تستغربُ به استفسارَ الصحابة رضوان الله عليهم فيه..!!!!!

أولاً-أخي بوميْحد-الحديثُ صحيحٌ-سنداً ومتناً-راوه الإمام البخاريُّ في صحيحه،ورواه الإمامُ أحمدُ في مسنده،ورواه الإمامُ الترمذيُّ في سننه،ورواه غيرهمْ بألفاظٍ أخرى عن أنس بن مالكِ رضيَ الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( انصرْ أخاك ظالماً أو مظلوماً،فقال رجلٌ : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنصره إذ كان مظلوماً،أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟؟؟!!! قال : تحجزه أو تمنعه من الظلم،فإن ذلك نصْره ))...

أنا أسألكَ-أخي-ما وجْهُ الغرابةِ هنا في أن يسألَ صحابيٌّ عن عبارةِ (( انصر أخاكَ ظالماً أو مظلوماً )) بحيث أن كلمة (( ظالماً )) هي بالتحديد ما أثارَتْ فضوله،خصوصاً وهمْ على عهدٍ قريبٍ بفترة الجاهليةِ العمياء التي كان للظلـَـمةِ والظلم والظالمين صوْلاتٌ وجوْلاتٌ فيها..؟؟!!!

أتدري أخي...أنا على يقينٍ لو لمْ يسأل الصحابي-جزاه الله خيراً-ولو لم يُجبْهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالجواب الشافي،لوجدتَ اليومَ ناساً من أهل السفسطةِ الجُدد-وما أكثرُهم بيننا-يلوونَ أعناقَ النصوص الشرعية كما يُمليه عليه جهلـُهُمْ وانطماسُ بصائرهم العمياء،ولربما شرعنوا لنا ( الظلمَ ) وأجازوهُ تمشيًّا مع ظاهر الحديث..!! وما أكثر متفلسفي الجهالة في أيامنا..!!!

وما أبعَدَهُ فارقاً-أخي الكريم-وأنتَ تقارنُ تساؤلَ الصحابة رضوان الله عليهم بتساؤل السفهَةِ من بني إسرائيل-معاندة ًولجاجاً-لموسى عن البقرةِ المأمورين بذبْحِها..!!!!!!!!!!!!!!!

ما هذا يا أخي الحبيب...؟؟؟!!! ما هذا بالله عليكَ..؟؟!!!!!!!!

شتانَ بين الثرى والثريا..وإن بين الحالتيْن والظرفيْن والسببيِن والدافعيْن بُعْدُ المشرقيْن..!!!

أيُقارنُ مَنْ هو في مجلس عِلم نبويٍّ رفيعٍ،يضمُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه الذينَ أحبوه وعشقوه ووالوه وصدقوه واتبعوه وانقادوا إليه وافتدوْهُ بأعز ما يملكون ووهبوا بين يديه لله أنفسَهم وأولادهم وأهاليهم وأموالهم..وبين بني إسرائيل الذين كانوا يستبطنون إيمانهم بالكُفربشهادة القرآن الكريم نفسِه-والمحبة بالكراهية،والتفلت من الواجبات بالغدر والغش والمكر والخداع والتحايل-بشهادة موسى عليه السلام ذاتِه-والطاعة والانقياد لأوامر الله تعالى بالعناد والمكابرة واللجاج وخشونة الفكر وتحجُّر العقل...؟؟!!!

أيُقارَنُ تساؤل المُحبِّ المتأدب الصادق لنبيِّه،قصدَ الاستيضاح والاستبيان الواجب..يُقارَنُ ذلكَ بتساؤل اللئيم المعاندِ لنبيِّهِ قصْدَ إرهاقهِ واستفزازه وإحراجه...؟؟!!!

أينَ حكمتـُكَ العقلية في فهم القضايا أخي بوميحد..؟؟؟!!!!!! كيف تغيبُ عنكَ هذه البَدَهِيَّاتُ التي يعرفها القاصي والداني..؟؟!!!

ثم أتساءل بغرابةٍ عن هذا الاستدلال الغريب العجيب بحديث القيل والقال وكثرة السؤال..!!

الحديثُ النبوي-كما هو معروفٌ عند شيوخ وطلبة العلم جميعاً-صحيحٌ سَنداً ومتناً،فقد رواه الإمام البخاري في صحيحه عن المغير بن شعبة رضي الله عنه..ورواهُ الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه..(( إن الله حرم عليكم عقوقَ الأمهات،ومنعًا وهاتِ،ووأد البنات،و كرَّه لكم : قيلٌ وقالٌ،وكثرة السؤال،وإضاعة المال ))...

كثرة السؤال هنا-أخي الكريم-لا تعني أبداً أبداً أبداً ( الأسئلة العلمية المعرفية الشرعية في الفتوَى وجوابها )،لأنه-عقلاً ومنطقاً-لو كان المعنى هو هذا لتعطلتْ ثلاثة أرباع الأحكام الشرعية التي تمَّ فيها التساؤلُ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم،فأجابَ عنها القرآنُ الكريمُ أو أجابتْ عنه السُّنة ُالنبوية الصحيحة...(( يسألونك ماذا ينفقون...يسألونك عن الأهِلة...يسألونك عن الشهر الحرام...يسألونكَ عن المَحيض..يسألونك عن الخمر والميسر..الخ..الخ..الخ.. )) فهل يا ترَى هذا الحشد الهائل من أسئلةِ الصحابة التي أجابَ عنها القرآن الكريم تدخل في المعنى الذي أردفته في تعليقكَ الكريم..؟؟؟!!! هل هي قيلٌ وقالٌ وكثرة سؤالٍ...؟؟؟!!!!!!!!!!!

