الموضوع: قراءة في كتاب..
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 01-11-2013, 07:21 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...لفتة ٌرائعة ٌ-أختي الكريمة البديعة عزف الناي-هي هذه اللفتة الإبداعية،الثقافية،العلمية التي تأتي في حينها..إذ ما أحوَجَ هذا الجيل إلى العودة مرة أخرى للكتاب..وحب الكتاب..وعِشِْق الكتاب...

نعَمْ...( قراءة ٌفي كتابٍ )...

عنوانٌ أثيرٌ ورفيعٌ ويَحمِلُ من الدِّلالاتِ الفنيةِ والجماليةِ والثقافيةِ والعلميةِ ما يَحملُ...

وسَوَاءٌ أتمَّ اقتباسٌ واجتزاءٌ لمقاطعَ أو فقراتٍ معينة من كتابٍ،أو تمَّ جَرْدٌ عامٌّ لفحواهُ ومحتوَاهُ،فإنَّ كِلاَ الأمريْن سَيَفِيَان بالعنوان الجميل الذي قرَّرْتِهِ لنا في هذه اللفتة...

وبصرفِ النظر عن الكتاب وما يَحْوي،فما مِنْ ريْبٍ أننا حينَ نلفِتُ نظرَ بَعضِنا البعض إلى زَخَمِ الكتب الجامعة للمعارف الإنسانية النبيلة الراقية من خلال الاقتطافِ والاقتباس أو الجَرْدِ العام فإننا في الحقيقةِ سنفتحُ لبعضِنا روْزناتٍ من الإبداع والعطاء تزيدُ من رصيدنا الإبداعي والمعرفي والثقافي وتصْقلُ فينا سِمَة ( القراءة )-بأبعادها المختلفة-وتعمِّقُ في مَلـَـكَاتِنا حُبَّ الكتابِ وإلفتِهِ...

ولعلكم جميعاً-أحبتي الكرام-تتفقون معي على مكانة ( الكتاب ) وقيمته المعنوية،ستبقى في ضمير الإنسان،المتعلم،الواعي وفكره ومشاعره متفردَة ً،متميزة ً،لا تكادُ الوسائلُ الأخرى-على أهميتها وحضورها القوي في حياتنا-كالأنترنت وحاسوبها تضاهيهِ قيمة ًأو تدانيه مكانــة ً....

إن جلوسَ الواحدِ مِنا،بين الفيْنةِ والأخرى معَ كتابٍ مَّا في ساعةِ خلوةٍ أو جَلوَةٍ،واكتحالَ عينيه بمراصفِ الأسطر المكتوبة في أوراقه،وتحَسُّسِ شمِيمِهِ لرائحتها المعتقة،خاصة ًإن تقادَمَ العَهْدُ بطباعتها،وإنَّ بهاءَ منظرها وهي متراصـَّــة ٌفي تناسق بديع على أدراج المكتبة البيْتيْة ورفوفِها،تتزاحَمُ في أروقتها وتتوزعُ حَسَبَ الاختصاصاتِ العلمية والمعرفية والثقافية المختلفة....

إن ذلكَ كلـَّــهُ جَــلاَلٌ من روعةِ المعاني،لا يعرف نكهتـَها الرفيعة إلا مَــنْ صاحبَ الكتابَ،وكوَّنَ معه صُحْبَة ً،لا فِكاكَ فيها أو فراقَ،قد تمتد العُمْرَ كلـَّه...!!

أنا عن نفسي...مكتبتي-في البيت-هي المخيَّمُ الدائمُ الذي تستروحُ فيه روحي وينتعشُ فكري،بل وأعتبرها محراباً،أتعبد فيه لله تعالى وفقَ ما ربتني عليه تعاليمُ ديني العظيم،الذي جاءَ بالعلم والقراءة،وللعلم والقراءةِ يسعى المؤمنُ ما وسعه إلى ذلكَ سبيلاً،ولا يدخرُ أي بذل أو جُهدٍ في ذلك...

