عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-11-2010, 07:33 PM
نجيب البركاتي نجيب البركاتي غير متواجد حالياً
كاتب جديد
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 5
افتراضي الفقراء لا تصلهم رسائل الغرام

الفقراء لا تصلهم رسائل الغرام


الفــتاة الحييّة: زارتني بالأمس ، كانت ترتدي فستانا أبيض حسيرا.
لم تكن تنظر لي.
كانت تنظر إلى أرضيّة الغرفة ، كان الخجل يبدّد كلماتها و هي تتحدّث.
- بين الحين و الحين كانت ترفع رأسها، تتأمّل جدران الغرفة ذات اللّون الأزرق الباهت.
كانت تنظر إلى الكتب المبعثرة و الدّهشة تعلو محيّاها.
الفتاة الحييّة قالت :أ-ح-بّ-ك ، رذّدت الكلمة بتؤدة و بخفر بالغ .
في تلك اللّحظة تورّد خدّاها و خصلات شعرها الذّهبيّة زادتها بهاء.
الفتاة الحييّة تحدّثت كثيرا ، قالت كلاما عجيبا ، زادت جمرات القلب لهيبا.
- قالت : أحبّك ثمّ غرقت في صمت مطبق حزين و أضافت بعد برهة : لا بدّ أن تفهم موقفي ، نحن نسير في طريق مسدود.
رفعت يدها لتهشّ ذبابة حطّت على الخدّ الأسيل فمادت بي الأرض و أظلم المكان من حولي.
كانت تضع خاتم الخطوبة في إصبعها.
لون الخاتم الأصفر اللّمّاع يبعث أشعّة تدمّر أعصابي.
الفتاة الحييّة : تحدّثت كثيرا ، قالت كلاما غريبا.
قالت : " أحبّك لابدّ أن تعذرني، لا بدّ أن تفهم مبرّراتي".
- على طاولة بنّيّة اللّون قديمة وضعت رسائلي و بعض الصّور التي جمعتنا أيّام الصّفاء.
كانت الرّسائل مرتّبة .
سطّرت تحت سؤال طرحته عليها في أوّل رسالة : لماذا الفقراء لا تصلهم رسائل الغرام؟
كتبت في أسفل الرّسالة بالّلون الأحمر الّذي تعشقه ، "الحب و الفقر لا يلتقيان يا حبيب القلب".
الفتاة الحييّة غادرت غرفتي اليتيمة في يوم غابت شمسه و ادلهمّت سماؤه بسحب سوداء ثقيلة.
- كان لصوت حذائها و هي تنزل درجات السّلّم وقع حزين مدمّر.
- من نافذتي رأيتها تمسك بيده، رأيته يضمّها إليه ثمّ يفتح لها باب السيّارة الخضراء الفارهة .
كان كهلا في الخمسين من عمره.
الفتاة الحييّة سمعتها تضحك بصوت عال ، شممت رائحة عطرها،رأيتها تمدّ يدها إلى علبة السّجائر بعدما سرّحت شعرها الذّهبيّ الأصفر و هي تنظر في مرآتها الصّغيرة.
من نافذتي رأيت طيور النّورس تحلّق عاليا في السّماء الملبّدة بالغيوم.
في ذلك المساء الشّتائيّ الحزين سمعتها تعزف سمفونية الحزن والرّحيل.
الفتاة الحييّة و الفقر الجاثم بكلكله خلّفا في القلب جرحا لن يندمل.
رد مع اقتباس