ثم ما الفرق-أخي الكريم-بين نيةِ التساؤل عن معنى (( انصرْ أخاكَ... )) والتساؤل عن معنى (( الإنفاق..والأهلة...والمَحيض..والخمر والميسر..و...و..و... )) الذي أجابتْ عنه الآيات...؟؟؟!!!

أنا لا أجدُ أيَّ فارق ظاهري أو جوهري في نية التساؤل والهدف منه...

هذا سؤالٌ استفساري عن مفهوم غامض..وتلك أسئلة استفسارية عن مفاهيم غامضة..وواللهِ لا يوجدُ فرقٌ واحدٌ بينهما...فلماذا الأولى قيلٌ وقالٌ وكثرة السؤال وحدَها ...؟؟ إذن حسبَ هذا المنطق العجيب،فإن تلك التساؤلات القرآنية هي الأخرى أيضاً قيلٌ وقالٌ وكثرة سؤال..؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!

كثرة السؤال هنا يا أخانا-بإجماع أهل العلم الثقاتِ وشراح الحديث النبوي-هو ذلك التساؤل المدفوع بنية اللجاج والمعاندة وإثارةِ السفسطة العقلية الفارغة-تماماً كحال بني إسرائيل وأسئلتهم حول البقرة-أو التساؤل عن أمور وأشياءَ مسكوتٍ عنها في شرعنا،لأنها لا ترتبط في حياة المسلم بعقيدةٍ ولا تكلفُ بعملٍ...تماماً كمثل الطالب الكسول الفارغ الذي يُضيِّعُ وقتـَه الثمينَ مع أستاذ مادة الفيزياء أو الرياضيات أو العلوم أو اللغة أو أية مادة خاصةٍ في حصةٍ تدريسيةٍ خاصةٍ..يضيعها في أسئلةٍ لا علاقة لها بالدرس الحقيقي ولا يجني منها فائدة دنيوية أو أخروية...

ومثال ذلكَ أننا نجد بعض الفارغين من الناس،لا يعرفُ في حديثه أو حواراته أو كتاباته إلا تلهية المسلمين والأمة عن الضروري من معرفة دينها في العبادات ( كالصلاة وأحكامها وكالصيام وكالزكاة وكالحج و...ومثل هذه العبادات المفروضة ) فتراه مثلاً يتساءل : سيدنا يوسف بيعَ بدراهم معدودة..ترى كمْ عدد هذه الدراهم..هل هي تساوي ثلاثة أم سبعة..؟؟؟!!!!

وعصا موسى هل كانتْ من الفلين أو البلوط أو الصنوبر...؟؟ وكم كان طولها يا ترى..؟؟ هل هي متر أو مِتران...؟؟؟!!!!!

وكمْ هو عدد الجان..؟؟ وما أسماؤهم...؟؟ وأين مواقعهم الجغرافية في عالم الغيْب..؟؟؟!!!!!!

والله عز وجل-تعالى عن الوصف وسبحانه نستغفره-مَنْ خـَلقه...؟؟ وهل هناك وجودٌ قبل أوَّليتهِ وهل سيكونُ هناك وجودٌ في مدى نهاياته...؟؟؟!!!!

وأسئلة..وأسئلة عقيمة جوْفاءُ لا أولَ لها ولا آخر،تكشفُ عن مَدى الضحالة العقلية والمستوى الفارغ الرقيع الذي يتخبط في جَهْلائه كثيرٌ من أدعياءِ الجَهالةِ ومُرَوِّجي الإفلاس الفكري والحضاري والعقائدي بيننا...

مثل هذه الأسئلة نهانا الإسلام عن الالتفات إليها أو الإحفال بها..لأن الله تعالى لن يسألني أو يسألك يوم القيامة : لماذا لم تعرفْ بكم بيعَ يوسف..؟؟ أو سيسألني ويسألك عن مواصفاتِ عصا موسى..ولا سيسألكَ عن جهلي وجهلكَ بمعرفةِ عدد الجان ومواقعهم...

إن اللهَ سيسألني ويسألكَ عن العقائد والأحكام التي أنِطْنا بها :

سيسألنا قطعاً عن مدى صدقنا وإخلاصنا في عبادته كما أمرَ وشرَّعَ وأوْجبَ..وعن وإفراده بالوحدانية...سيسألنا يَقيناً عن معرفة أحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج التي لا تصح إلا بمعرفتها...عن معرفة شؤون الحلال والحرام في المعاملات المختلفة حتى لا يقع المسلم في مطباتها...عن معرفة الرغائب التي بها نستكثرُ الأجرَ والحسنات...عن طلب العلم الذي هو فريضة،بحيث لا تقاعسَ فيه أو تراخٍ حتى تستقيمَ حياتنا الدنيوية والأخروية (( الدنيا مزرعة الآخرة ))...الخ..الخ..

عن هذه الأمور أمرنا أن نسأل ونسال ونسأل،ولا نكفُّ عن التساؤل حتى نعلمَ ما جهلنا من أمور عباداتنا ومعاملاتنا وواجباتنا الشرعية....(( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ))...

أما الأسئلة العقيمة التافهة،ففيها نهينا عن كثرة السؤال..وفيها نهِينا عن إضاعةِ وقتنا الثمين سُدًى بلا طائلٍ ولا فائدةٍ..وفيها يقول الله تعالى،من سورة المائدة : (( يا أيها الذين آمنوا لا تَسألوا عَـن أشياءَ إِن تُبْدَ لكم تَسُؤْكُم وإن تسألوا عنها حين يُـنَـزَّل القرآنُ تُبدَ لكم عفا اللهُ عنها و الله غفورٌ حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ))...وفيها أيضاً يقول عز من قائل في سورة الإسراء : (( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ))...والله تعالى أعلى وأعلم...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 22-09-2013 الساعة 09:03 PM
رد مع اقتباس