دمعتان
لما بكت تساقط منها دمعتان ، كأنهما درتان ، سمعنا لهما رنيناً ، وعلمنا لهما
طنيناً ، فتحركت لهما المشاعر ، وحسرت لوقعهما النواظر ، وكسرت لأجلهما
الخواطر ، وعز علينا الدمعتان ، وهما من همٍّ تنسكبان ، وقد شغلا القلب
فاشتغل ، وأمراه بالحزن فامتثل ، وبدا لنا أنهما قد خرجا من قلب رحيم ، وفؤاد
باكٍ كليم ، بعد أن أذابهما رهيف الإحساس ، وزفير حرِّ الأنفاس ، وقد اهتز لهما
الجنان ، وتصدَّع منهما المقلتان ، وشجتْ لهما النفوس الخليَّة ، وتحيرت
منهما العقول الذكية ، فما من أحد إلا بكى ، وأنَّ من الفجيعة واشتكى ،
وتظاهر بالصبر وقَرَّ ، وبالسكينة فاجترَّ ، فخلت العبرات تحتلب ، والنظرات
تنسكب ، وقد حلَّ بنا العبوس لأجلهما ، والذبول لما جرى لهما ، عينان
زرقاوان تبتذران ! ما أجملهما من ناظرتين ، وأحلاهما من متطلعتين ،
بالله لا تنسكبا واجمدا ، وكونا لنا مددا ..
__________________
فيصل الحداد
|