عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23-09-2010, 04:05 PM
الصورة الرمزية فيصل الزوايدي
فيصل الزوايدي فيصل الزوايدي غير متواجد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 453
افتراضي

من هم الأدباء الذين قرأت أعمالهم ؟ وما الذي أثار إعجابك في تلك الأعمال ؟

قادني شغفي للبحث عن الجمال أيا كان، بعد تأثري بالكتابات السابقة الى الانصراف الى كتابات أخرى، دفعتني الى درجة من الحلم والسحر والانبثاق نحو نافذة هي التي أنا عليها الآن، فأعجبت أيما إعجاب بقصائد "جوزيبي انغاريتي" و ما تحمله من مفاهيم مزدوجة المعاني، ملغيا كل الزخارف البيانية والموسيقية التي تؤسس للغة نظمها، خاصة باللغة الايطالية التي استقى من معجمها الكلامي قوة كلماته العارية التي يطغى عليها نوعا من السحر ميزه عن العديد من الشعراء . أما "كوازيمودو" فنصوصه تؤكد على أنه حي يرزق بيننا الآن، فشعر العظماء يبقيهم أحياء كالشهداء، بين القتلى في الجراح، جراح موتي الأول و القتل الذي تبعه، فحينما يصف كوازيمودو الأماكن و حالاته بالشكل الدقيق الذي برع فيه، و كأن نجيب محفوظ واقف في متكأ الشارع يصف لنا الحانة و المنازل وما فيها من الخارج و من الداخل، فحين يتكأ على قصائد "تنداري" ، " سنابل من حصاد كوازيمودو"، " أفتح راحتي بلهف" ، " يهرب مني حتى أصحابي"، و كأني أتكأ على نفس مواقفي و حالاتي في القصائد التي تؤسس للهم الذي أعيش عليه. بنفس النفسية و نفس الاتجاه الجمالي في الصور و الأسلوب، أما الشاعر الشيلي "بابلو نيرودا" فقد بسط في قصائده الوهاجة في الماء المتلاشي، خلق أشعة الظل الى ماوراء الأفق، في شجون ومرافئ أميركا الجنوبية . فشعر نيرودا لا يحتمل القراءة العادية أو التي نمر عليها مرور التسلية السريعة، فهو قوي بجمر أتونه، وقوي بمخالب عوالم الطبيعة التي لا تغادرالعديد من نصوصه، فمن غيره حدث النبات، وخاطب الغصن، و تضرع للعطر، جرحا بالأريج التائه. أما غوصي الآخر فكان في الأدغال الإفريقية واسحتوحيته من لوعة الماء، بالمعالم التي تطفح على شعر الشاعر النيجيري "رينيس أوسادباي" الذي عمل على سلالسة أسلوبه الى بناء قصيدة جمالية برؤى و مفاهيم جديدة تتلاقى في الرفض القاطع للتبعية والاستعباد ، والدعوة للحرية بإيقاعات خاصة، شأنه شأن الشاعر السنغالي "بيراغو ديوب"، الذي خلق في قصائده حيوية في الحديث، كأنما الإنسان يتحدث، مع العلم أنه ينصت للأشياء أكثر من الأحياء، ولا داعي لأن أعيد لما عشقته في نصوص أدونيس ومحمود درويش و محمد حلمي الريشة، فقد بُحتُ في لقاءات أخرى عن هؤلاء، إلا أنه على السائل أن يسأل عن محيطي بالمغرب، فأقول أن لا أحد أشفى غليلي شعريا مثل محمد الخمار الكنوني، محدث القصيدة المغربية الحديثة، بلغة لا مثيل لها في الوسط المغربي وربما حتى في العالم العربي في ذاك الوقت والوقت الحالي، فإن حظي بالاهتمام الإعلامي الذي حظي به جيله والجيل الذي يليه لوصل لما لم يصله الأولون والآخرون في المشهد الشعري المغربي و العربي.

* حدثنا عن ملتقى جون جنيه الثقافي، كيف شاركت؟ و كيف كان وقعه على جمهور المثقفين؟
ما أشاد انتباهي في أول الأمر في الملتقى المذكور الأسماء الوازنة جدا في المشهد الثقافي العربي والمنتقاة بعناية والتي هي مبدعة حقيقية لا تخضع لغير منطق الإبداع، بخلاف الملتقيات التي أشرت إليها في بداية الحوار، مما أضاف لي نوعية خاصة بهذا الحضور الذي كنت الشاب الوحيد من بين أدباء كبار بحجم الروائي الكبير محمد الصيباري ، والشاعر والكاتب الكبير عبد المجيد بنجلون، والشاعر الفرنسي فيليب لوموان رئيس منظمة ألف شاعر، والشاعر والروائي عبد الواحد بناني سفير حركة شعراء العالم بالمغرب، والذي قدم لي الدعوة، من دون أي معرفة شخصية مسبقة، أو أي حساسية غير اسمي الذي اقتاده لاختياري في هذا الملتقى الباذخ و إلقاء نصوص شعرية مع هذه الأسماء و أسماء أخرى وازنة أيضا شملها الملتقى. وقد شكلت هذه المشاركة الوازنة نقطة أخرى لتحمل مسؤوليات الكتابة والحضور أكثر من السابق، بعد تربعي على جوائز شعرية، حيث فتحت خارطة نصوصي الشعرية والمقالات و البحوث العلمية أكثر من الشكل الذي كنت عليه في السابق، خاصة القصائد الشعرية، التي تلقيت بخصوصها ردودا كثيرة، والتي تذهب بتفتت التجربة، و نضج الموهبة، وهو ما نتج عنه أن أضع ديواني الأول قيد الطبع، في مؤسسة ثقافية الأولى في بلد ما، سأدع الأمر مفاجأة الى حين خروج العمل.