كل الكتب..ومهما كان مجالها الفني والإبداعي و المعرفي أو اختصاصها العلمي،أراها سوَاءً في المكانةِ والقيمةِ والفائدة،وإنْ كانتْ-بالقطع-الكتبُ التي توافق رغبتي وميولي واختصاصي لها من الأولويةِ ما لا تضاهيها أخرى...

ومَن منا لا يذكرُ الكتابَ وأهمية الكتاب ولا يذكُر قولَ أبي الطيب المشهور :

وخيْرُ سَرْج في الدنا سَرْجُ سابحٍ ** وخيْرُ جليس في الأنام كتابُ...!!

كتبٌ كثيرة،كثيرة ولله الحمد..عربية أو أجنبية،هي تلكَ التي طالما تعلمتُ منها واستقيْتُ لحياتي زاداً وعُدَّة ً-مذ كنتُ طالباً وإلى يوم الناس هذا أستاذاً-ولطالما تفاعلتُ معها وراح فكري يغترفُ من مَعينها،وينفعلُ قلبي-تأثراً أو إكبارً أو إعجاباً بمؤلفِيها ونمَطِ تفكيرهم وطريقةِ أسلوبهم في الطرح والعَرْض...

أنا عن نفسي سأبدأ الرحلة هنا-أختي-بهذا الاستهلال :

ربما في الآونةِ الأخيرةِ..وبعد هذه الرحلة المتواضعة القصيرة من العُمُر بمعيةِ الكتاب،أجدُ في نفسي صَــدًى مُعيَّناً لكتابٍ معيَّــن،أذكرُ أني قرأته منذ أكثر من عشرين عاماً،ومازلتْ أصداءٌ من التأثر والتأثير والتفاعل تنتابني كلما استحضرتُ بيني وبين نفسي شيئاً من أسطره،ووالله مازلتُ لحد اللحظةِ أعودُ إليْه لتقتاتَ مشاعري من أطيافه الحانية الرقيقة...

إنه كتاب ( هكـــذا علمتني الحياة ) للأستاذ السوري والمفكر والداعية الإسلامي الكبير الدكتور مصطفى حُسني السباعي عليه رحمة الله...



والأستاذ السباعي واحدٌ من رجالاتِ الدعوة الإسلامية المعاصرة الراسخين العُدُول،بل وواحدٌ من العلماء الربانيين الذين سَعِدَ بهم الفكرُ الإسلامي المعاصر وانتعش وارتقى في أربعينياتِ وخمسينياتِ وستينياتِ القرن الماضي...

لقد أهاجني الكتابُ،وورَّث في مشاعري شجوناً ورقائقَ كما لم يُهِجني أيُّ كتاب آخــر..!!

والكتابُ عبارة عن حِكَمٍ وخواطرَ ورُؤىً،نثرية ً،لا تخلو من بعض النفحات الشعرية في شؤون الدين والحياة والناس،وهو خلاصة ُتجربةِ المؤلفِ في حياته العامرة مع الناس بمختلف مذاهبهم وأخلاقهم ومشاربهم...

وسِــرُّ تأثري بالكتاب وما ورَد فيه وبصاحبه،كوْنُهُ آخرَ كتابٍ،ألفه الدكتور مصطفى السباعي قبل وفاته-بمستشفى المواساة بدمشق-وكان قد أخذَ منه المرَضُ كلَّ مأخذٍ،فراح بالكادِ يستجمعُ رقة َقلبه وأشجانَ عواطفه وثمرة صدقه وإخلاصه،لينثرها في كتابٍ،كوثيقةِ عهدٍ أخيرةٍ قبل الرحيل عن دنيانا...نحسَبُه كذلكَ إن شاء اللهُ ولا نزكي على الله أحــداً..

رحلَ الأستاذ السباعي عن دنيانا في الثالث من شهر تشرين الأول العام 1964 للميلاد،ليتركَ لنا هذه الومضةِ المنيرة من تجاربه،والتي أنصحُ الإخوة الأحبابَ بقراءَتها والعيْش مع نثراتها الوارفة....

وحَيَّا اللهُ أحبابَ ( الكتابِ ) وفنانيِّ القراءةِ فيه...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 01-11-2013 الساعة 07:30 PM