عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-07-2010, 04:55 PM
عبد الله الشعيبي عبد الله الشعيبي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 70
افتراضي اللفظ اللهجويّ .. التكرار والاستثمار


مدخل ..

يقوم الكلام المحكيّ / الشفاهي ، على بناء تركيب لفظي بما هو مترسب أو متراكم في الذاكرة ، التي أخذت اللفظ خالصا ثمّ طوّرت المعنى بالتلقين بتطوّر العمر ، حتى وصلت إلى مستوى معيّن من العمر ، ثبت معه القاموس ولم يتطوّر ، اللهم إلا في حالات مختلفة ، دعت إليها سياقات تاريخية أو ظروف مجتمعيّة ، اضطرت معها الثقافة الجمعية للمكان لكي تقوم بتأسيس وعي جديد بها ، وغالبا ما يكون القاموس الجديد آت من آخرين قادمين من زوايا أخرى من الأرض ، سواء كانوا رحّالة جابوا أماكن وخبروا لهجات جديدة ، أو كانوا سكّانا جددا لهم قاموسهم المستقل الذي اندمج مع القاموس الأساسيّ في المكان ، فحصل نوع من الاندغام والاندماج ، وعليه فإن اللهجة المحكيّة أو الشفاهيّة بنت أفقها من هذه الزاوية عبر مرور التاريخ ، ووظّفت كل ذلك في مناشطها المختلفة ، ومن بينها الفنون الأدائية أو التنغيمية ، وهي مسارات انعكست على طبيعة التراث الصوتي المحفوظ أو المدوّن ، والذي نبشته الذاكرة وتداولته ، تلقينا أو ممارسة ..

الموزون وغير الموزون ..

اللفظ المحكيّ بشكل أو بآخر له نمطان ، نمط موزون ، ونمط عاديّ ..

النمط الموزون له علاقة بالأداء التنغيمي ، المتصل بالفنون الأدائية النغمية ، وهذه لها حالة خاصّة ، مرتبطة بالقاموس البنائي للفظ ذاته ، إذ أنه يبنى في حالة مستقلة ولأغراض محددة في مناسبات محددة ، إلا أنه يشتق اللفظ المستجدّ من اللفظ العام ، الذي يمثّل الثقافة اللفظية اللهجويّة العامّة في المكان ، إلا أنه يتمايز عنها أيضا ، ويعطي نفسه هذه الشرعية من خلال انتمائه إلى الفنون الشعرية ، مغنّاة أو غير مغنّاة .

النمط غير الموزون هو النمط المتداول يوميا ، أي القاموس اللفظي النفعي اليومي ، سواء كان على المستوى الشخصي ( الخصوصيّة بين طرفين ) ، أو التجمعات العائلية ، أو التجمعات العامّة ، أو تبادل المنافع والمصالح ، أو المواقف الحادّة أو الهادئة بحسب ظروف ومواقف التبادل السلوكي المجتمعي ، وغيرها من المساقات ، وعليه فإن اللفظ العاديّ النفعيّ اليومي حاصل وموجود بشكل عامّ ، إلا أنه له جمالياته أيضا حتى وإن كان غير موزون ، من خلال طريقة توظيف اللفظ ، إلا أنه يبقى في سياق الخاصّ غير الشائع ، في حين أن الجانب الموزون منه له شيوع بين العامّة والمجموع بشكل عامّ ، وبالتالي فإن الجانب القاموسيّ الراقي يستهوي الجميع ، ويفتح نافذة جديدة لنقل تلك المسارات والدلالات والبناءات الجمالية للفظ إلى المستوى اللفظيّ العادي ، بحيث يمكن تداوله وإعادة إنتاجه وليس الإبداع فيه في أماكن التجمعات ، بغضّ النظر عن وظيفتها الاجتماعية .

اللفظ .. القيمة والوظيفة

في العادة ، لا يقيم الناس أهمّيّة للفظ ومعناه ودلالاته ، ولا يصبح محرّكا وباعثا على التأمّل والإبداع ، إلا إن كان الكلام ذاته يحمل طابعا خاصّا ، وبالتالي يشدّ الانتباه إليه ، مثل لغة الفنون الشعبية بشكل عام ، أو لغة التخاصم في المحاكم ، أو لغة الخلاف بين اثنين ، أو لغة النصيحة العامّة ، أو لغة العتب ، فكل هذه مواضع تشدّ الانتباه إلى اللفظ ، لأن الموضوع يجعل الكلّ ينشدّ إلى ما يقال ، ولأنه من الممكن أن يبنى عليه سياق حكميّ على القائل أو الرادّ ، وهو ما يجعلها ذات تأثير أكبر ، ويتناقلها الناس بالزيادة أو النقصان بحسب نوعيّة النقل .
إن لغة الفنون الشعبية ، واللغة الشعرية الناقلة للمشاعر عبر الأشكال الأدائية الشعبية ، سواء كانت نغميّة أو إيقاعية ، تعمل على بلورة المعاني الجديدة لتلك الألفاظ ، والارتقاء بالدلالات إلى سياقات مختلفة عن السياقات العاديّة الشائعة .

خلاصة ..

اللفظ القاموسيّ الشعري الشعبي المتّصل بالفنون النغمية والأدائية ، يحتاج إلى قليل قراءة ، وكثير تحليل وتأويل ، وبالتالي عميق إحالة إلى الخصوصيّة المكانية ، التي من خلالها يمكن فهم التطوّر للفظ في المكان الواحد ..
رد مع اقتباس