* قدمت دراسات حول أعمال أنس الفيلالي، ما رأيك بها، وماذا أضافت لك إبداعيا و معرفيا؟
لا مراء أنها اعتراف نوعي جديد من المبدعين الحقيقيين لما أكتبه، فهي إضافة معرفية أيضا لما أكتبه، و توجيه من المبدع أو الدارس لما يجب أن أذهب عليه أو أتخطاه، فسعادتي بالنصوص التي أنسجها لا تكتمل الا بقراءة الدراسة لمحتوياتها.

* ما العمل الإبداعي الذي تعتبره الأفضل؟ و لماذا؟
القصائد التي أكتبها هي أبنائي، هي جزء مني، لذلك لا استطيع تفضيل نص عن آخر، إلا أن قصيدة "لا صعود للغرباء"، التي ترجمت للغات عالمية عديدة، ببساطتها و سهولتها، فلها حظوة خاصة عن البقية، لأنها تختزل معاناة وهموم عديدة في بداية حساسيتي الشعرية، وهي فاتحة نصوصي لدى القارئ العربي بالمشرق .

هل يمكننا أن نطمح إلى بعض المقاطع منه ؟

النص قصير للغاية ومدلوله كبير علي وعلى نفسيتي، فلا أخفيك بأني كلما أتلمسه أعود لفترات من الزمن الحالك، ومرات عديدة يكون مرتعا لنصوص عديدة، فقد أثر في عديد من القصائد التي كتبتها، الطويلة منها والقصيرة، فهو:

حين تمر السراديب

ويورق الرماد

عبر السحب

قمرا يكسر السماء..

يتسلق وهجي

في أكفان المرايا

و الثلج الأسود

فتهجر ..

فتحات الغربان

و الماء المطلي بالعبير

في صهوة الجبال

و أخاديد العواصف

أقول للغابة :

لا صعود للغرباء

نحو الأفق

فسمائي عالية..

ما السؤال الذي كنت تتمنى أن أطرحه عليك ، ولم أفعل ؟
مما لا شك منه، أنك سألتني أسئلة متشعبة معرفيا وشخصيا في تجربتي الشعرية، فما كنت أود أن اطرحه للقارئ العربي، ذهبت بي الى جوهره، أشكرك على هذا الحب الذي امتطيتني به في حديقتك المزدهية بوروده المعرفية والمكتنزة، بكل أمور الإنصات. أشكرك على إنصاتك الطويل لأسئلة أجوبتي، أما البقية فستأسسه قصائدي القادمة.

ما ذا تقول في نهاية هذا الحوار ؟

في نص " موسم الهجرة الى أي مكان" عن المجموعة القصصية للكاتب المغربي محمد سعيد الريحاني التي تحمل نفس العنوان ،" موسم الهجرة الى أي مكان"، يكتب:
"الوطن صار مسرحا لأسوء أنواع الممثلين. الناس أميون ويمثلون دور الآباء المسؤولين ويأخذون أبناءهم للمدارس. المدرسون يمثلون دور المربي والمعلم والمنشط. والتلاميذ، منهكين بالمحافظ الثقيلة وساعات الدرس الطويلة والمسافات البعيدة بين المدرسة والبيت، يمثلون دور النجباء المتجاوبين مع الدرس. والتلفاز يذيع نتائج الامتحانات ويمثل دور المطمئن لتطور مستوى أبناء الشعب. والشعب مريض والأطباء يمثلون دور المعالج. والمحسوبون أقارب يمثلون دور المواظبين على زيارة القريب في المشفى. والمرضى يموتون ويحملون إلى ديارهم في سيارات يمثل بها سائقها كسيارة إسعاف. ويخرج أفراد عائلاتهم يصرخون ويندبون ليمثلوا دور المنكوب...
تمثيل في تمثيل في تمثيل... وأنا في حاجة إلى العيش ولو ليلة بعيدا عن هذه الخشبة الكبيرة. لذلك ، فقراري الرحيل قرار لا رجعة فيه" .
و كتب نيتشه:

" إنني لا أحب أعيادكم، إذ رأيتها مليئة بالممثلين، ورأيت المتفرجين أبرع منهم تمثيلا".

كلمتي لكل كاتب أراد كتابة كلماته البائرة، فأصابته جمرة الحمام الراكدة أن الكتابة عالم متشعب يلعب الجميع فيه دور الممثل على خشبة المسرح، فلنكن، على الأقل، رحماء بالنص المسرحي...
رد مع اقتباس