للكلام حواس خمس .. ولترنيمة الوزن امكنة تنتمي إليها ،
وللمخيلة عوالمها وزواياها التي لا يقرب منها سوى فرسان الصمت ..
هل الشعر كائن متكلم والشعراء متصوفون صامتون ؟
وهل كان الشعر كذلك حتى يصل إلينا - نحن أبناء هذا الزمن النابت على أهداب الحكايا ؟!
ليس للشعر كينونة خاصة ،
بل هو حالة من حالات الوجود ،
كائن حر يتلقى نبوات الذاكرة والمستقبل من آفاق البشر ..
هنالك في السماء بعض من تراتيل الشعر ، وهنا على الارض سدنة معابدة ،
وما بينهما تموت مخيّلات ، وتحيا مخيّلات ، وتخلد مخيّلات ،
وهذه المخيّلات جميعا هي صهوة الشاعر ،
ليست المفردة هي مبحث الشاعر ،
إنها الصورة البعيدة في ذاكراتنا جميعا ، في ذكرياتنا ،
ذلك الذي يبرز في حلوه ومره ، والاخر الذي يختلط حتى لا نميز بينهما ..
نقف على سجادة الشعر .. نتلون بلغة تنقلنا نحو الاقاصي ،
نحو عوالم لا تنبت إلا في أرض القصيدة ،
ولا تتكون إلا في رحم الموقف ،
ولا تعيش إلا في بدن هي روحه التي نراها ولا نراها ،
ولكنا نشعر بها تتدفق في تفاصيل حيواتنا كلها ،
في المنزل ، في الشارع ، في غرف نومنا ، في قيمنا ، في مبادئنا ،
تحررنا مما نخاف منه ، وتعيّشنا ما لا نقدر الوصول إليه ..
هكذا هي القصيدة التي تبنينا ونبنيها ..
**** للشعر حكايته الابدية ،
ليس حكاية الموقف ، إنها فاصلة في جملة الزمن ،
والمفردة مدينة السرد الكبرى ، التي تنمو فيها رؤانا ،
ونطل من نوافذها على تفاصيلنا الداخلية ****
مرت قافلة شعر من هنا ..
عبرت تخوم الصمت ، نشرت ولا زالت وستظل تنشر رائحتها في ذاكراتنا ..
فهد مبارك